فتاوى الجنائز وأحكام المقابر 01

*   اسئلة في أحكام المقابر:

سؤال: يقول إذا أزيلت ملامح القبر, فلا يعرف أنه قبر, هل يجوز الصلاة فيه؟

الجواب:  العبرة بوجود القبر, سواء ظهر أم خفي, إذا علم بوجود قبر دخل في النهي, وقد وجد من أهل العلم من يقول, إذا ذهب ولم يعلم مكانه فيجوز, لكن الصحيح المنع, والله أعلم.

سؤال: يقول السائل إذا كانت المقبرة باتجاه القبلة, وقرب المسجد, فهل تجوز الصلاة في المسجد؟

الجواب: إذا كانت مفصولة بجدار المسجد, أو بجدار آخر, بجدار المقبرة, هذا كافي ولا بأس, والأفضل فصلها بجدارين, جدار المسجد, وجدار آخر للمقبرة, ولا يضر.

سؤال: يقول ما رأيك بمن يحفر القبور ويبيعها بعشرين ألف ريال؟

الجواب: إذا طابت نفسه بأخذه بالعشرين ما هنالك ما يمنع, بعضهم ربما يكون عنده سعة في المال, وما عنده نشاط إلى أن يحفر ويأتي بالأحجار, دع الناس يرزق الله بعضهم من بعض, وأنت ليس بلازمٍ عليك أن تشتري القبر بهذا المال, خذ المسحاء واحفر بنفسك.

سؤال: ما يتعلق بالتسمية بالنباش؟

الجواب: النباش هو الذي يحفر القبور, ويسرق الأكفان, يحفرها من أجل سرقة الأكفان, يجرد الميت من الكفن ويأخذه عليه, فالأفضل أن لا يسمى بهذه التسمية, وإنما يقال المسؤول عن المقبرة, هم يحزنون من هذه التسمية, أم لا يحزنون؟ فالنباش هو الذي يحفر القبر, من أجل سرقة الأكفان.

سؤال: يقول رجلٌ اشترى أرضًا, ثم حفر القواعد, فإذا به يرى العظام, عظام الميت؟

الجواب: إذا كانت الأرض ملكًا له وليست معلومة بأنها مقبرة, إنما صادف وجود قبر واحد, فله أن ينقله إلى المقبرة, وأما إذا كان المكان معلوم أنه مقبرة, فلا يجوز له ذلك, ويجب عليه الابتعاد عن هذه الأرض, ويتسرد ماله, يسترد ماله من هذه الأرض, لأن فيها عيب ولم يبين له.

سؤال: يقول هل يجوز قضاء الحاجة في المقبرة؟

الجواب:  تقدم معنا أنه لا يجوز له ذلك, وهو من المعاصي الكبيرة, والدليل على ذلك حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَأَنْ أَمْشِيَ عَلَى جَمْرَةٍ، أَوْ سَيْفٍ، أَوْ أَخْصِفَ نَعْلِي بِرِجْلِي، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمْشِيَ عَلَى قَبْرِ مُسلم، وَمَا أُبَالِي أَوَسْطَ الْقُبُورِ قَضَيْتُ حَاجَتِي، أَوْ وَسْطَ السُّوقِ», أي كما أنها أذية للأحياء, أذية للأموات, وحديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ، فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه, فكيف بمن يقضي الحاجة, فهو أشد أذية, من مجرد الجلوس.

سؤال: يقول هل تجوز الصلاة في البيوت التي بنيت على مقبرة؟

الجواب: الحكم فيها كما تقدم معنا, إنها إذا بنيت على قبور وهم يعلمون الحكم, ويعلمون أن هذه مقبرة, فلا يجوز هذا البناء, ولا تجوز الصلاة فيه, والصلاة باطلة إذا تأكد أن تحتها قبور, لكن لو كانوا على جهل,  أو ما علموا إلا بعد البناء, فيرجى أن يعفو الله عز وجل بسبب الجهل, ولكن ينقلوا القبور من تحت البيت, ويشترون لها مقابر أخرى, قبورًا أخرى, لقول الله عز وجل: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥], قد يكون بسبب جهلهم يشق عليه وقد بنى بيتًا بالملايين, أن يتركه, وأن يهدمه, وكان على جهل ولم يعلم بالحكم, وأما من تعمد وقد علم بالحكم فيجب عليه ترك هذا البيت, لأنه معتدي وغاصب لقبور المسلمين .

