فتاوى في الشبه والمشتبهات 02

سؤال: هل وجد كلام لبعض أهل العلم في تقسيم البدعة، أو أن هذا لا يعرف إلا عن المتصوفة؟

الجواب: وجد عن بعضهم وهي تعتبر زلة في حقهم, كالنووي والعز بن عبد السلام وآخرين، قسموها بدعة حسنة وبدعة سيئة, بل بالغ بعضهم وجعل البدعة تنقسم إلى خمسة أقسام, «بدعة واجبة, وبدعة مستحبة, وبدعة مكروهة, وبدعة محرمة, وبدعة مباحة», كالأحكام الخمسة، ولكن ليس بصحيح هذا الكلام, والتمثيل الذي مثلوه لا ينطبق على البدع لقوله صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة», وما مثلوا به ليس من البدع، دلت عليه الأدلة الشرعية, دلت عليه أدلة الكتاب والسنة.

"جمع القرآن في المصحف", بعضهم يقول بدعة حسنة، لأنه مصلحة, نعم مصلحة عظيمة دل عليها الكتاب والسنة: {إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩], «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي», «لا تجتمع أمتي على ضلالة», اجتمع الصحابة  رضي الله عنهم, على ذلك فكيف يُنكر بعد ذلك ويُقال بدعة, «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين»  .

سؤال: ماحكم العطر البخاخ، وهل أي شيء فيه كحول لا يجوز استخدامه؟

الجواب: العطر البخاخ على ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يعلم الإنسان أن النسبة فيه كبيرة, حيث يسكر ويمكن شربه للإسكار, فيصير في حكم الخمر لا يجوز بيعه ولا شراؤه .

الحالة الثانية: أن تكون النسبة قليلة, يغلب على ظنه تلاشي مادة الكحول مع بقية المواد, بحيث أنه لا يسكر إن شُرب قليله أو كثيره, فهذا جائز استخدامه.

الحالة الثالثة: أن لا يعلم فهذا شبهة ينبغي للمسلم أن يتجنب ذلك, «دع ما يريبك إلا مالا يريبك», «فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه».

الفقرة الثانية من السؤال: وهل كل شيء فيه كحول لا يجوز استخدامه, بعض المواد التي فيها كحول لا يمكن شربها ولا استخدامها للسكر, كالمواد المخدرة, وكذلك مواد أيضًا مطهرة للجروح وغيره، وكذلك المواد البترولية ,لا نعلم أن أهل العلم منعوا بيعها وشراءها واستخدامها, والظاهر أن السبب في ذلك أنها مواد يحتاجها المسلمون, أولًا, وثانيًا. لم يُعلم استخدامها بالإسكار, لأنها مضرة’ وقد تكون سببًا في قتل الإنسان، فهي أشبه بالسموم, وهي أقرب إلى كونها شبهًا بالسموم, من كونها شبهًا بالخمر، والسموم أيضًا فيها مادة الكحول بكمية كبيرة، فالذي يظهر أنه يجوز استخدام مالا يصلح شربه, وإن وجد ما يغني عنه فهو أفضل، وعلى هذا فالإنسان الأفضل له أن يجتنب ذلك, ويأخذ من العطور الطيبة التي لا كحول فيها, من المسك والعودة, أو غيرها من العطور التي ليس فها كحول .

سؤال: يقول ما حكم هذه العبارة, الإيمان بالكتب السابقة ينقي روح المسلم من التعصب الذميم ضد الديانات, وضد المؤمنين بالديانات, ما داموا على المنهج الصحيح, هذه المقالة قالها الزنداني في كتابه توحيد الخالق؟

الجواب: هم ما عندهم منهج صحيح, هم مأمورون بالالتزام بالدين الإسلامي, وإلى الآن ما يعلم عنه أنه تراجع عنها, فهذه المقالة. مقالة ضلال. هذه مقالة واضحة, لو كانت غير واضحة, فليبينها لنا, هذه مقالات خطيرة, ينبغي التوبة إلى الله سبحانه وتعالى من أصحابها, يجب عليهم أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى من هذه المقالات الخطيرة, التي ربما أرادوا أن يجاروا بها أعداء الإسلام, وقد يكون عندهم شيء من ذلك, فنسأل الله العافية, وربما أرادوا أن يتقربوا إلى أعداء الإسلام بمثل هذه الكلمات, التي هي عظيمة عليهم, يجب عليهم أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى منها.

سؤال: يقول ما حكم من قال اليهود والنصارى إخواننا, لهم ما لنا وعليهم ما علينا؟

الجواب: هو منهم, ليس هم منا, قائل ذلك القرضاوي.

