الفتاوى المنهجية 02

سؤال: هل يجب إتمام المندوب بالشروع فيه, وهل يترك المندوب إذا صار شعارًا لأهل البدع؟

الجواب: السؤال على فقرتين:

الفقرة الأولى: هل يجب إتمام المندوب بالشروع فيه؟  لا يجب إتمام المندوب بالشروع فيه, ولكن أيضًا الخروج منه بدون أي سبب يعتبر إساءةً, ولا يخلوا من كراهةٍ شديدةٍ, فمثلًا شرع يصلي الضحى ثم يخرج منه بدون أي سبب, الكراهة شديدة, لأنه قد شرع في العبادة فلا يبطلها بدون عذر، ولا يُؤمن عليه الإثم لما فيه من عدم تعظيم شعائر الله، لا يؤمن عليه من الإثم، وبعض المستحبات يجب إتمامها بالشروع فيها, كعمرة التطوع والحج التطوع, قال الله سبحانه وتعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦], فمن شرع فيه وجب عليه الإتمام، العبادات الأخرى كصيام التطوع, وصلاة التطوع, وما أشبهها من العبادات, إذا ترك ذلك بحيث يكون تركها مبطلًا لها لا يخلوا من كراهة، فإن كان استهتارًا, عدم مبالاة في العبادة, يدخل في التحريم, لأنه ليس فيه تعظيم لشعائر الله سبحانه وتعالى, وإن لم يكن هناك استهتار, وإنما تكاسل أو فتر عن الصوم, أو تكاسل عن العبادة، فإذا كان له عذر, فلا حرج عليه كصوم التطوع, إذا فتر عنه, وجد التعب فيجوز له أن يفطر، وأما صلاة التطوع فلا يخلوا من كراهة شديدة, لأنه ليس فيها مشقة, ويستطيع أن يجلس, إذا وجد الشدة جلس، بقي بعض الأعمــــال التي تركها لا يبطل ما تبقى منها, كقراءة القرآن يريد أن يقرأ الجزء فيقرأ نصفه ثم يترك، الصدقة يريد أن يتصدق ثم يترك, فهذا حتى وإن شرع ببعضه فلا يلزمه الإتمام, وبعضهم يقول من تلبس بالعبادة وجب عليه الإتمام, وهذا ليس على إطلاقه, يستدلون بقوله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣], فالمقصود بالآية أن الإنسان لا يبطلها بالمن, لا يبطلها بالرياء, لا يبطلها بالشرك, لا يبطل عمله, وقد يُستدل بعمومها أيضًا على أنه ما يبطل بدون عذر, كما تقدم في الصورة التي ليس له فيها أي عذر, ثم يُبطل الصوم أو يبطل الصلاة بدون أي مبالاة بالطاعة, هذا فيه استهتار وقد يدخل في التحريم كما تقدم، بقي حديث استدل به المالكية, «قال يا رسول الله هل علي غيرها أي الصلوات الخمس قال: لا إلا أن تطوع»، قال بعض المالكية: معناه لا. لكن إذا تطوعت وجب عليك إتمامها, فحملوه على أنه استثناء متصل من جنس الواجبات، والصحيح أنه استثناء منقطع, قال لا. لكن إلا أن تطّوع, هنا بمعنى لكن لك أن تطوع, بدليل الأدلة الأخرى: «خمس صلوات في اليوم والليلة, قال لا أزيد على هذا ولا أنقص قال أفلح إن صدق»، دخل الجنة إن صدق وما أشبه ذلك من الأدلة .

سؤال: ما ضابط المصلحة المرسلة؟

الجواب: المصالح المرسلة مقصودهم بها, أي أن ذلك الأمر بعينه لم يأتِ فيه نصٌ بالعمل به, ولا نصٌ بالتحذير منه, ولكن دلت الأدلة العامة على أنه فعل خيرٍ, وفيه مصالح للإسلام والمسلمين, ولم يأتِ في تلك المسألة بعينها نصٌ في فعلها أو تركها, وزاد شيخ الإسلام رحمه الله قيدًا جيدًا كما في اقتضاء الصراط المستقيم وهو أن لا يكون مقتضاها موجودًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم, ومع ذلك تَرك العمل, فلا يكون المقتضي لها موجودًا ومع ذلك لم يفعله, فيدل على أنه تركه قصدًا، مثال ذلك جمع القرآن في المصحف كما جمعه عثمان رضي الله عنه، كتابته في مصحف واحد, وقبل ذلك كتابته في الصحف, وجمع القرآن كما جمعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه بمشاورة عمر بن الخطاب  رضي الله عنه ، هذا الأمر لم يأتِ نصٌ عليه هو بنفسه بالأمر به, أعني أن الله سبحانه وتعالى أو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نجمع القرآن, ولم يأتِ نص في النهي عنه, فسمي مرسلًا يعني أنه أرسل هذا الأمر بعينه, لسنا مأمورين فيه بعينه بشيء لا بإثبات ولا بنفي, سمي مرسلًا.

