فتاوى في أحكام الحج والمناسك 01

سؤال: رجل ملك الزاد والراحلة في موسم الحج وكان قادرًا على أداء فريضة الحج ثم تأخر حتى فاتته فريضة الحج وأدركه الموت هل يأثم على ذلك؟

 الجواب:  نعم يأثم إذا كان قادرًا على الحج واستطاع وأخر بدون عذر فيأثم لأنه مأمور بأداء فريضة الحج  في حالة استطاعته  قال سبحانه وتعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٩٧], بني الإســلام على خمس وخامسها حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا فهذا يأثم وعلى ورثته أن يُخرجوا مالًا للحج من تركته فإنه قد صار في ذمته يتعلق الحج بذمته والحج عبادة مالية وبدنيه فتعلق المال في ذمته فعليهم أن يخرجوا مالًا لإداء الحج قبل قسمة التركة ويكون أيضًا من الديون لأنه تعلق في ذمته كما تتعلق الكفارات والزكوات في الذمة فالصحيح في هذه المسألة أنه واجب على الورثة أن يخرجوا مالًا للحج من تركته إن كان له تركه قبل القسمة فهي من الديون التي في ذمته .

سؤال: ما هو تعريف الحج المبرور؟

الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم  يقول: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة »متفق عليه عن أبي هريرة والمبرور هو الذي لم يخالطه الإثم ولا الرفث ولا الفسوق ولا العصيان ولا الجدال بالباطل .

سؤال: شخصٌ حج عن غيره هل يجوز له أن يأتي بعمرة لنفسه مع ذلك الحج؟

الجواب: نعم يجوز له أن يعتمر لنفسه مع ذلك الحج ولكن يجعل العمرة الأولى للمحجوج عليه عمرة التمتع كأن يقدم من بلاد أخرى يجعل عمرة الميقات عمرة التمتع يجعلها للمحجوج عليه وهو يعتمر متى ما تيسر له كأن يذهب المدينة ثم يقدم من المدينة إلى مكة فيأتي بعمرة أخرى لنفسه أما العمرة التي من الميقات فيجعلها للمحجوج عليه لأنه قد بذل المال من قبل نفسه وقد بذل التكاليف فيجعل العمرة لنفسه فإن كان الرجل يحب أن يحج من قبل نفسه تبرعًا لذلك الرجل فإن دخل مبكرًا قبل وقت الحج فلا بأس أن يجعل العمرة لنفسه ثم يحج للآخر إما حجًا مفردًا أو متمتعًا بعمرة أخرى .

سؤال: رجلٌ سافرَ للحج وفي نيته أن يذهب بعد الحج للعمل، هل حجه صحيح؟

الجواب: نعم حجه صحيح ولا بأس عليه في ذلك,  بل حتى لو نوى البيع في وقت الحج نفسه,  يبيع في منى, يبيع في الموسم فجائز قال الله عز وجل: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨]  نزلت في رجلٍ سأل عن هذه المسألة فأنزل الله عز وجل هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}  فلابأس, يجوز له أن يبيع في الموسم, ويجوز له أن يحج ثم يذهب لعمله, لكن من جعل سفره خالصًا للحج وحده,  أجره أعظم في سفره من الذي أراد الحج وأراد التجارة والعمل .

سؤال: رجلٌ ذهب إلى العمرة مع أهله فخرجوا من العمرة وهم في الشوط الثالث من الطواف ولم يكملوها والسبب أن ابنه تعب وكان عمره سبع سنوات,  ماذا عليه الآن وقد كانت العمرة قبل سبع سنوات تقريبًا؟

الجواب: العمرة باطلة ويظهر أنه قد حصل منه في هذه المدة كلها التحلل والجماع وغيره,  فعليه دم كما أفتى بذلك عبدالله بن عباس رضي الله عنهما,  عليه دم لعمرته هذه وعليه أن يعتمر عمرة أخرى متى ما تيسر له .

