فتاوى خاصة بالقرآن والتفسير 03

سؤال: ماحكم قول صدق الله العظيم عندما يُكمل قراءة الٌقرآن, وماحكم قوله صدق رسول الله عند أن ينتهي من قراءة الحديث؟

الجواب: هذه الأعمال محدثة لم يثبت فعلها عن السلف, ولا عن الصحابة رضي الله عنه, ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم, أنه كان إذا انتهى من قراءة القرآن يقول صدق الله العظيم, وفي الصحيحين عن ابن مسعود: «أنه سمع منه القرآن حتى إذا أتى على قوله سبحانه وتعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء: ٤١], قال حسبك قال فالتفتُ إليه فإذا عيناه تذرفان», ولم يقل له قل صدق الله العظيم، فهذا من المحدثات والبدع فلا يقول الإنسان عقب قراءة القرآن صدق الله العظيم, {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلا} [ النساء: ١٢٢], {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [النساء: ٨٧], ولكن لم يتعبدنا الله بأن نقول هذه الجملة عقب القراءة, وكذلك عند الانتهاء من قراءة الحديث, يقول صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم, يجعلها عبادة ويجعلها راتبة فهذا لا يصح، وأما إذا جاءت عارضة كأن يقول وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم, و صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم, يعني عارضة ما تُجعل راتبة عقب قراءة الحديث هذا لابأس به, فقد قال عبدالله بن مسعود حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهو الصادق المصدوق فقال صلى الله عليه وسلم: «إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا»، فإذا كانت عارضة لابأس يقولها عارضة أما أن يجعلها عبادة يقولها عقب قراءة القرآن أو عقب قراءة الحديث فلا يَصحُ ذلك, وأما قول الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [آل عمران: ٩٥], الله سبحانه وتعالى يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجادل أهل الكفر والنصارى, ويُبين لهم أن الله سبحانه وتعالى أنزل الحق, وقوله الحق, ثم أمرهم أن يتبعوا ملة إبراهيم حنيفًا, إن كانوا صادقين, وليس المراد قل صدق الله أي عقب قراءة القرآن, ولم يُذكر هذا في الآية .

سؤال: ماحكم تقطيع قراءة القرآن, مثلًا كل شخص يقرأ كلمة, إلى آخر الحلقة ويكون هذا بتعليم القراءة من القرآن؟

الجواب: لا ينبغي أن تكون مجرد كلمة, الأفضل أن تكون آية, أو نصف آية وإذا كان المقصود هو تعليم الشكلات فقط, كيف يقرأ فقط فلا بأس, وأما إن كان تعبدًا بالتلاوة فهذا أمرٌ محدث, التلاوة ما تكون على هذا الوجه, فمثلًا هذا يقرأ آية والثاني الذي بعدها حتى تنتهي السورة آية بآية إذا كان المقصود التعبد بالتلاوة فهذا الأمر محدث لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا السلف وإن كان المقصود تعليم التجويد, أو تعليم قراءة الكلمات, قراءة صحيحة, فالأفضل أن لا يكتفوا على كلمة، بل يقرأ جملة كاملة هذا أفضل .

سؤال: هل من السنة قراءة سورة قل هو الله أحد في آخر ركعة من الصلوات, لحديث: «الرجل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه أن الله يحبه», أي أنه كان يقرأ ويختم بقل هو الله أحد؟

الجواب: لا يصل هذا إلى حد السنة والمستحب, وإنما يُقال فيه من صنعه محبة للسورة فجائز, ولا يصل إلى حد السنة والاستحباب, بل المستحب أن لا يُداوم على ذلك, فالنبي صلى الله عليه وسلم وسائر الصحابة رضي الله عنهم, لم يفعلوا ذلك فأكثر أحواله أن يُقال مشروع جائز, ولا يصل إلى حد الاستحباب .

