فتاوى الطهارة 03

سؤال: يقول الأخ نريد منكم توضيح صفة المضمضة والاستنشاق, وأيهما يخرج قبل إخراج الماء, أم الانتثار؟

الجواب: تقدم معنا في صفة الوضوء, أن النبي صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنشق من كفء واحد, يفعل ذلك ثلاثًا, فيتمضمض ببعض الماء, ثم يستنشق ببقيته, ثم يمج الماء في فمه, ثم يخرجه, ثم يمضمض الماء في فمه ثم يخرجه, ثم ينتثر بيده اليسرى, لأن جميع الأحاديث وردت ببداية المضمضة قبل الاستنشاق, كما جاء في حديث, عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ، عند أن سأل عَنْ وُضُوءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَتَوَضَّأَ لَهُمْ وُضُوءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم, «فَأَكْفَأَ عَلَى يَدِهِ مِنَ التَّوْرِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ، ثَلاَثَ غَرَفَاتٍ» متفق عليه, وجاء في حديث ابن عباس في البخاري وفي حديث عثمان بن عفان  رضي الله عنهم في الصحيحين وغيرهم.

سؤال:: يقول إذا وقعت نجاسة أثناء الوضوء, هل يلزمه الإعادة؟

الجواب: النجاسة تزال ولا يلزم الإعادة.

سؤال: يقول الأخ كيفية النضح, هل يضع الماء في اليد, ثم يبلل الثوب؟

الجواب: نعم يمكن هكذا, أو يأخذ الماء ويرشه على الثوب.

سؤال: يقول هل ثبت في الدعاء عقب الوضوء, اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين؟

الجواب: لم تثبت الزيادة, والذي ثبت في صحيح مسلم أن عُمَرُ بن الخطاب رضي الله عنه قَالَ لعقبة بن عامر رضي الله عنه: قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ - أَوْ فَيُسْبِغُ - الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ».

سؤال: يقول الإنسان يغتسل ثم يمسح عورته, فيبطل الوضوء من أجل أن يتوضأ؟

الجواب: تقدم معنا أن مس الذكر لا يبطل الوضوء على الصحيح, وإنما يستحب الوضوء, ولو كان يرى أنه يبطل, فيجوز له ذلك, فيجوز له ذلك, وليس هناك ما يمنع ذلك.

سؤال: يقول السائل هل مس العورة بدون حائل يبطل الوضوء؟

الجواب: هذه مسألة تقدمت معنا, جاء حديث عن بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» أخرجه أبو داود وهو صحيح, وجاء في مسند أحمد عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ، فَلْيَتَوَضَّأْ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأْ», فهذه الأحاديث فيها الأمر بالوضوء لمت مس ذكره, أو المرأة تمس فرجها, ولكن جاء في حديث طلق بن علي عند أحمد وأبي داود, قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيَتَوَضَّأُ أَحَدُنَا إِذَا مَسَّ ذَكَرَهُ؟ قَالَ: «إِنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ أَوْ جَسَدِكَ», فيدل على أن الأمر ليس للوجوب وإنما هو للاستحباب, وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله,  والله أعلم, فليس من النواقض.

سؤال: يقول هل يجوز المسح على الخف والجورب الذي هو قصير ويغطي الكعب؟

الجواب: نعم. إذا تجاوز الكعب يجوز المسح عليه.

سؤال: يقول هل يجوز أن يقول عند الوضوء, بسم الله, وهو داخل الحمام؟

الجواب: نعم يجوز أن يقولها, ويخفض صوته, ليس موضعًا لذكر الله عز وجل, لكن البسملة لا بد منها.

سؤال: يقول الأخ هل يصح مسح الجوربين إذا كان تحت الكعبين؟

الجواب: المسح ما يكون إلا على ما جاوز الكعبين, لأنه لا يطلق عليه خفًا إلا إذا جاوز الكعبين, إذا غطى الكعبين يصير خفًا, والدليل هو حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما في الحرم، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ؟ فَقَالَ: «لاَ يَلْبَسُ القَمِيصَ وَلاَ السَّرَاوِيلَ، وَلاَ البُرْنُسَ، وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ، وَلاَ وَرْسٌ، فَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ» متفق عليه, إذًا لا يمسح على الجوارب والخفاف إلا إذا جاوزت الكعبين, ما الدليل على مسح الجوارب؟ الجورب يطلق على الخرق, جاء عند أحمد عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمُ الْبَرْدُ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَكَوْا إِلَيْهِ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْبَرْدِ, فَأَمَرَهُمْ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ», العصائب المراد بها ما يعصب على الرأس, والتساخين المراد بها ما يسخن القدم, ويشترط أن يلبسهما على طهارة, ومدة المسح للمقيم يوم وليلة, وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن.

