فتاوى في مصطلح الحديث 01

* أسئلة علمية مفيدة في المصطلح .

سؤال: قول ابن عبد البر رحمه الله إذا أطلق الصاحب ذكر السنة فالمراد سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك إذا أطلقها غيره، يُشيرُ ابن عبد البر رحمه الله إلى أن قول التابعي من السنة كذا له حكم الرفع, قال السائل: ألا يستدل لهذا القول لما جاء في صحيح البخاري قال سالم وهو ابن عبد الله بن عمر للحجاج, إن كنت تريد السنة فهجّر بالصلاة يوم عرفة فقال ابن عمر صدق, قال الزهري فقلت لسالم  فعله صلى الله عليه وسلم, قال وهل يتبعون في ذلك إلا سنته؟

الجواب: أولًا: المسألة التي ذكرتها وهي قول التابعي من السنة كذا, أما الصحابي إذا قال من السنة كذا فله حكم الرفع عند عامة المحدثين، والتابعي إذا قال من السنة كذا فاختلفوا فيه فقال بعضهم هو موقوفٌ على الصحابي رضي الله عنه, وقال بعض أهل العلم إنما هو مرفوع مرسل، أي قصد به سنة النبي صلى الله عليه وسلم, وهو مرسل لأنه لم يُدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، والصحيح في هذه المسألة أن التابعي قد يقول من السنة هذا الفعل وهو يريد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم, وقد يقول من السنة كذا, وهو يريد أن الحكم في تلك المسألة على ذلك الوجه، يريد بذلك أن ذلك العمل من المستحبات, وقد يكون مستنده بعض العمومات, أو يكون مستنده أدلة الأخرى، فلا يمكن أن نجعله قاعدة مطلقة, أنه مرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فالأحوط في هذا ما ذكره الإمـــــام الألبــاني  رحمه الله أنه فتوى للتابعي موقوف عليه، ثم بعد ذلك قد يُستأنس به, إذا وجد بعض الأدلة الأخرى قد يُذكر مع غيره عند الاستشهاد, وأما الحديث الذي ذكرته فهو مما يدل على ما ذكرناه, أن التابعي قد يُطلق هذا اللفظ, ويريد به سنة النبي صلى الله عليه وسلم, وقد يريد به الفتوى، كقول الإمـــــام مالك: من السنة أن تفعل كذا، وقول الإمـــــام أحمد من السنة أن تفعل كذا، بل العالم ولو كان متأخرًا قد يقول من السنة أن يفعل الإنسان كذا, ويريد به سنة النبي صلى الله عليه وسلم, ولكن على جهة الفتوى, لا على جهة الرواية.

سؤال: ذكر بعض أهل العلم أن ابن بطة صاحب الإبانة رحمه الله, فيه ضعف فكيف التعامل مع كتابه الإبانة؟

الجواب: بعض من ضُعف من قِبل حفظه, اعتمده العلماء في كتبه، لأن الكتب تحفظ, والضعف إن كان من قبل سوء الحفظ, فالضبط ضبطان: ضبط صدر, وضبط كتابة, فالكتب محفوظة ومعتنى بها، فمحمول على أن سوء الحفظ كان فيما حدّثّوه من حفظهم, وأما كتبهم فمعتمدة، من ذلكم ابن بطة العكبري رحمه الله, كذلك الدولابي صاحب الكنى, وكذلك ابن وضاح, ونعيم بن حماد أيضًا, له كتب اعتمدها العلماء مع أن في حفظه شيئا, ولكن ما كان في الكتب فهو معتمد.

