فتاوى الكفارات والأيمان والنذور 05

سؤال:  يقول رجل حلف على أشياء متعددة في أوقات مختلفة ولم يفعلها فهل عليه كفارة واحدة أم عليه كفارة لكل يمين, وإذا لم يعلم كم عددها فماذا يصنع؟

الجواب:  إن حلف على أن يفعل شيئًا ثم لم يفعل, أو على أن يترك شيئًا ثم لم يترك, وهي ما يسمى  عند الفقهاء باليمين المستقبلة هذه فيها كفارة, فأن كانت أشياء متعددة حلف أن يفعل شيئًا ثم لم يفعل وحلف أن يفعل شيء آخر ثم لم يفعل فعليه لكل شيءٍ كفارة, لكل شيءٍ كفارة, ولو تكرر اليمين على شيءٍ واحد فعليه كفارة واحدة, كأن يحلف بالله ما يدخل بيت فلان يقول والله ما أدخل بيت فلان ثم مكث قليلًا فقال والله ما أدخل بيت فلان, ثم في اليوم الثاني كرر نفس اليمين وقال والله ما أدخل بيت فلان ثم دخل عليه كفارة واحدة,  لأنها يمين متعددة لشيءٍ واحد, فإذا حلف ألا يدخل بيت فلان ثم دخله فعليه كفارة فإذا حلف بعد الكفارة ألا يدخل بيت فلان ثم دخله هل عليه كفارة أخرى أم لا عند من؟ عندك نعم عليه كفارة أخرى, إذا كان قد تخللها الكفارة عليه كفارة أخرى.

سؤال: يقول السائل رجل حلف بالطلاق أنه سيعطي رجلًا مالًا بالمساء, فجاء وقت التسديد فلم يسلمها وكفر باليوم الثاني كفارة يمين فما حكم ذلك؟

الجواب:  إن كان غير قاصد الطلاق وإنما قاصد اليمين فعليه كفارة يمين وقد كفر, وإن كان غير قاصد اليمين وإنما قاصد الطلاق, وهو ما يسمى بالطلاق المعلق فيقع عليه تطليقة والله المستعان, فهذا راجع إلى نية الشخص «إنما الاعمال بالنيات».

سؤال:  يقول أعطاني أحد الأشخاص شيءً, وحلفت أن أعطيه مقابل ذلك الشيء فلوسًا وقيمة الشيء ما بين الألف والخمسمائة ريال والألف والأربعمائة ريال, وعندما أعطيته الألف والخمسمائة ريال أرجع الي ألف ريال, وقال هذا الشيء لم أشتريه وجاء الي هدية وحق اليمين أخذت الخمسمائة ريال؟

الجواب: على حسب يمنيك, إن كنت تقصد ثمنه أنك تعطيه ثمنه الذي هو في السوق, ما زلت حانثًا علي يمينك عليك الكفارة, عليك كفارة تطعم عشرة مساكين أو تكسوهم فإن لم تسطع فتصوم ثلاثة أيام, وأما أن كانت يمينك معه على الثمن المتراضى عليه سواء قل على سعر السوق أم كثر فلا بأس فالخمسمائة تصلح ثمنًا له والله المستعان.

سؤال: امرأة تحلف على طفلها إن لم يسكت بأنها ستضربه, وهو لا يسكت, لأن عمره ما يزال ستة أشهر, فهل عليها كفارة, لأنها لا تضربه؟

الجواب:  إن كان حلفًا, ولم تحدد في قلبها, مثلًا إن لم يسكت في الجلسة, فإن كان لها تحديد في قلبها لها ذلك, لأنها قد تقصد أنه إن لم يسكت خلال الجلسة, أو طوال مدة, فهذه ما يزال لها مخرج من ذلك, وأما إن كانت تقصد ذلك الوقت مباشرة فعليها كفارة, لأنها ما ضربته, والأفضل أن تكفر, لأنه لا يجوز لها أن تضربه وهو بهذا العمر, لأنه لا يفهم, قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في البخاري: « لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ», وبقي هل حلفت قاصدة من قلبها, أم سبق إلى لسانها اليمين بسبب الغصب والغيض, إن كان سبق اليمين إلى لسانها وهي لا تقصد اليمين فلا يقع عليها اليمين, وأما إذا عقدت اليمين من القلب ولم تضربه وجبت عليها الكفارة, وهذا تزيين من الشيطان, وإلا كيف تحلف على مثل هذا الطفل.

سؤال: تكرر مني الحلف عدة مرات, فكيف أفعل بالكفارات؟

الجواب: إذا تكرر اليمين على شيء واحد, مثلًا تقول والله ما أدخل بيت فلان, فجاء أناس يراجعونك, وأنت حلفت مرة أخرى, وأنت تقول والله ما أدخل بيت فلان, مرتين وثلاث وأربع, وأنت تكرر نفس اليمين, هذا فيه كفارة واحدة, فإذا دخلت بعد ذلك عليك كفارة واحدة, هذا تأكيد, لكن لو تكرر منك بعد الكفارة, دخلت, فكفرت, ثم دخلت, ثم حلفت, هل عليك كفارة أخرى؟, عليك كفارة أخرى.