سؤال: يقول هل يجوز للشخص أن ينام وهو على جنابة, ويأتي بأذكار النوم وهو على ذلك الحال؟

الجواب: في الصحيحين عن عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ أنه، سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَرْقُدْ وَهُوَ جُنُبٌ», فتوضأ وضوئك للصلاة ثم نم, ولو لم تغتسل, فلا بأس, ولو نام على غير وضوء, فليس عليه أثم, ولكن يكره له ذلك, وأما الأذكار فلا بأس أن يقولها على حاله.

سؤال: امرأة في رجلها جرح وعليها شاش, فكيف تتوضأ, وكيف تغتسل؟

الجواب: الرباط يمسح عليه, وقد ثبت عن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما, كما في مصنف ابن أبي شيبة ومصنف عبد الرزاق, بإسناد صحيح, أنه جرح في أصبعه: "فربط عليها وكان يمسح عليها", وعلى هذا جمهور أهل العلم, المسح على الرباط, وفيه شبه بالعمامة, الجمهور على المسح على الرباط, بقي إذا لم يكن عليه رباط, إن استطاع أن يمسه بالماء, ولو بمسح خفيف, مسح عليه مسحًا خفيفًا, وإن لم يستطع, فيتيمم لما فاته من موضع الجرح, بعد وضوئه, يتوضأ ويتيمم لما بقي, يقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التَّغَابُنِ: 16], وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ», والغسل أيضًا, تغتسل لجميع جسمها, وموضع الرباط تمسح عليه, فلا بأس.

سؤال: القصة البيضاء هل هي نجسة؟

الجواب: هي مخرجها من مكان قد يصحبه شيء من النجاسات فينصح بغسل ما يصيبه منها, وأما هي نفسها, فليس عندنا دليل على نجاستها, وأما الوضوء منها, فهي من الأحداث, تتوضأ منها, فإن كان ينزل منها السائل باستمرار, فتتوضأ عند كل صلاة.

سؤال: يقول هل المضمضة لا تكون إلا مع الاستنشاق, أم يجوز أن يفصل كلٍ منها على حدة؟

الجواب: السنة أن يصل بين المضمضة والاستنشاق, فيأخذ كفًا من ماء يتمضمض ببعضه, ويستنشق بالآخر, الوصل بين المضمضة والاستنشاق هو السنة, كما في الصحيحين من حديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الأَنْصَارِىِّ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - قَالَ قِيلَ لَهُ تَوَضَّأْ لَنَا وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فَدَعَا بِإِنَاءٍ فَأَكْفَأَ مِنْهَا عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثَلاَثًا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاَثًا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا فَغَسَلَ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا كَانَ وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»,  هذه هي السنة, أما الفصل فلم يثبت في حديث صحيح, وإن كان وضوؤه صحيح, لكنه خالف السنة, أعني إذا فصل.

سؤال: يقول هل يدخل الوضوء تحت الغسل المستحب؟

الجواب: إذا اغتسل الأنسان غسلًا مستحبًا كغسل النظافة, أو غسل التبريد, أو غسل الجمعة, فينبغي علي أن يتوضأ للصلاة, لأنه مأمور لرفع الحدث في الصلاة, ورفع الحدث يكون بالوضوء, فيتوضأ الإنسان مع غسل الجمعة, ويتوضأ مع غسل التبريد واجب عليه الغسل, أما غسل الجنابة فلا يجب معه الوضوء لكنه يستحب, فغسل الجنابة يرفع الحدثين الأكبر والأصغر, لقوله عز وجل: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦], ويكون الوضوء في حقه مستحب وأفضل, والله المستعان, إنما الأعمال بالنيات, وغسل الجنابة إذا كان يوم الجمعة, أجزئه ذلك.

