* أسئلة في القرآن:
سؤال: يقول السائل نريد منكم كلامًا مختصرًا حول القراءات المتعددة؟
الجواب: أخرج البخاري في صحيحه عن زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رضي الله عنه, قَالَ: «أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ اليَمَامَةِ, فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ عِنْدَهُ», قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ: إِنَّ القَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ اليَمَامَةِ بِقُرَّاءِ القُرْآنِ, وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ القَتْلُ بِالقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ, فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ القُرْآنِ, وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ القُرْآنِ, قُلْتُ لِعُمَرَ: «كَيْفَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ عُمَرُ: هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ, «فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِذَلِكَ, وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ», قَالَ زَيْدٌ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لاَ نَتَّهِمُكَ, وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ فَاجْمَعْهُ, «فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ القُرْآنِ», قُلْتُ: «كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؟», قَالَ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ, فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما, فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ العُسُبِ وَاللِّخَافِ, وَصُدُورِ الرِّجَالِ, حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ, {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ, فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ, ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ, ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رضي الله عنه.وأخرج البخاري عن أنَسَ بْنَ مَالِكٍ: أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ, قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ أَرْمِينِيَةَ, وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ العِرَاقِ, فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلاَفُهُمْ فِي القِرَاءَةِ, فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ, أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ, قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الكِتَابِ اخْتِلاَفَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى, فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ: «أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي المَصَاحِفِ, ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ», فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ, فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ, وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ, وَسَعِيدَ بْنَ العَاصِ, وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي المَصَاحِفِ, وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ القُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ: «إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ القُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ, فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ» فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي المَصَاحِفِ, رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ, وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا, وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ القُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ, أَنْ يُحْرَقَ», هذان الحديثان فيهما بيان كيف أجتمع المصحف, وكيف جمع, الحديث الأول كان جمعه خشية أن يذهب شيء من القرآن, لأن القراء يقتلون, فكان من أجل حفظ القرآن وأن لا يذهب منه شيء, جمع القرآن في صحف, والقصة الثانية في عهد عثمان حصل اختلاف في القراءة والاداء, بعضهم يقرأ على حرف, وبعضهم يقرأ على حرف آخر, فصار بينهم اختلاف, حتى كفر بعضهم بعضًا, كما جاء في كتاب المصاحف لأبي داود, أن الخلاف بلغ ببعضهم أن كفر بعضهم بعضًا, وكان هذا من قبل بعض التابعين الذين كانوا يغازون أهل الشام في فتح أَرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ, ففزع حذيفة رضي الله عنه, لما رأى الاختلاف, ورأى هذا يكفر هذا, ورأى هذا يضلل هذا, فجاء إلى عثمان وأشار إليه بجمع القرآن, أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى, فعثمان رضي الله عنه نسخها على مصحف واحد, وهو الذي بين أيدينا الآن, جمعه على حرف واحد, فالقرآن نزل على سبعة أحرف, ففي الصحيحين عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ, فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ», تيسيرًا من الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة.
سؤال: يقول ما معنى أن القرآن أنزل على سبعة أحرف؟
الجواب: قيل هي سبع لهجات من لهجات العرب, وهو من أشهر الأقوال, وهناك قول آخر وهو قريب منه وهو أحسن من الأول, وهو أنه أنزل على سبعة أوجه, من أوجه القراءة, وقد تكون في اللغة, وقد تكون أوجه باللغة الواحدة, لأن العرب كان لهم لهجات مختلفة, لهجة قريش, ولهجة ثقيف, وغيرهم, يختلف بعضهم عن بعض في اللهجة, فأنزل القرآن على سبعة أوجه, فأي حرف قرأوا عليه فقد أصابوا, كما جاء في مسند أحمد عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ, أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْقُرْآنُ نَزَلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ, عَلَى أَيِّ حَرْفٍ قَرَأْتُمْ, فَقَدْ أَصَبْتُمْ, فَلَا تَتَمَارَوْا فِيهِ, فَإِنَّ الْمِرَاءَ فِيهِ كُفْرٌ».
