فتاوى في أحكام المساجد 02

سؤال: يقول ما حكم الخروج من المسجد بعد الأذان؟

الجواب:  في صحيح مسلم  عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ يَمْشِي فَأَتْبَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «أَمَّا هَذَا، فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم», وهذا محمول على من خرج لغير حاجة, وأما إذا كان له حاجة فلا بأس, بنية الرجوع لا بنية ترك الجماعة, فلا يدخل في الإثم, وإذا خرج بغير حاجة وبغير نية الرجوع يأثم, وأما إذا خرج خروجًا, ولم يكن محتاجًا إليه, لكن على نية الرجوع إلى الجماعة, فيكره له إذا كان سيفوت الجماعة, وإذا خرج إلى مسجد آخر, هذا العمل لا يفعل إلا لحاجة, فإذا انتقل لحاجة فلا بأس, وأما بدون فلا يصح أن يترك مسجدًا بدون حاجة.

سؤال: هل يجوز أن ينعى على مكبر الصوت حتى يسمع الناس في خارج المسجد؟

الجواب:  إن كان مجرد إخبار ولا يمكن أن يخبر إلا بهذه الطريقة, فلا بأس, بدون أن يذكر المحاسن ولا شيء, يقال هناك جنازة سيصلى عليها فقط, أما التوسع في هذا الباب فلا. وأما إن الأمر سيشتهر بدون المسجد, فهذا الذي ينبغي, المساجد لم تبنَ لمثل هذه الأمور.

سؤال: يقول من أذن من بيتٍ خارج المسجد هل يجوز هذا العمل؟

الجواب:  إن كان بجوار المسجد, لا بأس بهذا, ما دام الصوت مرتفعًا يسمعه الناس, القصد هو رفع الصوت بالأذان, وقد كان بلال رضي الله عنه يؤذن من بيت جوار المسجد.

سؤال: يقول ما حكم تعليق الافتات التي فيها أدلة تدل على نظافة المسجد, في الميضأة لا داخل قاعة الصلاة في المسجد؟

الجواب:  لا بأس جائز, يعني بعض التنبيهات, يجوز ذلك.

سؤال: يقول يبعد عن المسجد تقريبًا عشرين دقيقة, وفي بعض الأحيان لا يسمع أذان الفجر, وإذا سمع الأذان يخاف من ظلمة الطريق ووحشته, ولا يوجد من طلاب العلم من يسكن في الحي من أجل أن يخرج معه؟

الجواب: عشرون دقيقة قد تكون كثيرة, إذا وجدت المشقة, فلا يجب عليك, على المسلم  أن يقتِ الله ما استطاع إلى ذلك سبيلا.  وأن لا يتساهل في هذا الأمر, فإن كانت المشقة موجودة, فله عذر في تخلفه, وإلا فلا عذر له.

سؤال: ما حكم تقديم رجلٍ يحفظ بعض القرآن من باب تشجيعه مع وجود من يحفظ القرآن في المسجد فهل ذلك خلاف للسنة؟

الجواب: نعم. هذا العمل خلاف للسنة  السنة أن يقدم الأقرأ قال النبي صلى الله عليه وسلم:  «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلامًا» وفي رواية: «أقدمهم سنًا», وإن كان التقديم نادرا في حالات يسيرة  بعض الوقت يتأخر الإمام أو ما أشبه ذلك أو هو نفسه يقدم غيره بعض الوقت من باب التشجيع مع رضا الإمام فلا باس .

سؤال: هل يجوز للرجل هو وزوجته أن يناموا في مسجد مع العلم بأنه في أرض بعيدة عن السكن ثم هل عليه شيء إذا عاشرها في المسجد؟

الجواب: لا يجوز أن يعاشرها في المسجد المساجد لم تبن لهذا، الله عز وجل يقول: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧], فلا يجوز هذا العمل داخل المسجد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من البول أو الأذى وإنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن, فلا يحوز له هذا العمل, وإذا احتاجوا إلى النوم في مسجد فيبتعد عن زوجته كلٌ ينام في جهة والأصل أن الإنسان يتحرى أن لا ينام في المسجد مع أهله .