سؤال: يقول هل هذه المقالة صحيحة, نحن لا نقاتل اليهود من أجل الدين, ولكن نقاتلهم من أجل الأرض؟

الجواب: هذه مقالة باطلة, وفيها إلغاء للجهاد, ومعنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قاتلهم ظلمًا, في بداية الأمر, هم ما أخذوا علينا أرض, النبي صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى الإسلام فأبوا, فأجلاهم, وقتلوا وأسروا وأخذت أموالهم غنائم للمسلمين, لأنهم عاندوا الدين الإسلامي الحق, فهذه المقالة باطلة, من قائلها القرضاوي.

سؤال: ما حكم من يقول بأن الولي يستطيع أن يخلق كما يخلق الله سبحانه وتعالى؟

الجواب: هذا من الشرك الأكبر, وقد نقلت هذه العبارة عن الجفري, يقول الولي يستطيع أن يتصرف في الكون, ويدبر الأمور, وأنه يخلق الأجنة في بطون أمهاتهم, ويستطيع أن يخلق, هذا من الشرك الأكبر.

سؤال: يقول الأخ يقول الجفري درست المذاهب ثلاث سنوات, فوجدت أقرب المذاهب إلى الحق, مذهب الاثني عشرية؟

الجواب: هذا دليل على أنه رجل منافق, لأن الرافضة أثني عشرية, وقد ظهر كفره.

سؤال: الرد على شبهة من يسوغ سب الصحابة  رضي الله عنهم بشبهات واهية: وهو كاتب يقال له: "فيصل الصوفي"؟

الجواب:  يقول شيخنا حفظة الله وسدده للحق والصواب: قوله هذا باطل مردود عليه, فإذا كان سباب المسلم فسوق, فكيف بسباب الصحابة رضي الله عنهم, في الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ», ويدافع ويقول لا يقال لكل من سب الصحابة رضي الله عنهم, رافضي, ويذكر أن هذه الشبهات منقولة من البخاري ومسلم والسنن وغيرها, من هذه الشبهات:

* قال: ذكر في هذه الكتب أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه, زعم أن موسى صاحب الخضر, ليس بموسى بني اسرائيل عليه السلام, فقال عبد الله بن عباس  رضي الله عنه رادًا عليه: "كذب عدو الله سبحانه وتعالى, فهذا ابن عباس رضي الله عنه يصف صحابيًا أنه عدو الله سبحانه وتعالى".

الجواب: أولًا: هذا تحريف للكلام, فالقائل ليس هو عبد الله بن الزبير الصحابي رضي الله عنه, القائل هو نوف البَكَالي, وهو ليس بصحابي, فهذا كذب من هذا الكاتب, وتحريف, هذا تحريف منه, فلم يذكر في هذه الكتب, أن القائل هو عبد الله بن الزبير  رضي الله عنه, ولا في أي كتاب منها, إنما القائل هو نوف البكالي وهو تابعي, وهذه المقالة يقولها من خالف شرع الله سبحانه وتعالى, وليس معناه أن هذا الرجل من أعداء الإسلام, فهم أولًا: أهل الحجاز يطلقون الكذب على مخالفة الواقع, فإن تعمده كان كذبًا يأثم عليه, وإن لم يتعمده كان خطًا, معذور بخطئه, يقول الله سبحانه وتعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] أهل الحجاز يطلقون الكذب على مخالفة الواقع, وقال هذه العبارة على سبيل الزجر, والمبالغة في التنفير عن هذه المقالة, التي تخالف الأدلة الشرعية, فنسبة القول إلى عبد الله بن الزبير خطأ, تحريف للكلم وتلبيس على الناس, ومع أنه تابعي, يقال أراد الزجر, كما ذكر ذلك أهل العلم عند شرح هذا الحديث, منهم الحافظ ابن حجر وغيره, فلا يقال فيه أنه أراد وصفه أنه من أعداء الدين, أو أنه من اليهود والنصارى وغير ذلك, إنما على سبيل التنفير والزجر عن هذه المقالة, إضافة إلى أن الصحابة   رضي الله عنهم بشر, قد يصيبه أحدهم الغضب فيشدد العبارة, فإنهم بشر يغضبون من أجل الله سبحانه وتعالى, ولله سبحانه وتعالى, ولدين الله سبحانه وتعالى, فقد يشدد العبارة للزجر والتنفير عن ما يخالف الشرع.

* قال: وفي هذه الكتب: "أن عمرو بن العاص رضي الله عنه, ضرب عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب في الخمر, ثم حمله إلى أبيه الخليفة في المدنية, فضربه أبوه بالسياط, فمرض بعده, ثم مات بعد شهر من جلده بالسياط", فهل هؤلاء شيعة وروافض, لأن كلًا منها شهر بالآخر وجلده.

