فتاوى العلم 05

سؤال: يقول الأخ السائل كان لنا جماعة سلفية يقيمون لنا دورات مكثفة في العطلة الصيفية في دروس نافعة, كلمعة الاعتقاد, ومنظومة العمريطي ومصطلح الحديث, هل هذه الدورات تترك لأنها من أعمال الحزبيين؟

الجواب: هذا طلب العلم, مما يحث الناس عليه, وكونهم اختاروا العطلة الصيفية بسبب تفرغ الناس واقبال طلاب العلم, وإلا فأهل السنة لا يقصرون تعليمهم على العطلة, ولكن اختيارهم لهذا الوقت ليس لتفضيله على غيره, ولكن لسبب آخر, فهذا العمل لا شك أنه من القربات إلى الله عز وجل, وأنه من الأعمال الطيبة أن يعلم الناس الخير, ويحثون على العلم النافع, وتقدم التنبه عليه, على أنه ما كان مأمورًا به شرعًا يعمل به, ولو عمل به من عمل, حتى ولو عمل به الكفار, ما نترك ما أمرنا به الشرع, وحثنا عليه, بسبب أنه عمل به يهودي أو نصراني أو مبتدع.

سؤال: يقول الأخ السائل هل القراءة من الجوال مثل القراءة من المصحف, وهل يحصل القارئ على نفس الأجر, مع أن القارئ لدينه مصحف؟

الجواب:  المصحف كتاب الله عز وجل, وكلام الله عز وجل, لا شك أن حمله عبادة, والنظر إلى آياته, فإنها ترتسم بالذهن, فيؤجر على هذا, الذي يظهر أن القراءة من المصحف فيها أجر وهي أفضل من القراءة من الجوال, لأنه يحمل كتاب الله عز وجل بين يديه, ويقلب صفحاته وينظر إلى الآيات, وهذا في حد ذاته يؤجر عليه, مزيد على القراءة, وقد جاء حديث ولكنه ضعيف, «أديموا النظر إلى المصحف, فإن النظر إليه عبادة», الحديث فيه ضعف, لم يثبت, ولكن لا شك أن حمله للمصحف, وكتاب الله عز وجل, والنظر إلى الآيات, أثناء قراءته, أيضًا يشارك النظر إلى الآيات وتقليب الصفحات, فيه مزية وفيه أجر إن شاء الله عز وجل.

سؤال: أصبح كثير من الإخوة في الآونة الأخيرة يتواصلون فيما بينهم عن طريق الهواتف الذكية بالواتساب وغيره ويتناقلون الفوائد العلمية عبر المجموعات لكنهم صاروا يصرفون فيها الأوقات الكثيرة وشُغلوا بذلك عن سلوك طريق السلف في طلب العلم فما نصيحتكم لهم وجزاكم الله خيرا؟

الجواب: نصيحتنا لهم أنه لا يَكتفي بهذا الأمر,  هذا الأمر ما يُخرج عالمًا وإن كان قد يَستفيد من الفوائد الموجودة ولكن هذا الأمر لا يخرجه عالمًا وداعيًا إلى الله عز وجل لابد أن تفرغ من أوقاتك لحفظ القرآن هذا هو الأصل إنما تلك زيادة, مطالعة للفوائد في المجموعات وغيره زيادة خير إلى الأصل الأصيل وهو التفرغ في بيوت الله عز وجل لحفظ كتاب الله عز وجل وحفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والدراسة عند أهل العلم والجلوس في حلقات العلم أو إذا لم يتيسر لك الرحلة فأخذ الملفات الصوتية لأهل العلم والعكوف عليها وكتابة الفوائد دروس العقيدة الصحيحة دروس الفقه الشرعي وكذلك ما تيسر من دروس مصطلح الحديث وأصول الفقه واللغة العربية.

فننصح إخواننا بالإقبال على العلم النافع,  أقبلوا على العلم قال الزهري رحمه الله تعالــى أدركنا علمائنا يقولون التمسك بالسنة نجاة والعلم يُقبض قبضًا سريعا وفي نعش العلم ثبات الدنيا والدين وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عمرو بن حزم أمره أن يُكتب الحديث قال فإني أخشى ذهاب العلم,  فعلى المسلمين أن يقبلوا على العلم النافع وأن يقبلوا على حفظ القرآن والسنة وما يُـخاف أعداء الإســلام من شيء كإقبال المسلمين على الكتاب والسنة والعقيدة الصحيحة يخافون منه خوفًا شديدًا ويحسبون له الحسابات الكثيرة ويُحاربونه أشد المحاربة والله المستعان .

سؤال: ماهي الأسباب المعينة على رفع الهمة والجد في طلب العلم وطاعة الله رحمه الله؟

الجواب: من أسباب ذلك الدعاء.

ومن أسباب رفع الهمة أن يشعر المسلم بأن الناس بحاجة ماسة إلى العلماء وأن يشعر المسلم بأن هذا من فرائض الدين أن يتعلم المسلمون دينهم ولو على الكفاية: «طلب العلم فريضة على كل مسلم», هذا محمول على ما كان يحتاجه جميع المسلمين, وكذلك من أسباب رفع الهمة أن يتذكر الإنسان فضائل العلم والعمل به ونشره, «من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك  من أجورهم شيء», من دل على خيرٍ فله مثل أجر فاعله,  «من سن في الإســلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء...»,  فإذا تذكر الإنسان مثل هذه الأحاديث بعثت فيه الهمة, وكذلك الأدلة المتكاثرة في فضيلة العلم والعلماء,  كحديث: «فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب, أن العلماء ورثة الأنبياء»,  وحديث: «إن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى النملة جحرها وحتى الحيتان يصلون على معلمي الناس الخير»، وما أشبه ذلك,  هذا يجعله يزداد همة في طلب العلم,  وكذلك ليقرأ سير الأئمة يقرأ سير الأئمة والعلماء فيراهم كيف اجتهدوا وكيف جدوا وكيف تعبوا في تحصيل العلم ورحلوا الرحلات العظيمة وواجهتهم المشاق الشديدة كل ذلك في سبيل الله,  من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة,  وكذلك جالس الحريصين  على العلم.

فإذا جالست الذي يضيع الأوقات  ترى نفسك أمامه أنك لست مسيئًا,  واذا جالست الذي يحرص على أوقاته بالعلم والتعليم ويحرص على أوقاته بالعلم في حفظ القرآن والسنة ترى نفسك أنك مقصر تقصيرًا عظيمًا عند أن ترى حالك أمام الحريص على العلم.

كذلك التوكل على الله عز وجل والاستعانة به  هذا أمرٌ مهم فإن هذا يرفع فيك الهمة الكبيرة, {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: ١٥٩] وليحذر المسلم أن يعتمد على ذكائه أو على حفظه أو على جهاز من الأجهزة الإلكترونية يقول أنا عندي جهاز أو ما أشبه ذلك  هذه الأمور ما تنفع  إذا لم يعنك الله ما تنفع لو كان عندك ما عندك:

إذا لم يكن عون من الله للفتى  }}}  فأول ما يجني عليه  اجتهاده

ما ينفع ولوكان عندك أحدث الأجهزة ولست متوكلًا على الله عز وجل ما تنفع, يقول الله عز وجل: { فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: ١٢٩], ويقول الله عز وجل: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: ٣],ويقول الله عز وجل: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}  [آل عمران: ١٢٢], فالاستعانة بالله والتوكل على الله والحذر من العجب والكبر الحذر من الكبر والعجب بالنفس  واحتقار الآخرين.

كذلك يحتاج المسلم إلى الصبر,  طالب العلم لابد أن يصبر ما سينال العلم إلا مع الصبر, {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}        [لقمان: ١٧], {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: ٤٣], {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: ٩٠], {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: ٢٠٠], {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: ١٠], وأدلة الصبر كثيرةً جدًا.

ومن طلب العلوم بغير كدٍ  }}}  سيدركها إذا شاب الغرابُ

لابد من كد وصبر,  صبر على طلب العلم النافع,  فالصبر لابد منه,  من لم يصبر ما يصل إلى الطريق لأن طلب العلم من أعظم الطرق الموصلة إلى جنة الله عز وجل, والجنان محفوفةٌ بالمكاره, حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات, فاحرص على العلم غاية الحرص واصبر، سينالك في طلب العلم الشدة, سينالك الفقر, ستصاب بكلام الناس, وأذية الأعداء والحاسدين والحاقدين وغير ذلك,  وستصاب بأمورٍ كثيرة يحتاج طالب العلم إلى الصبر.

ومن الأسباب المعينة على العلم النافع أن يحذر الإنسان على نفسه من إرادة الدنيا، احذر على نفسك أن يتعلق قلبك بإرادة شيء من متاع الدنيا في علمك,  فإن هذا باب مهلكة, لقول الله عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: ٥٣], إذا غير الإنسان غير الله عليه ورفع عليه الخير,  فالحذر غاية الحذر من اختلاف النية,  والحذر غاية الحذر أن الإنسان يُريد بعلمه الدنيا أو يجعل علمه سلمًا للدنيا, أو سلمًا للجاه والسلطان أو سلمًا لثناء الناس والمنزلة في صدورهم أو غير ذلك,  فإن هذا يَصير علمه وبالًا عليه والعياذ بالله.

والتواضع أيضًا, إذا ازددت علمًا, أعلم أن العلم ما ينتهي, لقول الله عز وجل: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: ٧٦],كل ما ازداد الإنسان علمًا ازداد تواضعًا,  وما تواضع أحد لله إلا رفعه, فالحرص على التواضع والحذر من العجب والكبر, الكبرُ والعجب مصرفة للخير والتواضع يزيدك سكينة ويزيدك الخير,  تزداد خيرًا إلى الخير الذي عندك, قال الله عز وجل عن المتكبر, يقول الله عز وجل: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}  [الأعراف: ١٤٦],  وأما المتواضع فيزداد ثباتًا ويزداد خيرًا وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله, يقول الله عز وجل: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: ١١].

ملازمة العلماء من أسباب الهمة والأخذ عنهم بكثرة ولا يتعجل الإنسان بنفسه إلى الأخذ من الكتب والقراءة في الكتب أو يأخذ شيئًا قليلًا من العلم ثم يذهب ويتصدر للدعوة ـ يُمسك مسجدًا من المساجد أو مركزا من المراكز العلمية على حصيلة قليلة ـ فكثيرٌ من هذا الصنف لا يثبتون عند الفتن إلا ما شاء الله وربما يُشغل عن العلم وليس عنده الحصيلة الكبيرة .

ومن الأسباب أيضًا وهي من الأمور المهمة البعد عن المعصية والحرص على العبادات والطاعات، العمل بالعلم بالحرص على طاعة الله عز وجل لاسيما الأمور الواجبة لا يقصر فيها إضافة إلى النوافل وكذلك البعد عن المعاصي وعدم التهاون فيها, إذا تهاونت فيها وأنت من أهل العلم فهذا وباله عليك أشد من تهاون العامي. فأنت قد حملت العلم وحملت القرآن والسنة فالحجة عليك أعظم,  نسأل الله التوفيق لما يحب ويرضى .

سؤال: ما حال حديث من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع؟

الجواب: الحديث في إسناده ضعف رواه الترمذي عن أنس وفيه أبو جعفر الرازي فيه ضعفٌ ولكن معناه صحيح,  لحديث " من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة " أخرجه مسلم عن أبي هريرة .

سؤال:  يقول السائل والدي يريد مني أن أجلس في عملي ولا أحضر المحاضرات هل أطيعه؟

الجواب: إنما الطاعة بالمعروف, إن كان أبوك في حاجة ماسة لك ما يستطيع أن يستغني عنك في هذا العمل فتطيع أباك, وأما إن كان يستطيع أن يستغني عنك خلال هذا العمل فيجوز لك أن تذهب إلى حلقة العلم, وعليك أن تنصح والدك وتصبر عليه وترفق معه في الكلام تقول له هذا خير فلا تمنعني من ذلك فلا يطاع في ذلك, لا يطاع في ذلك كما أن إذا منعك من صلاة الضحى إذا قلت يا أبتي أريد أن أصلي ركعتي ضحى فقال لك لا تصلي, لماذا قال هكذا لا تصلي اجلس في المحل, طيب لا يحتاجك ليس هو بحاجة لك تستطيع أن تصلي وتقوم بالواجب, ليس له أن يمنعك من ذلك, وطلب العلم أحب إلى الله من النوافل.

سؤال: ما نصيحتكم للشباب السلفي في بريطانيا, لطلب العلم والمواظبة عليه وما هو أحسن نهج يسلكه الطالب لتحصيل العلم, وهل يعد مطالعة شروح الأحاديث النبوية من طلب العلم؟

 

الجواب:  أما نصيحتنا لهم, فنتواصى بتقوى الله عز وجل, يقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: ١٨], ويقول الله عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢], وهي وصية الله لعباده, قال الله عز وجل: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا} [النساء: ١٣١], ونوصيهم أيضًا بالثبات على وصية النبي صلى الله عليه وسلم, والعمل بكتاب الله عز وجل وسنة النبي صلى الله عليه وسلم, والتمسك بذلك بثبات وقوة, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» أخرجه أبو داود عن العرباض بن سارية بإسنادٍ حسن, والإنسان في مثل هذه الأيام التي كثرت فيها الفتن والشبهات والشهوات, يحتاج إلى أن يأخذ دينه بقوة, ويتمسك به بثبات عظيم, يقول الله عز وجل: { يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: ١٢], وقال الله عز وجل: في حق موسى عليه السلام: { وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الألْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} [الأعراف: ١٤٥], والنبي صلى الله عليه وسلم يقول  «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ», وأوصي نفسي وإياهم بالحرص على طلب العلم الشرعي النافع, طلب العلم يعتبر من أعظم الأسباب التي تعين على الثبات على كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, طلب العلم النافع والعمل به هو سبيل كل مؤمن الى تقوى الله عز وجل وللثبات على السنة وعلى الخير, فأوصيهم على طلب العلم النافع, وأن لا يشغلوا بالدنيا وبطلب الرزق عن أمور الآخرة, ولا يشغلوا  بذلك عن طلب العلم النافع, فمهما ذهبت الأوقات والأيام فأنت محاسب عليها, أنت بحاجة إلى شيءٍ من وقتك تصرفه في طلب العلم, إذا ذهب عليك اليوم كاملًا في طلب الرزق فهذه خسارة, فالإنسان يتفرغ للآخرة, فأوصيهم بالتفرغ لطلب العلم نصف اليوم إذا كان مشغولا. نصف اليوم لطلب العلم, لحفظ القرآن وحفظ الحديث النبوي, وقبل ذلك تعلم اللغة العربية, فلا بد لطالب العلم من ذلك, وإذا لا يحسن اللغة العربية فأنصحه أن يجتهد فيها, فيجتهد في تعلم اللغة العربية حتى يتمكن من حفظ القرآن والسنة, والتفقه في دين الله «من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين» ومن استطاع الرحلة في طلب العلم النافع فليفعل, لا سيما إلى اليمن في دار الحديث بدماج المباركة, فيستفيد وينهل من هذه الدار المباركة العمارة حرسها الله من سوء ومكروه, وإذا لم يستطع فنوصيه باقتناء الأشرطة والشروح التي تخرج من هذا المكان ومن غير هذا المكان ممن يكون أصحابها أهل سنة وخير, فنوصيه بذلك, وهذا يعد إجابة على قوله هل يعد سماع الأشرطة و المطالعة في الشروحات من طلب العلم, نعم يعد من طلب العلم, وإن كان الجلوس في الحلقات خيرٌ من ذلك وأعظم أجرًا, ولكن من لم يستطع ذلك لوجود العوائق فنوصيه باقتناء الأشرطة ومطالعة شروح الأحاديث والبحوثات التي تخرج من هذه الدار ومن غيرها من أهل السنة والجماعة وكذلك مطالعة ما ينشر من دروس عبر الشبكات, ننصحهم بذلك, والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ, وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ », حتى ولو كان ذلك في قراءة الكتب وسماع الأشرطة.