مجموع الفتاوى المنوعة 02

سؤال: هل يجوز أن يسمي الرجل ولده بالقاسم وهل يجوز أن يتكنى به؟

الجواب: أما التسمية به فيجوز لأنه لم يَنه النبي صلى الله عليه وسلم عن التسمية وإنما نهى عن التكني, «تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي» متفق عليه عن أنس بن مالك, وعن  أبي هريرة رضي الله عنهما وجاء عن غيرهما .

إذن التكني هو الذي نَهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأما تسمية الولد بالقاسم فلابأس,  وقد سُمي القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق على عهد الصحابة ولم يُنكر عليه أحد بل هو ابن أخي عائشة رضي الله عنها عائشة خالته ولم تُنكر ذلك.

وما يتعلق بالتكني بعض أهل العلم خص النهي فيمن جمع بين الكنية مع الاسم, يُكنى بالقاسم واسمه محمد وجاء في ذلك حديث ولكن فيه ضعف في أن النهي من جمع بين الأمرين .

وبعض أهل العلم خص النهي بعهد النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: «لأن رجلًا دعا يا أبا القاسم فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لم أعنِك أنما عنيت فلانًا فقال تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي», قالوا فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى لما دعا في عهده وهذا في الحقيقة تخصيص للحديث بدون دليل, والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب,  «تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي», مع أن جماعة من الفقهاء تكنوا بالقاسم كان مأخذهم أن النهي خاص بعهده صلى الله عليه وسلم وبعضهم حمل النهي على أنه في حق من جمع بين الاسم والكنية والأقرب أن يبقى على ظاهر الحديث فلا يتكنى به احد, ومن تكنى به من أهل العلم  فهو اجتهادٌ منه أخطأ فيه.

سؤال: هل تقصير الشعر من جوانب الرأس يدخل في القزع؟

الجواب: إذا كان أمرًا ظاهرًا ظهر الفرق كل من رآه يراه واضحًا فيدخل في القزع والقزع كما في الصحيحين عن ابن عمر منهيٌ عنه قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن القزع قال وهو أن يُحلق بعض رأس الصبي ويترك بعض», وهذا محرم فيه تشبه بالكفار سواء حلق أطرافه وأبقى وسطه أو حلق وسطه وأبقى أطرافه .

التقصير الخفيف الذي ما يظهر فيه الفرق فهذا ما نستطيع أن نجزم أنه من القزع ولكن يُخشى أن يكون من التشبه بأعداء الإســلام.

لكن الذي يُجزم بأنه قزع ما كان ظاهرًا أنه قد أُخذ من هذا المكان وتُرك بعضه, فالنهي للعموم وذاك إنما تفسير من الراوي أن يؤخذ بعضه ويترك بعضه  وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «احلقوه كله أو اتركوه كله», فهذا العمل محرم وما أكثر مخالفات المسلمين والله المستعان, مع أنه منظر قبيح لكن تمسخ الفطر تمسخ فطر بعض الناس لا يعقل الأمور وأنفس كثير من الناس مجبولة على حب المخالفة ما كان منهيا ارتكبوه نسأل الله العافية، ومما يدل على أنه تشبه بأعداء الإسلام أنهم يذكرون أسمائهم حلاقة فلان وحلاقة فلان, من تشبه بقومٍ فهو منهم أخرجه أحمد وابو داود وغيرهما من حديث ابن عمر رضي الله عنه, وكما سمعتم مناظر قبيحة يجعل أحدهم شعره في الوسط كعرف الديك, فالناس في جهل، الله يصلحهم,  ولو فعل كما فعل صلى الله عليه وسلم كان يترك شعره كاملًا حتى يبلغ شحمة أذنيه وربما  ضرب كتفه وإذا حلقه حلقه كله كما في الحج والعمرة وإذا قصر قصره جميعه.

سؤال: رجل له قريب حصل لولده حادث فاحتاج إلى مال فشفع له عند فاعل خير فأعطاه ألف ريال بالعملة السعودية ثم كلمت المريض كم تحتاج قال يحتاج إلى خمسمائة فهل الخمسمائة الأخرى يعطيها لآخرين أم ماذا؟ وهل أخبر الرجل أنها ليست مني وإنما هي من فاعل خير لأنه يظنها مني؟

الجواب: عليك أولًا أن تُعطيه الألف كاملة  لأنك شفعت له وطلبت له باسمه والألف أُعطيت بسببه فعليك أن توصل الألف كاملة إلى الشخص الذي شفعت له ولا تؤخر منها شيء ليس لك ذلك, أنه ما أعطاه إلا بسبب حاجته وبسبب الحادث الذي أصيب به والله المستعان .

