فتاوى في التوحيد 01

سؤال: يقول على ماذا اعتمد أهل السنة في جعل التوحيد ثلاثة أقسام؟

الجواب: بتتبعهم أدلة الكتاب والسنة وجدوها لا تخرج عن الأقسام الثلاثة.

سؤال: هل يجوز الذهاب إلى السحرة لفك السحر؟

الجواب: لا يجوز الذهاب إلى السحرة لفك السحر, لا على سبيل الطلب ولا على سبيل التهديد، لأنه يتضمن أنك تطلب منه سحرًا آخر، فإن الساحر لا يفك السحر إلا بسحرٍ آخر، ومعنى ذلك أنك ذهبت لطلب السحر, سواءٌ طلبت طلبًا أو هددته تهديدًا، فلا يجوز, يتضمن الطلب, إذًا الطريقة في هذا هي الرقية الشرعية أو معرفة مكان السحر فتبطله, فلو هدد الساحر يقول أن لم تخبرني بموضع السحر وإلا قتلتك, أو هدده وأخبره, هذا جائز فيبطل هو بنفسه، المريض بنفسه يبطل السحر بنفسه, أما أن يطلب منه أن يفك السحر فلا، ذكر العلماء أنه أولا. يعقد السحر بعبادة للشياطين فيفعلون له السحر, فإذا ذهبت تطلب الفك, فالحالة نفسها أيضًا يتقرب إلى الشياطين فيخدمونه بإبطال ذلك السحر، هذا إذا حصل ذلك وإلا فقد لا يحصل، قد يُحاول أن يفك السحر فيفكه مؤقتًا, ثم يعود مرة أخرى، على كلٍ لا يجوز الذهاب, «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ».

سؤال: هل يجوز له أن يهدده قبل أن يسحره، علم أنه يريد أن يسحره فهدده؟

الجواب: نعم يجوز, يقول إن حصل لي سحر أو في أولادي ستلقى ما يسوؤك أو ما شابه, فأمر طيب, من كان له شوكة وقوة ويهدد السحرة فجزاه الله خيرًا، على أنه يجب أن يقام عليهم حد الله.

إن ذهب إليه بنية تهديده أن يخبره عن موضع السحر, لا بنية أن يسأله, أو أن يطلب منه شيء فلابأس، إن كان ما يعلم مكان السحر إلا عن طريق الجن فهذا ما يصلح .

سؤال: رجل أصيب بالسحر, وضع له في الطعام, والذي وضع له السحر معروف لديه, فما هي الطريقة الصحيحة لإزالة مفعول السحر, علمًا بأن الرجل في حالة شديدة؟

الجواب: الإلتجاء إلى الله وكثرة الذكر, والرقية الشرعية بقراءة قل هو الله أحد والمعوذتين, وممكن أيضًا أن يُقرأ له في ماء ويشربه والله المستعان، يصبر وعليه بالرقية وإن شاء الله يعينه الله على ذلك, إذًا قوي اليقين مع الرقية والدعاء بإذن  الله يشفيه الله عز وجل، ولكن كثير من الناس يعاني من عدم قوة توكل ويقين، يُقرأ عليه ولكن ليس هناك من اليقين أو التوكل الكافي، والدعاء تأثيره كالسلاح, فالسلاح ليس فقط بمجرد السلاح, ولكن مع قوة الضارب يؤثر, السلاح ليس بحده فقط, ولكن أيضًا بقوة ضاربه يؤثر, فكذلك الدعاء يؤثر, ولكن يحتاج معه إلى يقين الإنسان وحسن ظنه بالله, واعتماده على الله فيستجيب الله.

