سؤال: وهذا الوتر اسم لآخر الركعات, أو اسم لصلاة الليل كلها؟
الجواب: نعم. يطلق على هذا, وهذا, يطلق الوتر, ويراد به آخر الصلاة, ويطلق على الصلاة كلها وترًا, لأنها صارت وترًا, بتلك الركعات الأخيرة, التي أوترت بها, صارت الصلاة كلها وترًا, فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: بِكَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوتِرُ؟ قَالَتْ: «كَانَ يُوتِرُ بِأَرْبَعٍ وَثَلَاثٍ، وَسِتٍّ وَثَلَاثٍ، وَثَمَانٍ وَثَلَاثٍ، وَعَشْرٍ وَثَلَاثٍ، وَلَمْ يَكُنْ يُوتِرُ بِأَنْقَصَ مِنْ سَبْعٍ، وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ» أخرجه أبو داود وغيره, قولها «وَلَمْ يَكُنْ يُوتِرُ بِأَنْقَصَ مِنْ سَبْعٍ، وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ», الآن أطلقت على الصلاة كلها وترًا, وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما, عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» متفق عليه, إذًا يطلق على آخر الصلاة, التي هي الركعة الأخيرة, أو الثلاث الأخر, وتكون الصلاة كلها وترًا, باعتبار أن الركعة الأخيرة أوترت الشفع المتقدم كاملا. فجعلته وترًا كاملا. ويدل على ذلك حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قَالَ: أَلا إِنَّ الْوَتْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَصَلاتِكُمِ الْمَكْتُوبَةِ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْتَرَ ثُمَّ قَالَ: «أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ، أَوْتِرُوا فَإِنَّ اللهَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ» أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه, ليس المراد الركعة الأخيرة فقط, أو الثلاث الأخر فقط, المراد صلاة الليل كاملة, ويدل على ذلك حديث أبي أيوب رضي الله عنه, وقد أعل بالوقف, عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ» أخرجه أبو داود, إذًا الوتر يطلق على الأمرين, يطلق على الصلاة كلها باعتبار أنها صارت وترًا بعد أن وترت بالركعة الأخيرة, ويطلق ويراد به الأخير, ويراد به الثلاث الأخر, ويدل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها, كما في صحيح مسلم، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم, كَانَ يُصَلِّي صَلَاتَهُ بِاللَّيْلِ وَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا بَقِيَ الْوِتْرُ أَيْقَظَهَا، فَأَوْتَرَتْ», قولها فإذا بقي الوتر, أي الركعات الأخيرة, فتصير الصلاة كلها وترًا, باعتبار الركعة الأخيرة, التي تصير الشفع كلها وترًا.
سؤال: من قام بأقل من أحدى عشر ركعة, هل تكتب له قيام ليلة, قام مثلًا بسبع, قام بتسع, قام بخمس؟
الجواب: نعم تكتب له, لكن لا شك أن من قامها بإحدى عشرة أفضل, إلا أن يطيل فيها, فقد يجبر النقص في الركعات, إطالته فيها, يجبر ما فاته من الركعات, كما جاء عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه, أنه كان يصلي ركعة واحدة, يقرأ بها القرآن كاملا. ولكن لا ينبغي للناس أن يتهاونوا بمثل هذا, وهو شهر فيه النشاط, وفيه السكينة, يلتمس الإنسان فيه البركة, فلا يفوت الإنسان على نفسه هذا الخير, وأيضًا الجماعة فيها بركة, الجماعة فيها بركة, فلا ينقص عن الإحدى عشرة, لكن لو أنها نقصت عليه, ليس معناها أنها ما تكتب له قيام ليلة, ولكن ليس قيام ليلة كقيام ليلة, هذا له من الأجر أعظم من هذا, وذاك الذي أطال له قيام ليلة, وذاك الذي خفف له قيام ليلة, فالذي أطال له من الأجر أعظم مما لهذا الذي خفف.
سؤال: يقول ما حكم الكلام مع الناس بغير حاجة إذا كان معتكفًا؟
الجواب: يكره له ذلك, إذا كان كلامًا لا حاجة فيه, ولا يبطل عليه اعتكافه.