سؤال: هل يشترط في الحافظ أن يكون متقنًا؟

الجواب: نعم. ما يطلقون عليه حافظ إلا مع الإتقان أما إذا كان ما يتقن فما يستحق هذا الوصف, ولكن ذكروا أنه ليس من شرط الحافظ أن يعرف سرد الأحاديث واحدًا بعد الآخر, ذكر بعض أهل العلم ذلك, لا يشترط السرد يكفي أن يحفظها, ولولم يسردها ولكن غالبًا أنه يحصل السرد عند الحفاظ, ولكن ليس شرطًا فمثلًا لو حفظ الأمهات الست, ولكن لا يستطيع أن يرتب بين أحاديثها فهو حافظ, إذا فتحت عليه أول الحديث أكمله, وأتى به مع صحابيه فهذا يعتبر من الحفاظ .

سؤال: يقول السائل أيهما أحفظ لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, أبو هريرة رضي الله عنه, أم الإمام البخاري رحمه الله؟

الجواب: أبو هريرة حافظ الصحابة رضي الله عنه في وقته, والإمام البخاري إمام من أئمة الحديث في وقته, ولكن تعلمون أنه حفظ أحاديث أبو هريرة وزاد عليها أحاديث أخرى غيرها, وأختص أبو هريرة رضي الله عنه, بعدم النسيان, ففي البخاري عن أَبي هُرَيْرَةَ, قَالَ: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيثَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم,  وَاللَّهُ المَوْعِدُ إِنِّي كُنْتُ امْرًا مِسْكِينًا, أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مِلْءِ بَطْنِي, وَكَانَ المُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ, وَكَانَتِ الأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ القِيَامُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ, فَشَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ, وَقَالَ: «مَنْ يَبْسُطْ رِدَاءَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي, ثُمَّ يَقْبِضْهُ, فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي», فَبَسَطْتُ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَيَّ, فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالحَقِّ مَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ», ولكن من حيث العدد, عدد الأحاديث, لا شك أن البخاري رحمه الله حفظ أكثر, وأبو هريرة لو بلغه تلك الأحاديث كلها لحفظها, والله المستعان.

سؤال:  يقول ما معنى ما يلي, قول العلماء للمجهول لم يشتهر بالطلب في نفسه, ولا قول العلماء؟

الجواب: يعني أنه لا يكون الراوي ثقة إلا أن يعدله بعض أهل العلم, أو يشتهر بالطلب, ولم يجرحه أحد, لأنه إذا أشتهر ولم يجرحه العلماء, دل على أنهم كانوا يرضونه.

سؤال: إذا قال الحافظ في الراوي لم يذكره البخاري, ولا من تبعه فما مقصوده؟

الجواب: قد يُطلقها على أنه ما ذكره البخاري في التاريخ, ولا من تبعه كابن أبي حاتم, وآخرين ممن ألفوا في علم الرجال، ويكون الراوي في حيز الجهالة.

سؤال: هل الأثر الموقوف على الصحابي الذي فيه ضعف منجبر, كالإرسال وخفة الضبط, ونحوه, إذا جاء حديث مرفوع صحيح بمثله, أو بنحوه, هل يصحح الأثر بموجب صحة الحديث المرفوع؟

الجواب: لا، ما يصحح إلا إذا كان له حكم الرفع, فيصحح مرفوعًا, وأما أثر فيه اجتهاد صحابي, أو قول صحابي, ما يصحح الأثر عن الصحابي بالحديث, هذا موقوف, وهذا مرفوع, فلا يصحح هذا بهذا.

سؤال: ما الحكم في راوٍ تُرجم له, ولم يُذكر فيه جرح ولا تعديل؟

الجواب: إذا لم تجد له في جميع الكتب ترجمة, أو وجدته مذكورًا بدون جرح أو تعديل, فيكون حكمه الجهالة, فإن كان روى عنه اثنان فصاعدًا, فهو مجهول الحال, أو روى عنه واحد فقط فهو مجهول العين .

سؤال: هل ذو الخويصرة يكون من الصحابة رضي الله عنهم؟

الجواب: لا. ما يكون من الصحابة: ذو الخويصرة الخارجي ليس صحابيًا, لأن تعريف الصحابي: "من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به ومات على ذلك", وهذا كان منافقًا, كلامه يدل على ذلك، فلا يُعد من الصحابة رضي الله عنهم.

