فتاوى في أحكام الصيام والقيام 04

*  فتاوى ومسائل وأحكام حول صلاة القيام:

عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَمَضَانَ، فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، فَلَمَّا كَانَتِ السَّادِسَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا، فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ نَفَّلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ، قَالَ: فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ»، قَالَ: فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ لَمْ يَقُمْ، فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ جَمَعَ أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ وَالنَّاسَ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ: السُّحُورُ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِقِيَّةَ الشَّهْرِ»» أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه, وهو في الصحيح المسند للإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه وقال رجاله على شرط مسلم.

هذا الحديث مفيد يستقيد منه الإنسان مسائل مهمة في القيام, أولًا: مشروعية صلاة القيام التراويح في المساجد, النبي صلى الله عليه وسلم خرج وصلى في الناس, واقتصر صلى الله عليه وسلم على ثلاث ليالي, حتى لا يفرض على الناس, كما جاء بيان ذلك في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها, أنه قال: «خشيت أن يفرض عليكم», تركه صلى الله عليه وسلم ولم يقم الشهر كاملًا حتى لا يفرض على الناس, فلما زالت العلة جمع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الناس على هذا الخير, على هذه السنة, فأحيى سنةً لا يزال لها أجرها إلى يوم القيامة, وجمع الناس على الجماعة في المساجد, فصارت شعيرة من شعائر الإسلام, شعيرة من شعائر السنة, لا يخالف فيها إلا المبتدعة, وبيان ذلك ما جاء في صحيح البخاري عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ القَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه, لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلاَتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: «إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاَءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ، لَكَانَ أَمْثَلَ» ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: «نِعْمَ البِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ» يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ», وقد جاء خارج الصحيح أنه كان يصلي بهم رجل آخر مع أبي بن كعب رضي الله عنه, وهو تميم الداري   رضي الله عنه, سماها بدعة من حيث أنه جمعهم على قارئ واحد واستمر الحال على ذلك, بدعة لغوية, لا بدعة شرعية, وحاشا أمير المؤمنين رضي الله عنه, أن يصنع بدعةً تكون ضلالة عليه وعلى الأمة, إنما قصد بدعة من حيث اللغة, من حيث أن الناس صاروا يجتمعون على قارئ واحد, ولم يكن هذا معهودًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم, ولكن قد تبين بالأدلة أنما ترك ذلك النبي صلى الله عليه وسلم خشية أن يفرض على الناس, وقد قال صلى الله عليه وسلم: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» عن العرباض ابن سارية  رضي الله عنه أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه, وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ» أخرجه الترمذي وغيره عن حذيفة  رضي الله عنه, وهو حديث صحيح بشواهده, وحديث: «فَإِنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ يَرْشُدُوا» أخرجه مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه وسنة الخلفاء الراشدين إذا لم تخالف سنة صلى الله عليه وسلم, وهم على ذلك, لم يخالفوا سنة النبي صلى الله عليه وسلم, يعمل بها, ولكن إن اختلف الصحابة في مسألة ما, فالأمر أنه ينظر إلى الأدلة الشرعية, ومع من الدليل, كما اختلفوا في مسألة توريث الجد, واختلفوا في مسائل أخرى, إذًا لا شك في مشروعية ذلك, وعلى هذا عمل المسلمين, إلى يومنا هذا, لم يزل على ذلك عمل المسلمين إلى يومنا هذا, يصلون القيام في رمضان جماعة, وخصل بذلك الخير العظيم, «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ», ويستفاد من هذا الحديث, أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم من أول الليل, وهذا أخف على الناس, من الصلاة في آخره, فإنه قال في ليلة الثالثة والعشرين, «قام من أول الليل حتى ذهب ثلث الليل», قال فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل, وقال في ليلة خمس وعشرين, «فقام بنا حتى ذهب شطر الليل», وقال في ليلة سبع وعشرين, «فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح», إذًا الأقرب إلى السنة, أن يقام من أوله, من أجل التخفيف على الناس, وإلا من حيث الوقت, فآخر الليل أفضل من أول الليل, كما ثبت في صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه,  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ», فلا شك أن الصلاة آخر الليل أفضل, ولكن الأفضل تقديمها في جماعة للناس, إذا شق عليهم, فإن كنت في مكان يحبون التأخير, ولا مشقة عليهم, صار الأفضل لك أن تتأخر, لأنه آخر الليل أفضل, وإن كنت في مكان عام يشق عليهم, فالتعجيل أفضل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم, وكما جمع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الناس في أول الليل, قال «نعمة البدعة هذه, واللذين ينامون عنها أفضل»,  فصار عمل المسلمين على ذلك, القيام في أول الليل, قول أبي ذر رضي الله عنه في هذا الحديث: عندما قام بهم إلى شطر الليل « لو نفلتنا قيام هذه الليلة», أي لو كنت أطلت بنا حتى أكملت الليلة, أي لو كنت استمررت حتى انتهينا من الليلة كاملة, فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أنها تكتب له قيام ليلة كاملة, حتى ولو لم يقم إلا نصفها, «إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ», إذًا حتى ولو صلى إلى ثلث الليل مع الإمام, إلى خمسه مع الإمام, كتبت له قيام ليلة, ظن بعض الناس أن من لم يصلِ مع الإمام لم تحسب له قيام ليلة, وهذا فهم خاطئ, فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث الناس على قيام رمضان, ومع ذلك ما قام بهم إلا ثلاث ليالي فقط, فإذًا بقية الليالي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم منفردًا, وصلاها الناس منفردين, في بيوتهم, وفي المساجد, إذًا حث النبي صلى الله عليه وسلم على قيام رمضان في أدله كثيرة, ومع ذلك ما قام بهم جماعة, إلا ثلاث ليالي فقط, وكذلك استمر الحال في ذلك في عهد أبي بكر رضي الله عنه, سنتين في خلافة أبي بكر رضي الله عنه, والناس ليسوا مجتمعين ولا يصلون جماعات, ولا يصلون في جماعة واحدة, يصلي الشخص, ويصلي آخر, ويصلي بصلاته آخرون, وهكذا, واستمر الحال في ذلك في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه, استمر الحال على ذلك, حتى عزم وجمعهم, إذًا هذه المدة كلها ما تكتب لهم قيام ليلة, لأنهم لم يصلوا مع الإمام, إذًا هذا فهم خاطئ, ولم يقل به أحدٌ من أهل العلم, بل إنما يفضلون يقولون الصلاة مع الإمام أفضل, ما يقولون ما تكتب له إذا صلى منفردًا, أو صلى مع الإمام بعض صلاته, ثم أكملها منفردًا, ما أحد من أهل العلم يقول ما تكتب له قيام ليلة, إنما يقولون الأفضل أن يتمها, الأفضل أن يتمها مع الإمام, حتى ينصرف عملًا بهذا الحديث, وأما يقال ما تكتب له قيام ليلة, فهذا خطأ, بل لو صلى منفردًا جميع صلاته ما نستطيع أن نقول ما تكتب له قيام ليلة, وفيه الاجتهاد في الليالي الوتر من العشر الأواخر, ومن خصها بالاجتهاد لا ينكر عليه, لأن النبي صلى الله عليه وسلم  اجتهد فيها, أكثر من غيرها, واجتهد في العشر ما لا يجتهده في رمضان, كما ثبت في صحيح مسلم عن  عَائِشَةُ  عنهما قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ», لما ثبت في البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  كَانَ يَعْتَكِفُ فِي العَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ، فَاعْتَكَفَ عَامًا، حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنَ اعْتِكَافِهِ، قَالَ: «فَالْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ», واعتكف النبي صلى الله عليه وسلم  في العشر الأواخر ليجتهد فيها, وينبغي الاجتهاد في العشر كلها, وفي الوتر أعظم من ذلك, كما في هذا الحديث, ولا سيما في السابعة, فإنها أرجى ليلة, تكون فيها ليلة القدر, جمع أهله ونسائه والناس وصلى بهم حتى خشي الناس أن يفوتهم السحور.

