فتاوى في الجمع بين الأدلة من الكتاب والسنة 01

سؤال: ما الجمع بين الآيتين, قال الله سبحانه وتعالى في قصة هود عليه السلام: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَة} [الْحَاقَّةُ: 7], وقول الله سبحانه وتعالى: {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ}  [الْقَمَرِ: 19]؟

الجواب: لا تعارض, فإنه لم يقصد بقوله: {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ}, أنه يوم واحد, إنما أراد جنس الأيام, والآية الأخرى مبينة أنه أستمر عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيام.

سؤال: يقول: حديث رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ, وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا, وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ», هل التفريق في المضاجع, بين الأخ وأخيه من النسب, وإذا كانوا دون هذا السن فلا تفرقه بينهم, وهل الأمر للوجوب, أم للاستحباب؟

الجواب: نعم. ظاهر الحديث هذا, يفرق بينهم في المضاجع, إذا بلغوا هذا السن, والأفضل أن يفرق بينهم حتى من قبل هذا السن, لكن الواجب التفرقة بينهم إذا بلغوا هذا السن في المضاجع, وظاهر الأمر للوجوب, عند أن يبلغوا ذلك السن, وقبله يستحب, وظاهر الحديث أنه في الأخوة, أما الوالد وولده ما يدخل في هذا.

سؤال: يقول السائل هل الرجل الذي يمس ذكره وهو متوضأ بدون قصد, هل يبطل الوضوء؟

الجواب: الراجح عندنا أنه ما ينقض الوضوء, سواء قصد أو لم يقصد, وإنما يستحب الوضوء, جمعًا بين الحديثين, حديث «من مس ذكره فليتوضأ», وحديث «إنما هو بضعة منك», فالجمع بينهما أن الأمر للاستحباب, ومن باب أولى إذا كان بدون قصد, ليس عليه وضوء.

سؤال: يقول ما الجمع بين الحديثين, حديث: «كفي ببراقة السيوف على رأسه فتنة», وحديث: «للقبر ضمة لو نجى منها أحد لنجى منها سعد بن معاذ»؟

الجواب: هذا غير الفتنة, الفتنة هي سؤال الملكين, ولم يرد في الحديث الثاني أنه سأل, فالفتنة شيء, والضمة شيء آخر, الفتنة هي سؤال الملكين من ربك وما دينك ومن نبيك؟ وأما الضمة فهي في حق المؤمن: "عبارة عن رفع درجات, وكفارات ذنوب, مثل الأمراض التي كان يصاب بها في الدنيا", وفي حق الكافر: "تعتبر عذاب عليه, كما في مصائب الدنيا, أيضًا تعتبر عذابًا عليه", فهي ما تعتبر عذاب ولا فتنة, وإنما هي رفع للدرجات, وهذا ما ذكره الذهبي رحمه الله, وهو من أحسن ما قيل في ذلك, أنها محمولة على أنها شدة على هذا المؤمن يزداد بها فضل.

سؤال: قول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ} [آل عمران: ٩٠], ما الجمع بينها وبين الأحاديث التي فيها: «أن الله يقبل توبة من تاب»؟

الجواب: الآية واضحة أنها في حق أُناسٍ استمروا علي كفرهم, ثم ازدادوا كفرًا, لن تُقبل توبتهم, أي ماتوا على الكفر, فلا يقبل الله سبحانه وتعالى منهم يوم القيامة صرفًا ولا عدلًا، هذا أحسن ما قيل في تفسير الآية أنها محمولة على من استمر على كفره حتى مات، وقيل في تفسيرها: لن تُقبل توبتهم أي في الدنيا, أي في حق أناس علم الله سبحانه وتعالى منهم الإصرار والكفر والله سبحانه وتعالى لا يوفقهم إلى التوبة, لن تقبل توبتهم, أي لن يوفقهم الله سبحانه وتعالى للتوبة، يستمرون في كفرهم وطغيانهم يعمهون، وأما من تاب توبة صادقة ناصحة بشروطها الشرعية, فتوبته مقبولة, قال سبحانه وتعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ} [الأنفال: ٣٨], حتى وإن ارتد مرة أخرى, ثم تاب توبة ناصحة فيقبل الله توبته .