سؤال: قد يقول قائل لماذا يجزئه, وغسل الجمعة واجبٌ منفردٌ, وكما أن الأنسان لا يصح أن يصلي اربع ركعات وينوي بها ظهرًا وعصرًا؟

الجواب: عن ذلك أن غسل يوم الجمعة وجب لعلة, وهو كونه يحضر الجمعة عن اغتسال وعن تطهر, ولذلك النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أَتَى الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ», كانت الفائدة من الغسل أنه يحضر الجمعة عن طهارة وعن نظافة, وقد حصل ذلك بالنية مع ذلك الغسل.

سؤال: يقول السائل رجل قام من الليل, وقبل أن يدخل يديه في الوضوء غسلها ثلاثًا خارج الإناء, ثم قضاء حاجته, هل يلزمه أن يغسل يديه بعد الاستنجاء مرة أخرى؟

الجواب: إذا كان قد غسلها قبل قضاء الحاجة, وقبل الاستنجاء يكون قد طبق الحديث, فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث, بقي عليه إذا توضأ فيستحب له غسل يديه ثلاث مرات, استحبابًا فقط وليس واجبًا, لان النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ: «غسل يديه ثلاثًا».

سؤال: يقول مس ذكر الطفل عند تغسيله هل ينقض الوضوء؟

الجواب: لا. لا ينقض الوضوء, لأنه جاء في الحديث: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ، فَلْيَتَوَضَّأْ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأْ», وأما مس ذكر الطفل فلا ينقض الوضوء على الصحيح وقد وجد خلاف في المسألة.

سؤال: يقول بعد أن أقضي حاجاتي, أتوضأ للصلاة فأشعر بخروج بماءٍ, وأظن أنه بول, وقد يكون غير ذلك, فما الحكم؟

الجواب:  إن كان سلسل بول يحصل لك بتكرر, فعليك أن تنضح بشيء من ماء على المكان الذي تخرج إليه قطرات من البول, وذلك إن شاء الله يقوم بإزالة النجاسة, وإن كان يتكرر عليك, "فالمشقة تجلب التيسير", وليس عليك إعادة, ليس عليك إعادة الوضوء, وإن كان يحصل نادرًا فننصحك بإعادة الوضوء, وأما إذا كان غير ذلك كأن يكون مذيًا, أو وديًا, فحكمه حكم البول, وأما المني فهو معروفًا عند الناس, يكون خروجه بتدفق وشهوة, فهو مميز, والله المستعان.

سؤال: يقول كيف يغتسل المسلم  غسلًا  شرعيًا من أوله إلى آخره؟

الجواب: الغسل الشرعي, هو أن يبدأ كما فعل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم, يبدأ فيغسل كفيه ثلاثًا, ثم يغسل ما أصابه من أذى في فرجه وفخذيه وما أشبه ذلك, ثم يتوضأ وضوئه للصلاة, ثم يغسل شعره ويدخل أصابعه في أصول شعره حتى يبلل بشرته, فإذا استكمل وأروى بشرته يفيض الماء على رأسه ثلاثًا, ثم يغسل سائر جسده يبدأ بالجهة اليمنى ثم بالجهة اليسرى, هذا هو الغسل الأفضل, والواجب في الغسل تعميم الجسد بالماء, وإذا كان غسل جنابة, أجزئه بالنية عن الوضوء, وإذا كان غسلًا للتبرد أو للنظافة, فيجب عليه أن يتوضأ, وينوي الوضوء فلا بد من ذلك, ولا يجزئه ذلك عن الوضوء, إلا إذا نوى وأتى بأعضاء الوضوء كاملة.

سؤال: يقول هل يقول دعاء الفراغ من الوضوء, في التيمم؟

الجواب: الحديث جاء في الوضوء, فالظاهر أنه في الوضوء, لأنه صلى الله عليه وسلم قال: «من توضأ فأسبغ الوضوء».