سؤال: فمن الذي قال ليلة القدر, ليلة سبع وعشرين, من الصحابة رضي الله عنهم, وكان يجزم بذلك؟

الجواب: أبي بن كعب رضي الله عنه, بل كان يحلف لا يستثني, ويقول أن علامتها أن النبي صلى الله عليه وسلم  أخبرنا أن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء لا شعاع فيها.

سؤال: ومن من الصحابة أيضًا جزم أنها ليلة سبع وعشرين, صحابي أيضًا, قال ليلة القدر ليلة سبع وعشرين؟

الجواب: معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما, وقد روي مرفوعًا والراجح وقفه, رواه بعض الرواة ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم, وإنما هو موقوف عليه, والصحيح أنه ليس مخصوص بها, وأنها متنقلة, تأتي مرة في ليلة سبع وعشرين, ومرة تأتي في ليلة خمس وعشرين, وقد تأتي في ليلة أحدى وعشرين, وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه, «أنهم التمسوا ليلة القدر, فالتمسوها في ليلة سبع وعشرين», وفي صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم, قَالَ: «أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَأَرَانِي صُبْحَهَا أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ» قَالَ: فَمُطِرْنَا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم,  فَانْصَرَفَ وَإِنَّ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ يَقُولُ: ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ, فوافقوها في ليلة ثلاث وعشرين, إذًا فهي متنقلة في الأوتار, وهذه من حكمة الله عز وجل, أن يجتهد الناس في العشر كلها, ومما يدل على أن ليلة سبع وعشرين من أرجى الليالي ليلة القدر, ما جاء في مسند أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا، أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم,  فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ عَلِيلٌ، يَشُقُّ عَلَيَّ الْقِيَامُ، فَأْمُرْنِي بِلَيْلَةٍ لَعَلَّ اللَّهَ يُوَفِّقُنِي فِيهَا لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ. قَالَ: «عَلَيْكَ بِالسَّابِعَةِ», فهي في السابعة أرجى ما يكون في العشر, مع ذلك لا يفوت الإنسان الاجتهاد في غيرها, لما سمعتموه, أنها تأتي في غيرها, ولقوله صلى الله عليه وسلم: « فَالْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ».

