فتاوى في الصلاة 09

سؤال: رجلٌ صلى خلف رجلٍ أبكم وهو يعلم أنه أبكم فما حكم صلاته، وكيف إذا لم يعلم؟

الجواب: إذا كان أبكم فما ينبغي أن يقدم وهو ما يحسن القراءة لأنه أبكم  ويقدم من كان يقرأ ويسمع الناس ولكن الصلاة تصح إذا كان يستطيع أن يأتي ببقية الأذكار والحركات فتصح الصلاة خلفه ولكن ما ينبغي أن يُقدم إلا من كان كاملًا: «يؤم القوم اقرأهم لكتاب الله»,  فكيف يُقدم الأبكم، الناس مأمورون أن يقدمون الأقرأ, "أحسنهم قراءة للقرآن"، إذا كان يحسن بقية الأعمال: بقية أعمال الصلاة من ركوع وسجود وبقية الأركان فتصح الصلاة خلفة  قال شيخ الإسلام رحمه الله:" من صحت صلاته صحة إمامته ", ولكن لا ينبغي أن يقدم مثل هذا .

سؤال: إذا قرأ أحدٌ القرآن بنفسه ولم يتلفظ به؟

الجواب: قراءة القرآن وكذلك الأذكار في الصلوات يشترط فيها أن يتلفظ بها ولو أقله تحريك اللسان والشفتين  وأما إذا تفكر فيه فقط في قلبه ولم يتحرك لسانه وشفتاه فلا تصح القراءة ولا تصح الصلاة، القراءة يشترط فيها تحريك اللسان قال عز وجل: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: ١٦].

سؤال: ما حكم تكرار قراءة الآيات أثناء الصلاة بنية الخشوع سواءٌ كان إمامًا أو منفردا؟

الجواب: يجوز ذلك, يجوز أن يُكَرر بعض الآيات للتدبر فقد فعله صلى الله عليه وسلم وفعل الصحابة أيضًا ذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم  لما نزلت عليه العشر الآيات من أواخر سورة البقرة جعل يقرأها ويبكي وليس صريحًا في الحديث أنه كررها لكن قد يُفهم منه ذلك, وأصرح منه ما جاء عن الصحابة قد ثبت عن تميم الداري  أنه جعل يقرأ قول الله عز وجل: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية: ٢١], فجعل يكررها حتى أصبح والإسناد ثابت إليه وجاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قرأت قول الله عز وجل: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: ٢٧], وجعلت تكررها وتبكي، وأصلًا القرآن أُنزل للانتفاع به والتدبر فلا بأس أن يكرر الإنسان آيات يعظ نفسه بها, يقول  الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: ٥٧], ويقول الله عز وجل: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ٥٨], ويقول الله عز وجل: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢], فيجوز أن يكرر الإنسان الآيات لا ليتكلف البكاء ولكن موعظة يعظ نفسه بها، يُذكر نفسه ـ يعظ السامعين والمأمومين، يذكر نفسه ويذكرهم بمثل تلك الآيات التي فيها وصف الجنة ووصف النار، وصف العذاب  وقد فعله الصحابة رضي الله عنهم، ويجوز ذلك ولابأس فيه ولكن لا يتكلف أنه لابد أن يبكي وأن يُبْكيَ الناس هذا خطأ لكن أمر طيب أن يكررها بنية التدبر والوعظ وإن صاحب ذلك البكاء فأمر طيب، البكاء من خشية الله يُعتبر نعمةً عظيمة قال النبي صلى الله عليه وسلم: في ذكر السبعة الذين يظلهم الله في ظله, قال: «ورجلٌ ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه» وفي الحديث: «عينان لا تمسهما النار: عينٌ بكت من خشية الله وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله», أخرجه الترمذي عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما وفي سنده ضعفٌ، وأخرجه أبو يعلى عن أنس بن مالك رضي الله عنه وفي كِلا الإسنادين ضعف, والحديث حسنٌ بمجموع الطريقين, في الترمذي عن ابن عباس وعند أبي يعلى عن أنس .

