فتاوى في أحكام الصيام والقيام 02

سؤال: هل كل من يقدر على صيام رمضان يعتبر مستطيعا؟

الجواب:  قوله صلى الله عليه وسلم فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال: لا. مع أنه يصوم رمضان والآن صائم معهم رمضان ووقع في يوم واحد بالذنب فليس كل واحد يصوم رمضان يستطيع أن يصوم شهرين متتابعين ولا أيضًا يتساهل الناس فبعض الناس تقول له: عليك كفارة قتل خطأ فمباشرة يقول أنا ما أستطيع الشهرين المتتابعين فهو يستطيع أن يصوم رمضان فمن كان يصوم رمضان بدون مشقة معناه أنه بإذن الله يسهل الله عليه الشهرين,  أيضًا يحتاج إلى عزمٍ صادق ونية صادقة,  وإن كان يشق عليه رمضان ـ نعم ـ قد يشق عليه الشهران أكثر,  بسبب مثلًا كبر السن أو بعض الأمراض أو ما أشبه ذلك يشق عليه رمضان نفسه ما ينتهي منه إلا بالمشقة والشدة فهذا قد يشق عليه صيام الشهرين,  فلا إفراط ولا تفريط فلا يُقال: كل من استطاع صيام رمضان يستطيع صيام شهرين متتابعين لزاماٌ فبعضهم يشق عليه،  هذا الرجل  قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما أستطيع مع أنه كان صائمًا معهم رمضان ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم, إذًا نقله إلى الإطعام وكذلك لا يحصل أيضًا تفريط في المسالة مجرد أن يؤمر بالشهرين يقول ما أستطيع وهو شاب قوي يستطيع أن يصوم شهر رمضان لا أمراض تعتريه هذا يجب عليه,  وفي بعض الحالات أيضًا قد يكون عنده قوة وما استطاع مثلًا بسبب تحمله لعمل ما يستطيع أن يتركه,  ما يُنفق على عياله إلا من ذلك العمل وإذا لم يعمل سيضيع عياله وما يجد من يقرضه أو ما أشبه ذلك فهذا أيضًا قد يكون له عذره.

سؤال: الشهران المتتابعان كيف يحسبهما,  بأي أشهر الشمسية أم القمرية؟

الجواب: القمرية,  قال الله عز وجل: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: ١٨٩]  فالشرع أمرنا أن نعتبر الأهلة .

* نقاشات علمية قيمة ومسائل مهمة مأخوذة من حديث الرجل الذي جامع امرأته في نهار رمضان.

من ضمن دروس صحيح مسلم, والذي كان في الحادي عشر من شهر جمادى الأولى لسنة ١٤٣٧هــ:

قال الإمـــــــام أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري رحمه الله, حدثنا  يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نُمير كلهم عن ابن عيينة:  قال يحيى أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري:  

سؤال: فائدة من أثبت في الزهري  سفيان بن عيينة أم سفيان الثوري؟

الجواب: لا يُقارن لأن الثوري ما روى عن الزهري.

قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن حُميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة   رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم,  فَقَالَ: «هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ,  قَالَ: "وَمَا أَهْلَكَكَ؟", قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ,  قَالَ: "هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟",  قَالَ: لا. قَالَ: " فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ ", قَالَ: لا. قَالَ: "فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ ",  قَالَ:  لا.  قَالَ:  ثُمَّ جَلَسَ, " فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ",  فَقَالَ: " تَصَدَّقْ بِهَذَا ", قَالَ: أَفْقَرَ مِنَّا فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا, "فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم, حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ", ثُمَّ قَالَ: "اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ"».  

 الفوائد من الحديث:

قوله: «فقال هلكت يا رسول الله قال وما أهلكك قال وقعت على امرأتي في رمضان».

