فتاوى في التوحيد 02

سؤال:  قرأت في مدارج السالكين قوله :"باب المكاشفة"، فما هو المقصود بالمكاشفة؟

الجواب: المكاشفة من أقوال المتصوفة، يسمون الكشف هذا عندهم يسمونها مكاشفة, ولأهل السنة أيضًا نوع, ولكن ينبغي أن تسمى كرامة كما سماها السلف كرامة, فالمكاشفة التي يريد بها المتصوفة أن الولي ينكشف له الأمور حتى إنه يعلم الغيب والعياذ بالله, ويتصرف في الكون ويعلم ما في بطون الأرحام, هذه كُفر وشرك أكبر, شرك في الربوبية, نعوذ بالله، والكشف الذي من باب الكرامات أن الله عز وجل أولًا يكشف عن المسلم الكربات بالرجوع والتقوى, ويكشف له غوامض العلم, هذا من الكشف, ومما ذكروا أنه قد يُلهمه الله شيئًا ولوكان غائبًا كما حصل لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب  رضي الله عنه قالوا إنه بينما هو يخطب يومًا وقد بعث جيشًا فإذا به ينادي يا سارية الجبل, وكان سارية قائد الجيش, قال فسمعوا الصوت فانحازوا إلى الجبل، قالوا هذا من إلهام الله عز وجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه, ولو لم يكن ذلك ثابتًا لأن بعض أهل العلم يضعف القصة, فيكفي ما ألهم الله عمر بن الخطاب من آيات كثيرة, من أمورٍ كثيرة يوافق بها القرآن، وهذا من الكشف والإلهام الذي ألهمه الله, ومن الأمور التي وافق بها عمر ربه آية الحجاب, قال عمر  رضي الله عنه يا رسول الله لو أمرت نسائك أن يحتجبن فأنزل الله عز وجل آية الحجاب: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: ٥٣], وقوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: ٥٩], أيضًا أسارى بدر استشار النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر قال أبو بكر أرى أن تأخذ منهم مالا. هم بنوا العم والعشيرة عسى الله أن يهديهم للإسلام, وأرى أن تأخذ منهم فداء يتقوى بها المسلمون, قال عمر ما أرى الذي رأى أبو بكر, ولكن هؤلاء أرى أن تمكني من فلان فأضرب عنقه, من بعض أقاربه, وتمكن عليًا من عقيلٍ فيضرب عنقه, وتمكن فلان من فلان فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، قال فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبوبكر ولم يهوَ ما قلت, فأنزل الله عز وجل: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: ٦٧], فوفق عمر  س ونزلت الآية بتقرير قوله، وأيضًا مقام إبراهيم قال قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام ابراهيم مصلى فأنزل الله عز وجل: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥], وقال لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم: " عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن "فأنزل الله عز وجل: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: ٥], ولما صلى النبي صلى الله عليه وسلم  على عبدالله بن أبي قال عمر لاتصلِ عليه يا رسول الله, قال إن الله خيرني قال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ولم ينهاني عن ذلك, قال إنه منافق فأنزل الله عز وجل: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: ٨٤].

سؤال: يقول ما حكم الهَجَر, وهل هناك حلٌ للإصلاح بين الناس بغير هَجَر؟

الجواب: الهَجَر وهو الذبح, إن ذبحت الذبيحة عن المظلوم لإرضائه فهي شرك بالله عز وجل, لقول الله عز وجل: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } لَا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام: ١٦٢ – ١٦٣], وهذه ترخى قدمها إرضًاء له وتذبح أمامه فهذا من الشرك بالله, «لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ», وأما ما هو الحل في ذلك فالحلول كثيرة: أولًا: طلب العفو وإرضائه بغير ذلك, بالاعتذار وإظهار الخطأ, ويمكن أن يذهب جماعة من عقلاء الناس ومشايخهم يستسمحون منه, وفي بعض الأماكن يضعون أسلحة وعمائم وغير ذلك, هذه عادات لكنها ليست محرمة كما في الهَجَر, وعلى المسلم أن يسلك الطرق الشرعية وهي طلب العفو كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك, فإن لم يرضوا فعند ذلك حكم الله عز وجل القصاص أو الدية إذا كان في حق قتل عمد, فإن كان قتل خطأ, فدية قتل خطأ, وكل مقال بحسبه, حكم الله عز وجل.

