كلمة قيمة بعنوان أهمية الرجوع إلى العلماء

بســـم اللــه الرحــمــن الـرحـــيــم

كلمة قيمة ومؤثرة

وهي بعنوان :-

أهمية الرجوع إلى العلماء

من درس التعليقات على تفسير السعدي رحمه الله

لشيخنا الفقيه المحدث :
أبي عبدالله محمد بن علي بن حزام الفضلي البعداني حفظه الله

قال  أبو عبد الله وفقه :-

في تفسير قول الله عز وجل " (ﻓﺎﺳﺄﻟﻮا ﺃﻫﻞ اﻟﺬﻛﺮ ﺇﻥ ﻛﻨﺘﻢ ﻻ ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ ﺑﺎﻟﺒﻴﻨﺎﺕ ﻭاﻟﺰﺑﺮ ﻭﺃﻧﺰﻟﻨﺎ ﺇﻟﻴﻚ اﻟﺬﻛﺮ ﻟﺘﺒﻴﻦ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﻧﺰﻝ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻭﻟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺘﻔﻜﺮﻭﻥ)
قال عفا الله عنه: وعموم هذه الآية فيها مدح أهل العلم، وأنه العلم بكتاب الله المنزل - فإن الله أمر من لايعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث وفي ضمنه تعديل لأهل العلم وتزكية لهم حيث أمر بسؤالهم وبالرجوع إليهم وأن بذلك يخرج الجاهل من التبعة- فدل على أن الله أئتمنهم على وحيه وتنزيله وأنهم مأمورون بتزكية أنفسهم والاتصاف بصفات الكمال وأفضل أهل الذكر أهل هذ القرآن العظيم فإنهم أهل الذكر على الحقيقية وأولى من غيرهم بهذا الاسم ولهذا قال تعالى " وأنزلنا إليك الذكر " أي القرآن الذي فيه ذكر مايحتاج إليه العبادمن أمور دينهم ودنياهم الظاهرة والباطنة " لتبين للناس مانزل إليهم " وهذا شاملٌ لتبيين ألفاظه وتبيين معانيه ولعلهم يتفكرون فيه فيستخرجون من كنوزه وعلومه بل بحسب استعدادهم وإقبالهم عليه، وكما قال الإمام السعدي رحمه الله تعالى هذه الآية فيها ثناءٌ على أهل العلم، أمر الله بالرجوع إليهم" فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " أهل الذكر من حمل في صدره كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مع العلم بما تتضمنه آيات القرآن وأحاديث السنة :  أهل العلم العاملين الذين عملوا بعلمهم فصاروا من حملة دين الله عزوجل، الذين استحقوا هذا الثناء العظيم فليس كل من حمل العلم في صدره يستحق هذا الثناء ، فلا يكون العلم نافعاً لصاحبه إلا بالعمل به - العلم النافع " إنما يخشى الله من عباده العلماء" كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من علمٍ لاينفع ، وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد أمر الناس أن يسألوا أهل الذكر " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" وكذلك سبحانه وتعالى يذكر في كتابه أهل العلم في آيات كثيرة يقرن شهادتهم بشهاته وشهادة ملائكته على أعظم مشهود به قال تعالى: {ﺷﻬﺪ اﻟﻠﻪ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ ﻭاﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﺃﻭﻟﻮ اﻟﻌﻠﻢ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﺑﺎﻟﻘﺴﻂ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﺤﻜﻴﻢ } وهو توحيد الله سبحانه وتعالى، ويذكر الله عزوجل شهادتهم ويذكر