سؤال: يقول الأخ السائل إذا وجدت مبلغًا من المال في السوق, ولم أعرف صاحبه, هل هو حلال لي, أم ماذا؟
الجواب: إن كان شيئًا يسيرًا تافهًا فلك أن تأخذه, وهو حلال لك, وأما أن كان شيئًا تتحسر عليه القلوب, وصاحبه ربما يرجع ويبحث عنه, وهو كثير, والتحسر قد يتحسر على القليل, لكن بعرف الناس, أنه يعتبر كثيرًا, فيجب عليك أن تعرفه سنة ًكاملةً.
سؤال: يقول الأخ السائل ما حكم صلاة القيام جماعة في غير رمضان؟
الجواب: لا بأس إذا فعلت نادرًا, بدون أن تكون مثلًا مقصودة, أن يقول اليوم سنجتمع في بيت فلان, أو في مسجد فلان ونصلي, إنما وافق أنك اجتمعت مع أخيك فصليتم جماعة, فلا بأس, دليله صلاة ابن عباس رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة التي بات عنده, وصلاة حذيفة رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم, كما في صحيح مسلم, وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم, قال حتى هممت بأمر سوء, لما أطال القيام, قيل ما هممت به, قال هممت أن أجلس وأدعه, إذًا فلا بأس إذا وافق أن نفرًا اجتمعوا في ليلة, وأحبوا أن يصلوا جماعة في بيت, فلا بأس, أما اتخاذها عادة فلا يجوز ذلك.
سؤال: يقول رجلًا نذر أن يعتكف من أول رمضان إلى آخره, ثم مات في نصف رمضان, فهل على أولياءه أن يعتكفوا بدله؟
الجواب: ما أدرك ذلك الوقت, فليس عليهم أن يعتكفوا, لأنه ما أدرك الوقت, فلا يتعلق في ذمته.
سؤال: يقول السائل في الأماكن التي يصلي فيها عشرين ركعة, أيكتفي بإحدى عشرة ركعة وينصرف, أم يصلي مع الإمام حتى ينصرف؟
الجواب: من حيث المشروعية, يشرع له أن يصلي مع الإمام حتى ينصرف, ولكن من حيث ما ننصح به, أن يقتصر على ما جاء في السنة, عن النبي صلى الله عليه وسلم بإحدى عشرة ركعة, وإن زاد في بعض الأوقات إلى ثلاث عشرة ركعة مع الوتر, هذا أقرب, ومن أحب أن يصلي معه حتى ينصرف فهذا مشروع, لا إثم عليه, لأنه تابع الإمام, ولأنه عمل بالحديث إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف, ولأن لهم اجتهادهم, أهل العلم الذين قالوا بالعشرين لهم اجتهادهم, حيث أخذوا بأثر عمر رضي الله عنه الوارد في المسألة, والله المستعان, لكن لا يعتقد لذلك العدد فضيلة, لا يعتقد أن العشرين لها فضيلة خاصة بها.
سؤال: يقول إذا اجتمع الناس في قرية, على ترك صلاة التراويح؟
الجواب: ستضيع عليهم السنة, لا يتركونها, إن تركوها رغبة عنها, لا يصل إلى حد البدعة, لكن إن كان تكاسلا. لا يصلهم إلى حد البدعة, لكن يخشى أن يتركوها رغبة عنها, قد يقعون في البدعة, يحشى عليهم من ذلك.
سؤال: يقول إن كان هنالك إمام يصلي عشر ركعات, وإمام آخر يصلي عشر ركعات, فهل له أن يكتفي بواحد, ثم يوتر لنفسه؟
الجواب: هذا جميل, حتى يوافق السنة, بحيث أن لا يحتاج إلى أن يخرج أمام الناس, بحيث لفت الأنظار وقد لا يفهمون ما هو المراد.