سؤال: كم عدد ركعات صلاة التراويح, أو صلاة القيام؟

الجواب: إحدى عشر ركعة, لما ثبت في الصحيحين عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ  رضي الله عنها: كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ؟ قَالَتْ: مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ قَالَ: «تَنَامُ عَيْنِي وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي», انظروا إلى جوابها, أجابت عن رمضان وعن غيره, قولها: «يصلي أربعًا لا تسأل عن حسنهن وطولهن», حمله أهل العلم, أنه يصلي ركعتين, ثم يصلي ركعتين, ثم يستريح, ثم ركعتين, ثم ركعتين, ثم يوتر, أكثرهم حملوه على هذا المعنى, ولا مانع على أن يحمل على أنها أيضًا أربع متصلة, ثم يستريح, ثم أربع متصلة, بسلام واحد, فلا مانع من ذلك, فقد جاء عنها, أيضًا وصفت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم, أنه صلى سبعًا متصلة, لم يجلس إلا في السادسة, ثم تشهد في السادسة تشهدًا أولا. ثم صلى السابعة, ثم تشهد تشهدًا ثانيًا, ثم سلم, ثم صلى ركعتين وهو جالس, ووصفت عنه أيضًا كما في صحيح مسلم, أنه صلى تسعًا, لم يجلس إلا في الثامنة, ثم تشهد تشهدًا أولا. ثم صلى التاسعة, ثم جلس وتشهد تشهدًا آخرًا, ثم سلم, ثم صلى ركعتين بعد سلامه, وذكرت أنه صلى السبع لما كبر, إذًا تشرع أن تصلى سبعًا, أربعًا متصلة بسلامٍ واحدٍ, لظاهر الحديث, والأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم, ومن تعليمه الناس, ركعتين ركعتين, لحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه, في الصحيحين، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، مَا تَرَى فِي صَلاَةِ اللَّيْلِ، قَالَ: «مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً، فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى», قوله مثنى مثنى يدل على أنه هذا هو الأكثر, وهو الأفضل, من فعله صلى الله عليه وسلم.

سؤال: ما جاء في صلاة التراويح أنها عشرين ركعة, عمن جاء ومن أخرجه وما حاله؟

الجواب: فقد جاء مرفوعًا بسند شديد الضعف, في إسناده أبو شيبة العبسي جد أبي بكر, وهو شديد الضعف, أخرجه البيهقي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه.

سؤال: وما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه, أنه أمر أبي بن كعب   رضي الله عنه, فكان يصلي بالناس التراويح عشرين ركعة؟

الجواب: أخرجه البيهقي ورجاله ثقات, فإسناده ظاهره الصحة, لكن أعله جماعة من أهل العلم, منهم الإمام الألباني رحمه الله, لأنه الحالة واحدة, وقد روي عنه أنه جمعهم على إحدى عشر ركعة, كما في موطأ مالك  رحمه الله, بإسناد صحيح, أصح من الأول, فالرواية التي فيها أنه جمعهم على إحدى عشر ركعة, موافقة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم, والراوي عنه أرجح, من الراوي الآخر, مع أن كليهما ثقة, إلا أنه أرجح من الآخر, وأثبت, ولا يمكن أن يحمل على التعدد, لأنها حالة واحدة, جمعهم عليها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب   رضي الله عنه, فكان ترجيح الرواية التي فيها إحدى عشر ركعة, موافقة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم, وأكثر من اعتمد, اعتمدوا على أثر عمر هذا, لأنه ظاهره الصحة, والذين يصلون في الحرم عشرين ركعة, معتمدين على هذا الأثر أكثر من اعتمادهم على المرفوع, لأن المرفوع فيه ضعف واضح, ولكن هذا الأثر أيضًا قد جاء عن عمر خلافه, ففي موطأ مالك, أنه جمعهم على إحدى عشر ركعة, وهذا ترجيحه متعين, أولًا: لأن الراوي أثبت, ثانيًا: لأنه موافق لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

سؤال: ما الفرق بين التراويح والتهجد والقيام والوتر؟

 

الجواب:  كلها تسمية لشيء واحد وهو قيام الليل, ولكن سمي تراويح لأنهم كانوا يستريحون بين الركعتين, والأخريين, سميت تراويح, ويسمى تهجدًا, التهجد إذا كان قيامًا بعد نوم, يقال له تهجد, قيام بعد نوم, يسمى تهجدًا, وسمى قيام الليل, ويسمى الوتر.