أي أطلق لنا هذا الأمر, لكن من حيث النظر إلى المصلحة العامة للإسلام والمسلمين: يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}  [الحجر: ٩], قال عمر بن الخطاب  رضي الله عنه: "يا أبا بكر إن القتل قد استحر بالقراء وإني أخشى أن يذهب القرآن, فإني أرى أن تجمع القرآن, قال كيف نفعل شيئًا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم, قال والله هو خير, قال فما زلت أراجع أبابكر الصديق رضي الله عنه, قال أبو بكر فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، فدعيا زيد بن ثابت وقالا إنك رجلٌ شاب عاقل لا نتهمك, وكنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وذكرا له أن القتل قد استحر بالقراء, وقد اجتمع رأيهما على جمع القرآن, قال كيف تفعلان شيئًا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم, قالا هو والله خير, قال فما زالا يراجعاني حتى شرح الله صدري لذلك, فبعد ذلك تتبع القرآن يجمعه حتى جمع كاملًا فكان عند أبي بكر ثم عند عمر فلما مات عمر كان عند حفصة  رضي الله عنها"، فهذه مصلحة عظيمة تدل الأدلة العامة على أن الذي عملاه مصلحة عظيمة للإسلام وللمسلمين, حفظ الله سبحانه وتعالى بهما كتابه، فهذا من حفظ الدين، هذا معنى المصلحة المرسلة, والتقييد الذي ذكره شيخ الإسلام مهم وهو أن لا نعلم من الحال, أن النبي صلى الله عليه وسلم تركه عمدًا، كما في تسوية الصفوف بالخطوط, النبي صلى الله عليه وسلم كان قادرًا على أن يصنع الخطوط, وأن يفعل الحبال وتركها، فدل هذا على أنه ما يصلح أن يقال هذه مصلحة مرسلة, لأن الواقع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قادرًا أن يضع ذلك ومع ذلك اكتفى بتسويتهم بمحاذاة الأعقاب والمناكب, والأمر بذلك ويحصل فيه اجتهاد في تسوية الصفوف فيحصل الأجر بذلك, فلا يصلح أن يعد ذلك في المصالح المرسلة, وهو ما عبر عنه شيخ الإسلام بأن ما كان مقتضاه موجودًا ولم يفعله, فالمقتضي موجود, وهو اعوجاج الصفوف, والقدرة عليه موجودة وهي الحبال والخطوط موجودة في عهده صلى الله عليه وسلم, ومع ذلك لم يفعل ذلك صلى الله عليه وسلم, فهذا هو السنة.

سؤال: ما حكم أخذ الجنسية الأمريكية أو غيرها من الجنسيات؟

الجواب: الجنسيات الكافرة لا يجوز للمسلم أن يتجنس بها, أولًا: تكثيرٌ لسواد الكافرين ولا يجوز ذلك, وثانيًا: ينسب نفسه إليهم والله سبحانه وتعالى قد أعزه بالإسلام, ثالثًا: هم يشترطون عليه الموالاة لهم والمناصرة لهم ولا يجوز للمسلم أن يلتزم هذا الشرط, يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}  [المائدة: ٥١], ويقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} [النساء: ١٤٤],ويقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [الممتحنة: ١], ويقول الله سبحانه وتعالى: { لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: ٢٢], والآيات كثيرة في التحذير من موالاة أعداء الإسلام ومناصرتهم, فلا يجوز للمسلم أن يلتزم على نفسه ذلك، وعلى هذا فأخذ الجنسية يعتبر محرمًا .

سؤال: إذا تكلم الشخص في حاكمٍ مسلم, غير حاكم دولته هل يُعتبر هذا خروجًا, ويكون ممن يدعوا إلى الفتنة؟

الجواب: نعم ما يجوز أن يتكلم في حكام المسلمين, سواء في دولته أو غير دولته، ولكن يُدعا لهم بالصلاح, فبصلاحهم صلاحٌ لبلاد الإسلام, يدعا لهم بالصلاح, والكلام لا فائدة فيه, وربما يأخذه عنك الخوارج, ويأخذه عنك أيضًا من يسبب الفتنة, وتكون أنت الذي أظهرت هذا الشر .

