فتاوى في الصلاة 17

سؤال: يقول الأخ إذا دخل الرجل والمؤذن يؤذن ليوم الجمعة, أو صلاة الجمعة, هل يسمع المؤذن أو يصلي الركعتين؟

الجواب: إذا شرع المؤذن في الأذان, فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ المُؤَذِّنُ» متفق عليه, فالأقرب أنه يردد الأذان, ولا سيما والخطيب لم يشرع في الخطبة, وحتى ولو شرع الخطيب في الخطبة, فقد خصص بمخصصات كثيرة, منها صلاة الركعتين, ومنها الكلام مع الخطيب, فالصحيح في المسألة أنه يردد الأذان ولا يفوت على نفسه الأجر العظيم الحاصل بترديد الأذان ومتابعة المؤذن, فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ أَحَدُكُمْ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، ثُمَّ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ" رواه مسلم إذا كانت هذه الأمور من القلب دخل الجنة, وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» رواه مسلم فأجر عظيم, فالصحيح ترديد الأذان, ثم بعد ذلك يشرع في صلاة السنة, ولو بدأ الخطيب بالخطبة لا بأس عليه, ولا يجب أن يبدأ بالصلاة مباشرة, بل يصلي بعد المتابعة.

سؤال: ما حكم السجود في سورة السجدة إذا قرأت في فجر يوم الجمعة؟

الجواب: يجوز السجود, والأقرب ترك ذلك, لأن النبي صلى الله عليه وسلم حافظ على قراءة السجدة في فجر الجمعة, ولم ينقل عنه بإسناد صحيح أن سجد فيها.

سؤال: يقول ما حكم من أغمض عينيه في الصلاة حتى يزداد خشوعًا؟

الجواب: إغماض العينين في الصلاة ليس من السنة, لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أغمض عينيه في حال الصلاة, ولا عن الصحابة رضي الله عنهم, وقد كان النبي صلى في خميصة لها أعلام, فنضر إليها نضرة شغلته عن الصلاة, ولم يغمض عينيه صلى الله عليه وسلم, فعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلاَمٌ، فَنَظَرَ إِلَى أَعْلاَمِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ، فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلاَتِي» متفق عليه, وقد كان أهداها له, وما قال سأغمض عيني, صلى الله عليه وسلم, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الحَائِطِ، فَلَمْ أَرَ كَالخَيْرِ وَالشَّرِّ», وهذا في حال الصلاة, عند أن صلى صلاة الكسوف, فرآها صلى الله عليه وسلم, ففي الصحيحين عن أبي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ», وفي مسلم  عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ», فكيف يصنع إذا كان مغمض العينين, فهذا خطأ, وكذلك في البخاري عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، قَالَ: قُلْنَا لِخَبَّابٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ؟، قَالَ: نَعَمْ، قُلْنَا: بِمَ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَاكَ؟ قَالَ: «بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ», يرونه يقرأ, وهذا يدل على أنهم ما كانوا يغمضون أعينهم, فإغماض العينين ليس من السنة, وإذا وجد ملهيات وزخارف يتخذ مكان للصلاة ليس فيه ملهيات, بحيث أنه ما يشغل, والصلاة صحيحة, لكن ليس العمل من السنة.

سؤال: يقول ما حكم من قال إن إغماض العينين في الصلاة أفضل, والأجر فيه أعظم, فما حكمه؟

الجواب: يقع في البدعة, إذا فضل إغماض العينين على سنة فتح العينين, فقد وقع في البدعة, إذا تعبد لله بإغماض العينين.

سؤال: يقول من كان في مكان والمهيات من كل جهة فأغمض عينيه, ما استطاع أن يصلي إلا بذلك؟

الجواب: هنا يرجى أن يكون لا بأس به في هذه الحالة, يكون هذا العمل جائز فقط, والأفضل الترك, ويجاهد نفسه.