وكذلك تكرار الآيات في الرقية على المريض أمرٌ طيب و لابأس ولكن الخطأ الذي نبهنا عليه مرارا أن لا يُكرر كلمة واحدةً أو كلمتين ويقطع الجملة من معناها، كتكرار بعضهم: "سيبطله سيبطله سيبطله", سيقطع المعنى, الجملة كاملة, {فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: ٨١], إذا أحب يعيد  فلا بأس  أن يعيد الآية كاملة أو أقل شيء الجملة المفيدة, {قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ}  أو تكرار بعضهم: "في العقد", "في العقد" أقل شيء تعيد الآية كاملة والأفضل أن تعيد السورة لكن لو أعدت الآية: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: ٤], فأمر طيب أعد الآية كاملة .

سؤال: في بلادنا يعتمد كثير من المساجد على توقيت تقاويم الأذان وفي بعض الأشهر لا يدخل وقت الظهر إلا قرب إقامة الصلاة فهل للمصلي أن يداوم على قضاء الراتبة القبلية وهل يستدل بفعل النبي صلى الله عليه وسلم  على جواز تكرار الفعل كلما تكرر موجبه؟

الجواب: إذا كان لا يدخل الوقت إلا مع إقامة الصلاة فلك عذر في ترك السنة القبلية وإن شاء الله لا بأس عليك بقضائها بعد ذلك والذي يُنصح به أن تتحرى مسجدًا يؤذن على الوقت أو أقل شيء يتأخر في الإقامة بحيث تتمكن من صلاة النافلة قبل الإقامة ويُنصح الناس بملازمة الأوقات الشرعية .

سؤال: ما حكم مجالسة تارك الصلاة؟

الجواب: تارك الصلاة كما هو معلومٌ حاله فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في سنن الترمذي عن بريدة رضي الله عنه: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» وفي مسلم عن جابر رضي الله عنه: «بين الرجل أو الكفر والشرك ترك الصلاة», والأدلة متكاثرة في عظم هذه الجريمة، من أدلة القرآن والسنة قد ذكرناها في موضع آخر، فمجالسته وهو على هذا الحال لا يجوز للمسلم أن يجالسه, «مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير» فابتعد عن هذا الجليس ولا تُجالس تارك الصلاة وإذا جمعك معه عملٌ أو زيارة كأن يكون من أقاربك أو اجتمعت معه في مجلس فلا بأس أن تنصح له, «الدين النصيحة»,  قال جرير بن عبد الله: «بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم»، فينصح له وأما أن يكون جليسك وتضاحكه وتُآكله وتشاربه وهو على هذا الحال فلا يجوز لك .

سؤال: رجل أجرى عملية جراحية وترك الصلاة لمدة أربعة أيام بحجة عدم الطهارة ماذا يلزم هذا الرجل؟

الجواب: عليه أن يتوب إلى الله عز وجل من فعله ذلك ولا يجوز ترك الصلاة على ذلك الحال وإذا لم يمكنه الطهارة بالماء فيتيمم، وإن كانت عليه نجاسة ويشق عليه إزالتها صلى على حاله قال عز وجل: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥].

سؤال: أي الحالة أفضل صلاة الوتر سرًا أو جهرًا؟

الجواب: لعله يقصد القراءة خيرٌ له أن يتوسط الإنسان فلا يرفع صوته كثيرًا ولا يسر حتى ربما يزيد عليه الوسواس، لكن الصوت المتوسط جيد يُذهب عنه الشيطان والوسواس والنعاس ولا يؤذي أحدًا.

سؤال: يقول السائل, قوله صلى الله عليه وسلم: «استغفر الله ثلاثًا», عقب الصلوات هل يشمل النوافل أم هي في الفرائض؟

الجواب: هذه الأذكار عقب الفرائض، وقد جاء في بعض الأحاديث تقييدها دبر كل صلاة مكتوبة، الأذكار والاستغفار عقب الفرائض ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقولها عقب النوافل.