سؤال: يقول ما حكم من قال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحذر من الفسقة, وهل كان في زمنه صلى الله عليه وسلم فسقة من الصحابة رضي الله عنهم؟

الجواب: كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فسقة ومنافقون وكفار ومشركون, ولا شك في ذلك, وإنما الصحابي: "من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به ومات على ذلك", وأما أهل النفاق والمشركون والكفار وغيرهم كانوا موجودون في عهده صلى الله عليه وسلم وكان يحذر منهم صلى الله عليه وسلم.

سؤال: يقول ما حكم الهَجَر, مع العلم أن من يفعلونه يقصدون حل النزاع بينهم, ولا يريدون به التقرب لمن يذبح له, فهل هذا النوع من الذبح يعتبر شركًا أكبر؟

الجواب: إذا ذبح له فيعتبر شركًا أكبر, {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: ٤٨], وأما إذا لم يذبح له, وأعطاه فقط الذبيحة, فهذا من البدع والمحدثات, ينصح بتركها.

سؤال: يقول أيهما أعظم إثمًا, الشرك الأصغر, أم قتل النفس, والزنا, وغيرها من الكبائر؟

الجواب: ذكر العلماء أن الشرك أعظم ذنبًا, ولو كان من الشرك الأصغر.

سؤال: يقول الشخص إذا انتقل إلى بيت جديد, ويذبح عند أن ينتقل إلى البيت, ما حكم هذا الذبح؟

الجواب: على حسب النية, فبعضهم يذبحه تخوفًا من الجن, يذبحه لدفع الجن عن نفسه, هذا شرك بالله, يذبحه للجن خوفًا منهم, وبعضهم يذبحه ضيافةً وإكرامًا لأصحابه وجيرانه, يدعو أناس فهذا جائز, ما هناك ما يمنع من ذلك, إلا أنه لا يتخذه عبادة, لا يتخذه عبادة, إنما عادة أكل وشرب مما وسع الله على الناس.

سؤال: يقول لو تركت الذبيحة من دون تسمية, ما سمي الله عز وجل عليها؟

الجواب: ما تأكل, والدليل قول الله عز وجل: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١].

سؤال: يقول ما هو حكم الذبيحة إذا نسي التسمية عليها؟

الجواب: إذا نسي فيها خلاف بين العلماء, وكثير منهم يقولون يأكلها لأنه نسي, لقول الله عز وجل: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦], وبعض العلماء يقولون لا بد أن يسمى عليها لأنها شرط, قال الله عز وجل:{ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١], يشمل الناسي وغير الناسي, وهذا الذي يظهر أنها تترك, إذا نسي ولا يأكل منها, والذي ظهر له القول الأول فلا ينكر عليه.

سؤال: يقول ما حكم من يذبح للاستسقاء؟

الجواب: هذا أيضًا خطأ, وهل يأكلونها أم يتركونها للجبل؟, يتركونها للجبل, هذا أيضًا تقرب للجن والعياذ بالله, وإلا فكيف يذبحونها ويتركونها في الجبل, هذه عادات يقول الأخ بعض الناس إذا حصل عندهم الجدب والقحط, يخرجون يدعون الله في الجبال, أو في بعض الوديان, ثم يذبحون البقرة أو الثور, ثم يرمونه ويرجعون, هذه ربما انتشرت من قبل المشعوذين والكهنة, علموا الناس هذا الشيء, فهذا العمل غير مشروع, أولًا: قد يذبحونه يريدون به التقرب لغير الله, ثانيًا: فيه إضاعة المال, فلو كان لله فيأكل, كما أن الأضاحي تأكل, ومن الفتنة أن بعض الناس يقولون قد ذبحنا, ثم نزل المطر, هذه فتنة أن الله أنزل هذا المطر على هؤلاء, وقد يكون استجاب لهم بسبب حاجتهم للمطر, واضطرارهم ودعائهم, أما العمل ذلك فليس من الشرع, بل هو من البدع والمحدثات, وقد يدخل في الشرك على حسب نياتهم.