سؤال: ماذا يُدرس بعد البيقونية: الباعث الحثيث, أم نزهة النظر؟

الجواب: اختصار علوم الحديث أسهل على المبتدئ, من نزهة النظر، فيبدأ باختصار علوم الحديث لابن كثير, ثم بعده نزهة النظر .

سؤال: ماهي أفضل طريقة لحفظ الرواة, لاسيما رجال الشيخين؟

الجواب: أحسن طريقة كلما مر عليك إسناد في أحد الصحيحين, وأنت تعرف من هؤلاء الرجال, وما أسمائهم, وما حالهم,' وعندنا هذه الأيام الأدب المفرد للبخاري، فكلما مر عليك رجل من هذا الكتاب, تعرف تمام اسمه, وما حاله, وتقرأ اسمه كاملًا من التقريب وما حاله، ومع الأيام تثبت أسماء الرواة في ذهنك، لأن أسماء الرواة مشتركة بين الأمهات الست وغيرها، وما مر عليك في البخاري هو من رجال الأسانيد, تجده في جميع الكتب إلا النادر، الرجل الذي يمر عليك في البخاري تجده غالبًا من رجال الأمهات الست، من رجال أحمد من رجال أبي يعلى, والطبراني، إلا النادر .

سؤال: هل قول البخاري فيه نظر, ممن يحتج به أم لا؟

الجواب: لا. هذه الكلمة من البخاري لا يحتج بها, لكنهم اختلفوا هل هو تضعيف شديد, أو تضعيف يسير, أو تضعيف متوسط, فجماعة من أهل العلم عدّوها من التضعيف الشديد, قد أطلقها البخاري على أناسٍ فيهم ضعف شديد, وجماعة أيضًا عدّوها تضعيف متوسط, وأيضًا وجد نفر ليسوا بقليل كذلك أطلق البخاري عليهم: فيه نظر والتضعيف فيهم ليس بشديد, فالذي يظهر أنها لا تصنف مع التضعيف الشديد ولا مع التضعيف الخفيف, وإنما ينظر في بقية أقوال أهل العلم في الرجل, فإذا وجد كلام لهم تميز قول البخاري فيه, وإن لم يوجد إلا قول البخاري, فيظهر أنه تضعيف ليس بشديد, لأنه بالاستقراء وجد أنه أطلقها على غير التضعيف الشديد أكثر, والله أعلم .

سؤال: هل قول الحافظ في الراوي لابأس به, هل هو في درجة الاحتجاج أم الاستشهاد؟

الجواب: في درجة الاحتجاج, قول أهل العلم لا بأس به في درجة التحسين, يُقبل, هذا عليه اصطلاح المحدثين .

سؤال: ما معنى قول المحدثين في الراوي متهمٌ بالكذب؟

الجواب: يطلقونها على صنفين من الرواة: أحدهما. ما عُرف كذبه في حديث الناس, ولم يعرف كذبه في الحديث النبوي, فيقولون متهم بالكذب, والأمر الثانــي. أن يكون لا يُعرف حاله, مجهول, ولم يُعلم أحدٌ تكلم فيه, ولكنه روى أحاديث مخالفة لأصول الشريعة, فيتهم بالحديث, لأن جميع الرواة الباقين كلهم ثقات معروفون, إلا هذا الرجل فيتهمونه, يقولون متهم بالكذب , هاتان صورتان يتهمون بهما الراوي، ذكر بعضهم صورة ثالثة, وهو أن يكون عُرف عنه الفسق فيُتهم أيضًا .

سؤال: ما الفرق بين الحافـظ والإمــام؟

الجواب: الحافظ الذي حفظ الكثير من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, فيطلقون عليه حافظ، واختلفوا في تحديد عدد الأحاديث, والذي يظهر أنه ليس له حدٌ محدود, فمن كثر حفظه, ويختلف باختلاف الأزمنة والأماكن, من صار عنده من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم العدد الكبير, يطلق عليه الحافظ, وليس حفاظ هذا العصر كحفاظ القرون الثلاثة المفضلة، في مثل هذه الأيام لو حفظ الأمهات الست يطلق عليه حافظ .