سؤال: يقول ما حكم من قال, قلدني الله سبحانه وتعالى؟

الجواب: من يقول هذا الكلام, يقصد به أن الله يجعله أمانة في عنقه, بمعنى أنه يقول فيه كلمة الحق ولا يخونك, ولا يخدعك, هذا هو المراد, وليس فيه محذور شرعي, وينصح بتركه.

سؤال: حلفت على شيءٍ ولم أفعله, فقال أحد زملائه, يطعم عشرة قاتًا؟

الجواب:  هذه فتوى باطلة, لأن القات ليس من الطعام الطيب, بل هي شجرة خبيثة, والله سبحانه وتعالى يقول: { فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ } [المائدة: ٨٩], فهذا الكلام باطل.

سؤال: يقول الأخ السائل هل يجوز للإنسان أن يأكل من نذره, وهل له أن يذبحه في وليمة؟

الجواب: النذر, إن نذر لله سبحانه وتعالى بالذبح, ومقصوده التعبد لله سبحانه وتعالى بذبحه, فلا يمنع ذلك أن يأكل منه, كما في عبادة الأضحية والهدي والعقيقة, وأما إن قصد في نذره ذبحه والتصدق به, وكان هذا في قلبه أن يتصدق به, ولا يأكل منه, فلا يأكل منه, وأما أن يجعله في وليمة, فهذه حيلة, فالنذر واجب في نفسه, فلا يجعله في وليمة,  لأن معناه أنه أعاده إلى نفسه, احتال إلى إعادته إلى نفسه.

سؤال: تقول السائلة رجلًا نذر أن يذبح شاةً, ثم أراد أن يبدل تلك الشاة إلى ملابس ويوزعها إلى المستحقين, فهل يجوز ذلك؟

الجواب: قد نذر بذبح شاة فيوفي بنذره, عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ», وأما استبداله بأمر آخر فلا, فالنذر بالذبح اجتمعت فيه عبادتان عبادة الذبح وهي من أفضل القربات إلى الله سبحانه وتعالى وعبادة توزيع اللحم وهذا فيه خير, وذلك فيه خير ولكن قد نذر أن يذبح فيوفي بنذره.

سؤال: يقول السائل رجل قال لزوجته أنت حرام علي كما حرمت علي أمي؟

الجواب: أكثر العلماء يعدون هذا ظهارًا, إذا قال حرمت علي كحرمة أمي, أكثر العلماء يعدونه من الظهار, ويوجبون عليه كفارة مغلظة, وهي عتق رقبة, فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين, فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا, كل ذلك من قبل أن يتماسى, أي ما يقرب زوجته حتى يكفر, وعلى هذا أفتى العلامة ابن باز والعلامة ابن عثيمين رحمة الله عليهما, وبعض أهل العلم يقول لا يكون ظهارًا إلا إذا قال كظهر أمي, والذي يظهر أن الأحوط له أن يكفر على قول أكثر العلماء, والله أعلم.

سؤال:  شخص عاهد على شيء فوجد سكوته على هذا الشيء الذي عاهد عليه قد تسبب في البغضاء بين الناس, بمحاولة تلميح هذا الشيء الذي عاهد عليه لكي يبين لهؤلاء أن غيرهم هم السبب في هذه البغضاء, هل عليه كفارة؟

الجواب: أن كان المقصود الذي عاهد مع يمين, اليمين يكفر ويخبر بما لا يحصل فيه الضرر, لا يسكت عن منكر, يبين الحق بدون ضرر وإذا كان يحصل ضرر بين الناس بدون فائدة فلا داعي أن يذكر ذلك ويحرص على الإصلاح بقدر ما يستطيع, وإن كان في سكوته ضياع لبعض الحق فلا يجوز له السكوت ويكفر عن اليمين, ومجرد الوعد لا يعتبر يمنًا حتى يلزم فيه الكفارة.

سؤال: يقول أخذت على نفسي عهدًا, أنني لا أعود على فعل المعصية, ثم وقعت في المعصية مرة أخرى, فكفرت كفارة يمين, هل هذا صحيح, وإذا عدت إلى ذلك بعد الكفارة, فهل علي كفارة ثانية؟