سؤال: يقول شخص قال لزوجته إذا ذهبت المكان الفلاني فأنت طالق, وبعد أيام أراد أن يتراجع عن شرطه, فاستأذنته أن تذهب, فماذا عليه؟
الجواب: إن كان أراد اليمين ولم يرد الطلاق, ولم يكن مقصوده الطلاق, وليس في نيته طلاق زوجته, فهذا يمين, له حكم اليمين, فإذا نكث يمينه, عليه كفارة يمين, وأما أن كان قصد الطلاق, ووقع في قلبه طلاق امرأته إذا خالفت ذلك, فيسأل عن نيته, هل كانت نيته في طلاقه تأبيد هذا الأمر, أنها لا تذهب اليهم أبدًا, أم في نيته حتى يأذن لها, وهل في نيته منعها فقط وقت الخصومة معهم, أو في أيام معينة, فيقع على نيته, إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى, وإذا نوى منعها من ذلك البيت على التأبيد, وأراد طلاقها, ثم أذن لها فيقع الطلاق, لأنه طلق وتلفظ بالطلاق مريدًا له, ولا يستطيع أن يرجع عن طلاقه, قد وقع, فلا يأذن لها.
سؤال: يقول السائل كيف يفعل المسلمون في صيام شهر رمضان, في البلدان الكافرة, التي لا يعلن فيها عن هلال رمضان؟
الجواب: العبرة بدخول الهلال, وليس بالحسابات الفلكية, ثبت في الصحيحين عن أبي هُرَيْرَةَ وابن عمر رضي الله عنهم, أن النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قال: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ», وفي رواية «فاقدروا له ثلاثين», فيجب عليهم أن يتحروا الهلال لأنفسهم, فيجتمعون ويعينون شخصًا منهم, بالنظر للهلال, أو يعينوا جماعة منهم, لتحري الهلال والنظر إليه, فإذا رأوا الهلال صاموا على ذلك, أو إن كان هناك إدارات مسؤوله على المسلمين, في تلك البلدان, فتلك الإدارات يعينون أشخاصًا للنظر ومتابعة الهلال, فإذا رأوا الهلال, أبلغوا تلك الإدارة, أو ما يسمى بالجاليات, وهم بدورهم ينشرون بين المسلمين الصيام, ويصومون.
فإن لم يكن شيء من ذلك, فينظرون رؤية البلدان الإسلامية, المقاربة لهم في المطلع, أو التي تسبقهم في المطلع, كأن تكون البلاد شرقيه, فالتي تسبقهم في المطالع, كالبلدان الإسلامية الشرقية, يكونون قد رأوا الهلال, وهذه البلدان في الغرب, فيعلمون بها, فمثلًا المسلمون في بريطانيا وأمريكا وفرنسا, كذلك جنوب أفريقيا وأماكن أخرى, إذا أعلنت المملكة العربية السعودية عن رؤية الهلال, فلا شك أنه يلزمهم الصوم, لأن مطلع المملكة العربية السعودية قبلهم, أو إذا أعلنت اليمن بذلك, لزم المسلمون هنالك أن يعملوا بالرؤية, لأنه مطلعنا سابق لهم.
سؤال: ما معنى مطلعنا سابق لهم؟
الجواب: يعني أن الشمس والقمر والهلال يطلع عندنا قبلهم, فإذا طلع الهلال عندنا فمن باب أولى يطلع عندهم, لأن الشمس والقمر في تعاقب, ولأن الشمس أسرع من القمر, فإذا ظهر الهلال عندنا, من باب أولى يكون قد أرتفع أكثر في المناطق الغربية, فيعملون برؤية البلدان الإسلامية التي تعلن عن رؤية الهلال, مما قاربهم في المطلع, أو مما سبقهم في المطلع, وأما بعدهم فلا يلزمهم العلم بذلك إذا كانوا بعيدين عنهم.
سؤال: يقول السائل هل هناك دعاء ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في قنوت الوتر, وهل يجوز الزيادة على ما ورد في حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما.