الجواب: أما هذا ما لذكره في هذا المكان موضع, لأنه إقامة لحد من الحدود, بل هذا يدل على ورع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه, حيث يقيم الحد على ولده عبد الرحمن رضي الله عنه, ومع ذلك لم يذكر في هذه الكتب, وقد ثبتت القصة, ولكن لم يذكر فيها أن الموت كان بسبب الجلد, إنما ذكر أنه جلد بالسياط, وتعلمون أن الجلد الشرعي, لا يكون جلدًا قويًا بحيث يسبب على صاحبه الموت, ولكن ذكروا فيها أنه مرض بعد ذلك ثم مات بعدها بشهر, فلا موضع لهذه القصة في هذا المكان, بل هذا يدل على ورع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتقواه حيث يقيم الحد على ولده.

* قال: وجاء في هذه الكتب, "أن الحكم بن أبي العاص وهو صحابي, جاء بولده مروان, إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليباركه, فقال عنه: "هذا الوزغ ابن الوزغ, الملعون ابن الملعون".

الجواب: هذه القصة لم يثبت, ليس لها إسناد صحيح, إنما ذكرت في التواريخ, بأسانيد واهية, أنه جاء الحكم بولده مروان يوم ولد, فقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم, هذه المقالة, هذا لم يثبت, وأسانيده واهية, ضعيفة.

* قال: والحكم هذا, أخرجه الرسول صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى الطائف, لأنه كان يتجسس على رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلوته, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أخرج لا تساكنني ما بقيت", فهل الرسول صلى الله عليه وسلم شيعي رافضي, لكونه لعن الحكم وولده, وهما صحابيان.

الجواب: أما مروان ابن الحكم, فليس بصحابي, وأما الحكم ابن العاص  رضي الله عنه, فهو من مسلمة الفتح, واختلفوا في السبب الذي من أجله نفاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف, فمنهم من ذكر في ترجمته هذا الأمر, أنه كان يتجسس, أو يطلع على بعض أخبار النبي صلى الله عليه وسلم, ثم يظهرها, وذكر بعض المؤخرين سببًا آخر, أنه حكى مشية النبي صلى الله عليه وسلم, المعنى يقلده في المشية, وكلاهما ليس له إسناد صحيح, فلا يعلم بإسناد صحيح ما هو السبب, الذي من أجله نفاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف, فالله أعلم, أما إن حكى مشية النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الاستهزاء, فهذا كفر وردة, ويشكل عليه كونهم ذكروه في الصحابة, ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة, وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب, وغيرهم, ويشيرون إلى هذه القصة, أنه نفاه إلى الطائف, ثم استمر منفيًا فيها إلى أن مات, ثم بعد ذلك استمر فيها إلى أن ولي الخلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه, فأعاده إلى المدينة, فهو عم عثمان بن عفان رضي الله عنه, الحكم بن العاص عم عثمان بن عفان رضي الله عنه, ثم ولاه عثمان بن عفان على بعض الأمصار, فعابوا عليه ذلك, عابوا عليه أن يوليه على تلك الأمصار, فإن كان حكى مشية النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الاستهزاء, فهذه ردة, ولا سبيل في ذكره في الصحابة رضي الله عنهم, إلا باحتمال واحد, وهو أنه تاب وندم من فعله, أحسن ما يحمل عليه ذلك, هذا إذا كان السبب هو حكايته مشية النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الاستهزاء, وأما إن كان السبب أنه اطلع على بعض أسراره, أو أنه يتجسس, فهذه عظيمة وكبيرة, من أجلها زجره ونفاه, وحمله على هذا أحسن من حمله على الآخر, لأنه لم يكفره العلماء, بل لم يزالوا يذكرونه في كتب الصحابة, وقال الذهبي في السير له أدنى نصيبٍ من الصحبة, من مسلمة الفتح, ما مكث إلا قليلا. ثم نفاه صلى الله عليه وسلم, إذًا لا إشكال في هذا, النبي صلى الله عليه وسلم زجره بسبب فعله, وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ليدخلن عليكم رجل لعين», كما في مسند أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص, فدخل الحكم, فهذا ليس من هذا الباب, فلا يسوغ لنا سب الصحابة رضي الله عنهم, النبي صلى الله عليه وسلم زجر إنسان, يزجره لعظيمة, لنفاق, وما أشبه ذلك.

* قال: ومما ذكر: «الوليد بن عقبة, صحابي, وصفه القرآن بأنه فاسق, عندما كذب وكاد يتسبب بفتنة, عند أن أرسله النبي صلى الله عليه وسلم ليأخذ الصدقة من بني المصطلق, فرجع يقول للرسول صلى الله عليه وسلم إنهم خرجوا لقتله, وفيه جاء في القرآن, قول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: ٦].