سؤال: هل يجوز بيع القبور, أي حفرها بحوالي عشرين ألفًا؟

الجواب: تقدم معنا, من هيأ قبرًا وباعه بهذا الثمن يجوز له ذلك, مقابل تعبه, تعبه, والمشقة, وجلب الأحجار, وغيرها, والناس ليسوا ملزمين بهذا الثمن, فيستطيع أن يحفر لنفسه بأقل من هذا.

سؤال: يقول هل يجوز للمرأة أن تدخل للمقبرة, لكي تدعو للميت فقط؟

الجواب: زيارة النساء للمقابر مختلف فيه بين العلماء, فمنهم من منع ذلك وجعله من المحرمات, واستدل بحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ الله زائرات القبور», والصحيح أنه منسوخ, فالجمهور على النسخ, ثبت عن عائشة رضي الله عنها, أنها زارت القبور, ثم سئلت عن ذلك فقالت نهى النبي صلى الله عليه وسلم:  ثم رخص في زيارتها, ففي سنن ابن ماجه عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رَخَّصَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ» بإسناد صحيح وهو في الصحيح المسند للشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله ولكن بشرط أن لا تكثر من ذلك وأن لا تقول هُجرًا, ولا يكون هنالك اختلاط, ويكون للدعاء ثم تشمي سريعًا ولا تبقى ذلك.

سؤال: يقول السائل هل يجوز نقل القبور, من أجل طريق للسيارات؟

الجواب:  إذا وجدوا مكانًا آخر للطريق فلا يجوز, فيحولون طريقًا أخرى, إذا وجدت أراضي فيشقون طريقًا أخرى للسيارات, ويتركون القبور, ويحوطون عليها بالأسوار, حتى لا تمر السيارات عليها, ولا بالمشي على الأقدام, وأما إذا لم يجدوا طريقًا إلا تلك الطريق وهم بحاجتها, فلا بأس أن تنقل إلى المقبرة, والله المستعان.

*  أسئلة في أحكام الجنائز:

سؤال:  يقول السائل هل تجوز الذبيحة للميت بنية الصدقة؟

الجواب: نعم يجوز أن يتصدق لوالده, سواء كانت صدقة عادية بالطعام, أو باللحم, الصدقة تصل, كما في حديث عَنْ عَائِشَةَ  رضي الله عنها: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ تَصَدَّقْ عَنْهَا» متفق عليه, والذي اعتاده الناس من الذبح يوم الوفاة, أو ثاني يوم, أو ثالث يوم, أو خامس يوم, من العادات, هذا يترك, لكن لو فعل بدون تحديد, بدون عادات لا بأس, المهم لا تصير عادة يتعبد الناس بها, الذبح في أول يوم, أو في ثاني يوم, أو في عاشر يوم, هذا يترك, قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ».

سؤال: يقول السائل هل ثبت عند دفن الميت أنه  يحثى على القبر ثلاث حثيات؟

الجواب:  جاء حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم:  حثى على قبر عثمان بن مظعون ثلاث حثيات, ففي سنن ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ، ثُمَّ أَتَى قَبْرَ الْمَيِّتِ، فَحَثَى عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ثَلَاثًا», والحديث لم يثبت فيه ضعف.

سؤال: يقول هل يجوز الصلاة على الميت بعد الدفن, إذا تأخر لسفر, أو ما أشبه ذلك؟

الجواب:  من تأخر عن الصلاة, له أن يصلي على الميت في قبره, وقد فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم:  في بعض الصحابة, كما تقدم, فعله في المرأة التي كانت تقم المسجد, ولم يخبروه, فقال دلوني على قبرها فأخبروه, فذهب وصلى عليها, وفعلوه مع رجل آخر أيضًا, وهما في الصحيحين الأول عن أبي هريرة, والثاني عن ابن عباس رضي الله عنها.