سؤال: فهل معنى ذلك أن الله سبحانه وتعالى تلفظ بالقرآن على السبعة الأحرف؟
الجواب: لا. ليس المعنى ذلك, المعنى أن الله سبحانه وتعالى رخص بقراءة كلامه على السبعة الأحرف, رخص الله بقراءة كلامه على السبعة الأوجه, والسبعة الأوجه أختلف فيها أهل العلم, وأحسن الأقوال أنها لهجات مختلفة, أوجه مختلفة من لغات العرب, وقد اختلفوا فيها اختلافًا كثيرًا كما ذكر ذلك الحافظ في الفتح, ومعنى ذلك أن القرآن يقرأ على أكثر من حرف, وقوله سبعة أحرف, أي أكثر ما أتى في القرآن أنه بلغ به سبعة أوجه, ليس المراد أن كل كلمة في القرآن تقرأ على سبعة أوجه, إنما المراد أن أكثر ما وقع من الكلمات التي تقرأ على أوجه متعددة هي السبعة, يعني هناك بعض الكلمات قد تقرأ على وجهين, وبعض الكمات قد تقرأ على ثلاثة أوجه, أكثر شيء سبعة أوجه, وأكثر القرآن يقرأ على وجه واحد, هذا هو المراد, ففي الصحيحين أن عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ, قال: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ, يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ, فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ, لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلاَةِ, فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ, فَلَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ, فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فَقُلْتُ: كَذَبْتَ, فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ, فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرْسِلْهُ, اقْرَأْ يَا هِشَامُ» فَقَرَأَ عَلَيْهِ القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ», ثُمَّ قَالَ: «اقْرَأْ يَا عُمَرُ» فَقَرَأْتُ القِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ إِنَّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ, فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ», وفي البخاري عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه, قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا قَرَأَ آيَةً, وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ خِلاَفَهَا, فَجِئْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ, فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ, وَقَالَ: «كِلاَكُمَا مُحْسِنٌ, وَلاَ تَخْتَلِفُوا, فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا», وعثمان جمع الناس على حرف واحد, لكن عند الاختلاف جعلهم على حرف قريش, َقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ القُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ: «إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ القُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ, فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ», إذًا هؤلاء الأربعة جمعوا القرآن في مصحف واحد, وكتبوه, وكانت الكتابة على حرف واحد, القراءات السبع, جمعها صاحبها, القرآن أخذ تواترًا من النبي صلى الله عليه وسلم, على سبيل التواتر, جمع عن جمع, كيفية الأداء والتلاوة, هذا لا أشكال فيه بين المسلمين, مجمع عليه, على أن حصل تلقي القرآن بالتواتر, في القرن الثالث أو الرابع للهجرة, صار هنالك قرَّاء مشهورين, ويحصل بينهم خلاف في بعض القراءات, وكل أخذه بالتواتر عن نبينا صلى الله عليه وسلم, أنت الآن تجد في بعض الآيات يقولون بقراءة حفص عن عاصم, أو في قراءة نافع, أو في قراءة ابن كثير, وهكذا السبع القراءات, هؤلاء السبع القراء, كل منهم أخذ قراءته عن أئمة قبله إلى النبي صلى الله عليه وسلم, اُختِير هذا الإمام لشهرته, وإلا فيوجد من يقرأ بنفس قراءته, بعدد التواتر أيضًا, تواتر جمع كبير, ولكن اختار أبو بكر بن مجاهد هؤلاء لشهرتهم وعنايتهم للقرآن وتدريسهم الناس, وإلا فما اختاروا أحد هؤلاء السبعة إلا ويوجد بالتواتر من يقرأ بقراءته في ذلك