هذا يدل على أنه جاء تائبًا علم أنه وقع في الذنب, جاء معترفًا نادمًا وفي بعض الروايات معنى احترقت يا رسول الله,  يدل على أنهم يرون  الذنوب هلكة واحتراق, ويستفاد من الحديث أنه كان عالمًا بالتحريم

سؤال: ما معنى عتق الرقبة؟

الجواب:  تحرير العبد أو الأمة من العبودية والرق إلى الحرية.

سؤال:  فلو كان هو نفسه عنده عبد كيف يحرره,  وماذا يقول له؟

الجواب: يقول له أنت حرٌ لوجه الله, أو حررتك  أو كلما يفيد معنى الحرية أو أخرجتك من العبودية لله أو أعتقتك, أنت حرٌ لوجه الله أنت عتيق,  كل الألفاظ التي تدل على العتق يخرج بها,  مثل الأوقاف يقول هذا وقفٌ لله أو هذا مسبلٌ لله أو هذا في سبيل الله أو هذا توقيفٌ لله أو ما أشبه ذلك.

سؤال: فإذا كان ليس مٍلكًا له كيف يعتقه

الجواب:  يشتريه ثم يعتقه.

سؤال: هل بمجرد الشراء يقع العتق أم يتلفظ بذلك؟

الجواب:  لا يقع حتى يتلفظ به.

سؤال: هل يقع العتق بمجرد النية في قلبه أم يشترط التلفظ .

الجواب: يشترط فيه التلفظ مثل الوقف والطلاق والأيمان والنذور,  هذه العبادات معلقة بالتلفظ أو الكتابة, «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها مالم تعمل أو تتكلم» النذر واليمين والوقف والعتق والطلاق والنكاح.

سؤال: هل يشترط في هذه الرقبة أن تكون مؤمنة؟

الجواب: حديث معاوية بن الحكم السُلمي قال للجارية أين الله؟ قالت في السماء. قال: ومن أنا؟ قالت: أنت رسول الله قال: اعتقها فإنها مؤمنة " أخرجه مسلم، فعلّق أمره بعتقها بكونها مؤمنة,  مع أن من ضربَ عبدًا كفارته أن يعتقه, كما جاء في الحديث: «من ضرب عبدًا له حدًا لم يفعله كفارته أن يعتقه'»  أخرجه مسلم عن ابن عمر  رضي الله عنهما, ومع ذلك لم يأمره بعتقها حتى سألها عن إيمانها,  وأيضًا قيد الله الكفارة بالإيمان في آية القتل .

سؤال: أتجزئ الرقبة ذكرا أو أنثى عبدًا أو أمة مع أن الأمة ربما قيمتها أقل من العبد وقد تكون الأمة أرفع من العبد  .

الجواب:  تجزئ الرقبة تطلق على العبد والأمة حتى ولو كان شيخًا كبيرًا تجزئ ولو كان طفلًا يجزئ وإنما يجتنب  المعيب «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا», ويقول الله عز وجل: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ} [البقرة: ٢٦٧], فلا يذهب ينظر إلى الذي قد سئم منه سيده لكثرة عيوبه، فمثل هذا قد يجده بدون مقابل.

سؤال: امرأة ماتت في حادث سير وفي بطنها جنين فمات الجنين معها والجنين قد عُلمت حياته فماذا على المتسبب؟

الجواب: عليه كفارتان: كفارة للمرأة, وكفارة للجنين.

سؤال: أيشترط أن يكونوا ستين مختلفين, أم يجزئ أن يكرر, كأن يكرر عشرة ست مرات؟

الجواب: نعم. يشترط عند جمهور العلماء, لأن الشرع نص على الستين .

سؤال: هل يجوز للمسلم أن يصرف كفارته لنفسه إذا كان فقيرا كما حصل في هذا الحديث؟

الجواب: الأصل أن الكفارة لا يجوز صرفها إلى نفسك وإنما هذا شيء خصه فيه النبي صلى الله عليه وسلم, فهو من الخصائص, وإلا فكفارتك ما يجوز صرفها على نفسك هذا هو الأصل .