سؤال: يقول السائل ما حكم المظاهرات؟

الجواب: المظاهرات تشبه بأعداء الإسلام, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ», وخروج على ولاة الأمور, وفيها مفاسد أخرى تعلمونها, ربما حصل قتل, وربما حصل اختلاط, وربما حصل تعدي على أموال الناس, وهذا كله من المحرمات.

سؤال: إمام مسجد في مدينةٍ في تونس, يخالط أصحاب المظاهرات, والفكر التكفيري, وهو عامي لم ينصحه أحد, يريد بناء, يكون تبعًا للمسجد لكي يسكن فيه, فما حكم المساعدة, وبذل الأموال لبناء هذا البيت؟

الجواب: ينصح هذا الرجل حتى يجتنب هؤلاء الناس, اللذين عندهم الفكر التكفيري, والمظاهرات وغيرها, فإذا انتصح وابتعد عن مخالطتهم, يعان, وإن لم ينتصح فلا يعان, يقول الله سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: ٢].

سؤال: يقول السائل ذكرتم أن ما كان شعارًا للمبتدعة يستحب مخالفتهم فيه, فما هو الضابط فيه, فإنهم قد يتخذون بعض واجبات الدين شعار لهم؟

الجواب: الكلام ليس على الواجبات ولا المستحبات, بل أمور مباحة فقط, أو مكروه علموا بها, أما المستحبات والواجبات هي من شرعنا, ونحن مأمورون بها, حتى وإن فعلها المبتدعة, فلا يجعلنا نترك ما أمرنا به الشرع على وجه الإلزام, أو على وجه الاستحباب, وإنما الكلام على ما اتخذوا شعارات من الأمور المباحة, أو الأمور المكروه, فلا شك أننا نتركها, أما إذا كانت محرمة, فهذا لا إشكال فيه, يجب علينا تركه, فمثلًا مما صار من شعار المبتدعة في هذه الأيام, من لبس العمائم السوداء, عرف عن تنظيم القاعدة المبتدعة, فينصح بتركه, لا سيما إذا كنت في مكان قد أشتهر عندهم هذا الأمر, فنعم نتركه, الباس الباكستاني, صار يلبسه تنظيم القاعدة, فيترك, مع أنه من الألبسة المباحة, ولكن يتركه الإنسان, لأنه صار من شعار المبتدعة, الصناديق التي صار يجمعون فيها الأموال في المساجد, أصل صندوق مباح, ولكن هذه الطريقة علمت عن المبتدعة والمتحزبين, فيترك ذلك, وما أشبه ذلك من الأمور التي علمت عنهم, الحث على جمع التبرعات في المساجد باستمرار, ولكن لو فعل نادرًا, كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم, فلا بأس به, ولكنهم صاروا يفعلونه دائمًا, وما أشبه ذلك.