سؤال:  يقول هل يجوز علاج السحر بالسحر؟

الجواب: لا يجوز أن يذهب إلى ساحر ليفك سحرة, والذهاب إلى السحرة من كبائر الذنوب, فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا, فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ, فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ», بالنسبة لو علم من هو الذي سحره لو علمه بعينه وتهدده بضربه أو بحبسه أو بأخذه إلى الدولة حتى يفك عنه سحره, تهدده ليبطل عنه ضرره فهذا لابأس, لأنه لم يذهب إليه ليسحر, وإنما ذهب إليه ليبطل سحره, وإلا سيفعل فيه ويفعل فهذا لابأس وهذا لا يعتبر علاجًا وإنما إهانةً لهذا الساحر والله المستعان.

سؤال: يقول السائل كيف العلاج للذي يصاب بالسحر والعين؟

الجواب: يقرأ من القرآن ما يسر الله له يقرأ على يده ويمسح على جسده, ويكثر من قراءة الفاتحة والمعوذات, ينفث فيهما على يديه, والنفث أن يخرج شيئًا من الريق على يديه ثم يمسح به رأسه ويكثر من ذلك, ويكثر أيضًا من الدعاء, أن الله يصرف عن هذا السحر, يكثر من قراءة القرآن, وقيام الليل, ويحافظ على أذكار الصباح والمساء, وأذكار النوم والاستيقاظ, والأذكار عقب الصلوات, ويكثر من ذكر الله في جميع أحواله.

سؤال: ما الجمع بين آيات أتهام النبي صلى الله عليه وسلم بالسحر, وأن النبي صلى الله عليه وسلم سحر؟

الجواب: السحر الذي حصل للنبي صلى الله عليه وسلم من باب الأمراض وهو ليس معصومًا من الأمراض, والأمراض ليس الأنبياء معصومين منها, وكذلك الشدائد والجروح ليسوا معصومين منها, وعلى هذا فالعلماء على أن السحر الذي حصل للنبي صلى الله عليه وسلم من باب المرض, لا تأثير له في أقواله وأفعاله وفي التبليغ والوحي, لا تأثير له في هذه الأمور, وهم قالوا ذلك على سبيل اتهامه بالجنون, حتى لا يعلمون منه الدعوة إلى التوحيد, كما قال الله عز وجل:{ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ } وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ } بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} [القلم: ٢ – ٦], من باب أن الله عز وجل نفى أن يكون له نقص وجنون, أو سحر ملازم, أو سحر يؤثر في التبليغ, وأما مرض فهذا حصل, وقد أدى ببعض الناس أنه يطعن في الحديث, بعضهم ممن لا صناعة له في الحديث, وبعضهم من أصحاب العقول, العقلانيين الذين يردون السنة بالعقول, كالمعتزلة, ومن المتأخرين بعض أهل الكلام, من أصحاب حزب التحرير وغيره, في الشام, وآخرين, فهذا باطل, لا يرد الحديث, الحديث في صحيح البخاري وصحيح مسلم, وقد تلقتهما الأمة بالقبول, فما بقي إلا هذا التأويل, وقد ذكره ابن القيم رحمه الله   في كتابه بدائع الفوائد.

سؤال: قوله عز وجل: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: ٤], ما المراد بالنفاثات؟

الجواب: النفاثات هن الآتي يسحرن, فلماذا يخصص بالنساء والسحرة كثير, ذكر بعض أهل العلم أن السحر في النساء أكثر أو أشد, أو أن النساء الآتي يسحرن أكثر, والنبي صلى الله عليه وسلم سحره لبيد ابن الأعصم وهو رجل وما جاء في الحديث أن النساء توسطن في هذا, والسحر الذي عن طريق الشياطين كله عقد ونفث, لكن ذكر ابن القيم رحمه الله كلامًا أفضل, وهو على تقدير محذوف وهو من شر الأنفس النفاثات, لأن الأنفس تشمل الرجال والنساء, أو الأرواح النفاثات, الأنفس أو الأرواح, بهذا يتناسب لأن ذلك يشمل الرجال والنساء, فكلام ابن القيم أحسن أن يخص بالسواحر النساء, إذًا تفسير الآية يكون على تقدير محذوف وهو الأنفس أو الأرواح النفاثة, ولا شك أن التقدير الذي يناسب العموم أولى من جعله خاصًا بالنساء.