الجواب: نعم الوليد بن عقبة رضي الله عنه, ممن كان حديث عهد بإسلام, وممن تأخر إسلامه, وسبب نزول الآية فيه, ثابت بمجموع طرقه, مراسيل في الباب وأسانيد تتقوى ببعضها, إلى أن كان سبب نزول الآية فيه, أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق, فرآهم خرجوا متسلحين, أو رأى نفرًا منهم متسلحين فخاف على نفسه, فرجع يقول إنهم ارتدوا, وأرادوا قتله, فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إليهم خالد بن الوليد, فذهب إليهم فإذا هم يصلون ويؤذنون, على إسلامهم, فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية.

* قال: وكان الوليد بن عقبة رضي الله عنه ولاه الخليفة عثمان رضي الله عنه على الكوفة, "وكان مدمن خمر, صلى بالناس الصبح أربع ركعات, ثم قال أزيدكم".

الجواب: ما يتعلق بهذا الصحابي رضي الله عنه, ما حصل منه نستفيد منه عدم عصمة الصحابي, يقع الصحابي في المعصية, فليس معصومًا, ليس معصومًا, ولم يذكر أهل العلم, أنه يطلق عليه الفسوق, أو أنه يسب, بسبب ذلك, فلهم توبة, ولهم الاستغفار, أعظم من سائر المسلمين, لهم من التوبة والاستغفار والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى فيما حصل من الخطأ, أعظم من سائر المسلمين, لكن نستفيد من هذه القصة, أن آحاد الصحابة رضي الله عنهم, ليس معصومًا من الخطأ, ومن المعصية, وقد وقع ماعز ابن مالك رضي الله عنهم, في الزنا, وتاب واستغفر, إذًا يدل على أن الصحابي قد يخطأ, لكن لا يستفاد من هذا أن هذا يسوغ سب الصحابة رضي الله عنهم, وأنه من سب الصحابة  رضي الله عنهم, لا يقال فيه رافضي.

* قال: فهل القرآن كتاب رافضي.

الجواب: هذا كلام باطل, إنما يستفاد من هذه القصة, أنه قد يقع الصحابي في المعصية, وأما قوله سبحانه وتعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}   [الحجرات: ٦], فهو وصفٌ عامٌ لكل من جاء بخبر, وهو ليس من أهل العدالة, فيجب التبين.

* قال:  وكان سمرة بن جندب  رضي الله عنه يبيع الخمر, فقال عمر بن الخطاب  رضي الله عنه: "قاتل الله سمرة ألم يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود".

الجواب: أولًا: قوله يبيع الخمر, يشير إلى أنه بيعٌ مستمرٌ, وهذا باطل, بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه, أن سمرة بن جندب  رضي الله عنه باع خمرًا, فقال: "قاتل الله سمرة إن الله لما حرم الخمر, حرم بيعها, قاتل الله اليهود", إلى آخره, إذًا ما هذا الخمر الذي باعه سمرة؟ قد يكون له فيه شبة, له فيه شبه في بيعه, إما أن يكون نبيذًا, أو باعه لبعض أهل الكتاب, أو ما أشبه ذلك, له فيه شبة, وهي حادثة عين, ليس باستمرار كما ذكره هذا الكاتب, كان يبيع الخمر, هذا فيه نظر, هذه اللفظة, إنما بلغه أنه باع خمرًا, فهي حادثة عين, الله أعلم ما هو السبب فيها, إما أنه ظن أن المحرم هو شربه, فالبيع لمن يشربه من اليهود والنصارى جائز, ظن أنه جائز, أو وهو الأقرب, يكون فيه شبة, هذا الخمر, كأن يكون نبيذًا قد تخمر, أو ما أشبه ذلك, على كلٍ قول عمر قاتل الله سمرة, قاله على سبيل الزجر, من هذا العمل, وليس على من دعا على أخيه على سبيل الزجر, دليل على أنه يسبه, أو يبغضه, فعمر بن الخطاب رضي الله عنه يحب سائر الصحابة  رضي الله عنهم, إنما قال هذا زجرًا له, على أنهم قد يطلقون كملة "قاتل الله", كلمة تجري على اللسان, ولا يريدون بها الدعاء على ظاهرها, كما يقولون: "تربت يمنك", "أو تربت يداك", وما أشبه ذلك.

* قال: فهل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رافضي لأنه سب الصحابي سمرة رضي الله عنه.

الجواب: كل هذه شبهات واهية, الصحابة رضي الله عنهم بشر يحصل من بعضهم الغضب على أخيه, أو يغير أحدهم لله سبحانه وتعالى, فيتكلم من هذا, على سبيل الزجر, لا سبيل السباب الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر», وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابن مسعود رضي الله عنه: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيءِ», فحاشاهم أن يكون على سبيل الفحش والبذاءة, وغير ذلك, وإنما هذا عبارة عن زجر, عبارة عن زجر, وليس من باب السباب الذي يجنح إليه هذا الرجل.

* قال: قدامة بن مظعون شهد بدرًا, وشرب الخمر, وح