الزمن, مثلًا عاصم بن أبي النجود, يوجد بطبقته جمع من القراء يقرأون بقراءته, ولكن قالوا قراءة عاصم, مع أنه يوجد من يقرأ بنفس القراءة وبنفس الألفاظ, ولكن اختاروا عاصم لكثرة عنايته وشهرته, كذلك قراءة نافع, يوجد جمع كثير في عهده يقرأون بنفس قراءته, ولكن قالوا قراءة نافع اعتبارًا بشهرته, وكذلك ابن كثير , وأبو عمر ابن العلاء وهو من القراء أيضًا, المهم كل هؤلاء السبعة قد قرأ بقراءتهم عدد كبير, ولكن اختاروهم لعنايتهم ولشهرتهم, هؤلاء السبعة, أكثر القرآن يقرأنه ويحصل بينهم اختلاف في الأداء والمدود, أما الكلمات فأكثرها وعامتها متساوية إلا النادر التي تختلف فيها صورة الكلمة, إذًا هذه القراءات نفسها على الحرف الذي جمعه عثمان, على لسان قريش, وكلها يقال فيها أنها أخذت عن نبينا صلى الله عليه وسلم, قرأها النبي صلى الله عليه وسلم مرة هكذا ومرة هكذا, وكان هذا تسهيلًا من الله سبحانه وتعالى, وجمع القرآن على حرف واحد, وجمع على العرضة الأخيرة, جمع على العرضة الأخيرة.
سؤال: ماذا يقصدون بأن القرآن جمع على العرضة الأخيرة؟
الجواب: يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرض على جبريل القرآن في كل سنة مرة واحدة, فلما كان العام الذي توفي فيه صلى الله عليه وسلم عرض على جبريل القرآن مرتين, فنسخ الله سبحانه وتعالى من القرآن ما نسخ, وأثبت الله سبحانه وتعالى منه ما أثبت, فالعرضة الأخيرة, هي التي جمع عليها عثمان رضي الله عنه القرآن, فالأمر مهم أن يعرف كيف اجتمع المصحف, وكان هذا كله تحقيقًا لقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩], ولقوله صلى الله عليه وسلم: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي, وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ, عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ, وَإِيَّاكُمْ وَالْأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ, فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ», وقوله صلى الله عليه وسلم: «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ, وَعُمَرَ», وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ, وَعُمَرَ يَرْشُدُوا», فكان هذا الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم واجتمعوا عليه وأجمعوا عليه, كان هذا عملًا بالأدلة الشرعية, بحفظ القرآن والسنة, ودفع الخلاف فيما بينهم.
سؤال: لماذا يمسى بالمصحف العثماني؟
الجواب: نسبة إلى عثمان رضي الله عنه, لأنه هو الذي جمعه, وكان جمعه لهذا المصحف.
سؤال: القراءات السبع, هل هي المرادة من الحديث: «إن القرآن نزل علي سبعة أحرف»؟
الجواب: هذه شيء آخر, القراءات السبع أول من جمعها رجل يقال له أبو بكر بن مجاهد في القرن الثالث أو الرابع من الهجرة, حتى عاب عليه بعض العلماء, أنه جعلها سبع قراءات, لأنها حصل التباس على الناس, ظنوا أنه المراد بالحديث, أن القرآن نزل على سبع أحرف, وهذا خطأ.
سؤال: جمع القراءات ماذا أراد بها؟
الجواب: أراد بها ما سمع من الأداء من النبي صلى الله عليه وسلم, في قراءة القرآن على ذلك الحرف الذي جمعه عثمان رضي الله عنه, السبع القراءات كلها في الحرف الذي جمعه عثمان رضي الله عنه, أناس قرأوا بعض الكلمات على حال, وأناس قرأوها على حال آخر, وكلها مسموعة من النبي صلى الله عليه وسلم, لذلك لم ينقط المصحف, ولم يشكل, في بداية أمره, لأن بعض الكلمات تقرأ على وجهين, وبعضها كتب بكتابة خاصة بالمصحف, يكتب في المصحف كتابة خاصة, مثل قول الله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: ٩], فقوله: «يخادعون», كتبت بدون ألف, وإنما بألف صغيرة, مع أنها في الإملاء تكتب بألف, وهنا كتبت على هذه الحال, لأن هناك قراءة أخرى «يَخدَعُون», إذًا المصحف كتب على وجه يصلح للقراءات المتعددة, كتبه هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم, بأمر عثمان رضي الله عنه على وجه يصلح للقراءات المتعددة, التي قرأت بوجهين أو بثلاثة, نعم بوجهين, أكثرها بوجهين.