سؤال: رجلٌ أخذ المصحف من المسجد فجلّده وأخذه له ووضع في المسجد مصحفًا آخر بدلًا عنه هل يجوز له ذلك؟

الجواب: كنت تُجلدُ مصحفك ـ هذا العمل لا يجوز أن تؤخذ مصاحف المساجد, من أعجبه مصحف في المسجد أخذه ويأتِ ببدله هذا ليس بصحيح, ليس له ذلك, فلعل غيرك أيضًا يحتاج إلى تلك الطبعة التي أخذتها حتى ولو كانت طبعة نادرة, لعله يوجد إنسان غيرك يريد أن يدخل المسجد ويقرأ بنفس الطبعة التي أخذتها عليه فحرمت الأجر, فهذا العمل لا يجوز فتُعيدها و تحتسب أجر التجليد لله وتأخذ مصحفك .

سؤال: ما حكم قيام بعض الأشخاص في المساجد للتسول؟

الجواب: يجب على ولاة الأمر أن يقوموا بواجبهم في دفع حاجة الناس, واجب على ولاة الأمر أن يقوموا بواجبهم بدفع الناس عن التسول فيأخذون على أيدي هؤلاء فمن كان يكذب ويدعي الحاجة وهو ليس بحاجة عزروه وعاقبوه, ومن كان بحاجة فعلا يجب عليهم أن يتقوا الله عز وجل وأن يقوموا بالواجب في دفع حاجة الناس, وأعجب من الجمعيات الذين يدعون أنهم يقومون بحاجة الناس لماذا لا يكفون حاجة هؤلاء الذين يقومون في المساجد، يدعون أنهم يقومون بكفالة المساكين والأيتام والأرامل, كم من أرملة تقوم وهي محتاجة وكم من مسكين يقومون بحاجة، كثيرٌ منهم أو قل بعضهم يقوم بحاجة حقًا .

على كلٍ ينصحون بالتعفف بقدر ما يستطيعون لقوله صلى الله عليه وسلم: «ومن يستعفف يعفه الله» متفق عليه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ولا يجوز له أن يقوم على هذا الحال إلا عند الضرورة, لقول النبي صلى الله عليه وسلم:  يا قبيصة إن المسألة لاتحل إلا لأحد ثلاثة رجلٌ تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ' معنى تحمل حمالة أي تحمل أموال كثيرة للإصلاح بين الناس ؛ لإصلاح بين قبيلتين إصلاح بين أسرتين وتحمل أموالا على نفسه فهذا حلت له المسألة حتى يصيبها، ثم يمسك ورجلٌ أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش أو سدادا من عيش  أي يسد حاجته ورجلٌ أصابته فاقة أي فقر حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه يقولون لقد أصابت فلان حاجة؛ يشهد له ثلاثة من أولي النهى أنه في حاجة شديدة فحلت له المسألة حتى يصيب  قوامًا من عيش أو سدادًا من عيش فما سواهن من المسألة  يا قبيصة سحت يأكله صاحبه سحتٌ» أخرجه مسلم, انظروا حتى الذي أصيب بالفاقة والحاجة الشديدة لا يجوز له المسألة إلا بحدود معينة؛ حتى يصيب قوامًا من عيش ما يسد حاجته وما سوى ذلك يأكله في بطنه سحتا, وفي حديث ابن عمر في الصحيحين الذي يسأل الناس يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم متفقٌ عليه وفي حديث أبي هريرة عند مسلم «من سأل الناس أموالهم  تكثرًا فإنما يسأل جمرا فليستقل أو يستكثر», وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « يا أبا ذر أرأيت إن أصابت الناس حاجة حتى لا يستطيع الرجل أن يقوم من فراشه إلى المسجد كيف تصنع يا أبا ذر قال: كيف أصنع يا رسول الله قال تعفف يا أباذر», إذن الذي يتعفف يسوق الله له الرزق, ومن يتعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله .

سؤال: هل قبر النبي صلى الله عليه وسلم في داخل المسجد أم هو منفصلٌ عنه؟

الجواب: قُبر النبي صلى الله عليه وسلم في حجرته ولم يقبر في المسجد قط, وكانت حجرة النبي صلى الله عليه وسلم خارجة عن المسجد وإنما يتصل به بابٌ إلى المسجد فقط، يخرج من الباب إلى المسجد، ثم لما حصلت توسعة للمسجد النبوي في عهد الوليد بن عبد الملك وسع المسجد من جهة الحُجر وسعه من أمام الحجرة ومن خلفها فصارت كأنها داخل المسجد: وهي في الحقيقة في طرف المسجد، ولكن لما وسع من أمامها ومن خلفها صارت في الظاهر كأنها داخل المسجد، فهي في حقيقة الأمر ليست داخل المسجد وإن صار في الظاهر أنها داخِله، ثم أيضًا هذا العمل لو فرض أنه يُحكم أنه داخل فهذا العمل عملٌ لم يعمله الصحابة رضي الله عنهم إنما عمله بعض الأمراء وقد كِره أهل العلم هذا العمل وممن نقل عنه الكراهة سعيد بن المسيب رحمه الله ولايزال أهل العلم يكرهون هذا العمل الذي حصل ولكن.

سؤال تابع للأول:  لماذا لم ينصحوا بتغييره؟ 

 الجواب: كثيرٌ من الأمراء لا ينضبطون بالأدلة ـ كثير من الأمراء لا ينضبط بالأدلة الشرعية, ثانيًا: لو غير بحيث أنه يُخرج تمامًا ويُفصل بالجُدر ربما جاء أميرٌ آخر وغير كما حصل  في الكعبة لما أعادها ابن الزبير على قواعد ابراهيم جاء عبد الملك بن مروان وأعادها على ما كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم, فلما كان في عهد الإمام مالك قال المنصور للإمام مالك يستشيره في إعادتها على قواعد ابراهيم كما فعل ابن الزبير فأشار عليه الإمام مالك أن لا يفعل ويتركها على ماهي عليه قال أخشى أن تكون بعد ذلك الكعبة لعبة للملوك, هذا يأتي ويغير وهذا يأتي ويغير, فلعل الأمر على ذلك أيضًا في الحجرة:

أولًا: أصله خارج المسجد وإنما دخل في الظاهر .

ثانيًا: إذا كان هذا يأتي ويغير وهذا يأتي ويغير يصير عبثًا في هذا الأمر الجلل الذي لا ينبغي أن يتهاون فيه .

فلا حجة للمتصوفة في هذا الأمر إطلاقًا, أولًا : القبر لم يدفن في المسجد ولا المسجد بني على القبر وإنما وسع من الجهة القبلية ومن الجهة الخلفية للحجرة فصار ت الحجرة كأنها داخل المسجد وهي في الحقيقة ليست داخل المسجد والله المستعان, ثم أيضًا تحرى أهل العلم في تغطية القبر تمامًا فجعلوا ثلاثة جُدر : جدار الحجرة الأصلي ثم جدار خلفه يحيط به ثم جدار ثالث

يحيط بها كاملًا فصار مفصولًا عن المسجد تمامًا, قد صنعوا قديما جدارا وجعل مثلثًا على جهة استقبال المصلي بحيث ما يتمكن من استقبال القبر قال ابن القيم رحمه الله:

فأجاب رب العالمين دعائه  }}}  وأحاطه بثلاثة الجدران

سؤال: يقول الأخ السائل رجل إمام مسجد وكذلك مؤذن, ولكنه في مواسم الاعراس يرقص على المزمار؟

الجواب: إن كان هذا حاله, أنه يرقص على المزامير ويرقص على الاغاني والموسيقى وغيرها, هذا لا يصلح أن يكون إمامًا للناس لا يصلح أن يكون إمامًا للناس, النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن», ورأى النبي صلى الله عليه وسلم «إمامًا بصق إلى القبلة في الصلاة قال يصلي بكم غير هذا الإمام», هذا بالنسبة للبصاق, يبصق إلى القبلة فما بالكم بمن يسمع الاغاني والمزامير.

