فتاوى في البر والصلة

سؤال: رجلٌ مغترب في بعضِ الدول ويريد أن يدخل زوجته معه وأمه ترفض ذلك والأمر يستدعي إدخالها فهل إذا أدخلتها بدون موافقة أمي يعتبر من العقوق علمًا أني قد حاولت مرارًا فلم ترض؟

الجواب: إن كان دخول الزوجة يسبب على أمك الضرر وهي بحاجة لها للقيام عليها فلا يجوز لك أن تجلب الضرر على أمك, قال الله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: ٢٣], وقال عز وجل: {وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت: ٨], قال وهل يعتبر من العقوق,  نعم يخشى ان يكون من العقوق اذا سببت الضرر على أمك بهذا العمل وأما إن كان هناك من يقوم عليها بالخدمة أو هي قوية تستطيع أن تقوم على ذلك بنفسها وأنت بحاجة إلى زوجتك فليس عليك إثمٌ بذلك وليس للأم أيضًا أن تمنعك من ذلك إذا كان الأمر يقتضي ذلك ولكن ننصحك بالرفق معها في الكلام والاجتهاد في الملاطفة وبالله التوفيق.

سؤال: يقول ما حكم من حرم وجه أبيه, من أجل دنيا أصابته, أو محاككات دنيوية, وهو يعلم بوجوب بر الوالدين؟

الجواب: أي حرم على نفسه أن يرى وجه أبيه, هذا من العقوق, كيف ترى بوجوب بر الوالدين, وهذا من أعظم العقوق, تحرم على نفسك أن ترى وجه أبيك, يقول الله عز وجل: {إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: ٨٣] وقد قال الله عز وجل في حقهما وهما يأمرانك بالشرك بالله عز وجل: { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [العنكبوت: ٨], واستمع إلى قوله { جَاهَدَاكَ} , ليس مجرد أمر على الشرك, وإنما مجاهدة على أن تشرك بالله عز وجل, ومع ذلك قال عز وجل: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}, إذا كان في حق الشرك, يجاهدك على أن تشرك بالله عز وجل, ومع ذلك أمر الله عز وجل بالمصاحبة لهما في الدنيا معروفًا, فكيف بما هو أقل من ذلك, إما من أجل طلب العلم, وإما من أجل العمل, أو ربما اختلاف أفهام بينك وبينه, حتى وإن كان هو المخطئ, فلا يجوز لك أن ترفع صوتك عليه, ولا أن تنهره, ولا أن تعاديه, عليك الصبر, حتى ولو كان هو المخطئ, فواجب عليك الصبر, يقول الله عز وجل: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا } وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } [الإسراء: ٢٣ – ٢٤], وأيضًا لا يجوز الهجر من أجل ما يظنه, قد يظن أنه قد يهجر أباه وهو سيستقيم, هذا فهم باطل, الهجر لا يجوز مع الوالدين, حتى ولو كان والدك مبتدعًا فلا هجران له, وإن كان من المبتدعة, فلا يجوز الهجر للوالدين.

سؤال: هل يُستجاب دعاء الوالد عند الغضب على ولده بدون حق؟

الجواب:  إذا دعا عليه بدون حق ما يستجاب، أما إذا دعا بحق فيخشى عليه,  أغضب أباه, عصاه فدعا عليه فيخشى أن يستجاب الدعاء .

سؤال: يقول السائل, قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ», فهل إذا احتاج الولد إلى أن يعف نفسه بزواج, وطلب منه أبوه بعض ما جمع من المال لذلك الغرض, هل له أن يأبى طلب أبيه أم ماذا؟

الجواب:  إن كان أبوه متضررًا فواجب عليه أن يعطي أباه ويجعل الله له فرجًا ومخرجًا, ولا يترك أباه على الضرر, كالمرض والجوع والعري, فلا يجوز له أن  يترك أباه على تلك الحالة, وأما إن لم يكن عليه ضرر وأراد التوسع والزيادة, فيجوز له أن يمتنع ليعف نفسه, والمقصود من الحديث: «أنت ومالك لأبيك», إذا احتاج الوالد من مال ولده والولد في غنية عن ذلك المال, فيجب عليه أن يعطي أباه من ذلك المال على ذلك الحال.