سؤال: يقول ما حكم الفرع والعتيرة؟

الجواب: هذا كان في الجاهلية يفعلونه, الفرع أول النتاج ينتج فيذبحونه, وعلى كلٍ فهذه عقيدة خاطئة, أنه قد يصاب بشيء أو كذا, فتترك لا فرع ولا عتيرة, يعلم الناس أن هذا غير صحيح, وأن هذا اعتقاد خاطئ, لكن الذبيحة حلال, الأكل منها حلال, لكن العمل نفسه محدث, العمل نفسه غير صحيح واعتقاد خاطئ, لكن إذا ذبحت وسمي الله عليها, فاللحم حلال, يقول ما معنى الحديث الذي ذكرناه «لا فرع ولا عتيرة», الفرع أول نتاج تنتجه البهيمة كانوا يذبحونه, والعتيرة هي الذبيحة التي تذبح في رجب.

سؤال: يقول ما حكم ما يحصل من الذبح بما يسمى بالهَجَر؟

الجواب: الهجر هو أن يسيء إنسان إلى آخر, أو يقتل عليه قريبًا, فيذهب ويرضيه بالذبح عنده, هل هذا يدخل في الشرك, نعم يدخل, لأنها نفس ما تقدم يذهب ويرضيه بالذبح, يذبح أمامه, يسوق له الغنم ويذبحها أمامه, وبعض الناس يقول مرجوع, لكن الأصل والمراد منها هو إرضائه بالذبح, فإذا ذبح وقع في الشرك الأكبر, لقول الله عز وجل: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } لَا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام: ١٦٢ – ١٦٣], وإذا لم يذبحها لم يسلم من الإثم, لأنه ساق له ذلك, وأراد أن يذبح له ذلك, فكما أن السجود تعظيم والذبح كذلك تعظيم, فالذبح كذلك تعظيم, وهذه من العادات القبيحة التي عندنا في اليمن, وكذلك الذين يستقبلون المهجر ولا ينكرون عليه, فهذا إثم عظيم, أي يقرون الشرك أمامهم, ما يجوز هذا, لو ذهبوا بجيهانهم وعمائمهم وأسلحتهم ويرضونه بذلك هذا حل شرعي, لا بأس كما هي عادات قبائل في اليمن, يذهب ويضع سلاحه ليرضيه بذلك, وبعض الناس يحتال يقول هذا الثور فقط نذهب به ضيافة؟ لو لم تأخذه ما سيرضى, سيرى أنك ما هجرته, إذًا العبرة بهذا, يعني يغالطون أنفسهم, بعض الناس يقول هذا للأكل, هذا للضيافة, وما أشبه ذلك, طيب لو لم تأخذوه هل هو يرضى, لو أعطيته مال, وتضعون عنده العمائم والأسلحة وتطلبون العفو منه, وضيافة يعطى مال ويشتري به الذبيحة ويذبح ويكرم به الناس, هل يرضى بهذا؟ إن كان يرضى بهذا, إن شاء الله سلموا من المعصية, وسلموا من الشرك, لكن إن كان لا يرضى, فيعطونه الذبيحة ويرضونه بها, فهذا وقعوا في البدعة, وإن ذبحوا وقعوا في الشرك الأكبر.