سؤال: تحذير الأماجد من فكر تنظيم القاعدة وما حلوه على الأمة من المفاسد؟

الجواب: جاء في مسلم عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ, قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ, فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ, حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ, فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا, فَقَالَ: «مَا شَأْنُكُمْ؟, قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً, فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ, حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ, فَقَالَ: «غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ, إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ, فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ, وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ, فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللهُ إِلَى عِيسَى: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي, لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ, فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ», هذا الحديث فيه أن الإنسان إذا كان في حال لا قدرة له على قتال الكافرين, ما معه إلا أن يبتعد عن فتنتهم, ولا يتكلف ما لا طاقة له به, لا يتكلف المسلم فيما لا طالقة له به, وله عذره عند الله سبحانه وتعالى في عدم قدرته, في حال قوة الكافرين وضعف المسلمين, يجب عليهم أن يدعوا الناس إلى التوحيد, ويعلمونهم الإسلام حتى تقوى شوكة المسلمين, ثم يجاهد الكفار, أما أن يتطاول بعض الناس, ويريد أن يقف أمام الكافرين على ضعف شديد, هذا يجلب على المسلمين الويلات والفساد, نبينا صلى الله عليه وسلم كان مستضعفًا بمكة ما أذن له في الجهاد, حتى هاجر إلى المدينة وقوية شوكته وزاد المسلمين, فأنزل الله سبحانه وتعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: ٣٩], إذًا في حالة ضعف المسلمين وعدم القدرة على الوقوف أمام الكافرين, يصبر ويعلم الناس أمور دينهم, أما أن يتجرأ شخص بما لا طالقة له به, ما يسبب الفساد إلا على نفسه وعلى المسلمين, كما يصنع أصحاب تنظيم القاعدة الآن, عندهم حماس وعندهم غيرة على الدين, كثير منهم عنده حماس وعنده غيره, لكن ما عندهم علم ويفسدون أكثر مما يصلحون, يذهب ويفجر, يريد أن يفجر شخصًا أو شخصين من الكافرين, فيسبب الدبور على البلاد كاملًا, وأعداء الإسلام يستغلون مثل هذه المواقف, فيقتلون المسلمين, ويهجمون على بلدانهم, يستحلون أراضيهم, وديارهم, وأموالهم, بمثل هذه الأفعال الهزيلة المخالفة للأدلة الشرعية, ثم ما أكتفوا بذلك, حتى تجرأوا على المسلمين, بحجة أنهم ما يكفرون الكافرين, أو أن الحكام يوالون الكافرين, فكفروا الحكام, ثم كفروا جميع من يعمل مع الحكام, جميع الجنود كفروهم, وجميع الدوائر الحكومية كفروهم, وهذا ضلال منهم, يجب عليهم أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى, وأن يلازموا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, يقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نزلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: ٤٣ – ٤٤], إلى جانب أن المسلمين في ضعف, كيف تتجرأ, والمسلمين ما عندهم القوة, والله سبحانه وتعالى يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: ٦٠], ما عندهم القوة التي يستطيعون أن يواجهوا بها أعداء الإسلام, هذه كلمة حق, إضافةً إلى ما عندهم من المعاصي والبعد والاختلاف والتفرق وغير ذلك, لكن لو اجتمع المسلمون أولًا على الكتاب والسنة, واعتصموا بحبل الله سبحانه وتعالى, ونصبوا لهم إمامًا واحدًا, واجتمع المسلمون كلهم على إمامٍ واحدٍ, تقوى شوكتهم بإذن الله سبحانه وتعالى, إذًا الطريق السليم تعليم الناس التوحيد, تعليمهم كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وحثهم على الاجتماع على إمامٍ واحدٍ, وتحذيرهم من التفرق, من تفريق المسلمين إلى عدة عدة دول, ثم إلى دويلات, ثم إلى محافظات, ثم إلى أقاليم وغيرها, يحذر المسلمون من ذلك, حتى يجتمعوا على كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, فتقوى الشوكة ويستطيعون أن يقفوا أمام الكافرين, أما على الضعف, فلا ينبغي للمسلم أن يتجرأ مع الضعف, إنما يسبب على نفسه الإهانة والذل وسفك الدماء, وغيره, وانظروا ما حصل في سوريا, ولا شك أن رئيسهم نصيري, والنصيرية كفار, وعندهم من الأفكار المخالفة لدين الإسلام ما هو معلوم, لكن ما عندهم قدرة, ما كان عندهم قدرة على إزالته, فانظروا إلى ما صاروا, فلا بد من الأخذ بنصائح العلماء الربانيين, علماء أهل السنة والجماعة, الذين يعلمون الأمور وعواقبها, يقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: ٨٣], الشاهد أن المسلمين إذا كانوا على ضعف يصبرون, ويقبلون على التعليم, حتى تكون لهم شوكة وقوة على الجهاد, فيجاهدون أعداء الإسلام, هذه هي الطريقة الصحيحة, والتي سلكها النبي صلى الله عليه وسلم, وأمره الله سبحانه وتعالى بذلك, فمكث في مكة يدعو الناس إلى التوحيد دعوةً, ولم يقاتل حتى إذا كانت له قوة, ومكنة, وأرض وغير ذلك, أذن الله سبحانه وتعالى له بالجهاد, قد علم الناس والعامة مفاسد تنظيم القاعدة, من لم يتبصر بالأمر, أهو حلال, أم حرام, ينظر إلى مفاسده, وما حصل من المفاسد في أبين, وتنزيح الناس, وقتل أناس أبرياء, وهدمت المنازل, وغير ذلك, هذا كله من آثار ذلك, وما حصل في ميدان السبعين من قتل أناس أبرياء, هذا معلوم, وقد قتل نحوًا من مائة رجل, وجرح نحو ثلاثمائة رجل, والله المستعان.

سؤال: يقول درست عن حزب الإصلاح, ثم أديت القسم على المصحف, بأن أكون معهم حتى الموت؟

الجواب: أولًا: القسم على المصحف ليس من السنة, أن يضع يده على المصحف, أو على داخل المصحف, هذا من المحدثات, ليس من السنة, ثانيًا: النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ, فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا, إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» عن أبي موسى الأشعري في الصحيحين, وجاء بنحوه عن عدي بن حاتم وأبي هريرة في مسلم, فيأتي الذي هو خير, ويكفر عن يمينه, فيلتزم بالسنة, يبتعد عن الحزبية, ويكفر عن يمينه.