سؤال: يقول رجل وجد السحر الذي وضع له, فغسله بالماء, فأين يذهب بالماء؟

الجواب: يرمي الماء أينما رماه, وبقية المكتوب إن كان بقي له أثر, فيمحو الأثر, إما بدفنه, أو بتحريقه, حتى يذهب جميع السحر بإذن  الله عز وجل.

سؤال: من ذُهب به إلى الكاهن أو إلى الساحر وهو لا يريد, ولكنه كان مريضًا وكان أهله يأخذونه بالقوة فهل يأثم أم لا؟

الجواب: إن كان وصل به الحد إلى أنه لا يستطيع الامتناع بسبب مرضه فالإثم عليهم, ولا إثم عليه, ويكفيه الإنكار وعدم الرضا والكراهة لذلك, وأما إن كان يستطيع الامتناع ولكنه تساهل في ذلك فيقع معهم في الإثم العظيم كما هو معلوم.

* فائدة: ومن يحملُ السحرَ من مكان ويضعه في مكان يتعاون مع السحرة فهذا فاسقٌ ظالم مرتكب لكبيرة عظيمة, ولكن هذا لا يكفي للحكم عليه بالكفر, واقتناء هذه الكتب لا يجوز.

تعقيب: ومن وضعه في بيته ولا يقرأ فيه, كأن لا يكون له علم بها, يُعلّم ويقال له أن هذه كتب سحر, والواجب إتلافها, ولا يجوز اقتناؤها وفيها الشرك بالله, لذلك قلنا هي قرينة قوية عليه وليست كافية حتى يُرى منه القرائن الواضحة في السحر.

سؤال: هل يتلبس الجني بالجمادات والبهائم وما حكم رقيتها من هذا الباب ومن باب السحر والعين؟

الجواب: قد يصنعون هذا من باب التهويل على الإنسي لاسيما في الأسفار إذا كان منفردًا ولم يذكر الله عز وجل, ربما خوفوه بالطرقات بأن يصنع له شيء من ذلك, وليس هناك ما يمنع ذلك, أو ربما يتصور هو نفسه شجرة أو صورة جماد ثم يتحرك, أو بصورة بهيمة ثم يتحرك, لأنه يستطيع أن يتشكل بهذه الصور.

وأما ما يتعلق برقية الجمادات فلا تُرقى, ولكن يسأل الإنسان ربه أن يبارك له في ماله وفي متاعه, وأن يستعيذ بالله أيضًا من العين, وذلك يشمل نفسه وماله, وأما البهائم أيضًا فلابأس أن تُرقى, فقد جاء عن أحد الصحابة وهو حنظلة بن حذيم رضي الله عنه أنه: "كان يؤتى بالبهيمة الوارمة الضرع فيضع يده على موضع كف النبي صلى الله عليه وسلم, وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد مسح رأسه ودعا له بالبركة, فكان يضع يده عليها ويمسح الضرع فيذهب الورم, فلابأس, فالرقية أيضا فيها البركة, والله المستعان.

سؤال: يقول ما حكم من يضرب جده, لأنه جده دائمًا يشارعهم على أشياء تافهة, وهو ما يصلي إلا بعض الفروض؟

الجواب: لا يجوز أن يضربه, والجد يعتبر أبًا, قد أمر الله عز وجل, في حق من يأمر ولده بالشرك بالله عز وجل, أنه ما يطيعه وأنه يصاحبه في الدنيا معروفًا, قال الله عز وجل: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لُقْمَانَ: 15], فهذا يعتبر من العقوق العظيم, فعلى من حصل منه هذا الأمر التوبة والاستغفار.