سؤال: يقول إذا مكث من به سلسل البول في الحمام لمدة خمس دقائق, حتى تذهب القطرات, فما الحكم؟

الجواب:  هذا دخل عليه الوسواس, وشق على نفسه, وتنطع في الدين, جاء في مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» قَالَهَا ثَلَاثًا, فهذا من التنطع, ومن التعمق في الدين, منهي عنه, وهذا باب وسواس على نفسه, لكن يتبول حتى إذا انقطع غسل وانصرف, ولا يبقى ينتر ذكره, ويشدد على نفسه بذلك, هذا من الوسواس, فربما تحرك في الحمام وحرك جسده حتى تخرج منه القطرة والقطرتان, وربما ربط له حبلًا في الحمام حتى يتعلق به ويخرج ما بقي من الأذى والقطرات, هذا من التنطع, كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية مثل ذلك كمثل الضرع, ضرع البقرة, إذا تركته قر, وإذا سحبته در, فما تزال على هذا حتى تسبب على نفسك الأمراض, وأنت تنتر وتخرج قطرة, وتنتر مرة أخرى وتخرج قطرة, وتسبب على نفسك المرض والسلس الدائم, ولكن إذا تركته قر مثل الضرع, الضرع إذا تركته وقفت الحلب فلا يخرج اللبن, وإذا حلبته خرج.

سؤال: يقول رجل كان على جنابة, ونوى أن يغتسل قبل الجمعة, للجمعة والجنابة, نوى قبل أن يغتسل, فلما ذهب ليغتسل, نسي أن ينوي الأمرين, كان على نية الجمعة فقط؟

الجواب: باشر الغسل بنية الجمعة فقط, عليه غسل الجنابة, ما يجزئه, إنما الأعمال بالنيات, والآن وقت مباشرة العمل لم يكن ناويًا, كان ناويًا الجمعة فقط, وإن نوى غسل الجنابة فقط أجزئه, ما يضر, لأنه ارتفع عنه الحدث وصار طاهرًا, ويجزئه عن الجمعة, فهو من حيث الطهارة والإجزاء يجزئ, لكنه ما يؤجر مثل الذي اغتسل للجمعة والجنابة, ما نوى غسل الجمعة, لكن الطهارة حصلت, مثل الذي يتوضأ وترك الغسل وذهب يصلي الجمعة, الصلاة صحيحة؟ نعم الصلاة صحيحة, وغسل الجمعة وإن كان واجبًا, لكن ليس وجوبه لرفع الحدث, ولكن وجوبه لإزالة الأذى والريح والتنظف والتطيب.

سؤال: هل يلزم من كان جنبًا في الجمعة غسل واحد للجنابة والجمعة, أم يلزمه غسلين للجنابة والجمعة؟

الجواب: يلزمه غسل واحد وينوي به الغسلين, أي بنية الغسلين, لأن غسل الجمعة معقول المعنى, المقصود به إزالة الأذى والتنظف وهو حاصل, وقياسهم ذلك على العبادات, قالوا هل يكفيك أن تصلي أربعًا تنوي بها الظهر والعصر؟ هذا قياس مع الفارق, لأن الظهر عبادة منفصلة, والعصر عبادة أخرى, ولا يجتمعان, والله أعلم, وكذلك الصوم أيضًا, إنسانٌ عليه قضاء, فهل يصوم رمضان الآخر بنية رمضان الأول, ورمضان الآخر هل يصلح ذلك؟ ما يصلح.

سؤال: يقول ما حكم غسل العينين, الباطن والظاهر, في الوضوء والغسل؟

الجواب: أما غسل ظاهرها فيجب, ولا يتم غسل الوجه إلا بغسل العينين, وأما إدخال الماء إلى باطنها, فلا يلزم, بل فيه مشقة ربما توقع على نفسك الحرج, جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان في غسل الجنابة يدخل الماء إلى عينيه, وقال العلماء لا يلزم ذلك, ولكن اجتهد رضي الله عنه في ذلك, حتى يقولون أنه تأثر بذلك وعمي في آخر عمره رضي الله عنه.