سؤال: يقول السائل ما حكم فسخ الحج إلى عمرة, وهل يصح حديث تخصيصه بالصحابة رضوان الله عليهم؟

الجواب:  فسخ الحج إلى عمرة أمر به النبي صلي الله عليه وسلم حتى يتمتع الناس بالعمرة إلى الحج, الحج التمتع هو أفضل أنساك الحج, وجاء عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال كانت بنا خاصة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, والصحيح أنها عامة أن فسخ الحج إلى عمرة يشمل الأمة كلها, ولكن جاء عن شيخ الاسلام رحمه الله أنه قال يحمل تخصيص أبي ذر رضي الله عنه أنها كانت واجبة عليهم, واجب عليهم أن يفسخوا, أما غيرهم من جاء بعدهم فهو مستحب لهم أن يفسخوا الحج إلى عمرة, والمقصود بفسخ الحج إلى عمرة هو أن الرجل الذي حج مفردًا فالأفضل له أن يجعلها عمرة ثم يحج بعد ذلك, وأما من حج من بداية أمره متمتعًا  فهو أفضل.

سؤال: يقول هل المبتدع إذا حج الى بيت الله هل عمله مقبول؟

الجواب: المبتدع قد تتجزأ بعض الأعمال قد تكون مصحوبه عنده بالإخلاص والمتابعة, العمل قد يتجزأ, قد يكون مصحوبًا بالإخلاص والمتابعة فيقبل, وبعض الإعمال قد لا تصحب بالإخلاص والمتابعة فلا تقبل, وأما حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَبَى اللَّهُ أَنْ يَقْبَلَ عَمَلَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ حَتَّى يَدَعَ بِدْعَتَهُ», فالمقصود عند العلماء أنه لا يوفق للتوبة ما دام مصرًا على البدعة, لأنه يظن أنه على الحق والله المستعان.

سؤال: يقول لماذا لم يقل الخليفتان, أبو بكر وعمر بحج التمتع؟

الجواب:  هم لم يحرمان حج التمتع, وإنما كانوا يفضلون حج القران, وكانوا ربما نهوا عن ذلك كما جاء في بعض الأدلة, لكن جاء في بعض الأدلة ما يدل أنهم لا يرون ذلك على سبيل التحريم, وهو خطأ منهما, كما سمعتم قول ابن عباس رضي الله عنه فيهم.

سؤال: يقول السائل إذا تجاوز الحاج الميقات, ثم أحرم من مكة, فماذا عليه؟

الجواب: إذا دخل ناويًا الحج والعمرة لا يجوز له أن يجاوز الميقات دون احرام, وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: « من ترك نسكًا فعليه دم», وأخذ به أكثر العلماء يفتون أن عليه دم مقابل تركه للإحرام من الميقات, ولم يثبت شيءٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك, ولكن ثبت عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه الفتوى بذلك, فمن أخذ بها كما أخذ الجمهور فلا بأس بذلك, وعليه التوبة والاستغفار لأنه ترك واجبًا متعمدًا, يأثم على ذلك, وأما الحج والعمرة فلا يبطل بذلك, لا يبطل بذلك.

سؤال: يقول الأخ السائل حججت في العام الماضي وتجاوزت الميقات ولم أحرم منه, وأخبرني العلماء بأن علي هديًا ولم أستطع, فماذا علي الآن؟

الجواب: تركت واجبًا عمدًا تأثم, بدأت حجك بإثم, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ», الحج المبرور هو الذي لم يخالطه الإثم, وغالب من يفعل هذا, يفعله عن عمدٍ, لا يندم على ذلك, والذنب يحتاج إلى ندم وإلى توبة واستغفار, وكثير منهم يفعل عمدًا ولا يندم على ذلك, وأقل القليل الذي يندم على ذلك الفعل, فيجب عليه أن يستغفر الله عز وجل على ذلك, لأنه خالف أمر الله عز وجل, والمواقيت واجب عليك أن تحرم منها, بقي ما فعلته هل عليه هدي وذبح؟ جاء عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: «من ترك نسكًا فعليه دم», ثبت عنه بإسناد صحيح, وعامة العلماء, وجمهور العلماء يعدون ذلك من الأنساك, أي الإحرام من الميقات, وعليه فيوجبون عليه الدم, فننصحك بالأخذ بهذه الفتوى التي وردت عن عبدالله بن عباس  رضي الله عنه, مع أنه لم يأتِ نصٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك, لكن ابن عباس لا يعلم له مخالف في هذه الفتوى من الصحابة, وأخذ بها أكثر العلماء, فعليك أن تأخذ بهذه الفتوى.