سؤال: يقول السائل رجل أوقف دكانًا للمسجد وكان إجاره في وقت الوقف عشرة آلاف ثم أبناء الرجل الواقف رفعوا إجار الدكان إلى فوق المائة والخمسين هل يجوز ذلك لهم, علمًا بأنهم لا يسلمون إلى المسجد إلا القليل؟

الجواب:  إذا كان الدكان قد وقف لصالح المسجد, فسواء قل الإجار أو كثر فكله لصالح المسجد, ولا يجوز لهم أن يأخذوا شيئًا لصالحهم, إلا إذا كان

الواقف قد حدد مثلًا قال عشرة آلاف من إجار الدكان, إذا كان حدد مثلا ًقال عشرة آلاف من إجار الدكان لصالح المسجد ليس واجبًا عليهم أن يصرفوا أكثر من ذلك.

سؤال:  يقول أثاث المسجد إذا زاد عن حاجة المسجد, هل يجوز أن يعطى لأحد الناس الفقراء؟

الجواب: لا. إذا وقف لمسجد يكون لحاجة المسجد, وإذا زاد يوضع حتى يحتاج  إليه المسجد, وإذا كان يضن أنه تمر عليه سنوات بدون حاجة فينقل إلى مسجدٍ آخر, حتى لا يعطل الوقف, إلى مسجدٍ آخر, بالنسبة من إعطائه لبعض الفقراء الأولى أن يكون الانتفاع أعم, ينتفع به ناس أكثر, فإذا أعطوا إنسانًا فقيرًا وأخبره أنه وقفًا لا يتصدق به ولا يبيعه فلا بأس, والأفضل أن يكون النفع العام مستمر فيه, فيعطى إلى مكان آخر ينتفع فيه والله المستعان.

سؤال:  يقول هل إطالة المنارة ورفعها صحيح, ووضع على رأسها حديدة على شكل هلال؟

الجواب: هذا من البدع والمحدثات, المنارة بنفسها بدعة, لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد», والهلال الذي يوضع في آخرها من المحدثات والبدع, وخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم: ولكن التسبب في رفع الصوت كأن يصعد إلى فوق المسجد أو تجعل المكبرات في مكان مرتفع لا بأس بذلك ويستطاع ذلك بدون منارة كأن تجعل في رأس عمود أو في رأس حديدة أو في بيت عالي أو ما أشبه ذلك, وهذا من الإسراف من التخوض في مال الله بغير حق ينفق على المنارة ما يستطيع أن يبني به مسجدًا آخر, روى الإمام البخاري في صحيحه عَنْ خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها، قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ», ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال, وهذا من التبذير يقول الله عز وجل: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: ٢٧], على أن بعض الناس يبنيها جهلًا يظن أن هذه سنة, وبعضهم يبنيها مباهاة, وهذا ضرره عليه لما فيها من الفخر والرياء والله المستعان.

 

ذكرني الأخ أولًا: بالنسبة للمنارات التي في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ليست من صنع صلى الله عليه وسلم, وإنما أحدثها الأمراء في أزمنة متأخرة بعده وليسوا بحجة, وكذلك ما جاء في الحديث في صحيح مسلم عن المسيح ابن مريم أنه: «يَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ» ليس فيه أنها بنيت بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بشرع من شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإنما فيها الإخبار عن الوضع في ذلك الحين أنه ينزل في ذلك المكان