سؤال: يقول ما حكم من يترك صلاة الظهر إلى الساعة الثانية بعد الظهر, إذا كان في عمل ضروري؟

الجواب: يقول الله عز وجل: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}[النساء: ١٠٣], وفي مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم  رَجُلٌ أَعْمَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ، فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى، دَعَاهُ، فَقَالَ: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَجِبْ», فيجب عليه إذا سمع النداء إن يذهب إلى الجماعة, وإن حصل تأخر في بعض الأوقات لعذر شرعي, أو لظرف شرعي, فلا بأس بذلك, ما يزال الوقت باقيًا, وأما إن كان العمل مستمرًا, كالدراسة وما أشبه ذلك, فهذا يقع في المعصية, لتركه للجماعة, لأن الجماعة في المساجد واجبة.

سؤال: يقول ما معنى الكفت الذي نهي عنه في الحديث, وهل هو للتحريم؟

الجواب: في مسلم  عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعٍ، وَلَا أَكْفِتَ الشَّعْرَ، وَلَا الثِّيَابَ، الْجَبْهَةِ، وَالْأَنْفِ، وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَالْقَدَمَيْنِ», والمراد به عند العلماء أنه لا يصلي وهو على ذلك الحال, وهو مكفوت الثوب ومكفوت الشعر, سواءً كفت قبل الصلاة, أو أثناء الصلاة, يشمله النهي, ويدل على ذلك ما ثبت في صحيح مسلم من حديث  عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَارِثِ، يُصَلِّي وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ مِنْ وَرَائِهِ فَقَامَ فَجَعَلَ يَحُلُّهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: مَا لَكَ وَرَأْسِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم  يَقُولُ: «إِنَّمَا مَثَلُ هَذَا، مَثَلُ الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوفٌ», فالنهي سواء كان أثناء الصلاة أو خارجها, وأكثر العلماء فهم أن النهي للكراهة وليس للتحريم, على كلٍ فيجتنب, لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك, فيجتنب, والكفت معناه, أنه يلف الثوب بعضه مع بعض, أو يضم الثوب بعضه مع بعض, سواء كفت الأكمام, أو الحجزة في وسطه, أو ما أشبه ذلك.

سؤال: يقول إذا أوتر شخص بعد صلاة العشاء, ثم قام من الليل وأراد أن يتهجد؟

الجواب: يصلي دون أن يوتر مرة أخرى, والنبي صلى الله عليه وسلم قد صلى بعد في بعض الحالات, فقد ثبت عنه أنه صلى ركعتين بعد الوتر, وما جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا», فهذا هو الأصل أن يجعل آخر صلاته من الليل وترًا, ولكن في بعض الحالات فيحتاج إلى أن يقوم ويصلي, فلا بأس, لا بأس أن يتنفل وقد جاء عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم, أنهم كانوا يتنفلون بعد أن يوتروا, منهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما, فهذا هو الصحيح أنه يجوز أن يتنفل, عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ هَذَا السَّهَرَ جَهْدٌ وَثِقَلٌ، فَإِذَا أَوْتَرَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، وَإِلَّا كَانَتَا لَهُ», معنى الحديث أنه يوتر ثم يصلي ركعتين بعد الوتر, وهذه حالات نادرة, وقوله فإن قام من الليل وإلا كانتا له, كانت كافية, أي ما تقدم أول الليل.

سؤال: يقول من صلى الصلاة ثم علم بعدها بأنه أخل بشرط من شروطها, كاستقبال القبلة, أو عدم الطهارة, أو بوجود بقعة في جسمه لم يصلها الماء؟

الجواب: الصحيح فيها أنه إذا نسي شرطها فهو كمن نساها, سواء بقي الوقت أو خرج الوقت, وهذا عليه أكثر العلماء وبعضهم فصل يقول إذا كان الوقت باقيًا يعيد وإذا خرج فلا إعادة, والصحيح هو الإعادة مطلقًا, لأن من نسي شرط الصلاة كمن نسي الصلاة, عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ النبيِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» متفق عليه.

