فتاوى الجنائز وأحكام المقابر 02

سؤال: هل يصل أجر قراءة القرآن إلى الميت؟

الجواب: هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء والصحيح في المسألة أن الثواب ليس للإنسان أن يهدي ثوابه أو يعطي فلانًا من ثوابه و من حسناته, هذا ليس إليك ما أحد يستطيع أن يتصرف بالثواب، ما عملته من أجرٍ فثوابه لك وتستطيع أن تُعين أخاك بالدعاء والصدقة عنه, هذا جاء فيه الأدلة, وأما أن أعمل عملًا صالحًا وأقول اللهم اجعل أجره وثوابه لفلان, هذا ليس إليَّ, الثواب انتقاله من فلان إلى فلان لا يستطيع الإنسان أن ينقل ثوابًا من شخصٍ إلى آخر ولا من ثوابه إلى آخر, ولكن الإنسان يستطيع بالدعاء وبالصدقة أن يُعطي فلانًا أجرًا بالصدقة عنه بالدعاء له, أو صدقة جارية تفعلها له يصل أجرها له إن شاء الله «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقةٌ جارية أو علم ينتفع به أو ولدٍ صالح يدعوا له»,  وأما أن تقرأ قرآنا فإذا انتهيت قلت اللهم اجعل أجر وثواب ما قرأته لروح والدي أو أجدادي هذا ليس عليه دليل:

أولًا: ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة رضي الله عنهم.

ثانيا: الثواب ليس إليَّ أن أنقله من فلان إلى فلان أو من نصيبي إلى نصيب فلان, هذا ليس بصحيح, إهداء الثواب ليس بصحيح, فالصحيح منع ذلك وهو مذهب الشافعي ومالك رحمهم الله .

وقد جاء عن الإمام أحمد وعن أبي حنيفة وكذلك اختاره شيخ الإســلام وابن القيم أن الثواب يصل, لك أن تقرأ القرآن وتقول اللهم اجعل ثوابه لفلان وأخطأوا في هذا, والصحيح عدم ذلك والاقتصار على ما جاء في الأدلة, نحن كثيرًا ما نأخذ بأقوال الإمـام أحمد ولكن في هذه المسألة خالفناه, نحن مع الأدلة, وما أكثر المسـائل التي نأخذ فيها بكلام شيخ الإســلام وابن القيم, وفي هذه المسألة نحن نخالفهما، لأننا مع الأدلة الشرعية, يقول الله عز وجل: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩].

نحن في هذه المسألة مع الإمام الشافعي والإمــام مالك, واشتهر عند العامة أن الإمام الشافعي يقول بذلك : وهو ليس بصحيح ؛ الشافعي لا يرى إهداء ثواب القراءة ومذهبه مشهور بالمنع من ذلك: إذن الإنسان يكون مع الأدلة " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علمٍ يُنتفع به  أو ولدٍ صالحٍ يدعوا له" إذًا الدعاء يصل والصدقة تصل, إذا كان عليه حج أو صوم فصمت عنه وحججت عنه  يصل، العبرة بما جاء في الأدلة, إذا حج عنه أيضًا يصل لأنه إذا صح ذلك, قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «حج عن أبيك واعتمر» والعمرة من النوافل فيصح حتى وإن كرر مرة أخرى فيصل.

ثم الممنوع أن يقول اللهم اجعل ثواب ما قرأته لروح والدتي أو روح والدي أو ما أشبه ذلك, أما إذا قال اللهم إني أتوسل إليك بعملي الصالح وبقراءتي للقرآن أن تغفر لوالدي, هذا من التوسل بالعمل الصالح, اللهم إن كنت قرأت هذا المصحف ابتغاء وجهك فاغفر لي ولوالدي, قد قال الثلاثة النفر" اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا مانحن فيه", فهذا جائز, وقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم النيابة بالعمرة وهي من التطوع على الصحيح, بعضهم بالغ حتى بالصلاة.

الذين قالوا بوصول قراءة القرآن بعضهم نص حتى على الصلاة لكن نحن ما رضينا بقراءة القرآن فضلًا عن الصلاة, الصلاة من باب أولى ما تصل, بعضهم يصلي ركعتين ثم يقول اللهم اجعل ثوابهما لروح والدي ووالدتي! هذا خطأ، والدعاء والصدقة جاءت به الأدلة أيضًا هي متعدية: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: ١٠], ويبقى «أو لدٍ صالح يدعوا له », كذلك يرفع العبد يوم القيامة درجات فيقول رب أنى لي هذا فيقال باستغفار ولدك لك, جاءت فيه أدلة, والصدقة أيضًا جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فقال إن أمي افتلتت نفسها ولم توص وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفيجزئ أن أتصدق عنها قال نعم افتلتت نفسها  ولم توص وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفيجزئ أن أتصدق عنها قال نعم. وبالله التوفيق .