سؤال: هل للمرأة ترك الصلاة والصيام إذا أسقطت في أول أو ثانـي شهر؟

الجواب: السقط في الشهر الأول أو الثانـي ما يتميز أنه خلق آدمي، فالصحيح في هذه المسألة أنها تصلي ولا تترك الصلاة ولا الصيام، في الشهر الأول والثاني، ولا تترك إلا إذا خرج منها مضغة بشكل آدمي, قطعة لحم مشكلة بصورة ظاهرة أو بصورة خفية، وقبل ذلك تعامله معاملة الحيض إن رأته على صفة دم الحيض اعتبرته حيضًا، والغالب أن السقط في هذه الحالة يخرج دماء حمراء فهي عند أكثر العلماء يسمونها دم فساد, دم استحاضة.

سؤال: شخصٌ لم يجد ماء فتيمم للجنابة ومعلوم أن الشخص إذا تيمم من الحدث الأصغر ثم وجد الماء انتقض وضوؤه، فهل إذا تيمم من الجنابة ثم وجد الماء وقت الصلاة انتقض وضوؤه ويجب عليه الخروج من الصلاة؟

الجواب: الصحيح في هذه المسألة أنه إذا وجد الماء في وقت الصلاة أنه يخرج إذا استطاع أن يستعمله والوقت مازال متسعًا يخرج ويغتسل لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا وجد الماء فليتقِ الله وليمسه بشرته», فإذا وجد الماء حتى ولوكان في أثناء الصلاة الأصح في هذه المسألة أن وضوأه ينتقض، سواءٌ تيمم من الحدث الأصغر أو من الحدث الأكبر، ينتقض وضوؤه وطهارته وعليه أن يأتي بالغسل الواجب .

سؤال: ماذا يُقال بين السجدتين؟

الجواب: ثبت من حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس بين السجدتين يقول: «رب اغفر لي رب اغفر لي», يكرر ذلك أخرجه أحمد وابن ماجه وغيرهما، وعليه فيكررها ما شاء، ليست مقيدة باثنتين ولا بثلاث إلا أنهم يقولون الثلاث أقل الجمع أو أقل الكمال ثلاث، يُكرر حتى تكون الجلسة قريبة من سجوده.

أما قوله: «ولوالدي» لم تثبت هنا يدعوا لوالديه في السجود, ما بين السجدتين يقول رب اغفر لي يدعوا لنفسه بالمغفرة، ووالداه يدعوا لهما في سجوده أو عقب التشهد لقوله صلى الله عليه وسلم: «فأكثروا من الدعاء في السجود فقمن أن يستجاب لكم» وقوله: «ثم ليتخير من الدعاء - أي بعد التشهد - ما أعجبه»، وأما حديث: «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني»  الحديث حسنه بعض أهل العلم حديث ابن عباس عند أبي داود وأحمد والترمذي في سنده أبو العلاء  كامل بن  العلاء أُنكر عليه الحديث كما في الكامل لابن عدي من أخذ به اعتمادًا على تحسين من حسنه من أهل العلم ما ينكر عليه .

سؤال: شخصٌ يعمل في أحد المعامل وصاحب المعمل يمنعه من الذهاب إلى صلاة الجمعة هل يأثم العامل في هذه الحال؟

الجواب: إن كان الأمر على هذا باستمرار فلا يجوز له أن يعمل بهذا العمل الذي يحرمه من صلاة الجمعة فلا يجوز له أن يعمل بهذا ويتركه وينظر عملًا آخر أو لا يعمل يوم الجمعة  ولو أدى إلى ترك العمل, {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِب}  [الطلاق: ٢ – ٣],«إنك لن تدع شيئًا اتقاء لله عز وجل إلا أبدلك الله خيرًا منه» رواه الإمام أحمد عن رجلٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأما إن كان عارضًا في مرةٍ من المرات عندهم مثلًا بعض الأعمال التي اجتمعت عليهم في ذلك الوقت بحيث أن ذهابهم جميعًا إلى الصلاة سيفسد عليهم بعض الفحوصات أو الأعمال أو غيرها فيكون عذرًا لهم،  فلا بأس  أن يتخلف شخصٌ لهذه الحاجة حتى لا تفسد الأعمال التي قد صنعوها، هذا إذا كان عارضًا نادرًا، أما أن يُجعل عادة فلا يجوز ذلك .