سؤال: ما الجمع بين حديث أبي جمعة عند الإمام أحمد أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو عبيدة بن الجراح فقال: «يا رسول الله أحد خيرًا منا, أسلمنا معك, وجاهدنا معك, قال نعم: قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني»، وحديث أبي عبد الرحمن الجهني عند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وقد سئل: «أرأيت من رآك وآمن بك وصدقك, قال: طوبى له, ثم قال: أرأيت من آمن بك وصدقك واتبعك, ولم يرك, قال: طوبى له ثم طوبى له ثم طوبى له»، ما الجمع بين هذين الحديثين وبين حديث: «خيركم قرني ثم الذين يلونهم» وحديث: «لا تسبوا أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهب ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه»؟

الجواب: التفضيل المذكور في حديث أبي جمعة, وفي حديث أبي عبد الرحمن الجهني, من حيثية واحدة, وهو أن الإيمان بالغيب أفضل من الإيمان بالشهادة, من آمن وأيقن في ظهر الغيب, أفضل ممن آمن وأيقن مع المشاهدة والمعاينة, فالمتأخرون أفضل من هذه الحيثية, أي من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يره, أفضل بهذه الحيثية ممن آمن به مع الرؤية, ولكن لا يدل على التفضيل من كل جهة, بل فضيلة الصحبة للنبي صلى الله عليه وسلم لا تعادلها هذه الفضيلة, الصحبة وأعمال البر، ونصرت النبي صلى الله عليه وسلم, والهجرة معه, والجلوس معه صلى الله عليه وسلم, والذب عنه ,كل هذا لا يُساويه ما ذُكر من الفضيلة, في حديث أبي جمعه وأبي عبد الرحمـن الجهني، والمفضول قد يكون أفضل من الفاضل في بعض الحيثيات, ولا يدل على أنه أفضل من جميع الجهات .

سؤال: ما الجمع بين حديث ابن عباس في الصحيحين: «ويأتي النبي وليس معه أحد», وحديث: «ما بعث الله نبيًا إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يهتدون بهديه ويستنون بسنته»؟

الجواب: الجمع بينهما أن الحديث الثاني عام والحديث الأول مخصِص, أو مُبين للحديث الأول, أي أنه أراد به الأغلب, ولم يُرد به العموم، إنما أراد الأغلب، وقد ثبت أيضًا في صحيح مسلم أيضًا عن أنس أن نبيًا من الأنبياء لم يُصدقه من أمته إلا رجلٌ واحد، وحديث ابن عباس: وليس معه أحد، إذًا هذه تكون حالات خاصة, والحديث الآخر يُراد به الأغلبية، محمول على الأغلبية.

سؤال: ما الجمع بين قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ} [غافر: ٥١], وحديث: «ويأتِ النبي ومعه الرجل والرجلان, ويأتِ النبي وليس معه أحد»؟

الجواب: النصر قد يكون بأن يمكن الله سبحانه وتعالى نبيه من قومه, وقد يكون نصره إياهم بتبليغ الحجة, وإبلاغهم كلمة الحق, فينصره الله سبحانه وتعالى عليهم حيث أدى الحجة. وأقام الحجة التي بلغها الله سبحانه وتعالى إياه، هذا احتمال, واحتمال أيضًا: أن يكون قُتل فكان ذلك نصرًا, أراد الله الفرج عليه, لأن بعض الأنبياء قتلوا, ويكون العاقبة له بإرسال نبيٍ آخر, أو ما أشبه ذلك، أو تكون النصرة في الحياة الآخرة, ينصره الله سبحانه وتعالى في الحياة الدنيا, ويوم يقوم الأشهاد, ,فلا شك أنه منصور, سواء انتصر بالغلبة عليهم, أو نصرًا بإقامة الحجة عليهم, أو كذلك يُتم الله له نصره, بأقوامه الذين آمنوا به، أو ببعثة نبي آخر, أو رسولٌ آخر, والله أعلم .

سؤال: ما الجمع بين حديث أنس في مسند أحمد والدارمي: «أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم ألا أصنع لك منبرًا, وفيه أنه صنع له منبرًا يخطب عليه», وفي حديث سهل بن سعد في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة: «انظري غلامك النجار يصنع لنا منبرًا»؟

الجواب: الجمع بينهما يحمل على أنه هو نفسه أولًا عرض على النبي صلى الله عليه وسلم أن يصنع المنبر, ثم بعد وقت أرسل النبي صلى الله عليه وسلم أليه, أو كلم المرأة بأن تأمر الغلام أن يصنع المنبر، فالقصة واحدة, ابتدأ ذلك وعرض على النبي صلى الله عليه وسلم, ثم أرسل للمرأة يأمرها بذلك, فلا إشكال بينهما .