سؤال: ماحكم تقليد الأصوات في قراءة القرآن مع التكلف والمشقة الشديدة؟

الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التكلف، قال عمر رضي الله عنه في صحيح البخاري : «نهينا عن التكلف»، وقول الصحابي نهينا عن كذا وأمرنا بكذا محمول على أن ذاك عن النبي صلى الله عليه وسلم, لأن الناهي والآمر في الشرع هو الشرع من كتاب الله ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم, يقول العلماء: له حكم الرفع, نُهينا عن التكلف, ابن مسعود قال إنكارًا على من يقول بلا علم: "إذا سُئل أحدكم عن شيء لا يعلمه فليقل الله أعلم فإن من العلم أن تقول لما لا تعلم الله أعلم", إن الله سبحانه وتعالى قال لنبيه سبحانه وتعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: ٨٦], حديث: «هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون ثلاثًا» رواه مسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه, فهذا من التكلف والتنطع يشق على نفسه بتحسين صوته، يدخل في التنطع والتعمق، والإنسان يقرأ ويحسن صوته بدون تكلف, يقول الله سبحانه وتعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا}  [المزمل: ٤], «ما أذن الله لشيء ما إذن  لنبيٍ حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به» عن أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين، ومعنى ما أذن الله لشيء أي استمع لشيء، ما أذن  لنبي, أي كاستماعه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن, وحديث: «من لم يتغن بالقرآن فليس منا», جاء عن صحابي اسمه بشير بن أبي لبابة رضي الله عنه, لكن هناك ما هو أصح منه, جاء عن سعد بن أبي وقاص في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين وهو عند أبي داود وغيره وجاء في البخاري وانتقد على أبي هريرة: «من لم يتغن بالقرآن فليس منا», أعله الحفاظ, وقالوا وهم بعض الرواة في لفظه وإنما لفظه: «ما إذًا  الله لشيء ما إذًا  لنبي ...» الحديث الأول، البخاري أخرجه في بعض طرقه: «من لم يتغن بالقرآن فليس منا», وانتقده الحفاظ وقالوا وهم بعض الرواة في لفظه, وإنما لفظه عن أبي هريرة «ما أذن الله لشيء ما أذن  لنبي ...» الحديث المتقدم.

على كلٍ تحسين الصوت مطلوب, والترتيل مطلوب, ولا يتكلف الإنسان, ويكون تحسين الصوت من أجل أولًا: الأجر وامتثالًا لقوله سبحانه وتعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا}  [المزمل: ٤], مثوبة من الله سبحانه وتعالى ، ثانيا: يُدخِل على نفسه وعلى المسلمين الطمأنينة والخشوع, فالصوت الحسن يُساعد على التدبر والدليل حديث أبي موسى لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوته ثم قـــال من اليوم الثاني: «يا أبا موسى لقد سمعت قراءتك البارحة لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود»، جاءت رواية خارج الصحيح قال: «لو علمت مكانك لحبرته لك تحبيرا»، من باب تحسين الصوت لإدخال الخشوع على القارئ والسامع, والذي يدخل في الرياء من حسن صوته من أجل أن يمدحه الناس ويثني عليه الناس ويمدحونه، فلان قارئ فلان كذا من كان هذا قصده دخل في الرياء .

تقليد الصوت من غير تكلف جائز والأفضل أن يقرأ بقراءته التي تتيسر له، لكن من وافق صوته صوت قارئ من القراء ما يضر، وكثيرٌ ممن يستمع لقارئ من القراء يُعجبه صوته ما يشعر إلا وصوته يقارب صوت القارئ الذي يستمع له, هذا ما يضر بدون تكلف، والله المستعان .

سؤال: ما معنى قول الله سبحانه وتعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}  [الصف: ٥]؟

الجواب: الإنسان مأمور بطاعة الله سبحانه وتعالى, ومأمور بالإخلاص والصدق, فإذا لم يحقق الإخلاص والصدق, فالقلب إذا لم يُشغل بالخير شُغل بالشر, فهذا زيغٌ عليه، فإذا لم يقبل الإخلاص والصدق زاغ قلبه وزاده الله زيغًا بسبب عدم قبوله للحق, قال الله سبحانه وتعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}  [الأنعام: ١١٠] والسيئة تجر إلى السيئة, يقول الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}  [يونس: ٢٧], نسأل الله العافية .