سؤال: هل يأكل مما ذبح لغير الله عز وجل؟

الجواب: لا يجوز الأكل منه, لقول الله عز وجل: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ } [المائدة: ٣].

سؤال: يقول الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتبركون بعرَق النبي صلى الله عليه وسلم وغيره, هل هذا من الشرك؟

الجواب: هذا تبرك شرعي, فعله الصحابة وأقره النبي صلى الله عليه وسلم, وجعل الله في ذلك البركة, هذا تبرك شرعي.

سؤال: يقول ما حكم الغلو, وهل يعتبر شركًا؟

الجواب: منه ما يصل بصاحبه إلى الشرك, ومنه ما يصل بصاحبه إلى البدعة, ومنه ما يصل بصاحبه إلى الفسوق والمعصية, وهو يختلف باختلاف الفاعل, وما وقع في قلبه, فمن غلى بشخصٍ حتى صرف له نوع من أنوع العبادة, فقد وقع في الشرك, أو اعتقد فيه أن سبب, وليس بسبب في جلب المنفعة, أو دفع الضر, ومنه ما يكون شرك أكبر, أو شرك أصغر, وقد تقدمت التفاصيل في أحاديث سابقة, ومنه ما يكون بدعة, كما هو حال المبتدعة الذين يغلون في أمور يعدونها من دين الله وهي من المحدثات والبدع, والأمثلة على ذلك كثيرة كما أنتم تعلمونها, ومنه ما يكون معصية وفسوق, كمن يغلو في شيء حتى يشدد على نفسه فيقع في البدعة وفي الفسوق والعصيان.

سؤال: يقول ما حكم من يقول: "أنا عند الله وعندك"؟

الجواب: هذا من الشرك, ويكون شركًا أصغر إلا إذا وقع في قلبه تعظيم لهذا الشخص كتعظيمه لله فقد وقع في الشرك الأكبر, لكن كثير من الناس يطلقون ذلك وهم يقصدون الاعتماد على الله والاعتماد عليك في بذل الأسباب, لكن هذه الكلمة لا تجوز بالواو, لو قال أنا عند الله ثم عندك, أيضًا تركها أولى, لكن إن قصد بذلك في بذل الأسباب والاهتمام في الأمر فهذا جائز.

سؤال: يقول قوله: «وَمَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللَّهُ بِهِ», هل هو في القرآن والحديث؟

الجواب: لا. ليس خاصًا بما كان يسمع في الأصوات, فقوله: «من يسمع», أي يطلب السمعة سواء بهذا أو بغيره, حتى بالأفعال, فعله من أجل أن يراه الناس أو يسمعوا عنه خيرًا, فلان فعل كذا, فلان قال كذا, يريد أن يسمع الناس عنه خيرًا, هذا همه, هذا نيته, يدخل في الحديث, ليس خاصًا بالقراءة والأصوات, إنما المراد أنه يعمل العمل, أو يقول القول, حتى يسمع الناس به, والله المستعان.