سؤال: يقول رجل صلى مع الإمام ثم قرأ شيء من الفاتحة وأنصت إلى الإمام, ثم نسي, وذكر قبل ركوع الإمام, فهل يكمل الفاتحة؟

الجواب: قد فصل بينها فاصل كبير, فيعيد الفاتحة كاملة, وإذا كان ركع مع الإمام قبل أن يكملها تفوته الركعة, عليه أن يأتِ بركعة أخرى, وإذا فصل بفاصل يسير فلا بأس, مثل أن يأمن يسبقه الإمام بالقراءة فيأمن معه ثم يكمل, أو ينصت له بالفاتحة نفسها ثم يكمل, والأفضل أنه كما تقدم  يقرأ الفاتحة سردًا, إما مع الإمام أو بعد الإمام؟

سؤال: يقول هل تنقطع الصلاة بمرور أي شيء أمام المصلي, وإن مر رجل أمام رجل؟

الجواب: يقطع الصلاة بمعنى يبطلها ثلاثة أشياء, إذا مرت بين يديك ثلاثة أمور, المرأة والحمار والكلب الأسود, لحديث أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَإِنَّهُ يَسْتُرُهُ إِذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ الْحِمَارُ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ» قُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا بَالُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْكَلْبِ الْأَحْمَرِ مِنَ الْكَلْبِ الْأَصْفَرِ؟ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم  كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ: «الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ» رواه مسلم هذه الثلاثة الأمور تبطل الصلاة إذا مرت بين يدي المصلي, أما غيرها فلا يجوز لك أن تمكن الرجل من المرور بين يديك, عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُمْ شَيْءٌ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَمْنَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيَمْنَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَليُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» متفق عليه, ومعنى فليقاتله, أي يدفعه أشد من الأولى, هذا هو تفسير أهل العلم, وليس المقصود أنه يخرج من الصلاة ثم يقاتله أو يضاربه, المقصود دفعة أشد من الأولى, ومعنى قوله إنما هو شيطان, جاءت رواية في مسلم  فإن معه القرين, أي أن الدافع له الشيطان, وأن الشيطان قد استولى على عقله حتى يعمل مثل هذا العمل.

سؤال: إذا أحد أعطى شخصٌ شيءً أمامك وأنت تصلي؟

الجواب: أي ناوله مناولة, يشغلك وأنت تصلي, فلا ينبغي ذلك, هذا مما يشغل المصلي, ولكنه ما يقطع الصلاة.

سؤال: إذا مرت شاة بين يديك تجعلها تمر؟

الجواب: لا تجعلها تمر, فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يُصَلِّي إِذْ جَاءَتْ شَاةٌ تَسْعَى بَيْنَ يَدَيْهِ فَسَاعَاهَا حَتَّى أَلْزَقَ بَطْنَهُ بِالْحَائِطِ» أخرجه الطبراني في معجمه الكبير, إذًا هذه طريقه طيبة حتى للأطفال الصغار, إذا معك طفل صغير بن سنة أو سنتين ومر بين يديك, صعب عليك أن تدافعه, يمكن أن تتقدم خطوة خطوتين, وتجعله يمر خلفك, هذا إذا معه سترة, أو يحمل الصغير كما حمله النبي صلى الله عليه وسلم, وأما المرور بعد السترة, إذا كانت سترة دائمة, فنعم يمر, أما إذا كانت السترة ليست دائمة, يضع مثلًا عصا, ثم يمر, ثم يأخذها, فهذا في النفس منه شيء, أما إذا وضع له سترة مستمرة دائمة فلا بأس, يضع سترة ويمر, لكن بعضهم يحتال, يضع سترة ويمر ثم يأخذها, هو الذي نوى السترة, أما المصلي فلم ينوي السترة, هذه الصورة الأفضل الترك, يخشى منها, حديث عبد الله بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُصَلِّ إِلَّا إِلَى سُتْرَةٍ، وَلَا تَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَإِنْ أَبَى فَلْتُقَاتِلْهُ؛ فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ» أخرجه ابن خزيمة في صحيحه.