سؤال: هل المراد بالآية الأولى في سورة الصافات الملائكة؟

الجواب: نعم. والصافات صفًا هذا من أوصاف الملائكة, {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا } فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا } فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} [الصافات: ١ – ٣]  وأيضًا", وكذلك قوله سبحانه وتعالى: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا } وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا } وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا } فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا } فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا}.  [النازعات: ١ – ٥], وكذلك قوله سبحانه وتعالى: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا } فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا } وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا } فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا } فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} [المرسلات: ١ – ٥], الملقيات ذكرًا الملائكة .

سؤال: كيف ذكرهم بصيغة التأنيث, والصافات وهم ذكور ليسوا إناثًا؟

الجواب: جمع باعتبار معنى جماعات الملائكة.

سؤال: قوله سبحانه وتعالى: {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: ٢٧], هل جاءت في سياق المدح أو الذم؟

الجواب: هي في صيغة الذم, والعجب أنه يستدل بها بعض الناس على أن البدعة فيها ما هو حسن, ويحول الآية على صيغة المدح, وهي صريحة في الذم, يذم أهل الكتاب ما حصل لهم من رهبانية ابتدعوها, من أجل قوله سبحانه وتعالى: {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}  [الحديد: ٢٧], قالوا رهبانية ابتدعوها, من أجل رضوان الله, وهذا فهم غير صحيح, لقوله سبحانه وتعالى: {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ}, أي لكن كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله سبحانه وتعالى, من الأعمال المشروعة, ما كتبناها عليهم هذه الرهبانية, إلا ابتغاء رضوان الله سبحانه وتعالى, فهذا يسمى في اللغة العربية استثناءً منقطعًا, فليس معناه أن الرهبانية التي ابتدعوها تكون سببًا لرضوان الله سبحانه وتعالى ، إنما المراد ما كتبنا عليهم الرهبانية, لكن كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله.

سؤال: بعض الناس إذا أكمل القراءة قَبَّل المصحف, وإذا سقط عليه المصحف أيضًا قَبَّله؟

الجواب: هذا الفعل يُترك لأنه لم يرد عن السلف رضي الله عنهم, وتعظيم القرآن بالعمل به واتباعه والتحاكم إلى الكتاب والسنة, ولاشك أن المسلم يحب القرآن, ولكن هذا ليس بلازم أن يُقبل أو يضمه إلى صدره, والله المستعان .

سؤال: هل يصل هذا الفعل إلى حد البدعة؟

الجواب:  نقول يُترك والحكم عليه بالبدعة نتوقف فيه .

سؤال: هل يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن الكريم وهي كاشفة لشعرها؟

الجواب: نعم يجوز ذلك, وليس هناك ما يمنع من ذلك, إلا أنها لا تكون عند الأجانب .

سؤال: يقول السائل هل يجوز إدخال شريط القرآن إلى الحمام؟

الجواب: الأفضل إلا تدخل الأشرطة التي فيها قراءة القرآن والمواعظ, إلى الحمامات, لقول الله سبحانه وتعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}  [الحج: ٣٢].

سؤال:  يقول في قول الله سبحانه وتعالى: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: ٤], وفي آية أخرى يقول الله سبحانه وتعالى: {يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة: ٥]؟

الجواب: قوله خمسين ألف سنة, وقوله ألف سنة, اختلف فيها المفسرين كثيرًا, والشنقيطي  رحمه الله له كلام ينقله عن أهل العلم, فيقول رحمه الله في كتابه أضواء البيان: «5/ 278»: ثُمَّ ذَكَرْنَا أَنَّ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: هُوَ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّ يَوْمَ الْأَلْفِ فِي سُورَةِ الْحَجِّ: هُوَ أَحَدُ الْأَيَّامِ السِّتَّةِ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ فِيهَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَيَوْمُ الْأَلْفِ فِي سُورَةِ السَّجْدَةِ، هُوَ مِقْدَارُ سَيْرِ الْأَمْرِ وَعُرُوجِهِ إِلَيْهِ تَعَالَى وَيَوْمُ الْخَمْسِينَ أَلْفًا، هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِجَمِيعِهَا يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَأَنَّ اخْتِلَافَ زَمَنِ الْيَوْمِ إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ حَالِ الْمُؤْمِنِ، وَحَالِ الْكَافِرِ ; لِأَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَخَفُّ عَلَى الْمُؤْمِنِ مِنْهُ عَلَى الْكَافِرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} أ هـ، ذَكَرَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ صَاحِبُ الْإِتْقَانِ.