عقيدة أهل العلم وأقوالهم في أمور الآخرة قال تعالى {ﺛﻢ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻳﺨﺰﻳﻬﻢ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺃﻳﻦ ﺷﺮﻛﺎﺋﻲ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﻨﺘﻢ ﺗﺸﺎﻗﻮﻥ ﻓﻴﻬﻢ ﻗﺎﻝ اﻟﺬﻳﻦ ﺃﻭﺗﻮا اﻟﻌﻠﻢ ﺇﻥ اﻟﺨﺰﻱ اﻟﻴﻮﻡ ﻭاﻟﺴﻮء ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ} وقال تعالى: {ﻗﻞ ﺁﻣﻨﻮا ﺑﻪ ﺃﻭ ﻻ ﺗﺆﻣﻨﻮا ﺇﻥ اﻟﺬﻳﻦ ﺃﻭﺗﻮا اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﺇﺫا ﻳﺘﻠﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻳﺨﺮﻭﻥ ﻟﻷﺫﻗﺎﻥ ﺳﺠﺪا ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺭﺑﻨﺎ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻭﻋﺪ ﺭﺑﻨﺎ ﻟﻤﻔﻌﻮﻻ) وقال تعالى {ﻭﻟﻴﻌﻠﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺃﻭﺗﻮا اﻟﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ اﻟﺤﻖ ﻣﻦ ﺭﺑﻚ ﻓﻴﺆﻣﻨﻮا ﺑﻪ ﻓﺘﺨﺒﺖ ﻟﻪ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻭﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻟﻬﺎﺩﻱ اﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮا ﺇﻟﻰ ﺻﺮاﻁ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ} وقال عز وجل: {ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺬﻳﻦ ﺃﻭﺗﻮا اﻟﻌﻠﻢ ﻭﻳﻠﻜﻢ ﺛﻮاﺏ اﻟﻠﻪ ﺧﻴﺮ ﻟﻤﻦ ﺁﻣﻦ ﻭﻋﻤﻞ ﺻﺎﻟﺤﺎ ﻭﻻ ﻳﻠﻘﺎﻫﺎ ﺇﻻ اﻟﺼﺎﺑﺮﻭﻥ} وقال تعالى: {ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺬﻳﻦ ﺃﻭﺗﻮا اﻟﻌﻠﻢ ﻭاﻹﻳﻤﺎﻥ ﻟﻘﺪ ﻟﺒﺜﺘﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ اﻟﺒﻌﺚ ﻓﻬﺬا ﻳﻮﻡ اﻟﺒﻌﺚ ﻭﻟﻜﻨﻜﻢ ﻛﻨﺘﻢ ﻻ ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ }
فهذا يدل على منزلة عظيمة لأهل العلم " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات' " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" ثم الله سبحانه وتعالى يأمر الناس بالرجوع إليهم-  الله سبحانه وتعالى إذا كان  أئتمنهم على أمر دينه فكيف لايأتمنهم الناس على أمور دينهم _ الله سبحانه وتعالى أئتمنهم على دينه يبلغون الناس دين الله سبحانه وأمر الناس أن يسألوهم فهذا يدل على مرتبة عظيمة ويتضمن أمر الناس بإجلال أهل العلم وتوقير أهل العلم، والذي ينفر عن أهل العلم المستقيمين الذين أفنوا اعمارهم لخدمة الكتاب والسنة - الذي ينفر عنهم مضاد لله سبحانه وتعالى في هذه الآيات - الله عز وجل يأمر الناس أن يرجعوا إليهم وأن يسألوا عن دينهم ثم يأتي إنسان وينفر عنهم بأنهم لايفقهون الواقع وأنهم لايصلحون للفتوى وأن علومهم محصورة على الكتب وما أشبه ذلك من أقوال، ما أثنى الله تعالى إلا على أهل العلم الذين حملوا في صدورهم كتاب ربهم وسنة نبيهم محمد صلى الله عليه و على اله وسلم وما أمر بالسؤال إلا لهؤلاء الأصناف فكيف يُتكلم فيهم وينفر عنهم بأنهم لايفقهون الواقع وبأنهم لايفهمون الأمور وما أشبه ذلك قال الله عز وجل " وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون"