سؤال: يقول ما حكم الناقوس في الثور؟

الجواب: الجرس مزامير الشيطان, ثانيًا: ربما يفعلونها لدفع العين, فتكون من الشرك, فقد جاء عند الترمذي عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ أَبِي مَعْبَدِ الجُهَنِيِّ أنه قال: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ», وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ, أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ إِلَيْهِ رَهْطٌ, فَبَايَعَ تِسْعَةً وَأَمْسَكَ عَنْ وَاحِدٍ, فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ, بَايَعْتَ تِسْعَةً وَتَرَكْتَ هَذَا؟ قَالَ: " إِنَّ عَلَيْهِ تَمِيمَةً ", فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَقَطَعَهَا, فَبَايَعَهُ, وَقَالَ: «مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ» أخرجه أحمد في مسنده, فلا يجوز ذلك, ومن قصد دفع الهوام, فيكون الناقوس محرم, ومن قصد دفع العين, فيكون وقع في الشرك, ولكن يتوكل على الله عز وجل, ويدعو الله عز وجل أن يصرف عنه الشر, ما يحتاج إلى شيء من هذا, حتى تلك ربما يظن بها أن تدفع الشر بنفسها, فيقعون في الشرك, فيترك الأمر بالكلية, وكل له نيته, والحكم متعلق بالنيات.

سؤال: بعضُ الناس يضع الحبة السوداء في جيبه بقصد أنها تنفعه من العين والشرور فهل هذا يعد من الشرك؟

الجواب: نعم إذا وضعها في جيبه بهذه النية أنها تدفع عنه العين والشر فهذا من الشرك, ويختلفٌ فإن اعتقد في قلبه أنها هي التي تدفع بنفسها عنه الشر فهو شركٌ أكبر, لأن الله عز وجل هو الذي ينفع ويضر, وهو الذي يُمسك الشر ويأتي بالخير, وإن جعلها سببًا فهو شركٌ أصغر, لأنه جعل ما ليس بسبب شرعي ولا قدري سببًا, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من علق تميمة فقد أشرك» أخرجه أحمد عن عقبة بن عامر رضي الله عنه.

سؤال: كان أجدادنا يجتمعون في أيام الجدب ثم يأخذون بقرةً أو ثورًا ثم يذهبون به إلى الجبّانة للاستسقاء, ويذبحون تلك البقرة والثور ويتمرغون بالتراب فما حكم ذلك؟ وكانوا يقولون لنا والله ما كنا نرجع حتى ينزل المطر !؟

الجواب: هذا العمل محدث من البدع, ولكن بسبب جهلهم, لم يؤآخذهم الله عز وجل بذلك، بل لما صحبه من الدعاء والاضطرار إلى الله عز وجل, سقاههم الله بسبب اضطرارهم إلى الله عز وجل وحسن ظنهم بالله .

أما البقرة والثور إن كانوا يقصدون بها الذبح لله عز وجل ويتركونها للفقراء والمساكين فلا يكون شركًا, وأما إن قصدوا بها الذبح للجن أو الذبح لغير الله أو أهل بها لغير الله فهو من الشرك, فما ندري ماذا كانت نيتهم في ذلك, وإن قصدوا بها الذبح لغير الله وقعوا في الشرك.

سؤال: قول الرجل ما شاء الله والصبوح, ما شاء الله والكتاب، أهو من اللفظ الشركي؟

الجواب: لا هو ما يريد إثبات المشيئة للصبوح, ولا يُريد إثبات المشيئة للكتاب, يريد أنه يقول إن هذا شيء جيد أو ما شاء الله على هذا الصبوح، إذًا هذه عبارة الأفضل أن تترك حتى لا يُظن أنك تريد إثباتها للصبوح, لكن هذا ليس من الألفاظ الشركية: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى», قولك ما شاء الله وشئت: هذا من الألفاظ الشركية، وما شاء الله والصبوح هذا من باب الدعاء بالبركة أو التعجب أو ما أشبه ذلك, لكن يُترك هذا اللفظ لما فيه من المشابهة للألفاظ المحظورة, وبالله التوفيق.