سؤال: يقول الأخ السائل ما حكم التوسل بسيد الأنبياء, وهل هناك دليل على تحريمه؟

الجواب: التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو بمنزلته, توسل مبتدع, لم يثبت بالأدلة الشرعية أنك تقول اللهم إني أسألك بحق نبيك, أو بجاه نبيك, أو بمنزلة نبيك, والذي جاء بالأدلة باتباع نبيك, {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: ٥٣], {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} [آل عمران: ١٩٣], فتوسلوا باتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم وبإيمانهم به, فالتوسل بالإيمان بالله, والإيمان برسوله واتباع رسوله, هذا توسل مشروع, تأتي بهذه العبارة, ربنا أمنا بنبيك, ربنا اتبعنا نبيك, فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار, وما أشبه ذلك, هذا توسل مشروع, وكذلك من التوسل المشروع التوسل بأسماء الله وصفاته, يعني تذكر الثناء على الله بأسمائه وصفاته ثم تدعو, { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الأعراف: ١٨٠], وتعلمون الأحاديث التي مرت علينا, حديث: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ, لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ, بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ, يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ, يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ», والآخر: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ, الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ», هذا من التوسل بأسماء الله وصفاته, وكذلك من التوسل المشروع: التوسل بذكر العمل الصالح, كحديث الغار وفيه: «اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ, فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ إلى آخره», وكذلك من التوسل المشروع: التوسل بدعاء الرجل الصالح, تطلب منه أن يدعو لك, وقد كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم, كانوا يسألونه أن يستسقي لهم, وكان عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه كما في البخاري, "كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ, فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا, وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا», قَالَ: فَيُسْقَوْنَ", وكذلك من التوسل المشروع: التوسل بذكر الافتقار والحاجة, يعني تتوسل إلى الله عز وجل بذكر حاجتك وافتقارك, مثل ما جاء عن أيوب عليه السلام بقوله: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} [الأنبياء: ٨٣ – ٨٤] , يذكر حاجته وافتقاره إلى الله عز وجل: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء: ٨٩], يعني إذا أظهرت حاجتك وافتقارك وذلك إلى الله عز وجل, هذا من التوسل مع الدعاء, المقصود أنك تطلب الدعاء منه, ما تقول اللهم إني أتوسل إليك بدعاء الصالحين, أن تغفر لي, هذا خطأ, يعني أن الله وعد السائلين بالإجابة, اللهم بحق السائلين عليك, أسألك أن تغفر لي, أي بأنك وعدتنا بالإجابة فأجب دعائي, إذا كان هذا هو المقصود يكون جائز, أما إذا كان المقصود بحق السائلين, أي بمنزلتهم وجاههم, هذا ما يصلح, والحديث الوارد في ذلك فيه ضعف, لكن على هذا التفصيل, من قال: "اللهم بحق السائلين عليك اغفر لي ذنبي", إن قصد بحق السائلين عليك, أي أنك وعدتهم بالإجابة فاغفر لي, فهذا توسل مشروع, وأما إن قصد بحق السائلين عليك, أي بمنزلتهم عندك, هذا خطأ, توسل غير مشروع, التوسل بجاه الأنبياء, وبجاه الصالحين, وبمنزلتهم, غير مشروع.

سؤال: يقول الأخ ما حكم الكي للضرورة؟

الجواب: أي إذا كان عنده مرض ولجأ إلى الكي, جاء عَنْ أَنَسٍ, «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَوَى أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ مِنَ الشَّوْكَةِ», وكذلك في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: «بعث إلى طبيب فكوى أبي بن كعب», فيحوز, لكن يكره لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ» عن جابر في الصحيحين, وقال كما في البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «الشِّفَاءُ فِي ثَلاَثَةٍ: شَرْبَةِ عَسَلٍ, وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ, وَكَيَّةِ نَارٍ, وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ», فالنهي للكراهة, وليس للتحريم جمعًا بين الأدلة.

سؤال: يقول الأخ من كان من الأجداد ووقع في الشرك ولم يعلم؟

الجواب: إن بلغته الحجة وأعرض, فهذا يحكم عليه بالشرك, إما أن يكون بلغته الحجة وأعرض, أو سمع أن من الناس يقول بأنه شرك وأعرض ولم يسمع لقولهم, فهذا يكون مشركًا, وأما من لم يبلغه شيء, فهو جاهل, فالله صلى الله عليه وسلم يقول: { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }   [الإسراء: ١٥]. ويقول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التوبة: ١١٥], ويقول عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } [النساء: ١١٥], فقال: {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى}, فالآيات كثيرة في العذر بالجهل, فإن شاء الله يكون معذورًا.

سؤال: يقول من المعلوم أن من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص, فهل لنا أن نعبر أن الإسلام يزيد وينقص كذلك, لأننا وجدنا كلامًا لشيخ الإسل