كم من فتنٍ تكلم فيها أهل العلم وحذروا منها ثم بعد أيامٍ يرجع الناس إلى أقوالهم بعد أن تكلموا فيها وبأنهم ما يفهمون الواقع وبأنهم مايفقهون الأمور وبأن علمهم قديم محصور على الكتب وغير ذلك من الكلام الباطل ثم بعد أيامٍ يقولون كلامهم حق وصدق الحسن البصري رحمه الله عند أن قال " أهل العلم يعرفون الفتنة وهي مقبلة والناس يعرفونها بعد إدبارها " ولذلك فأمرٌ مهم أن نرجع إلى العلماء في جميع أمورنا.
ونحن في زمان تجرأ بعض الناس فلارجوع لأهل العلم - ربما تجرأوا في كلام سببوا فيه النفرة عن الخير وعن السنة وأهلها بسبب كلامهم، وبعضهم ربما تجرأ بالكتابات وينشر على الانترنت وعلى شبكات التواصل الاجتماعي من قِبل نفسه فلا استشارة لأهل العلم ولا رجوع إليهم وكل واحد كأنه يمثل الدعوة بنفسه: هذا خطأ، إذا لم نعيد أمورنا إلى علمائنا هم قادة الحق وقادة أهل السنة والجماعة فليس كلٌ يمثل الدعوة من قِبل نفسه كلٌ يكتب ما جاء في رأسه كتبه ونشره - هذاخطأ  ,  أمور متعلقة بتسيير الخير بتسيير الدعوة إلى الله عزوجل، - أمور متعلقة بفتوى النوازل وبالفتوى عموماً - فتجعل لأهلها " فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"  .
أما كلٌ يزين له الشيطان فإذا به يُجرح ويعدل وأنه أهل للتجريح والتعديل، ما قد زكاه أحد من أهل العلم بأن له هذه المنزلة فإذا به من المجرحين، والمعدلين وكذلك زين له الشيطان أنه صار يصلح للكلام في نوازل الأمة - فإذا به على صفحته في الفيسبوك أو في التواصل الاجتماعي أو غيره ينشر أقواله والله المستعان، وربما سبب بعد ذلك الاختلاف بين أهل السنة والجماعة هذا يصوب وهذا يخطئ وينقسم الناس كله بسبب التجرؤ على هذه الأمور.
أمور تسيير الدعوة وأمور الفتاوى إلى أهل العلم ليس كل يتكلم بما يريد ويجرح ويعدل وغير ذلك، والله المستعان، ثم هؤلاء الناس الذين يتكلمون وينشرون وكل يتكلم بما يريد لو قيل لهم من علماؤكم يقولون فلان وفلان وفلان  يعددون ثلاثة أو خمسة أو أكثر من ذلك. - هل تقتصرون على كلامهم ؟ الجواب لا ، يأتون بأشياء من قِبل أنفسهم، إذاً إذا اعترفتم أنهم علماؤكم فعلاً فاجعلوا هذه الأمور إليهم فهم أعقل بتدبير الأمور ، هل تعتقدونهم علماء نفع الله بهم وأصلح الله بهم البلاد والعباد يقولون نعم - طيب اجعلوا هذه الأمور إليهم - أمور الجرح والتعديل وأمور تسيير الدعوة إلى الله وكذلك الفتاوى ونوازل الأمة اجعلوها إلى أهل العلم-  والله المستعان.
وليس معنى هذا أننا ماننقل كلام أهل العلم - ننقله - ننقل كلام أهل العلم على أهل البدع وننشره بين الناس وكذلك أيضاً نتكلم بما تكلموا به على الأدلة الشرعية بدليله من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وننقل فتاواهم ونفيد الناس ولكن الافتئات على أهل العلم هذا أمرٌ ليس مما ينبغي، وأيضاً أن يجعل نفسه بمنزلة عالم من علماء المسلمين يفعل ما يفعل العلماء - هذه جرأة عظيمة والله المستعان.

والحـمد لله ربِ العالــــــمين