 أما الإمـــــــام فهو أرفع بلا شك, ما يطلق عليه الإمـــــــام في الدين حتى يكون صار عنده الدرجة الكبيرة في الفقه, والحديث, وفي التفسير, وصار أيضًا مُفتيًا للناس يأخذون بفتواه, ويرجعون إليه, وأيضًا يرشدهم في نوازلهم فهذا إمام من الأئمة، ولا يشترط أن يكون من الحفاظ, ولكن غالبًا أنهم يجمعون مع ذلك الحفظ.

سؤال: من هو عمرو بن شعيب الذي يروي عن أبيه عن جده, وما حال هذه السلسلة؟

الجواب: هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبدالله بن عمرو بن العاص : عن أبيه يعني شعيب: عن جده عبدالله بن عمرو بن العاص، فالمقصود بالجد الضمير عائد على شعيب: جد شعيب وهو عبد الله بن عمرو بن العاص، هذا هو الصحيح في هذه السلسلة, وهي متصلة بالسماع فإن شعيبًا قد سمع من جده عبدالله بن عمرو بن العاص, ويدل على أن المقصود بجده عبدالله بن عمرو على الصحيح من أقوال المحدثين, أنه قد صُرح في أسانيد كثيرة يقول فيها شعيب, أو يقول فيها الراوي عن جده عبدالله بن عمرو بن العاص, فتبين أن الضمير في قوله عن جده هو عبد الله بن عمرو، وعن أبيه المراد به شعيب وهي سلسلة حسنة، والله المستعان؟

سؤال: هل شيخنا مقبل رحمه الله ضعف هذه السلسلة .

الجواب:  لا. لم يضعفها, وكان يحتج بها, وقد أورد أحاديث من هذه الطريق في دلائل النبوة, وفي الجامع الصحيح في القدر, وإنما تحرز في الصحيح المسند أكثر, فلم يخرج هذا الطريق كما صنع البخاري ومسلم فلم يخرج من هذه الطريق, لوجود شيء من الاختلاف فيها, فتحرز منها كما تحرز منها صاحبا الصحيح فقط, فتابع البخاري في صنيعة، أخرج البخاري السلسلة في الأدب المفرد وفي كتبه الأخرى, ولم يخرجها في الصحيح, وصنع الشيخ كصنيعه  رحمه الله.

سؤال: هل في الصحيحين أحاديث ضعيفة؟

الجواب: فيها أحاديث يسيرة جدًا, ضعفها بعض الحفاظ الآخرين، قد بينها أهل العلم، لأن الكمال لكتاب الله سبحانه وتعالى, لكن أجمع العلماء على أن الكتابين أصح الكتب المصنفة, وإنما وجد فيها شيء يسير قد بينه العلماء, وأجمع العلماء على تلقي قبول أحاديثهما, إلا التي انتقدت فقط، إذًا ما لم ينتقده الحفاظ المتقدمون فلا يتجرأ المتأخر على تضعيف شيء فيها, لأنه مخالف لما أجمع عليه العلماء: وقد سكتوا عن بعض الأحاديث, فكون المتأخر يأتي يقول فيه عنعنة فلان, وفيه ضعف من قِبل حفظه, هذا خطأ, لأنه أولًا: الشيخان يتحرون, ثانيًا: تابعهم بقية الأئمة, ما أحدٌ انتقد الحديث من المتقدمين, فخطأ أن يأتي المتأخر في هذا الزمان ويضعف أحاديث لم يُسبق إلى تضعيفها .