سؤال: هل طُعن في حديث الجساسة, ولما؟

الجواب: حديث الجساسة في صحيح مسلم عن فاطمة بنت قيس, ولا نعلم أحدًا من المحدثين أنكره أو أعله, وحديث الجساسة فيه أنه صلى الله عليه وسلم جاءه تميم الداري وأخبره أنه رأى الدجال في جزيرة من الجزر, فليس مطعونًا فيه, من المتأخرين, والشيخ العثيمين رحمه الله أعله لمخالفته لحديث: «أرأيتم ليلتكم هذه فإنه على رأس مات سنة لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد», ولا معارضة بين عامٍ وخاص, حديث عام ويخصص منه الدجال، ما طعن فيه من حيث الجهة الإسنادية, وإنما بالمعارضة، والمعارضة هنا ممكن الجمع, لا معارضة بين الحديثين، الحديث في مسلم برقم«٢٩٤٢».

سؤال: كيف نجمع بين حديث جابر في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لسنا ننوي إلا الحج, لسنا نعرف عمرة»، وبين حديث عائشة في الصحيحين قالت: «فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بحج»؟

الجواب: الجمع بينهما أن عائشة ذكرت ما آل إليه الأمر, ذكرت آخر الأمرين, وجابر بن عبدالله ذكر أول الأمرين، أول الأمر خرجوا من المدينة ما يريدون إلا الحج, فلما كان بعد ذلك, أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعمرة, وأمر من كان ساق الهدي أن يبقى بحج وعمرة، هذا أحد الجمعين، وهناك جمعٌ آخر أن جابرًا ذكر ما يعرف عن نفسه, وعن من يعرف أنهم ما كانوا ينوون إلا الحج، وأناس آخرون كانوا يريدون العمرة والحج أو اختلفوا في الإهلال منهم من قرن ومنهم من أهل بالحج, ثم أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يفسخها إلى عمرة، والأظهر أن عائشة رضي الله عنها ذكرت ما آل إليه الأمر الأول, فالجمع الأول أقرب .

سؤال: ما الجمع بين قول الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ}  [الرعد: ٣٦], وقوله سبحانه وتعالى عن قارون: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}  [القصص: ٧٦]؟

الجواب: وأزيدك آية وهي قوله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ٥٧ – ٥٨], فالفرح المشروع هو الفرح بنعمة الله والتحدث بها, {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: ١١], فهذا فرحٌ مشروع وقد قال الله سبحانه وتعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ } وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ}  [الحاقة: ٢٥ – ٢٦], وقال الله سبحانه وتعالى: {وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} [الانشقاق: ٩], فالفرح الشرعي ما كان سرورًا لنعمة دينية, أو دنيوية, يفرح الإنسان بذلك, وأما الفرح المنهي عنه, لقول الله سبحانه وتعالى: {لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} [القصص: ٧٦], فرح أشرٍ وبطرٍ وكبرٍ وافتخارٍ وخيلاء, فما صاحبه هذه الأمور, فهذا هو المنهي عنه.

سؤال:  يقول ما حكم حديث: «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا, إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ», وما الجمع بينه وبين حديث: «لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ, فَإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ»؟

الجواب: الحديث حسن, والجمع هذا الحديث ليس من الدهر, هذا بيان أن الدنيا ليس فيها خير على صاحبها, إلا ما كان مما ذكر في الحديث, وليس هذا بسب للدهر, وإنما بيان لحال الأمر, كما إذا قال الريح اليوم شديدة, هذا لا يعبر سبًا للدهر, أو يقول الجو حار جدًا, أو ما أشبه ذلك, فهو حكم بما فيه.

سؤال: يقول السائل جاء في حديث أن الدجال: «يخرج من قبل أصفهان» والحديث الذي ذكرته: «خلة بين الشام والعراق» فكيف الجمع بينهما؟

الجواب: ذكرنا وقد جاء في صحيح مسلم عن فاطمة بنت قيس أنه: «يخرج من قبل المشرق», والجمع بينها أنه يخرج من قبل المشرق, ثم يمر بتلك الطريق, خلة بين الشام والعراق, أي خارجًا, أي آتيًا من تلك الجهة.