سؤال: توفي أحد الناس وهو على جنابة, فهل يكفيه غسل واحد, أو يغسل مريتن, علمًا بأنهم قد غسلوه مرتين؟

الجواب: غسل واحد بنية الأمرين يكفيه, تطهيرًا له ورفع للجنابة أيضًا, يكفيه للأمرين غسل واحد, وغسل الميت يكرر, ثلاثًا, أو خمسًا, فيكفيه مع النية, والذي فعلوه لا بأس به.

سؤال: يقول السائل يقول هل يجوز أن يقرأ القرآن للميت؟

الجواب: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم:  أنهم حث الصحابة أن يقرأوا على موتاهم, وحديث: «اقرأوا على موتاكم يس», حديث ضعيف, أخرجه أبو داود والنسائي عن معقل بن يسار, وهو حديث ضعيف, وعلى هذا فلا يقرأ لهم القرآن, ولا يقرأ عليهم, وكذلك إهداء الثواب, يقرأ القرآن ويقول أهدي ثوابه لوالدي, أو لوالدتي, أيضًا لم يفعله السلف  رضي الله عنهم, لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم, فلا يفعل به ذلك, مع أنه قد قال به بعض أهل العلم, لكن الصحيح تركه, لأنه لم يفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم, وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولأن الإنسان ليس له أن يهدي ثوابه لأحد, وليس له أن ينقل ثوابه لثواب أحد, وهذا أمر لا يستطيع الإنسان أن يتحكم به, يقول ثوابي على حسنات كذا وكذا, اجعله يا رب لفلان, من أين لك أولًا أنه انتقل, وأن الله عز وجل استجاب لك ونقل الثواب, ومن أين لك أن هذا الأمر يشرع نقل الثواب, من فلان إلى فلان, إذًا عليك أن تعين ميتك بما ينتفع به, من الدعاء له, والصدقة عنه, والصدقة تصل, كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود وغيره عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَتَصَدَّقَتْ وَأَعْطَتْ، أَفَيُجْزِئُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ فَتَصَدَّقِي عَنْهَا», الصدقة لا بأس تصل, كذلك العمرة والحج, كذلك مما يصل لأنه من الإعمال التي يدفع فيها الأموال, فإن مات وعليه صوم صمت عنه, ما جاء بالأدلة يفعل به, قال الله عز وجل: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى } وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} [النجم: ٣٩ – ٤٠], والعجب أن اختيار الإمام الشافعي أنه لا يصل الثواب, وأنه لا يهدى الثواب, والناس مع أنهم شوافع خالفوا الشافعي في هذه المسألة, اليمن الأسفل هنا يأخذون بمذهب الشافعي  رحمه الله في المسائل الفقهية, وهذه المسألة أخذوا بمذهب أبي حنيفة, والذي يرى القراءة, وأيضًا رواية عن أحمد, أما الشافعي يقول ما يقرأ, {وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى}.

سؤال: الأذان عند دفن الميت أيضًا؟

الجواب: هذا من البدع المحدثة, لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم  أنه أذن عند أن أنزل الميت في القبر.

سؤال: يقول ما هو الثابت الذي يقال عند أنزال الميت للقبر؟

الجواب: بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا هو الثابت.

سؤال: هل فرعون بقيت جثته إلى اليوم في مصر؟

الجواب: ليس عندنا من الأدلة ما يدل على أن ما يدعونه أنه فرعون نفسه الذي عادى موسى عليه السلام ويقولون:  إنه محنط في الأهرام بمصر وهذا ليس عندنا عليه دليل وقد فتحت مصر في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بإمرة  عمرو بن العاص رضي الله عنه ولم يذكروا شيئا من ذلك ولو وجدوها لأتلفوها أو دفنوها أو أخفوها فهؤلاء الذي يصورون صورة ويقولون هذه صورة فرعون ليس عندهم أدلة في ذلك وأما قوله عز وجل: { فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً }  [يونس: ٩٢], أي: أن الله عز وجل أخرج بدنه بعد الغرق حتى يراه الناس ويتعظون ويكون آية لمن بعده, أن ادعاءه للربوبية وطغيانه وجبروته لم ينفعه وأنه خرج هالكًا أظهر الله بدنه للناس حتى  يتعظوا وليس المقصود أن بدنه يبقى إلى قيام الساعة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:« كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب منه خلق ومن يركب» فلا يمكن أن يُبقون  الجثة على حالها إلى يومنا هذا  حتى بالتحنيط  آلاف السنين هذا ليس بصحيح .