وأما قولك هل تخبره ـ نعم يجب عليك أن تخبره أنها من غيرك حتى لا تدخل في حديث: «المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور» متفق عليه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها, وأخرجه مسلم عن عائشة رضي الله عنها, وهو وَهمٌ من بعض الرواة وهِم بعض الرواة فجعلوه عن عائشة والصحيح أنه عن أسماء, وحتى لا تدخل في قوله سبحانه وتعالى: { لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}  [آل عمران: ١٨٨].

سؤال: رجل عنده جار يُعطيه بعض الهدايا ومصدر دخله هو القات فكيف يعمل معه وهو لايزال يعطيه وكيف يتخلص من ذلك؟

الجواب: إن كان له مصدر آخر غير القات والمال مختلِط فلا بأس أن تقبل الهدية ولابأس عليك, وأما إن كان من القات فقط فيه إشكال ولكن كافئه على هديته إذا استطعت وانو بها المقابلة والله المستعان .

سؤال: ما حكم التأمين الصحي الذي تأخذه بعض الشركات من موظفيها من رواتبهم مقابل الخدمات الصحية؟

الجواب: لا يجوز أن يؤخذ إلا بطيب نفسٍ منهم، ولا يكون إلزامًا على الناس من أحب أن يضع شيئًا من ماله لله يرتضي بنفسه سواء احتاجه هو أو لم يحتجه  فلابأس وأما أن يُلزم فلا يحوز ذلك, ويكون ذلك من باب التعاون على البر والتقوى.

وضع مالًا وهو في نفسه أنه إذا احتاجه سيعطونه وإذا لم يحتجه فهو تبرع منه لله فلابأس, وأما أن يكون إلزامًا فهذا لا يجوز، وإنما يكون على سبيل التبرع والتعاون على البر والتقوى.

سؤال: ما حكم ما يسمى بالضمان الاجتماعي وهو أن تقطع الدولة مبلغًا من راتب الموظف طوال فترة العمل ثم إذا مات ذلك الموظف يقوم أهله بأخذ ذلك المبلغ كراتب شهري للتأمينات؟

الجواب: لهم أن يفعلوا ذلك بطيب نفسٍ منه برضا من الموظف, أما أن يأخذونها بدون رضا فليس لهم ذلك وإذا مات وجب عليهم أن يعطون أهله حقهم وليس لهم أيضًا أن يقسطوها على رواتب شهرية إلا بإذنهم.

سؤال: ما حكم من يمنع الماء عن أشجار الحرم المكي بقصد أن تموت وتذهب؟

الجواب: الله سبحانه وتعالى هو الذي يُقدر لها أرزاقها وإذا شاء الله أمطرها فنبتت, لابأس عليهم في ذلك، ليس لازمًا عليهم أن يسقوها وسيصيبها من مياه المطر.

سؤال: هل يُقال لمن كان من خارج البلاد أجنبيًا ويُستدل بقوله سبحانه وتعالى: {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [النساء: ٣٦] ؟

الجواب: لا ـ ما ينبغي أن يُقال فيه أجنبي إنما المؤمنون إخوة كما قال الله سبحانه وتعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠], يُقال رجلٌ غريب كما جاء في الأحاديث رجل غريب لا يدرى ما دينه جاء يسأل عن دينه ولم يكونوا يطلقون هذا اللفظ أجنبي على أنه من حيث المعنى اللغوي أي أنه ليس مخالطا، من مكان آخر، له وجه من حيث المعنى اللغوي ولكن تركه أولى, وكذلك الجار الجنب المقصود به أي الجار الذي ليس من الأقارب لأن الله سبحانه وتعالى ذكر الجار القريب والجار الجنب أي ليس من الأقارب, وهذه الكلمة دخلت بين المسلمين بكثرة وتركها أولى, استخدمها بعض المسلمين بكثرة وهي تشعر بأنه شخص آخر بعيدٌ عن المسلمين ولا شك أن الأخوة الإيمانية أعظم من مجرد أن يكون من بلدك.

الأخوة الإيمانية أعظم من أن يكون ليس من بلدك فقط فما فائدة  أن يوصف بأنه أجنبي والله المستعان.

سؤال: بعض المغتربين يقول لبعض أصحابه أعط أهلي مالًا بالعملة اليمنية ثم يعيده له بعملة أخرى فما حكم هذا العمل؟

الجواب: مثلًا يكون المغترب في أرض الحجاز يتصل إلى اليمن يقول لصاحبه هنالك أعط اهلي كذا كذا مثلًا مائة ألف ريال يمني فيعطيهم ثم يعيدها له بالعملة السعودية هذا لا يجوز إلا أن يصرف له بوقت واحد يتقابضون فيه، ولكن يعطيه دينًا بالعملة اليمنية ويعيدها بالعملة اليمنية أو يعطيهم في البلاد بالعملة السعودية ويقتضي منه أيضًا بالعملة السعودية وكذلك يجوز أن يقرضه بالعملة اليمنية والسعودية ثم لا يشترط عليه أن يعيدها بعملة أخرى فإذا جاء وقت السداد وقال ما عندي إلا عملة كذا وهي مخالفة فلابأس أن يعطيه العملة الأخرى إذا لم يكن بينهم شرط مسبق ـ يعطيه العملة الأخرى بشرط أن يتقابضا في نفس المجلس ويتفرقا وليس بينهما شيء, وبشرط أيضًا أن يكون بسعر السوق حتى لا يربح فيما لم يدخل في ضمانه.