الجواب:  نعم. من أخذ على نفسه عهدًا لله سبحانه وتعالى, فهو في حكم اليمين, أو النذر, علي عهد لله أن لا أفعل كذا, ثم فعل كذا, فهو نذر, أو يمين, على حسب اللفظ الذي تلفظ به, لا تعد إليها, وتب توبة نصوح, واعزم على أن لا تعود إليها, لقول الله سبحانه وتعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: ٨], التوبة النصوح هي التي يقلع صاحبها عن الذنب ولا يعود إليها أبدًا, ويعزم على أن لا يعود إليها أبدًا, فأنت لا تعد إلى هذا الذنب مرة أخرى, بقي من حيث الكفارة, فهل عليه كفارة ثانية إذا فعله, ليس عليه كفارة ثانية, إلا إذا أخذ على نفسه عهدًا مرة ثانية, ثم وقع فيها,  فعليه كفارة ثانية, ومن لم يوفِ بيمينه, فهل يكون قد حصل له شيء من النفاق؟, الذي يظهر أنه ليس كل من لم يوفِ بيمينه يكون قد حصل له شيء من النفاق, إلا إذا أظهر للناس ذلك, أو من علم بكذب, أو مخادعة, أو ما أشبه ذلك, يكون عنده بعض النفاق, عهد الله, تكون يمينًا, لكن الأحسن أن تكون واضحة, مثل قوله «والله», وهو يطلق ويراد به ما عهد الله به على العباد, وعهد الله على العباد, أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا, فهذا من باب التشريع, والتشريع صفة من صفات الله سبحانه وتعالى, أمر الله نهيه من صفاته, فمن هذا الاعتبار جعله العلماء يمينًا صحيحًا, فيه الكفارة, قد ذكروا هذا في كتب الفقه, ومع ذلك لو أتى بلفظ واضح لأن بعض الناس لا يفهم من هذا أن يكون يمينًا صحيحًا, لكن قد تقدم أن هذا يمين.

سؤال: يقول رجل كان يحمل مسدسًا, لأجل اقتناء السلاح, فوقع خطًا, ثم خرج الرصاص على شخصٍ فقتله؟

الجواب: هذا قتل خطأ واضح, عليه الدية إلا أن يعفوا, وعليه الكفارة التي ذكرها الله في القرآن بقول الله سبحانه وتعالى: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}  [النساء: ٩٢].

سؤال: يقول ذهبنا مرة إلى الحج وانقلبت السيارة, ومات ستة أشخاص, فماذا على السائق؟

الجواب: إذا حصل الخطأ من السائق مثلًا كان مسرعًا جدًا, أو ما أنتبه, فيتحمل السائق الكفارة والدية, الدية لأهل الأموات إلا أن يسمحوا, والكفارة على كل شخص صيام شهرين متتابعين, فإن لم يستطع, فيطعم عن كل شخص ستين مسكينًا, فإن لم يستطع فتبقى في ذمته حتى يستطيع, ولم نذكر عتق رقبة وهي أول أمر, لعدم وجود الرقاب في هذه الأيام, في بلداننا.

سؤال: يقول رجل يقود حافلة على متنها خمسون راكبًا, حصل له حادث, مات ثمانية وعشرون راكبًا, فما هي الكفارة التي تلزم هذا السائق, وهل يعد قتل خطأ؟

الجواب: القتل خطأ, بلا شك, وإن كان هو المتسبب في ذلك, وعليه الكفارة عن كل نفس دية, عليه وعلى عاقلته, وكفارة على نفسه, صيام شهرين عن كل نفس, إذا استطاع, وإلا انتقل إلى الإطعام, ويطعم ستين مسكينًا عن كل نفس.

سؤال: يقول رجل قال حرام ثلاث ما أفعل هذا الشيء, ثم أراد أن يفعله, هل يعد طلاقًا عليه؟

الجواب:  إذا نوى طلاق امرأته, فنعم يقع عليه طلقة واحدة, كان الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الثلاث طلقة واحدة, كما في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه, وأما إذا قصد أن يمنع نفسه من هذا الفعل, ما يريد الطلاق, إنما يريد أن يلزم نفسه, ويؤكد أنه ما سيصنع هذا الفعل أبدًا, وليس في قلبه أن يطلق امرأته, إنما يريد أن يمتنع من هذا الشيء, فالأصح من أقوال أهل العلم أنه يعتبر يمينًا, وفيه الكفارة.

سؤال: تقول إذا أقسم شخص على فعل شيء, وقال بعد القسم إن شاء الله سبحانه وتعالى, ولم يفعل ذلك الفعل, فهل عليه كفارة؟

الجواب: ليس عليه كفارة, لأنه لما لم يفعله, عُلم أن  الله سبحانه وتعالى لم يشأ ذلك, ففي مصنف عبد الرزاق عن  ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَال: " مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَحْنَثْ", وقد روي مرفوعًا وموقوفًا, والموقوف أصح, ولأنه علق بمشيئة  الله سبحانه وتعالى, فلما لم يقع علم أن  الله سبحانه وتعالى لم يشأ وقوع ذلك الشيء, فلا كفارة عليه.

سؤال: رجلٌ رمى بنفسه تحت سيارة هل على صاحب السيارة صيام, ويكون قتل خطأ؟

 

الجواب: إذا كان مجنونًا رمى بنفسه أمام السائق فهو الذي قتل نفسه مثل لو رمى بنفسه من فوق السطح, أما إذا عُلم أنه رمى بنفسه عمدًا بسبب جنونه فليس على صاحب السيارة شيء, لكن إن كان حصل له خطأ أو سقط أو ما أشبه ذلك وصاحب السيارة اشترك كذلك، فعليه الكفارة، أما هذا عبارة عن قتل لنفسه, مثله أيضًا من قفز من فوق السيارة ـ السيارة تمشي بسرعة وشخص من فوقها يقفز إلى الأرض فيموت ـ ما على صاحب السيارة شيء ـ ذاك الذي قتل نفسه بتصرفه ذلك ـ فليس هو المتسبب في ذلك .