سؤال: امرأة اسرتها تمنعها من الحضور إلى المسجد هل تستجيب لهم أم تحضر؟ 

الجواب: تطيع أباها وأمها أو تطيع زوجها في ذلك، ولا تذهب إلى المسجد، وليس للزوج أن يمنع زوجته من الصلاة في المسجد، وكذلك حسن الخلق وحسن العشرة لا يجعله يمنعها من الدروس ومن الاستفادة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خياركم خياركم لأهله وأنا خيركم لأهلي».

سؤال: ذكر العلامة العثيمين رحمه الله في شرح حديث كعب بن مالك وصاحبيه أن العلماء ذكروا أن الرجل إذا هجره الناس حتى ضاقت عليه الأرض جاز له ترك الجماعة؟ أي هجر التأديب؟

الجواب: ما يظهر هذا الأمر من الحديث, بل ظاهر الحديث أنهم كانوا بعيدين عن المسجد، أما صاحباه فكانا كبيرا السن فتأثروا ومرضوا من ذلك وحصل لهم الشدة، وليس ظاهرًا في الحديث أنهم ما حضروا الجماعة، وأما كعب بن مالك فظاهر الحديث أنه كان بيته بعيدًا ومع ذلك كان يشهد الصلاة معهم، حتى إنه قال لما نزلت بشارتي ركض رجل بفرس إليّ, أي ما ذهب إليه إلا بفرس, يدل على بعده عن المسجد، والله المستعان، وفي الحديث فكنت أشبهم وأجلدهم  وكنت أحضر الصلاة, الظاهر أنهم ضعفوا عن الحضور، ولكن يظهر من الحديث أنه كان بعيدًا عن المسجد.

كعب بن مالك في يوم بشارته صلى الفجر على سطح بيت من بيوتهم، وظهر في الحديث أنه كان بعيدًا لأن الذي بشره ركب على فرس وذهب يجري إليه بفرسه حتى يبشره, كان بعيدًا, والله المستعان .

سؤال: إذا نام الشخص في المسجد وفي نيته انتظار الصلاة هل هو في صلاة؟

الجواب: النوم طويل ويحصل منه الحدث وقد جاء في الحديث: «والملائكة تصلي على أحدكم ما لم يحدث», فالذي ينتظر الصلاة هو في صلاة مادام مستيقظًا ولم يحدث، والله أعلم .

سؤال: هل يُصلى على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول؟

الجواب: الأقرب أنه يشرع ذلك، بل يستحب ذلك لعموم قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦], قال الصحابة يا رسول الله: «قد علمنا كيف نُسلم عليك إشارة إلى قول المصلي: «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين», قالوا علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلِ عليك قال: «قولوا اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد إلى آخره»، والسلام موجود في التشهدين فالصلاة الأقرب أنها تكون في التشهدين، إضافة إلى الاستئناس بحديث عائشة رضي الله عنها في قيام الليل في مسلم «لما صلى تسع ركعات جلس في الثامنة قالت فجلس ودعا» في رواية مسلم, وفي رواية أبي عوانة: «فتشهد وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم», ذكر الصلاة، وهو التشهد ألأول أيضًا.

والأدلة جاءت بتسميته تشهدًا أولًا، كثير من الأحاديث فيها التشهد الأول يسمى التشهد الأول ولا يلزم أن يكون أوسطًا فإنه في المغرب يعتبر في الثانية ولا يكون أوسطًا مثل الظهر والعصر، وكذلك في قيام الليل تشهد التشهد الأول في الثامنة ولما صلى تشهد صلى الله عليه وسلم  سبعًا تشهد التشهد الأول في السادسة، وأما حديث كان النبي صلى الله عليه وسلم إذ قعد في التشهد الأول كأنه على الرضف أي على رضف الحجارة إشارة إلى قصره فهو حديث ضعيف في سنده ضعفٌ وانقطاع.

سؤال: حديث البراء في صحيح مسلم في الذكر بعد الصلاة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ربِ قني عذابك يوم تجمع عبادك» هل يختار أحد اللفظين أو يأتي بالأمرين؟

الجواب: لا. تختار أحد اللفظين يوم تجمع عبادك أو يوم تبعث عبادك، إنما تردد الراوي باللفظ هل قال هذا اللفظ أو هذا, ذكره على الشك تحريًا للألفاظ النبوية، والأمر واسع لأن المعنى واحد، يوم تبعث عبادك أو يوم تجمع عبادك, {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التغابن: ٩], {فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ} [آل عمران: ٢٥].