سؤال: يقول إذا مرت هذه الثلاثة الأشياء المرأة والحمار والكلب الأسود من خلف السترة, فهل تقطع الصلاة؟

الجواب: تقطع إذا مرت بين يديك وبين السترة, أما من وراء السترة ما تقطع, إذًا السترة الأقرب أنها من الواجبات, والمرأة المقصود بها أن تكون بالغة, فالراوية التي جاءت مقيدة بالمرأة الحائض, المقصود بها المرأة الكبيرة, مثل حديث: « غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم», المراد بالمحتلم هنا البالغ, بعض العلماء يعلل ذلك بأنها تشغل المصلي, لكن النص تعبدي, جاء الشرع بذلك.

سؤال: يقول كم مقدار ارتفاع السترة؟

الجواب: مثل مؤخرة الرحل, جاء في مسلم من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ سُتْرَةِ الْمُصَلِّي؟ فَقَالَ: «مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ», ومقدار مؤخرة الرحل, أكثر العلماء قدروه بثلثي ذراع, وثلثي الذراع بنحو خمسة وعشرين سم إلى ثلاثين سم, يكفي مثل هذا.

سؤال: يقول إذا كان ليس عند المصلي سترة, إلى أي مكان يجوز للرجل أن يمر؟

الجواب: تمر في مكان أبعد من السترة, فتمر من مكان بعيد لا يصل إليك المصلي, مثلًا السترة توضع على قدر ثلاثة أذرع, فأنت تمر من قدر خمسة أذرع, أو ستة وهكذا.

سؤال: يقول كم يكون المقدار بين المصلي والسترة التي توضع أمامه؟

الجواب: جاء في الصحيحين عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: «كَانَ بَيْنَ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ الجِدَارِ مَمَرُّ الشَّاةِ», وجاء عن أحمد عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَأَلْتُ بِلَالًا: أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ؟ قَالَ: «كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ», فيكون وقت السجود يكون بينك وبين الجدار قدر ممر الشاة, ويكون الثلاثة أذرع من مكان قدميك, من مكان وقوفك.

سؤال: يقول هل يجوز اتخاذ المصاحف وكتب العلم سترة؟

الجواب: المصحف معظم لا ينبغي أن يتخذ مكان للستر, وكذلك كتب العلم, لكن لو كانت مركومة في مكان محترم وصليت إليه إن شاء الله تجزئ, أما أن تعرض للامتهان, وتركز ركزًا, فتكون معرضة للسقوط, هذا ما ينبغي, لقول الله عز وجل: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: ٣٢], وإبراهيم النخعي ينقل كثيرًا عن أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه علقمة وعبد الرحمن بن زيد كانوا يكرهون هذا الشيء ونحن نكره ذلك, ولكنه ليس محرمًا,  محرمٌ إذا أدى إلى امتهان المصحف أو الكتب العلمية, أما مجرد أنها موجودة إلى جوار الجدار وصليت إليها فلا بأس.

سؤال: يقول السائل هل الأجر في الجماعة الثانية كالجماعة الأولى, وإن كانت في المسجد؟

الجواب: لا. لا يصل الأجر في الجماعة الثانية كالأجر في الجماعة الأولى, ولكن إذا كان أصحاب الجماعة الثانية لهم نية إدراك الجماعة الأولى وتأخروا لعذر يرجى لهم أن يأجرهم الله عز وجل, ولكن ليس كأجر الجماعة الأولى.