سؤال: يقول رجل أحرم من الميقات ثم أراد زيارة مدينة قبل الدخول إلى مكة, فهل هذا جائز؟

الجواب:  نعم. جائز, ولكن هذا العمل خلاف السنة, السنة والأفضل أنه بعد أحرامه يتوجه مباشرة إلى مكة, لا يشغل نفسه في الزيارات المدن, يتوجه مباشرة إلى بيت الله الحرام, لكن إن أراد أن يذهب إلى مدينة, أو عرض له شيء في الذهاب إلى مدينة, ويبقى بثوبه الذي أحرم فيه, ويبقى محرمًا, ومثله من أحرم من يلملم, ثم أراد الذهاب إلى جده, نفس الكلام.

الجواب: يقول هل أعتمر عن أمي وأبي وهم ما يزالون أحياءً, وهم قادرون, لكن يعجزهم المال؟

الجواب: النيابة ما تكون عن القادر, النيابة تكون عن غير القادر, الذي غير قارد في جسده, هذا يناب عنه, ما يستطيع أن يسافر, ما يستطيع أن يذهب, كبير في السن يشق عليه السفر, هذا لا بأس أن تنوب عنه في العمرة والحج, وأما أنسان غير قادر ما عنده مال, هذا ما تصلح النيابة عنه, يصبر حتى يفتح  الله عز وجل عليه, متى ما استطاع, فإن أدركه الموت بعد ذلك, فلك أن تحج عنه بعد الموت.

سؤال: يقول هل العمرة مستحبة أم واجبة؟

الجواب: وجد فيها خلاف بين العلماء, وكنا نقول بوجوبها, ثم ظهر لنا أنها مستحبة, وليست واجبة, لأن الله عز وجل قال: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}  [آل عمران: ٩٧], فذكر الحج ولم يذكر العمرة, ولأنه لم يأتِ نصٌ صريحٌ فيه الأمر بالعمرة, وأما ما جاء عن أَبِي رَزِينٍ العُقَيْلِيِّ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الحَجَّ، وَلَا العُمْرَةَ، وَلَا الظَّعْنَ، قَالَ: «حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ», فليس بصريح بالعمرة, وإنما فيه أنه أمره أن ينوب أباه في الحج والعمرة, وقول الله عز وجل: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦], فيه أنه من ابتدأ بالحج والعمرة يتمهما, سواءً كان فرضين أم تطوعين, فليس في المسألة حديث صريح صحيح بالأمر بالعمرة, وأما حديث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَرِيضَتَانِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ», فهو حديث ضعيف.

سؤال: هل يشرع الرمل والاضطباع في العمرة التي يعتمر فيها من المدينة النبوية, بعد العمرة التي يعتمر فيها من بلده؟

الجواب:  يقول جميع الأحكام نفس الأحكام, العمرة التي تأتي بها من اليمن, أو من جده, أو من المدينة, أو من غيرها, نفس الأحكام, فيها الرمل والاضطباع وغيره.

سؤال: يقول بعض الناس سأل هل إذا لبس الرجل ساعة بمليون ريال, هل هو من الإسراف, أم لا. فقال هذا ليس من الإسراف؟

الجواب:  بل هو من الإسراف بلا شك, فكيف يتجرأ على مال كبير يضعه في ساعة, هذا اسراف وتبذير وربما أيضًا خيلاء, نعم وخيلاء, وقد يكون مصحوبًا بالذهب وهو محرم.

سؤال: يقول هل يجوز لي أن أطلب الدعاء من أصدقائي, الذين يذهبون للحج والعمرة, أو لسفر آخر؟

 

الجواب: نعم. يجوز أن تطلب الدعاء من أخيك المسلم, سواء عند ذهابه إلى سفر, أو غير ذلك, في أي وقت جائز, ودعاء المسافر مستجاب, وإذا كان لحج وعمرة, فيرجى فيه الإجابة أعظم, دعوة المسافر مستجابة, لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ المَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ» أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما, ومع ذلك فلا يكثر الإنسان من طلب الدعاء من غيره, الله عز وجل أمرك بنفسك أن تدعو بالدعاء فقال الله عز وجل: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}   [الأعراف: ٥٥], وقال الله عز وجل: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: ١٨٦], وقال الله عز وجل: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غَافِرٍ: 60], وقال الله عز وجل: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: ٦٢], إذًا اضطر إلى الله بنفسك, وتضرع إلى الله عز وجل, وادعو الله عز وجل, ولا بأس أن تتوسل بدعاء الرجل الصالح, ولا تكثر من هذا الأمر, كل من رأيته تقول له أدعو لي, وكل من سافر تقول له أدعو لي, أدعو الله عز وجل بنفسك, والله المستعان.