أسئلة في بر الوالدين:  

سؤال: يقول أبوه يريد منه أن يدرس متخصص, وهو لا يريد, وقد درس سنة ورسب, ثم قال إنه فاترٌ, فقلت له بصراحة لا أريد هذا التخصص, فقال له أدرس الذي تريد, ثم بعد يومين ردني إلى التخصص الأول, ورغبه في هذا التخصص, ثم هو الآن لا يدرس, ولا يريد؟

الجواب:  نوصيك أن ترضي والدك, بالكلام الحسن, بالكلام الطيب, ثم بعد ذلك أخبره أنك ما عندك رغبة في هذا الشيء, وأخبره أنه خير له, أنك تقبل على العلم, على حفظ القرآن, وحفظ السنة, خير لك ولوالدك في الدنيا والآخرة, اصبر على ذلك, ثم تكلم معه برفق, ثم حاول معه, أو وسط أناس ممن يحبهم أبوك ويحترمهم, يشفعون لك عند والدك, ونسأل الله عز وجل أن يفرج عنا وعنك.

سؤال: يقول أيهما أقرب إجابة الدعوة, دعوة الوالد على ولده, أم دعوة الوالدة على ولدها؟

الجواب:  كلاهما دعوتهما مستجابة, دعوة الوالد المقصود به جنس الوالد, يشمل الأب والأم, إذا كانت الدعوة بحق, تكون دعوة مستجابة.

سؤال:  هل للوالد أن يهجر ولده فوق ثلاثة أيام؟

الجواب:  ليس له أن يهجره فوق ثلاثة أيام إلا لمصلحة شرعية متحققة كأن يكون عاصيا عنده بعض الفسوق والعصيان وإذا هجره الأب سيرجع, فلابأس أن يهجره ويزجره حتى يرجع ويترك ذنبه أو خالط جلساء السوء فيهجره حتى يترك ذلك ـ يُضيق عليه ـ ومع ذلك قبل الهجر يستخدم الموعظة الحسنة ويستخدم الكلام الطيب,  والكلام الحسن يؤثر في الناس أكثر من الشدة,  ثم إذا كان ولده ممن ينتفع بالهجر فلابأس باستخدامه, فلذلك قلنا تكون المصلحة متحققة ـ

أي يغلب على الظن تحققها,  وأما إذا كان يزيده نفورًا ويزداد بعدًا فما الفائدة من هجرك تزيده بعدًا وفسوقًا وعصيانًا فما معك إلا أن تصبر وتعظه مرة بعد  أخرى وتدعوا له، دعاء الوالد مستجاب والأمور بيد الله.

سؤال: اشتهر في بلادنا أن الأب إذا أراد أن يُعطي أولاده ذكورًا أو إناثًا من ماله فإنه يقسم للذكر ضعف الأنثى ولهم أناس يفتونهم بذلك فهل هذا الفعل صحيح؟

الجواب: هذا هو الأصح من أقوال أهلِ العلم وهو قول في  مذهب الإمـــــام أحمد رحمه الله واختاره شيخ الإسلام وابن القيم أن من عجّل القسمة  يعطي الذكر ضعف الأنثى قالوا لأن هذه قسمة الله وهي أعدل قسمة والله عز وجل قسم هذه القسمة  وهي أعدل قسمة والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالعدل فقال: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم», قالوا فالعدل أن يُعطى للذكر مثل حظ الأنثيين  قال الله عز وجل: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١], ولأنه عجل القسمة ولو تأخر حتى مات لكانت القسمة راجعة إلى هذا  للذكر مثل حظ الأنثيين،