وهناك اختلاف كثير بين العلماء, حتى جاء عن ابن عباس رضي الله عنه وبعض السلف أنهم يقولون فيها الله أعلم.

سؤال: يقول نريد منكم فوائد حول آيات المصحف وترتيبها؟

الجواب: ترتيب الآيات التي في المصحف الذي هو بين أيدينا, ترتيبها توقيفي بإجماع العلماء, بل بإجماع المسلمين, أي ترتيبها كان بوحي من عند الله سبحانه وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم, وليس باجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم, فليس هناك ترتيب من قبل الصحابة  رضي الله عنهم, يرتب آية قبل آية, عن عُثْمَانُ رضي الله عنه قال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مِمَّا يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنَ السُّوَرِ ذَوَاتُ الْعَدَدِ, فَكَانَ إِذَا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ قَالَ لِبَعْضِ مَنْ يَكْتُبُ: «اجْعَلُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي سُورَةِ كَذَا وَكَذَا» أخرجه الطبراني في الأوسط, ومما يدل على ذلك ما جاء في البخاري عن ابْنُ الزُّبَيْرِ  رضي الله عنه قال: قُلْتُ: لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} قَالَ: قَدْ نَسَخَتْهَا الآيَةُ الأُخْرَى, فَلِمَ تَكْتُبُهَا؟ أَوْ تَدَعُهَا؟ قَالَ: «يَا ابْنَ أَخِي لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ», دليل على أنه كان شيئًا توقيفيًا عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يغير شيء ولا يؤخر شيء عن شيء, وكذلك ما جاء في الصحيحين عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ البَدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ, مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ», معناه أنه كان معلومًا لديهم أن الآيتين الآخرتين من سورة البقرة هي كذا وكذا, وحديث أَبِي الدَّرْدَاءِ, أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ», إذًا ترتيب الآيات توقيفي عن نبينا صلى الله عليه وسلم عن ربه سبحانه وتعالى, ترتيب الآيات في كل سورة ليس من اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم.

سؤال: يقول هل كان ترتيب السور في القرآن أمر توقيفي أم باجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم؟

الجواب: اختلفوا في السور, هل ترتيبها اجتهادي من الصحابة, أو هو توقيفي عن النبي صلى الله عليه وسلم, ذكر الخلاف الزركشي في البرهان في علوم القرآن, والسيوطي في الإتقان, وأكثر العلماء على أن ترتيب السور اجتهادي عن الصحابة رضي الله عنه, إلا أن أكثر السور قد رتبت على عهد نبينا صلى الله عليه وسلم, ويحصل خلاف في بعض السور بين الصحابة في ترتيبها, هذا الذي عليه الجمهور وهو الصحيح في المسألة, واستدلوا على ذلك أن مصحف علي بن أبي طالب رضي الله عنه, كان مرتبًا على النزول, أولها أقرأ ثم المدثر, إلى أخره, مصحف علي بن أبي طالب رضي الله عنه, كان مرتبًا على النزول, ومصحف ابن مسعود رضي الله عنه, كان مرتبًا قالوا أولها البقرة, ثانيها النساء, ثالثها آل عمران, فترتيب السور حصل فيها اجتهاد من بعض الصحابة رضي الله عنهم, وأيضًا سورة الأنفال والتوبة, قال عثمان بن عفان رضي الله عنه, كما في معجم الطبراني الأوسط, قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مِمَّا يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنَ السُّوَرِ ذَوَاتُ الْعَدَدِ, فَكَانَ إِذَا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ قَالَ لِبَعْضِ مَنْ يَكْتُبُ: «اجْعَلُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي سُورَةِ كَذَا وَكَذَا», وَإِنَّ الْأَنْفَالَ مِنْ أَوَّلِ مَا أُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ, وَكَانَتْ بَرَاءَةٌ آخِرَ الْقُرْآنِ, فَمَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا, وَرَأَيْتُ قِصَّتَهَا تُشْبِهُ قِصَّتَهَا, فَلِذَلِكَ ضَمَمْ