سؤال: يقول السائل ما الفرق بين القرآن الكريم, والحديث القدسي؟
الجواب: كلاهما وحي من الله سبحانه وتعالى, ولكن القرآن الكريم يتعبد بتلاوته, والحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته, القرآن الكريم اللفظ والمعنى من الله سبحانه وتعالى, والحديث قد تصرف في لفظه, لأن رواية الأحاديث بالمعنى جائزة عند أهل العلم, على الصحيح, فالمعنى من الله سبحانه وتعالى, واللفظ الوارد فيه ليس مستيقنًا أنه من الله سبحانه وتعالى كالقرآن, القرآن الكريم مأجور على التلاوة فيه, في كل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها, والحديث القدسي فيه أجر, من حيث التعلم والتعليم, ولكن لم تأتِ فيه الفضيلة المذكورة في القرآن, وكلاهما وحي من الله سبحانه وتعالى, حجة على العباد إذا صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
سؤال: يقول ما حكم من يعطي مالًا ليقرأ له القرآن, حتى يشفي الله له مريضه, أو يفرج عنه كربته؟
الجواب: عليك أن تنصح له أن هذا العمل ليس من السنة, قراءة القرآن من أجل أن يشفي الله المريض أو كذا, السنة في قراءة القرآن في الرقية, يقرأ عليه وينفث, يقول الله سبحانه وتعالى: {وَنُنزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا} [الإسراء: ٨٢], النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ وينفث بالمعوذتين ويمسح على المريض, ولم يكُ يقرأ ويقول أهدي ثواب قراءتي لفلان, أو اجعلها في شفاء فلان, هذا العمل ليس من السنة.
سؤال: يقول إذا أعطاك المال وأحرجك؟
الجواب: أن تبين له الحكم الشرعي, وتقول له هذا المال, سأتصدق به عنك وينفعك الله بالصدقة, وسأدعو لك.
سؤال: ما حكم من يسأل بشيء ويجيب بآية من القرآن, كأن يسأل ويقول «حاجة في نفس يعقوب», أو إذا حدث موقف يقول «وكفى الله المؤمنين القتال»؟
الجواب: أي في نفسي شيء ما أريد أن أظهره, كما أن يعقوب في نفسه شيء ما أظهره لأولاده, إن كان لها مناسبة فيجوز, ولو ترك يكون أفضل, إن كانت المناسبة واضحة فلا بأس, والترك أفضل, لأنه ربما جر الناس على أنه يتلفظ بالآية على غير معناها, أو يأخذ الآية على غير معناها.
سؤال: يقول السائل ما هو قولكم في حكم تقبيل المصحف؟
الجواب: تقبيل المصحف ليس عليه عمل السلف, لم يفعله الصحابة رضي الله عنهم ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم, فيما كان مكتوبًا في الصحف, لم يفعل ذلك, فليس هذا العمل من السنة يترك, تعظيم القرآن أولًا برفعه عن الأماكن التي لا تليق به, وكذلك تنزيه عن أماكن النجاسات والأذى, ومن أعظم تعظيمه حفظه, والعمل به, والدعوة إليه, والتحاكم إليه, هذا من أعظم ما يعظم القرآن, تعليم المسلمين القرآن أيضًا, «خيركم من تعلم القرآن وعلمه», تعلم تفسيره أيضًا, تعلم تفسيره, هذا هو تعظيم القرآن, أما يبقى في الرف, ويصبح أخذه وقبله, هذا ليس هو التعظيم الشرعي.