سؤال: قال هل يصل أجر قراءة القرآن للميت؟

الجواب:  هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء, والصحيح في هذه المسألة, أن الثواب ليس من علم الإنسان, يعني الثواب ليس للإنسان أن يهدي ثوابه, أو يعطي فلانًا, من ثوابه أو من حسناته, هذا ليس إليك, ما أحد يستطيع أن يتصرف, الثواب ما عملته من أجر فثوابه لك, وتستطيع أن تعين أخاك بالدعاء, والصدقة عنه, هذا جاء فيه الأدلة, وأما أن نعمل عملًا صالحًا, وأقول اللهم اجعل أجر وثوابه لفلان, هذا ليس إلي الثواب, انتقاله من فلان إلى فلان, لا يستطيع الإنسان أن ينقل ثواب من شخصٍ إلى آخر, ولا من ثوابه إلى آخر, ولكن الإنسان يستطيع بالدعاء والصدقة أن يعطي فلانًا أجرًا, بالصدقة عنه, أو بالدعاء له, أو صدقة جارية تجعلها له يصل من أجرها له إن شاء الله عز وجل,  جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»,  وأما أن أقرأ قرآنًا, فإذا انتهيت قلت اللهم اجعل أجر ثواب ما قرأته لروح والدي, أو لروح والدتي, أو لروح أجدادي, هذا ليس عليه دليل, أولًا: ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم: ولا الصحابة, ثانيًا: الثواب ليس إليَّ أن أنقله من فلان إلى فلان, أو من نصيبي إلى نصيب فلان, هذا ليس بصحيح, اهداء الثواب ليس بصحيح, فالصحيح المنع من ذلك, وهو مذهب الشافعي ومالك رحمهما الله عز وجل, المنع من ذلك وهو مذهب الشافعي ومالك, وقد جاء عن الإمام أحمد وأبو حنيفة واختاره شيخ الاسلام وابن القيم رحمهم الله عز وجل, أنه يصل, أن الثواب لك أن تصلي, لك أن تقرأ القرآن وتقول اللهم اجعل ثوابه لفلان, واخطأوا في هذا, الصحيح عدم ذلك, الاقتصار على ما جاء في الأدلة, نحن كثيرًا ما نأخذ بأقوال الإمام أحمد, وفي هذه المسألة خالفناه, نحن مع الأدلة, وما أكثر المسائل التي نأخذ بكلام شيخ الإسلام وابن القيم, وفي هذه المسألة خالفنهما, لأننا مع الأدلة الشرعية, قال الله عز وجل: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى } وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى } ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأوْفَى} [النجم: ٣٩ – ٤١], في هذه المسألة نأخذ بقول الإمام الشافعي والإمام مالك, واشتهر عند العامة أن هذا القول هو قول الشافعي وليس بصحيح, الشافعي لا يرى اهداء ثواب القراءة, مذهبه مشهور بالمنع من ذلك, المسألة مع الأدلة, النبي صلى الله عليه وسلم: قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ», إذًا الدعاء يصل, الصدقة تصل, إذا كان عليه حج, أو صوم, فحججت عنه, أو صمت عنه, يصل, إذًا العبرة ما جاء في الأدلة, جاء عند النسائي والترمذي عَنْ أَبِي رَزِينٍ العُقَيْلِيِّ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الحَجَّ، وَلَا العُمْرَةَ، وَلَا الظَّعْنَ، قَالَ: «حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ», وجاء عن ابن عباس عند ابن ماجه, فالحج إذا صح يصل, والعمرة من النوافل فيصل, حتى وإن كرر مرة أخرى يصل, فالممنوع أن يقول اللهم اجهل ثواب ما قرأت لروح والدي أو والدتي, أما إذا قال اللهم اتوسل إليك بقراءتي وبعملي الصالح, أن تغفر لوالدي أو لوالدتي, هذا من التوسل بالعمل الصالح, أو يقول اللهم إن كنت قرأت هذا المصحف ابتغاء لوجهك, فاغفر لي ولوالدي, وقد قال أصحاب الثلاثة النفر, اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك الكريم فافرج عنا ما نحن فيه, فهذا جائز.

سؤال: هل يصل ثواب الصلاة عند من قال بإيصال ثواب القراءة؟

 

الجواب:  بعضهم بالغ, بعضهم ممن قال بإيصال ثواب القراءة, بعضم نص حتى على الصلاة, لكن نحن ما رضينا بقراءة القرآن فضلًا عن الصلاة, الصلاة من باب أولى ما تصل, بعضهم يصلي ركعتين, ثم يقول اللهم اجعل ثوابهما لروح والدي أو والدتي, هذا خطأ, أما الدعاء جاء فيه الأدلة مع الصدقة, وأيضًا هي متعدية, يقول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}  [الحشر: ١٠], وفي الحديث: «أو ولد صالح يدعو له», وقد جاء عند ابن ماجه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:  قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ», جاءت فيها أدلة, والصدقة جاء في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ», إذًا هذه جاء فيها أدلة.