سؤال: هل أرواح المؤمنين تتزاور في القبور؟

الجواب: جاء في حديث أبي هريرة عند النسائي وغيره أن المؤمن إذا قبضت روحه ثم رفعت إلى السماء يقول الله عز وجل: «اكتبوا كتاب عبدي في عليين», وجاء في الحديث ثم يُذهب به إلى أرواح المؤمنين فيقولون له ما فعل فلان ما فعل فلان يسألونه حتى يذكرون له شخصًا يقول أما أتاكم يعني قد مات فيتعجب لماذا يسألونه عنه يقول أما أتاكم  يقولون :لا، قالوا: إذًا ذُهب به إلى أمه الهاوية, فهذا دليل على أن أرواح المؤمنين تتلاقى والتعبير بالتلاقي أوسع من التعبير بالتزاور, والتلاقي يحصل كما في هذا الحديث, وقد جاءت أحاديث أخرى ولكنها ضعيفة  أوردها ابن القيم في كتابه الروح والذي ذكرناه أصح ما ورد في المسألة.

ومن أحب أن ينظره بنصه فهو في الصحيح المسند لشيخنا مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله .

سؤال:  ما حكم رفع الصوت بالذكر والتهليل عند المشي في الجنائز؟

الجواب: هذا العمل من المحدثات والبدع لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم, فكم من الصحابة ماتوا ولم يرفعوا أصواتهم بالذكر والتهليل عقب الجنائز, فالصحيح في هذه المسألة أنهم يتبعون الجنازة وهم منصتون, كأن على رؤوسهم الطير, قال البراء بن عازب رضي الله عنه كما في مسند أحمد وسنن أبي داود خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله وكأن على رؤوسنا الطير, أي خشوع وتذكر للموت ويدعوا لنفسه وللميت ويدعوا لجميع موتى المسلمين في نفسه, أما رفع يس الصوت بالذكر وقراءة يس هذا من المحدثات, حديث اقرأوا على موتاكم حديث ضعيف  أخرجه  أبو داود والنسائي عن معقل بن يسار رضي الله عنه وفي إسناده  أبو عثمان رجل مجهول وفيه اضطراب ٌ والصحابة ما كانوا يفعلون ذلك، كانوا يخرجون منصتين خاشعين يتذكرون الموت، فهذه الأعمال ليست من السنة، وليست على هدي النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك الأذان عند الدفن والإقامة أيضًا من المحدثات والبدع لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولوكان خيرًا لسبقنا إليه نبينا وصحابة نبينا صلى الله عليه وسلم, ما ترك خيرًا إلا دلنا عليه وما ترك شرًا إلا حذرنا منه صلى الله عليه وسلم: وإنما كان إذا وضع الميت في قبره قال: «بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم»  هذا هو الذي قاله صلى الله عليه وسلم عند أن دفن واكتفى به, وكذلك تلقين الميت يا فلان ابن فلان يا فلان ابن فلانة إذا جاءك الملكان فتذكر العهد الذي وصي إليك أن الله ربك وأن الإســلام دينك وأن محمد نبيك يذكرانه فهذا أيضًا من البدع والحديث الوارد فيه حديث موضوع باطل حديث مكذوب، لم يثبت حتى قالوا في الحديث ينسبه إلى أمه يا فلان ابن فلانه قال فإذا لم يعلم اسم أمه قال ينسبه إلى أمه حوى .

الحمد للّه مسألة التلقين تركها الناس كانوا قديمًا يفعلونه, ومما أذكره من آثار السلف كأنه سعيد بن جبير فيما أذكر سمع رجلًا وهو يتبع الجنازة وهو يقول استغفرا له استغفروا له ويرفع صوته بالجنازة فقال له لا غفر الله لك أي للقائل, زجره على هذا العمل, لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أما الاستغفار فيكون عند الفراغ من الدفن لكن رفع الصوت عند المشي بالجنازة ويطلب من الناس الاستغفار فهذا ليس من السنة .

سؤال: ما حكم الإقامة على الميت؟

الجواب: السائل يقصد الأذان والإقامة عند الدفن، هذا من البدع والمحدثات لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم, الأذان عند الدفن والإقامة من البدع .

سؤال: يقول هل الجلوس عند القبر سنة بعد  الدفن بقدر ما يذبح الجزور وهل عملها السلف؟

الجواب: جاء عن عمر بن العاص أنه قال كما في صحيح مسلم  : أمكثوا حول قبري قدر ما ينحر الجزور, ولكن لم يعمل هذا أحدٌ من الصحابة غيره وهو اجتهاد غير صحيح, والذي عليه عامة أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم أنهم إذا فرغوا من الدفن انصرفوا, إذا فرغوا من الدفن انصرفوا, وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقف وقفة صغيرة ويقول: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ», فيستغفرون له ويسألون له التثبيت ثم ينصرفون.

سؤال:  يقول هل يجوز دفن الرجل والمرأة في قبر واحدٍ للضرورة؟

 

الجواب:  إذا اضطروا إلى ذلك, كأن يكونوا في أماكن طلبة جدًا يشق عليهم, وكانوا من أسرة واحدة ويفصلوا بينهم بفاصل, أما إذا لم يكونوا محارم فينبغي التفريق, كما أنه يفرق بينهم في الحياة فيفرق بينهم في الممات.