سؤال: يقول ما حكم تقبيل المصحف وضمه إلى الصدر؟
الجواب: تقدم معنا أن هذا ليس من السنة, هذا العمل, فلا شك أن المصحف يعظم, يقول الله سبحانه وتعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: ٣٢], ضمه إلى الصدر, أو تقبيله, أو وضعه على الجبهة, كل هذا ليس عليه دليل, يترك, وتعظيم المصحف بحيث رفعه عن أماكن الأذى, وعن الأرض, إلى أماكن منزة, وتعظيمه بحفظه, وبالعمل به, وتعظيمه بالتحاكم إليه, وتعظيمه بتعليمه, وقراءة تفسيره, الأمور كثيرة في تعظيم القرآن, ما مع الناس إلا أن يقبلوه.
سؤال: يقول السائل ما حكم تقليد الأصوات في قراءة القرآن, مع التكلف والمشقة الجديدة؟
الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التكلف, ففي صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ, قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: «نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ», وقول الصحابي نهينا عن كذا, وأمرنا بكذا, محمول على أن ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم, لأن الناهي والآمر في الشرع هو الشرع, من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم, يقول العلماء له حكم الرفع, ابن مسعود يقول ذلك إنكارًا على من يقول بلا علم, في البخاري عن ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه, قَالَ: "مَنْ عَلِمَ فَلْيَقُلْ, وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ, فَإِنَّ مِنَ العِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ: لاَ أَعْلَمُ, فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ}", وفي مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ ابن مسعود رضي الله عنه, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» قَالَهَا ثَلَاثًا, فهذا من التكلف والتنطُّع أن يشق على نفسه بتحسين صوته, «نهينا عن التكلف» ويدخل في التنطع والتعمق, والإنسان يقرأ ويحسن صوته بدون تكلف, قال الله سبحانه وتعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا} [المزمل: ٤], وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم, يَقُولُ: «مَا أذن اللهُ لِشَيْءٍ مَا أذن لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ, يَجْهَرُ بِهِ», ما أذن الله لشيء, أي ما استمع لشيء, الإذن بمعنى الاستماع, فالمعنى ما استمع الله لشيء ما استمع لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به, عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ», وهو في الصحيح المسند للشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله, وجاء عن أبي لبابة رضي الله عنه, وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه في البخاري لكنه أنتقد, أعله الحفاظ, وقالوا وهم بعض الرواة في لفظه, وإنما لفظه «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي», الحديث الأول المتقدم.
سؤال: يقول السائل لماذا يحسن الإنسان صوته في القرآن؟
الجواب: أولًا: امتثالًا لقول الله سبحانه وتعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا} [المزمل: 4], وثانيًا: حتى يدخل على نفسه وعلى المسلمين التدبر في القرآن, فالصوت الحسن يساعد على التدبر, والدليل على جواز ذلك ما جاء في الصحيحين عَنْ أَبِي مُوسَى, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي مُوسَى: «لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ الْبَارِحَةَ, لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ», جاءت رواية خارج الصحيحين أنه قال: «يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ عَلِمْتَ أَنَّكَ تَسْمَعُ لِقِرَاءَتِي لَحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيرًا», فتحسين الصوت لإدخال الخشوع على القارئ والسامع, والذي يدخل في الريا, من حسن صوته من أجل أن يمدحه الناس, ومن أجل أن يثني عليه الناس ويمدحونه, فلان قارئ, فلان صوته جميل, من كان هذا قصده دخل في الريا.
سؤال: يقول ما حكم تقليد الأصوات في قراءة القرآن؟
الجواب: تقليد الصوت من غير تكلف جائز, والأفضل أن يقرأ بقراءته التي تتيسر له, لكن إن وافق صوته صوت واحد من القراء, ما يضر ذلك, وكثير من يستمع لقارئ من القراء يعجبه صوته ما يشعر إلا وصوته يقارب صوت القارئ الذي يستمع له, هذا ما يضر بدون تكلف ما يضر, والله المستعان.