سؤال: ماهي الأسباب المعينة على الإخلاص؟

الجواب: له أسباب كثيرةٌ: من ذلك دعاء الله عز وجل نسأل الله عز وجل أن يرزقك حسن النية, وقد كان من دعاء السلف رضي الله عنه, اللهم اجعل أعمالي صالحة واجعلها لوجهك خالصة ولا تجعل لأحدٍ فيها شيئا، فالمسلم يدعوا ربه عز وجل: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠].

ومن الأسباب في ذلك أن يتذكر الإنسان أن الثمرة العظيمة في أعماله وهي جنة الله ورضوان الله, لا تُـنال إلا بإخلاص الثواب لله عز وجل, بإخلاص الأعمال لله عز وجل، ويتذكر أيضًا أن الثناء من الناس لا ينفعه عند الله عز وجل شيئًا إذا كان الله ساخطًا عليه، وليتذكر أيضًا نصيحة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها التي كتبتها إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قالت: "من أرضى الناس بسخط الله سخِط الله عليه وأسخط عليه الناس ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس"، لأن الأمور كلها بيد الله, وقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها كيفما شاء, فليس للمسلم أن يرجوا بعمله ثناءً ولا مدحًا ولا منزلةً في قلوب الناس ويترك الآخرة، وليتذكر المسلم قول الله عز وجل: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا } وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإسراء: ١٨ – ١٩], وليتذكر الأدلة التي فيها الوعيد في حق من أشرك بالله, وعمل لغير الله, كحديث: «الثلاثة الذين يُقضى عليهم أول الناس يوم القيامة رجلٌ استشهد فأتى به فعرفه نعمه ورجلٌ قرأ القرآن وعلمه وتعلم العلم وعلمه ورجلٍ أنفق، وكلهم لم يكونوا مخلصين لله فسحبوا على وجوههم إلى جهنم» والحديث معلومٌ لديكم في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه والأحاديث في هذا الباب متكاثرة.

وعليه أن يجالس أهل الإخلاص وأهل التقوى وأهل الصلاح فإن هذا يزيده بإذن الله عز وجل إخلاصًا، إذا جالس أهل التقوى والإخلاص والصلاح والاستقامة يكون سببًا في أن يتخلق بأخلاقهم .

سؤال: هل يجوز الخضوع لغير الله بالقيام وعدم الحركة وهل يدخل في الشرك؟

الجواب: من فعله محبةً وتعظيمًا دخل في الشرك، لأن العبادة ما احتوت على المحبة والتعظيم، فمن فعل هذا الفعل تعظيمًا ومحبةً دخل في الشرك الأكبر، جعله عبادة يتقرب بها إلى هذا الشخص، فمثلًا لو وقف أمام الولي وخضع, قام ووضع يده اليمنى على اليسرى خاضعًا, ويدعوا ذلك الميت, أو الولي صارت هذه عبادة، لأنه قام له محبةً وذلًا وتعظيمًا، مثل لو ركع ذلًا ومحبةً وتعظيمًا، ومثل لو سجد كذلك، أما ما يُلزم به الجنود فهذا ليس على سبيل المحبة إنما هو ذل فقط، فينبغي أن لا يفعلوا ذلك وأن لا يُقلدوا أعداء الإســلام في هذه الأمور، «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ», ولكن الجنود لا يفعلوه على سبيل التعبد بدليل أنهم ما يحبون هذه الأمور وهم يكرهونها، وإذا فعلوها فإنهم لا يفعلونها من باب المحبة, إنما يفعلونها من أجل المحافظة على الراتب.

سؤال: هل الذي يُكره على الكفر وعلى الشرك معذورٌ عند الله عز وجل؟

الجواب: الله عز وجل يقول: { مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ }  [النحل: ١٠٦]