سؤال: يقول كيف الجمع بين: «قتل المسيح ابن مريم», وبين: «أنه لا يجد ريح طرفه كافرٌ إلا مات»؟

الجواب: الجمع بين ذلك أن المسيح الدجال فقط هو الذي يبقى حتى يقتله في دمه. أراد الله سبحانه وتعالى ذلك, أنه لا يموت حتى يقتله بسيفه, قال: «فيريهم دمه في سيفه», وأما بقية الكفار فيموتون حين يجدون ريحه, ويكون عام مخصوص.

سؤال: يقول السائل ما الجمع بين حديث: «اللهم إني أعوذ بك من الفقر», وحديث: «اللهم اجعل رزق آل محمد قوتًا»؟

الجواب: قوله: «اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا» أي بما يكفيهم ويسد به حاجتهم, وهذا هو الفرق, وقوله: «اللهم إني أعوذ بك من الفقر» فرق بين الفقر الذي لا يجد معه شيء, ويجد معه الجوع, وبين الإنسان يجد حاجته, ما دام يجد حاجته فهو بخير وبركة, فيكون الخير في عدم الغنى وعدم الفقر الذي يسبب لصاحبه الحاجة والضرر, كما جاء في الحديث: «اللهم إني أسألك القصد في الغنى والفقر».

سؤال: يقول السائل ما الجمع بين حديث: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة أن تغتسل بفضل الرجل, أو الرجل بفضل المرأة, وليغترفا جميعًا», وحديث: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة»؟

الجواب: قبل أن نذكر الجمع, المراد بفضل المرأة, أي ما تبقى في الإناء من الماء بعد غسلها, وفضل الرجل أي ما تبقى في الإناء بعد غسله, وهذا بعد أن يغترف منه, فهذا يعتبر فضل, والحديث حمل العلماء النهي فيه للتنزيه, لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد اغتسل بفضل ميمونة, فالحديث ليس للتحريم, وإنما من باب الأفضل, أن يترك ذلك.

سؤال: يقول ما الجمع بين حديث أنس: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَنَفَّسُ ثَلاَثًا», وحديث أَبِي قَتَادَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَتَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ»؟

الجواب: حديث أنس المراد به يتنفس في شربه, أي يشرب ثم يتنفس قليلًا. ثم يشرب, ثم يأخذ نفسًا, ثم يشرب, ثم يأخذ نفسًا, فالرواية الثانية كان يتنفس في الشراب ثلاثًا, أي يأخذ نفسًا فلا معارضة.

سؤال: ما الجمع بين حديثين, حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما,  قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلاَثَةٍ: فِي الفَرَسِ, وَالمَرْأَةِ, وَالدَّارِ», وحديث عُرْوَةَ بْنِ الجَعْدِ البارقي, عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ» وكلاهما متفق عليه؟

الجواب: المراد أن الله سبحانه وتعالى قد يجعل شؤمًا في هذه الثلاث, فالإنسان إذا ابتلي بخيلٍ صعبٍ, أتعبه, ولا ينافي أنه في نواصيه الخير إلى يوم القيامة, ولكن بعض الخيل يكون صعبًا, يتعب صاحبه, كل حين وهو يسقط منه, أو ينفر منه, أو يشرد عليه فيتعبه, هذا هو المقصود منه, وليس المقصود أن كل الخيول على هذا الحال.

سؤال: يقول السائل حديث عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ, أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ, وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا, وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم,  وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ, فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ, فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ, مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَلْعَنُوهُ, فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ», إنكار النبي صلى الله عليه وسلم بسبب أنه يحب الله ورسوله, وحديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ, يَقُولُ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْكَعْبَةِ عند البزار وغيره: «لَعَنَ اللَّهُ الْحَكَمَ وَمَا وَلَدَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ», وحديث: «اللهم من لعنته أو شتمته أو سببته, فاجعلها عليه زكاةً, وأجرًا»؟

الجواب: أحسن ما يحمل عليه هذه الأحاديث, أن اللعن هنا هو لعن سباب, وليس لعن طرد وابعاد, لأن السباب يطلق عليه لعن في اللغة, والدليل حديث: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ, إِنِّي أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ, إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ, فَأَيُّمَا عَبْدٍ جَلَدْتُهُ, أَوْ شَتَمْتُهُ, أَوْ سَبَبْتُهُ, فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً وَقُرْبَةً» عند أحمد في مسنده, فأكثر الروايات بلفظ سببته, شتمته, وجاءت رواية بلفظ: «لعنته»