سؤال: يقول ما حكم الرذاذ إذا وقع على الجسد؟

الجواب: كأنه يقصد رذاذ البول, أو قطرت يسيرة, الشيء اليسير الرذاذ وغيره, لا بد من التنزه عن البول, قدر الاستطاعة قل أو كثر, وما لا يدرك بالعين المجردة, ما رأيته, {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦], ما تقول هناك أكيد قطرات خفيفة ما ترى في العين, هذا يفتح على نفسك باب الوسواس, وتكلف نفسك ما لا تطيق, تكلف نفسك ما لا تطيق, فما رأيته وما كان ظاهرًا تجتنبه, وإذا رأيت شيءٌ من القطرات وقع على ثوبك, على نعلك, على جوربك, فتغسله, أو تنضح عليه قليلًا من الماء لإذهاب الرذاذ, وإذا كان شيءٌ لا يرى وإنما توقعات, يقول لا شك أنه ربما طارت أشياء قليلة مع الهواء, لا تفتح على نفسك باب وسواس, وهذا باب شرٍ على نفسك, {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨], وربما حتى إذا حصل شيءٌ من الآثار التي لا ترى في العين, عفا عنها الشرع, لأنه ربما بمجرد حركة يسيرة تتطهر بالهواء, أشياء يسيرة جدًا, تتطهر بالهواء وبالريح وبالشمس وبالمشي, فتطهر بإذن الله عز وجل, قد ذكر بعض الفقهاء قالوا مثل ذلك مثل الذباب, الذباب يقع على الغائط ثم يقع على ثوبك, الآن عندما يقع على الغائط أرجله تقع على النجاسة, ثم يطير بعدها إلى ثوبك, إذًا تنجس الثوب أم لا؟ ما تنجس, مع أنه يقينًا الذباب كان على الغائط, ثم بعدها مباشرة وقع على الثوب, فهذا مما يشق, ومما عفا عنه الشرع, وقال الفقهاء الأخرون قالوا أثناء طيرانه تجف أرجله, أثناء الطيران تجف الرجلين, فيقع على الثوب وقد صار جافًا ما ينتقل, وعلى كلٍ هذه الأمور تعتبر فتح باب وسواس, وهذا تنطع وتعمق في الدين.

سؤال: يقول ما حكم من يصاب بمرض السلس وكلما هم بالصلاة, هل يعيد صلاته, أم يكتفي بنضح الماء؟

 

الجواب: هذا السؤال يتكرر كثيرًا, والأمر فيه يسيرٍ, لكن من وسواس الشيطان يتلاعب بالناس فيتعبهم, فيخرج القطرة أو القطرتان, والأمر فيه يسير, إن كان يميز القطرة إلى أي موضع تخرج, نضح عليها قليلًا من الماء, حتى تختلط القطرة والقطرتان مع الماء ولا تنجس ثوبه, فليس عليه أن يطيل البقاء في الحمام, ولا عليه أن يشد من نفسه, أو ينتر ذكره, ولا يفعل شيئًا من هذا, يتبول تبولًا طبيعيًا, ثم إن ميز المكان الذي تخرج فيه القطرة نضح قليلًا من الماء فيه, حتى تختلط بالماء ولا تنجسه, وأما الوضوء فيكفيه وضوء واحد, سواء خرجت في حال وضوئه, أو خرجت في حال صلاته, أو في المسجد, أو في أثناء مشيه, ما يضر, قد توضأ وضوءً صحيحًا, وهذا المرض ليس حدثًا طبيعيًا, وإن كان لا يميز المكان الذي تخرج فيه, قد تخرج إلى هنا أو إلى هنا أو إلى مكان بعيد, أو يحسبها في مكان وتخرج في مكان آخر, فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها, فلا يلزمه حتى النضح, يترك النضح, والقطرة أو القطرتان, تطهر إن شاء الله مع الريح, الله عز وجل يقول: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥], والله عز وجل يقول في كتابه العزيز: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}  [الحج: ٧٨], اطمئن وكـأنك لست بمصاب بهذا المرض, خرج أو لم يخرج, افعل هذا واطمئن به, وإن شاء الله يذهب عنك هذا الوسواس, ولا يصيبك بعد هذا الوسواس ولا الهم ولا الغم ولا شيء, وإذا فتحت على نفسك باب الوسواس, أتعبك الشيطان, أتعبك تعبًا شديدًا, فهذا الذي تفعله, والأمر فيه يسير جدًا, ومتى يصير محدثًا؟ إذًا أحدث حدثًا طبيعيًا, بول معتاد, أو حدث طبيعي, فعند ذلك تعيد الوضوء.