سؤال: هل العبد إذا ولد له مولود يكون عبدًا لسيد أبيه؟

الجواب: لا. العبودية والحرية يكون  المولود فيها تبعًا لأمه بإجماع أهل العلماء فإذا كانت أمه حرة وأبوه عبدا فيصير المولود حرًا تبعًا لأمه وإن كانت أمه أمة وأبوه حرا فيكون عبدًا لسيد أمه وإن كانت أمه أمة وأبوه عبدا لسيد آخر يكون الولد عبدًا لسيد الأم ـ إذًا العبودية والحرية يتبع بها الأم وأما الولاء فينجر حتى في أبنائه من الذكور .

سؤال: إذا وُجد للإمام قولين أو روايتين أو وجهين فما هو المقصود من هذا؟

الجواب: إذا قالوا روايتين فالمقصود عن الإمـــــام نفسه القولان عن الإمـــــام نفسه أصحابه روى عنه قولًا والآخر روى قولًا آخر وأما الوجهان فهو اختلاف عند أصحاب المذهب .

سؤال: رجل عنده دين وتوفي فهل يجوز لأهله القضاء عنه؟

الجواب: نعم يقضون عنه. هذا مؤكد عليهم وإن كان ترك مالًا هو نفسه فيجب عليهم أن يخرجوا من ماله قضاء الديون قبل قسمتها .

سؤال: هل المال الذي يٌعطيه من لم تكن معه رخصة قيادة السيارة لشرطي المرور حتى لا يُمسكه هل يدخل في الرشوة؟

الجواب: ننصح من كان يحسن قيادة السيارة أن يتخذ الرخصة حتى لا يقع في هذا الحرج ثانيًا, إذا كان يحسن القيادة وليس عنده رخصة وكانوا يأخذون عليه ضرائب شاقة عليه مكلفة فوق ما يستحق الأمر فلابأس أن يتخلص من ذلك في مثل هذا ولا يكون في حقه رشوة لأنه يتخلص من الضرائب الكبيرة التي تفرض عليه وأما إن كانت عقوبات يسيرة  لا يعطيه حتى لا يقع في الرشوة بل يدفع العقوبة ويتخذ رخصة القيادة حتى يخرج من هذا الحرج .

سؤال: هل الحناء الأسود يدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم وجنبوه السواد؟

الجواب: نعم. يدخل في ذلك والحناء لا يكون أسود الحناء الطبيعي لا يكون أسود وإنما يضيفون إليه مواد تسبب ذلك، المواد الاتي تجعله يسود فهذا يدخل في الحديث الذي ذكرته وفي الحديث الآخر يكون قوما يخضبون في آخر الزمان بالسواد  كحواصل الحمام لا يجدون رائحة الجنة  عن ابن عباس عند أبي داود وهو حديث صحيح، وحديث غيروا هذا وجنبوه السواد أخرجه مسلم عن جابر.

سؤال: رجل مات وعليه دين ولم يترك مالًا فهل يجب على أولاده القضاء عليه أم هو مستحب؟

الجواب: يجب على ولي أمر المسلمين أن يقضي دينه من بيت المال لقوله صلى الله عليه وسلم من ترك مالًا فلورثة ومن ترك دينا أو ضياعًا فإلي وعلي, ولكن  إذا لم يسع بيت المال لتخليص الحق فينبغي لأولاده أن يسعوا في إبراء ذمة أبيهم حتى يُخلصوا ذمته ـ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يغفر للشهيد كل ذنبٍ إلا الدين أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمر بن العاص وقال النبي صلى الله عليه وسلم نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه, تبقى نفسه محبوسة عن النعيم حتى يقضى  عليه دينه .

وأما مسألة الوجوب هل يجب على أولاده؟ إن كان عندهم ما يزيد على حاجتهم من كان عند زيادة على حاجته  ونفقته ونفقة أهله وأولاده وجب عليهم

وجوبًا كفائيًا, إن تركه القادرون منهم أجمعون يأثمون وإن قام واحدٌ بقضائه سقط الإثم عليهم جميعًا  قال الله سبحانه وتعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: ٨٣], ومن أعظم الإحسان أن تُبرأ ذمته وقال الله سبحانه وتعالى: { وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}  [البقرة: ٢٣٣],  فإذا كان يجب عليه النفقة فقضاء الدين أيضًا كذلك إن كان قادرًا  عليه لا مشقة في قضائه.