سؤال: هل يجوز أن يطلق على فتاوى العلماء المرجوحة, أو التي رجعوا عنها, يقال عنها منسوخة, وهل يُشنع على من قال ذلك؟

الجواب: الذي اشتهر اصطلاح العلماء بالنسخ في الأدلة الشرعية, {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: ١٠٦], ويُقال رجع عن هذا القول، فالذي ينبغي أن يطلق النسخ على ما جاء فيه, والعلماء أيضًا ما أطلقوا على أقوال العلماء إذا رجعوا نسخ الأول: يقال رجع عنه : ومن قال هذا العالم نسخ قوله الأول, قاصدًا المعنى اللغوي, فينصح بترك العبارة, وأما أن يُشنع عليه لهذا اللفظ, ويقال أتى ببدعة, أو أحدث في دين الله, فهذا ما يصلح: إذا أراد المعنى اللغوي ما يصل إلى هذا الحد، ولكن يقال له عدل العبارة أفضل, لأن العلماء يقولون رجع، والنسخ صار له اصطلاحٌ خاص بالأدلة الشرعية والله المستعان .

سؤال:  يقول السائل لو قال العلماء أن بعض الرواة مجهول, هل المراد أنه مجهول الحال أم مجهول العين؟

الجواب: السلف يطلقونه على مجهول الحال, ومجهول العين, جاء عنهم أنهم يطلقونه على هذا وعلى هذا.

* فائدة حول تضعيف الحديث وتصحيحه:

سؤال: إذا وجد حديث فيه ضعف منجبر, وحديث آخر صحيحٌ لذاته, أي إسناده صحيح, هل يرتقي الحديث الضعيف إلى الصحة, أم يكون حسنًا لغيره؟

الجواب: يرتقي إلى الصحة, لأن شاهده بنفسه صحيح, فيُقال: صحيحٌ لغيره مباشرة ,يرتقي إلى الصحة مباشرة, لأن شاهده صحيح بذاته, فيُقال الحديث صحيح بشواهده, وإنما يرتقي إلى الحسن فقط, إذا كان الحديث ضعيفًا وجاءت طريق أخرى ضعيفة, فالضعيف مع الضعيف يرتقي إلى الحسن, ويسمى حسنًا لغيره, وأما إن يكون شاهده صحيحًا فهذا يرتقي إلى الصحة, فإن كان شاهده حسنًا لذاته, فبعضهم يقول جيد, ولابأس أيضًا أن يحكم له بالصحة إذا رأى شخص, أن يحكم له بالصحة, لا ينكر عليه وبعضهم يطلق عليه جيد.

سؤال: هل تفرُد الثقة بالحديث, أو بلفظة من الحديث, يعتبر شذوذًا؟

 

الجواب: تفرُد الثقة بحديث بأكمله, إن كان هذا المتفرد حافظًا ثقةً, ممن يحتمل تفرده, ولم يرو ما يُخالف أحاديث الناس, فروايته صحيحة, وتفرده مقبول عند أهل العلم, ويحكمون عليه بالصحة أو بالحسن على حسب حفظه, وإن كان هذا الرجل ممن لا يُحتمل تفرده ,كأن يكون عنده بعض الوهم, أو بعض الأخطاء, فمثل هذا يحكمون عليه بالشذوذ, وهو لم يخالف, يحكم عليه الأئمة بالشذوذ, أو بالنكارة, ولو لم يخالف, فبمجرد تفرده بحديثٍ لم يروه أحدٌ من المحدثين, وفي حفظه شيء, يكون تهمة في حفظه, فيقول المحدثون تفرد بما لا يحتمل تفرده, لا يُحتمل منه هذا التفرد, وإذا تفرد بزيادة في حديثٍ عن سائر الثقات, فيُنظر إلى من زادها, وإلى من لم يزدها, فإن تساويا في الحفظ قبلت, وإن كان الذي زادها أحفظ وأوثق, كذلك تُقبل, وإن كان الذين لم يزيدوها أحفظ وأكثر عددًا, فالزيادة تُعتبر شاذة, ويحكم عليها بالشذوذ أو بالنكارة, ولأهل العلم قرائن أخرى للترجيح بين الرواة .