سؤال: ما العمل لإنسانٍ مثل هذا  يكون ما يستطيع عتق رقبة ولا يستطيع الصيام، ولا عنده مال أيقال له هذه كفارة من بيت المال فأطعم أهلك؟

الجواب: تبقى في الذمة حتى يستطيع,  تبقى في ذمته هذه الكفارة حتى يكون قادرًا فيُكفر هذا هو الحكم الشرعي عند أهل العلم وأما ما فعله صلى الله عليه وسلم فشيء خصه به .

سؤال: إذا توفي فهل على أوليائه الكفارة؟

الجواب:  إذا كان ما يستطيع الصوم وعتق الرقبة والإطعام واستمر عجزه حتى مات فتسقط الكفارة, {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا}       [البقرة: ٢٨٦], {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦], استمر به العجز حتى مات فتسقط من ذمته لا يلزم أن يكفروا عنه,  ولا صيام عليه أيضًا لأن الذي تعلق في ذمته هو الإطعام أما الصوم فكان عاجزًا  عنه في حال حياته.

ما يقال يصوم عنه أوليائه, لأن الذي توجه إليه هو الإطعام والذي بقي في ذمته,  فإذا مات وهو على هذا الحال وهو لا شيء له فتبين أنه برأت ذمته حتى من الإطعام لأن الله لا يكلف الشخص إلا بوسعه ومات على غير استطاعة فسقط عنه هذا التكليف .

سؤال: ما حكم تفريق المساكين في الكفارة؟

الجواب: تفريق المساكين لابأس به فالستين مسكينًا لابأس أن تفرق بينهم اليوم عدد وبعده عدد لابأس .

سؤال: إذا كان مستطيعًا وفرّط وسوف حتى عجز؟

الجواب: هذا لابد من الإطعام عنه وإخراج الحقوق وإلا فيبقى ميتهم في حرج, إذا استطاع الصيام مثلًا وأخر حتى لم يستطع ومات أو كان مستطيع الإطعام وتكاسل حتى عجز ومات فهذا في ذمة ميتهم فعلى الأولياء أن يبرؤوا الذمة بالإطعام أو بالصيام الذي توجه عليه في الذمة,  ويكون على الأولياء من باب التأكد والاستحباب لا وجوبًا,  «من مات وعليه صوم صام عنه وليه», وإلا فما يؤثم الأولياء بفعل أبيهم أو أخيهم, {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤], وإنما هو من باب الإحسان ومن باب المعروف والبر .

سؤال: المرأة هل عليها كفارة؟

الجواب: اختلف أهل العلم في فهم الحديث بعد العلم أن  جميع طرق الحديث في الصحيحين وغيرهما ليس فيه أمر المرأة بالكفارة,  فاختلف أهل العلم في فهم المسألة فمنهم من قال أمره للرجل بالكفارة يعتبر أمرًا لها لأن كل منهما قد أفسد الصوم بالجماع,  هذا إذا كانت مطاوِعة.

والقول الثانــي: أن النبي صلى الله عليه وسلم في مقام فتوى وتعليم واقتصر على أمر الرجل فقط ولم يسأله ولم يستفصل عن امرأته هل كانت صائمة أم لا هل كانت أيضًا مطاوعة أو مكرهة, فترك الاستفصال مع قدرته على ذلك, فدل على أنه اقتصر على أن الحكم كان للرجل فقط,  ولو جعل النبي صلى الله عليه وسلم الجواب عامًا لكان يمكن أن يعمم الحكم,  كأن يقول كل من أفطر بالجماع فعليه كذا فإن لم يجد فعليه كذا ولكن وجه الخطاب للرجل فقط, فالأقرب قول من قال أنه على الرجل دون المرأة ولأن الرجل هو الأملك لهذا الأمر.