سؤال: يقول بعض الجمعيات يدرسون القرآن مع التلقين للنساء, فما نصيحتكم فيمن يأخذ نسائه لهذه الجمعيات من أجل التلقين؟

الجواب: إن كان نساء يتلقين عن نساء فيجوز, أن تتلقي القرآن امرأة عن امرأة, أما إذا كانت تتلقي القرآن عن رجل فلا خير في ذلك, هذا يؤدي إلى الفساد, ينصح بترك ذلك, هذا النظر إلى مسألة التلقين, أما بالنظر إلى أن هؤلاء عندهم حزبية, فيبتعد عنهم, هو ما ذكر, لكن إن كان النساء الآتي يدرسن عندهن تحزب فيبتعد.

سؤال: ما حكم من يذهب إلى مساجد الحزبيين, من أجل حسن أصواتهم؟

الجواب: الحزبيون ما يهتمون بالقارئ الذي يتقن الأداء, ربما يقدم من كان صوته حسن ولو لم يتقن الأداء, في مسند أحمد عَنْ عُلَيْمٍ, قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عَلَى سَطْحٍ مَعَنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم, قَالَ يَزِيدُ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَبْسًا الْغِفَارِيَّ, وَالنَّاسُ يَخْرُجُونَ فِي الطَّاعُونِ, فَقَالَ عَبَسٌ: يَا طَاعُونُ خُذْنِي, ثَلَاثًا يَقُولُهَا, فَقَالَ لَهُ عُلَيْمٌ: لِمَ تَقُولُ هَذَا؟ أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ فَإِنَّهُ عِنْدَ انْقِطَاعِ عَمَلِهِ, وَلَا يُرَدُّ فَيُسْتَعْتَبَ», فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «بَادِرُوا بِالْمَوْتِ سِتًّا: إِمْرَةَ السُّفَهَاءِ, وَكَثْرَةَ الشُّرَطِ, وَبَيْعَ الْحُكْمِ, وَاسْتِخْفَافًا بِالدَّمِ, وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ, وَنَشْوًا يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ يُقَدِّمُونَهُ يُغَنِّيهِمْ, وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُمْ فِقْهًا», والشاهد هو قوله: «وَنَشْوًا يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ يُقَدِّمُونَهُ يُغَنِّيهِمْ, وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُمْ فِقْهًا», فأهل السنة يقدمون الأقرأ لكتاب الله سبحانه وتعالى, حتى ولو لم يكن من أحسنهم صوتًا, والله المستعان.

سؤال: أخٌ سلفي وجد يمشي مع الحزبيين, ويأكل معهم, ويشتغل معهم, ويقول أنا أنصحهم فما حكم ذلك؟

الجواب: هذا خطأ, لو حصل عارضًا مرة, أو بعض الحالات نعم, قد يُقبل منه ذلك, أما وهو معهم, ويعمل معهم, ويأكل معهم, فهذا خطأ واضح, وهذا مآله إلى إن يكون منهم إن لم يكن منهم, «المرء على دين خليلة فلينظر أحدكم من يخالل» رواه أبوداود عن أبي هريرة  رضي الله عنه, وهذا سيمرض قلبه بمجالستهم, إن لم يصبح معهم, سيمرض قلبه .

سؤال: يقول هل يجوز لرجل أن يصلي بالناس وهم له كارهون؟

الجواب: إن كانت كراهيتهم له بدون حق, فيجوز له أن يصلي بهم, أن كانت كراهيتهم له بدون حق, مثلًا رجل يدعو الناس إلى الخير, يدعو الناس إلى أن يأخذوا بالكتاب والسنة, يحذرهم من عبادة غير الله سبحانه وتعالى, يحذرهم من التصوف, يحذرهم من سب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأصحبوا يبغضونه فهنا لن يبغضوه بحق, لا يحوز لهم أن يبغضوه, أو إنسان يعلم الناس الخير, فقال بعض الناس هذا ضيع نفسه, ما عنده عمل, ما عنده وظيفة, فأصحبوا يبغضونه ما لهم حق في ذلك.

 

أما إذا كان البغض بحق, فلا يجوز أن يصلي بهم, وهو كأن يكون رجلًا فاسقًا, ظالمًا يظلم الناس, أو فاسقًا يبغضه الناس, يؤذي جيرانه, يعق والدية, وهكذا أيضًا يسبب المشاكل بين الناس, أو رجل ٌ مفتون ببدعة, أو حزبية, هذا مبغوض عند الناس, فإذا صلى بالناس فصلاته صحيحة, ويأثم على ذلك, عن أَبَي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ: العَبْدُ الآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ, وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ, وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ».