فتاوى العلم 01

سؤال: يقول الأخ يريد نصيحة بالإقبال على طلب العلم, حيث أن أهله يريدون منه إكمال الدراسة وشقوا عليه في ذلك؟

الجواب:  لا شك أن الإقبال على طلب العلم فيه خير كبير, يقول الله عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: ١١], وفي الصحيحين عن مُعَاوِيَةَ، أنه قام خَطِيبًا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ»,  ويقول الله عز وجل: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُواْ الألْبَابِ} [الزمر: ٩], والنبي صلى الله عليه وسلم كما تعلمون ربى الصاحبة رضي الله عنه على العلم والعبادة, وكان يزهدهم من الدنيا, وهذه الدراسات غالب من يسلكها إنما يريد بها الدنيا, أقل القليل الذي يريد أن ينفع مجتمعه, وإنما يريدون بها الأموال, إنما يريد بها المال والتعيش, والله عز وجل يقول: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: ١٦ – ١٧], وكم من إنسان يفتح الله عز وجل عليه بالدنيا, وهو ليس موظف ولا جامعي, ولا شيء من ذلك, بل بعضهم, بعض الموظفين لا يزال فقيرًا, لا يكفيه راتبه, مديونًا, فليست العبرة بالوظيفة, والرزق من الله عز وجل, بل بتوكل الإنسان على الله عز وجل يفتح الله عز وجل عليه أمور دينه ودنياه, جاء في مسند أحمد و سنن ابن ماجه عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا نِيَّتَهُ فَرَّقَ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ جَعَلَ اللَّهُ عز وجل غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ أَمْرَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ», فإذا كان الإنسان همته أن ينفع نفسه, وأن ينفع المسلمين, فإن الله عز وجل يسخر له أمور الدين والدنيا, فأقبل على العلم, وأخلص لله عز وجل, واصدق مع الله عز وجل, ولا تبالي, المستقبل الحقيقي هي جنة الله عز وجل, والجنة تعمر بالعلم والعمل والدعوة إلى الله عز وجل, ليس المستقبل أن يكون لديك سيارة, وراتب, وعمارة, وما أشبه ذلك, هذه نظرة قاصرة, يقول الله عز وجل: { يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر: ٣٩], لو أعطيت الدنيا وما فيها, وأنت مبتعد عن الله عز وجل, فلا فائدة فيها,  يقول الله عز وجل: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: ٣٧], فأقبل على طلب العلم, وأقبل على تعلم دينك, خير لك عند الله عز وجل, في الدنيا والآخرة, وما يضيعك الله عز وجل, والله المستعان.

والبقاء في المسجد للحفظ والتعلم, أشق على النفس من الخروج من المسجد والبحث على عمل, من يبقى في المسجد للحفظ والتعلم, مجاهد لنفسه بشدة ومجالدة, يقول الله عز وجل: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ } رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: ٣٦ – ٣٧], العمل سهل, النفس ترغب فيه, والنفس تحب الدنيا, يذهب وينظر له عملا. في أسرع وقت يجد العمل, ويجدله أعمالًا كثيرة, الذي يجد له متجرًا يبيع فيه, والذي يجد له سيارة يسوقها, والذي يجد له عاملًا يعمل معه في البنيان وغيره, والذي يحمل على ظهرة, الأعمال كثيرة, ما يقول الناس ضيعت نفسك, لا والله إقبالك على الدين, هو اصلاح الدين والدنيا والنفوس, الإقبال على العلم والعمل والدعوة إلى الله, هو اصلاح الدين والدينا, وهم لا يعلمون ذلك, من الذي قال: لو يعلم الملوك وابناء الملوك ما نحن عليه من النعيم, لجالدونا عليه بالسيوف, لأنها راحة نفوس, راحة نفس بالإقبال إلى الله عز وجل, على حفظ السنة, على التفقه في دين الله, طمأنينة النفوس, وانشراح الصدور, وراحة عظيمة, يحسدك عليه الملوك وابناء الملوك, لو علموا ما أنت عليه من الخير, هم يتنعمون في الدنيا, يجد الأموال, لكن يجد الضيق في صدره, والهموم, والأحزان, والمصائب, وما يسلم أحد من المصائب, ولكن راحة العلم والتعليم, وحلقات العلم, تنسيك هموم الدنيا, وتنسيك كثيرًا من المصائب.

سؤال: يقول بعض الإخوة أتي لطلب العلم, ويشتغل نصف النهار, حتى يستعين به على طلب العلم, كشراء الكتب ونحوه؟

الجواب: أما إن كان متحملًا اسرة, ورأى من نفسه الاضطرار إلى ذلك, فيعمل وقت الحاجة فقط, ومن يسر الله عز وجل له ذلك, فيترك العمل, هذا صاحب الاسرة الذي يضطر إلى ذلك, أما لمجرد شراء كتب كما ذكر في هذا السؤال, فأنصحك بالإقبال على طلب العلم, ويأتي الله عز وجل بالكتب, تستعير من أخيك الذي عنده الكتاب, أو تستدين مالًا الذي تشتري به الكتاب, وييسر الله عز وجل القضاء, أو ييسر الله لك كتابًا تستغني به عن كتاب أخيك, فهذا تلبيس من الشيطان, إن كان العمل من أجل شراء كتاب, فأنصحك بالإقبال على طلب العلم, ومن أقبل على العلم يسر الله له الكتب بإذن الله عز وجل, فهذا ما ننصح به, أن يذهب ويعمل من أجل شراء الكتب, فيقبل على ما يسر الله له من الكتب, أو يستدين شيء من المال إن وجد من يقرضه, أو يستعير الكتاب, والله المستعان, وإذا اضطر, لم يجد هذا ولا هذا, فيعمل يومًا لشراء المهم, إن تيسر له عمل يوم أو يومين فقط, لا يشغل نفسه عن طلب العلم, ولا يسمح بهذا, طالب العلم أتى إلى هنا, ليتفرغ لطلب العلم, ما يسمح له أن يذهب ويعمل, وعند الضرورة لها حكمها, ويستأذن في ذلك.

سؤال: يقول بماذا تنصح طالب العلم, من حيث الحفظ, بماذا يبدأ؟

الجواب: من كان عنده قوة في الحفظ يبدأ برياض الصالحين, ثم بلوغ المرام, والصحيح المسند, والصحيحين, الذي عنده حفظ قوي يتوكل على الله يمر عليها كلها, لكن الذي يصعب عليه, وهذا واقع أكثر الناس, ما يستطيع أن يحفظ هذه كلها, فننصحه أولا. برياض الصالحين فهو من أحسن الكتب, يفتح عليك علمًا كثيرًا, في باب الآداب, وفي باب الإرشادات, المواعظ كذلك أيضًا, الأذكار والأدعية, وكذلك أيضًا, في بعض أبواب الفقه, فهو كتبا لا يستغني عنه طالب العلم, ينصح بحفظ القرآن ابتداءً, وبعده حفظ رياض الصالحين, أو قبله الأربعين النووية, ثم بعده رياض الصالحين, وفي باب الفقه عمدة الأحكام وبلوغ المرام, والبلوغ أفضل لمن كان عنده قوة حفظ, لأنه يشتمل على أكثر أحاديث العمدة, وزيادة, ومن كان حفظه ضعيفًا, فالعمدة طيبة, أما منتقى الأخبار للمجد ابن تيمية, فهو طويل جدًا, وصعب للحفظ, وأكثر أحاديثه في الصحيحين, فيستغني عنها بحفظ الصحيحين, اللؤلؤ والمرجان, إذا حفظ أحد الصحيحين, يكون قد حفظ اللؤلؤ والمرجان وزيادة, مع أفراد مسلم إن حفظ مسلم, أو أفراد البخاري إن حفظ البخاري, وهذا كله بعد حفظ القرآن, والحافظ لا بد له من مراجعة لما يحفظه, ولا يحفظ ويرميه وراء ظهره, ولا ينبغي أن يكون طلبه للعلم, مجرد حضور دروس, العلم يتناسى, لا بد من حفظ, فمن أكمل حفظ القرآن ومن الله عليه بذلك, فيجعل له وقتًا للمراجعة, ثم يحفظ ما تيسر له من احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا تتنقل من كتاب إلى كتاب:          

ومشتت العزمات يمضي عمره  } } }  حيران لا ظفـــــــــــــــــــر ولا اخفاق

توكل على الله عز وجل, واحفظ الكتاب من اللوح إلى اللوح, من أوله, لا تتركه إلا إذا انتهيت منه, ولا تتنقل, وكذلك حاول إلا تتقطع عن الحفض, استمر ولو بشيء يسير, كما يقال, قليل دائم خير من كثير منقطع, وينصح الحافظ, أنه يتخذ له مزاملا. ويكون عنده الحرص والنشاط على الحفظ والتسميع والمراجعة.

سؤال: يقول السائل ما حكم الرحلة إلى طلب العلم, لمن لم يأذن له أبوه؟

الجواب:  ما له حق في أن يمنعك, إلا إذا كان يحتاج إليك ضروري, وإلا فما له حق في أن يمنعك من حلقة العلم, وإذا كان يحتاجه في خدمته, وقد يحتاجه في وقت دون وقت, فالوقت الذي لا يحتاجه فليس له حق في أن يمنعه, من الخير, من العلم, من الصلاة, من الصيام, وأما الرحلة في طلب العلم, فإذا كان مستغنيًا عنك ارتحلت, وقد سئل الإمام أحمد, والطرطوشي, وغيرهما من الأئمة, وابن الصلاح, عن الرحلة في طلب العلم, والوالد يحب أن يبقى معه؟, فقالوا يطلب العلم, إذا كان لا يحتاجه, وبعض الآباء لو قيل له يذهب ولدك إلى أمريكا, لفرح فرحًا شديدًا, أو إلى بريطانيا, أو إلى فرنسا, وإذا قيل له يذهب يطلب العلم, غضب غضبًا شديدًا, هذا يدل على أنه ليس بحاجة له, ولكن من أجل الدنيا, ومع ذلك الذي يرتحل لطلب العلم, وأبوه مستغنًا عنه, فالأفضل له أن يحاول أن يرضيه, بقدر ما يستطيع, وإلا فليس له حق في أن يمنعه.

سؤال: يقول طالب علم مبتدأ, يحفظ من القرآن أربعة أجزاء, وعمره في السابع عشر, فماذا تنصحه, يحفظ القرآن, أم يتزوج؟

الجواب: بالنسبة للناس يختلفون, إن كان قد رغب في الزواج وأموره متيسرة, من حيث المسكن, والنفقة, وما يشغل عن العلم, فلا بأس أن يقبل على الزواج, وإن شاء الله عز وجل يكن عونًا له على طلب العلم, وعلى حفظ القرآن, ويعين امرأته, وتعينه, وأما إن كانت أموره غير متيسرة, وربما يحتاج إلى أن يعمل, أو يستدين ديون تثقله, وهو ليس عنده الرغبة الشديدة, فينصح بالإقبال على طلب العم, وسييسر الله عز وجل ذلك لاحقًا, فمع تيسر الأمور, فالتعجل أفضل لمن كانت أموره متيسرة, ففي الصحيحين عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه,  قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم,  فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».

سؤال: يقول الأخ السائل ما هي أفضل طريقة لمراجعة المحفوظات, سواء كانت متون علمية أو أحاديث؟

الجواب:  أفضل طريقة هي كثرة المراجعة, مع الإتقان, شيئًا فشيئًا, ولا تكثر على نفسك, القليل مع الإتقان, خير من الكثير بدون إتقان, وكذلك التسميع, وتكرار التسميع في اليوم الثاني, تكرر ما سمعته في اليوم الأول, وكذلك في اليوم الثالث, وفي اليوم الرابع, حتى تتقن التسميع إن شاء الله عز وجل, وقبل ذلك الاعتماد على الله عز وجل, والإخلاص, وكثرة الدعاء, والصدق مع الله عز وجل.

سؤال: يقول الأخ ما هي المدة التي يستطيع فيها الطالب أن يأخذ فيها علوم الآلة؟

الجواب: تختلف على حسب الطالب, فمنهم من يأخذها سريعًا, ومنهم من يتأخر, وينبغي لطالب العلم, أن يعتني بالإتقان, ولا يعتني بالسرعة, أهم شيء عنده, أن يأخذ العلوم بإتقان, يأخذ العلوم ويكون محسنًا فيها, علوم الآلة تطلق على العلوم التي يتوصل بها إلى فهم العلوم الأخرى, كعلم المصطلح, وعلم أصول الفقه, وعلم النحو, وعلم التجويد, لأنها تستخدم لعلوم أخرى, وكما سمعتم القصد هو الإتقان, فيبدأ الطالب بالتدريج, فيأخذ بالأسهل, ثم الذي يليه, ثم الذي يليه, ولا يستعجل, ولا يستحقر درسًا صغيرًا, يقول أنا كبير, ما سأدرس الكتاب الصغير, ويستعجل على الكتاب الكبير, هذا يجعله ما يتقن العلوم ولا يهضمها, فمثلًا بالمصطلح تبدأ بدراسة البيقونية, وتتقنها, ثم باختصار علوم الحديث لابن كثير, ثم النزهة, هكذا بالتدريج, والنجو كذلك, تبدأ بالآجرومية مع شرحها, ثم بالمتممة, ثم قطر الندى, ثم ابن عقيل, بالتدريج, وكذلك التجويد, تتدرج به تدرجًا من الأقل إلى الأعلى, وكذلك في التوحيد, يبدأ بالدروس الصغيرة, بالأصول الثلاثة, والقواعد الأربع, وكذلك كتاب كشف الشبهات في التوحيد, وكتاب التوحيد ثم يتدرج, وكذلك العقيدة, يبدأ بلمعة الاعتقاد, ثم بالواسطية, ثم يتدرج, القواعد المثلى, ثم بالعقيدة الطحاوية, ثم يتدرج.

سؤال: يقول الأخ السائل ماذا تنصحني أن أحفظ بعد القرآن وعمدة الأحكام, وبعد حفظ بعض متون العقيدة والتجويد؟

الجواب: أنصحك بحفظ الصحيحين, البخاري ومسلم, وإذا كنت ما زلت تريد التزود من الفقه, ننصحك ببلوغ المرام, لكن الصحيحين فيهما الخير العظيم, ننصحك بالإقبال عليها, وأسهل لك أن تحفظ صحيح مسلم, ثم تضيف عليها أفراد البخاري, هذا أسهل عليك, فالبخاري أذا أردت أن تحفظه بأبوابه وتراجمه يشق عليك, وربما تنقطع, فننصحك تيسيرًا عليك, أن تحفظ صحيح مسلم, ثم تضيف عليه أفراد البخاري, بدأنا في عام تسعة عشر من الهجرة في حفظ البخاري, ما كان هناك من ينصح, كنا نحفظ جميع الأبواب والألفاظ, ما كنا نحفظ لفظ واحد, التيمم عشرة أحاديث بألفاظ مختلفة, كنا نريد أن نحفظها كلها, حتى شق علينا, وصلنا إلى كتاب الحيض, ورجعنا إلى مسلم, تركت البخاري, ولو حفظت الأبواب مع الاقتصار على لفظ واحد لكان أيسر, لكن كنا نشق على أنفسنا, نريد أن نحفظ الألفاظ كلها, والأبواب كلها, فرأيته شاقًا, ورجعت إلى صحيح مسلم, والحمد لله أعان الله على صحيح مسلم, ثم أضفنا إليه أفراد البخاري, هذا أيسر, فإن كنت عندك رغبة في حفظ صحيح البخاري, فننصحك بعدم حفظ الألفاظ المكررة, مثلًا مر عليك حديث عبد الله بن زيد في الوضوء, البخاري كرره في كتاب الوضوء ربما عشر مرات, ثمان مرات, احفظ لفظًا واحدًا واقتصر عليه, احفظ الباب وقل تحته حديث عبدالله بن زيد, أحفظ لفظًا واحدًا أوسع لفظٍ فيها, حديث عائشة في الحج كرره البخاري ربما أكثر من ثلاثين مرة, سيشق عليك تحفظ الألفاظ, مع اختلاف الالفاظ, مع التقطيع, فالبخاري فيه مشقة للحفظ, وبعض الناس أعطاه الله قوة حفظ, ربما يكون يسيرًا عليه, مع ما فيه من الفقه والتراجم والآثار يصير فقيهًا, ويفتح الله عليه علومًا كثيرة, وبعدها يقرأ فتح الباري, ما شاء الله, إذا صار عنده حفظ البخاري بإتقان, ثم زاد عليه قراءة فتح الباري بتركيز وإتقان, يصير عنده علومٌ عظيمة.

سؤال: يقول بعض طلاب العلم لا يفتحون مصحفًا ولا يحضرون الدروس؟

 

الجواب: هذا لا ينبغي طالب العلم, ما أتى لهذا المكان إلا لطلب العلم, وليس مقبولًا أن يأتي فقط, مستمع فقط, لا يكتب فائدة, ولا يحضر كتابًا, فمن كان محسوبًا على الطلاب في المسجد, وفي هذا المكان, فيحضر الدروس, ويكتب الفوائد, وإذا استطاع يقتني الكتب, والله المستعان.