سؤال: إذا كان جاهلًا في الحكم؟

الجواب:  الجاهل على أمرين, إن كان جاهلًا بالحرمة من أصلها فهذا لا كفارة عليه بل على الصحيح من أقوال أهل العلم  أنه لا يفسد صومه أيضًا لو كان جاهلًا أن الجماع حرام حال الصوم,  وهذا ما يُتصور إلا من حديث عهدٍ بإسلام أو رجل نشأ في بادية بعيدة عن المسلمين قد يُتصور هذا الشيء, وأما من كان جاهلًا بالكفارة فقط وهو يعلم أنه محرم فهذا تلزمه الكفارة كما حصل لهذا الرجل, هذا الرجل يعلم الحرمة فقط وجاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المخرج فألزمه بالكفارة.

إذن من جهل الحكم من أصله جهل التحريم فهذا ليس عليه كفارة بل الصحيح أن صومه لا يفسد,  معذور بجهله ـ

 ومن علم تحريم الجماع في نهار رمضان ولكنه جاهلٌ أن عليه كفارة فهذا عليه كفارة يكفي أن يعلم التحريم ويلزمه الكفارة.

سؤال: إذا قدم الرجل من سفر وهو مُفطر والمرأة أيضًا مفطرة كأن  تكون طهرت من حيضها أو تكون معه في السفر فأفطرت في السفر؟

الجواب: ليس محرمًا عليهم إذا كانا قد أفطرا في السفر فهما مفطران. وكذا إن طهرت من حيضها ووافق قدومه من سفره، حل لهما ذلك.

سؤال: إذا أكره الرجل زوجته؟

الجواب: المكرهة صومها صحيح إذا كانت مكرهة قهرها قهرًا فصومها صحيح وقال بعض أهل العلم صومها باطل وهذا ليس بصحيح إنما الأعمال بالنيات وهذه لا نية لها, إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان  .

سؤال: إذا تعلق في ذمته الصوم وكان قادرًا؟         

الجواب: أولًا صورة التعلق يتعلق في ذمته إذا كان قادرًا على الصوم ولكنه سوف وأخر حتى أدركه الموت فهذا نعم يصوم عنه أوليائه «من مات وعليه صوم صام عنه وليه», ويشترط أن يكون متتابعًا لأنه وجب عليه متتابعًا.

سؤال: هل يصلح التتابع بأن يتعاون اثنان أو ثلاثة كل يوم على شخص حتى يتابعوا بين ستين يومًا؟

الجواب: الذي يظهر أنه ينطبق عليه وصف التتابع وهناك فتوى للعلامة العثيمين رحمه الله,  يقول ما يتوقع التتابع إلا من واحد أو ما يصلح أن يكون متتابعًا إلا من واحد, والذي يظهر أن التتابع حاصل يطلق عليه شهران متتابعان والله أعلم .

سؤال: لو صاموا يومًا واحدًا كأن يجتمع ستون رجلًا من قبيلته، فيصومون؟

الجواب: ما يجزئ لأنه اشترط فيه التتابع لكن هذا يصنع معه في قضاء رمضان مثلًا إذا كان قد تعلق عليه في ذمته صوم من رمضان فيشرع هذا الأمر وأيضًا النذر الذي لم يشترط فيه التتابع.

سؤال: من عليه كفارات متعددة؟

الجواب: يصوم شهرين ثم يخفف على نفسه إذا أحب يستريح شهرا أو شهرين ثم يأتي بالكفارة الثانية.

سؤال: فإذا جامع مرتين في يومٍ واحد كم عليه كفارات؟ 

الجواب:  كفارة واحدة على قول الجمهور، وهو الصحيح.

سؤال: لو أنه صام شهرًا ونصفا، ثم أدركه الموت وهو في الكفارة  فهل يعيد الكفارة؟

 

الجواب: الظاهر أنه أدى الذي عليه إن شاء الله .