سؤال: إذا أدرك المأموم الركعة الرابعة من العصر ثم نَسي التشهد الأول فهل يسجد للسهو أم لا، وإذا كان عليه سجودًا فهل هو قبل السلام أم بعده؟

الجواب: لاشك أنه يسجد للسهو لأنه نسي واجبًا من واجبات الصلاة ويسجد قبل السلام كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين عن عبدالله بن مالك بن بحينة رضي الله عنه.

سؤال: ما حكم السلام بالإشارة؟

الجواب: أما مجرد الإشارة ولا يتلفظ بذلك فهذا ليس من السنة, فمجرد الإشارة ليست بسلام.

وقد قيل أيضًا أنه من أفعال النصارى وأما إذا أشار مع تسليمه ليُفِهم أخاه كأن يكون بعيدًا قليلًا منه فلا بأس بذلك مع التسليم بالفم، لا يقتصر على الإشارة, وقد جاء حديث أسماء بنت يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على نسوة وهم جلوس فألوى بيده بالتسليم أي سلم ولوى  بيده ولكن فيه ضعف فيه شهر بن حوشب وفيه ضعف ويغني عنه  أن الإشارة المفهمة واردة في الشرع حتى قد أشار النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة «رد السلام إشارة بالصلاة»، فالإشارة المُفهمة ليس بها بأس لكن لا يترك التلفظ لأن الأصل هو التلفظ وإنما إن كان في الصلاة ترك لتحريم الكلام في الصلاة فاكتفى بالإشارة .

سؤال: ما حكم رفع الصوت عند قراءة الأذكار بعد الصلاة المفروضة؟

الجواب: في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنه: «كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير» وفي رواية: «إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فمعناه أنهم كانوا يسمعون صوته فإذا حصل رفع الصوت للناس جميعًا فلا بأس لكن لا يتحرون أن يكون الصوت واحدًا كما في هذا الحديث, وكما في الأحاديث أيضًا أنهم كانوا يسمعونه يقول عقب الصلاة: «لا إله إلا الله، وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير», اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، ولكن إذا كنت أنت فقط ترفع صوتك  ستؤذي أخاك: «لا يجهر بعضكم على بعضٍ بالقراءة»,  وتشغله عن الذكر فلا ترفع صوتك منفردًا، فإن كان الناس يجهرون بالذكر جهرت معهم، ومن البدع أن يتعمدوا الجهر بصوتٍ واحدٍ جماعةً: يتحرون الصوت الواحد: كما يفعله بعض المتصوفة يهللون بصوتٍ واحدٍ عشر مرات: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له» بصوت واحد ووقتٍ واحد فهذا من المحدثات والبدع .

سؤال: يقول السائل: اشتغل في مصنعٍ بعيدٍ عن المسجد، وقد جعل مصلى للعمال، هل يجوز أن يصلى فيه الجماعة أم يلزمه أن يذهب إلى المسجد؟

 

الجواب: إذا كان المسجد بعيدا بحيث لو ذهبت إليه على القدم بعد سماع النداء لا تدرك الجماعة فلا يلزمك الذهاب إليه لأن الناس لا يلزمهم أن يسعوا إلى الصلاة إلا بعد أن يسمعوا النداء، فإذا كان ذهابك إليه بعد سماع النداء لا تدرك فيه الجماعة فلا يلزمك الذهاب إليه ولك أن تصلي في المصلى وأما إن كنت تدرك صلاة الجماعة في هذا المسجد إذا ذهبت إليه على القدم بعد النداء فيلزمك أن تذهب إلا أن يتخذ مسجدًا في المصنع مستمرا ليس مجرد مصلى بل مسجدا يؤذن فيه للصلوات الخمس ويصير مسجدًا مستمرًا دائمًا سواء وقت العمل أو غير وقت العمل  فلا بأس  أن تصلي فيه .