سؤال: يقول الأخ السائل هل المأموم يقول عند الرفع من الركوع, سمع الله لمن حمده, أو يكتفي بقوله ربنا ولك الحمد؟

الجواب: المسألة وجد فيها خلاف بين العلماء فمنهم من يرى أن المأموم يجمع بين اللفظين, وجنح إلى ذلك الإمام الشافعي رحمه الله عز وجل, ثم العلامة الألباني من المتأخرين رحمه الله لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بينها, يقول: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد, وقد قال صلوا كما رأيتموني أصلي, وأما مذهب الإمام أحمد فهو الاكتفاء بقول ربنا ولك الحمد, فالإمام يقول سمع الله لمن حمده, والمأموم يقول ربنا ولك الحمد, استدل على ذلك بما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة وعائشة وأنس رضي الله عنهم وغيرهم: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا رَكَعَ، فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ», فأمر المأموم أن يقول ربنا ولك الحمد فقط, وهو في مقام تعليم ولم يذكر غير ذلك, وهذا القول أقرب, أنه يكتفي بقوله ربنا ولك الحمد, لأن النبي صلى الله عليه وسلم في مقام التعليم ما ذكر غيرها, فإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد, فهذا أقرب والله أعلم.

سؤال: يقول إذا عطس الرجل في الصلاة يحمد الله, فبعض الناس يفعل ذلك وستدل بحديث معاوية السلم ي لما عطس في الصلاة؟

 

الجواب: الحديث أخرجه مسلم في صحيحه, عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السلميِّ،  قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللهِ، مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ», فمعاوية هو الذي قال للرجل الذي عطس يرحمك الله, وهو ما يعلم أن الكلام قد حرم في الصلاة, والحديث ما فيه أن الرجل حمد الله في الصلاة, قال عطس رجل فقلت له يرحمك الله, فمن أي وجه يستدل به على الحمد, أن الرجل لا يقال له يرحمك الله, إلا إذا حمد الله, لحديث أبي موسى أنه قال: سمعت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم  يَقُولُ: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللهَ، فَشَمِّتُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْمَدِ اللهَ، فَلَا تُشَمِّتُوهُ», فالظاهر من سياق الحديث أن الرجل حمد الله عند أن عطس, مع أنه لم يصرح به في  الحديث في صحيح مسلم فالصحيح الذي عليه أكثر العلماء أنه له أن يحمد الله إذا عطس بصوت منخفض, لأن الحمد من جنس أذكار الصلاة, إنما هو التحميد والتسبيح وقراءة القرآن, وقد جاء عن أبي بكر أنه حمد الله, لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم  أن يثبت مكانه يصلي بالناس,   عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: أَتُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأُقِيمُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ، فَصَفَّقَ النَّاسُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ الْتَفَتَ فَرَأَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنِ امْكُثْ مَكَانَكَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللهَ عز وجل عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمُ التَّصْفِيقَ؟ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ», فأبو بكر حمد الله, وقد ذكر النووي أن سبب الحمد أن أبا بكر حمد الله على هذا الشرف, كون النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بأن يثبت مكانه والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي خلفه, فحمد الله على هذه المنقبة العظيمة, حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بهذه المنقبة العظيمة, أن يكمل الصلاة, ومع ذلك رجع وقال ما كان لابن أبي فحافة أن يصلي بالناس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم, والشاهد من ذكر هذه القصة أن أبا بكر رضي الله عنه حمد الله لأمر خارج عن الصلاة, وهو ما حصل له من البشارة, وما حصل له من النعمة, فحمد الله بحضرة ووجود النبي صلى الله عليه وسلم, فيدل على أن حمد الله لإمر خارج عن الصلاة جائز, فمن ذلك العطاس, إذا عطس حمد الله بصوت منخفض, ولا ينبغي أن يسمع الناس, حتى أن بعض الناس قد يخطأ وربما قال له يرحمك الله, ويرحمك الله هذه تبطل الصلاة, لأنها خطاب, يرحمك الكاف للخطاب, فهذا كلام يبطل الصلاة, بعكس الحمد لله ذكر ما يبطل الصلاة.