الجواب: حديث الحسن بن علي هو أصح ما رود في دعاء القنوت, عن الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما قال: عَلَّمَنِي رَسُولُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ: «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ» أخرجه أبو داود الترمذي وغيرهما, وقد أختلف في زيادة في قنوت الوتر, زادها أبو اسحاق السبيعي, وبعض الرواة, ولم يذكرها شبعة وهو أرجح منه, لذلك أعل بعض الحفاظ الزيادة, كابن خزيمة وابن جبان وآخرين, وقالوا لم بثبت زيادة في قنوت الوتر, وإنما هو دعاء علمه أن يدعو به مطلقًا, فشبعة ابن الحجاج أرجح من أبي اسحاق السبيعي, ومن يونس ابن أبي اسحاق, وقد توبع شبعة أيضًا على عدم ذكرها, فالمرجح الذي رجح لنا أن الدعاء عام وليس خاصًا بقنوت الوتر, والدعاء في قنوت الوتر, هذا هو أصح ما رود فيه, ومع ضعف هذه الزيادة, فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث, والمتدبر والمتأمل لمن وصف أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل, جميع الأحاديث التي في الصحيحين, ليس فيها ذكر القنوت من أصله, كحديث ابن عباس رضي الله عنه, في الصحيحين, وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها, وفي مسلم عن حذيفة رضي الله عنه, وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه, وفي مسلم عن زيد ابن خالد الجهني رضي الله عنه وفي سنن أبي داود عن عوف بن مالك رضي الله عنه, وجاء عن آخرين كلهم وصفوا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم, لم يذكر أحد منهم, أنه صلى الله عليه وسلم أنه قنت في الوتر, ولذلك بعض الصحابة رضي الله عنهم لم يكن يقنت طول السنة, وكان يقنت في النصف الأخير من رمضان, كابن عمر رضي الله عنهم لم يكن يقنت طول السنة, وكان يقنت في النصف الأخير من رمضان, لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قنوت في الوتر, ومع ذلك قنت بعض الصحابة رضي الله عنه, ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه, أنه كان يقنت, وقنت الصحابة رضي الله عنه, في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه, ولم ينكر ذلك, أعني قنتوا في رمضان, فالأقرب أن القنوت في الوتر, من أحب أن يقنت عملًا بفعل بعض الصحابة, لا بأس, لا سيما في رمضان, والأقرب هو تركه في غير رمضان, وإذا قنت فيكون نادرًا, ولذلك الإمام الألباني رحمه الله, يقول في صفة الصلاة, وكان يقنت أحيانًا, وأضاف كلمة أحيانًا حتى يجمع بين الحديث الوارد وهو يرى صحته, حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما, وبين فعله صلى الله عليه وسلم, لم يثبت عنه حديث, في أنه قنت صلى الله عليه وسلم, وما جاء من حديث أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت, فهو حديث معل لم يثبت, وما يتعلق بحديث عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عند أبي داود رحمه الله, أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سُخْطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ», الحديث صحيح, لكن قوله في آخر وتره, يدل على أنه كان يقوله قبيل السلام, أم بعد السلام, هذا هو المفهوم من قوله آخر وتره, أم قبل السلام, أم بعد السلام, أما بعد الركوع فلا يطلق عليه آخر وتره, ولذلك عده الإمام ابن أبي شيبة فيما يقال بعد الوتر, والخلاصة من ذلك, أن من أحب أن يقنت في رمضان فقد فعله الصحابة رضوان الله عليهم, والأقرب إلى السنة أنه في غير رمضان, وفي رمضان أيضًا, إذا قنت يكون نادرًا.
سؤال: وأما ما يتعلق بالكمات في قنوت الوتر, هل هي مخصوصة بما جاء في حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما.
الجواب: ليست مخصوصة به, ولا نعلم أحدًا من أهل العلم خص القنوت, أو الدعاء, بحديث الحسن بن علي رضي الله عنهما, ونص على أنه لا يجوز الزيادة عليه, إنما يقولون ويستحب أن يقنت بهذه الكلمات, ولا نعلم من قال, لا يجوز القنوت إلا بها, من العلماء, بل ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه, أنه كان يقنت, جاءت بعض الروايات أنها في الفجر وهي الأصح, وجاءت بعضها في الوتر, بكلمات أخرى, أنه كان يدعو على الكافرين, ويدعو للمسلمين, ويقنت بتلك السورتين المنسوختين, سورة الخلع وسورة الحفد, بقوله وإليك نسعى ونحفد, ونخلع من يفجرك, كما في السنن الكبرى للبيهقي عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه صَلَاةَ الصُّبْحِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ: " اللهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ، وَنَخْشَى عَذَابَكَ، إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكَافِرِينَ مُلْحِقٌ، اللهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُثْنِي عَلَيْكَ الْخَيْرَ، وَلَا نَكْفُرُكَ، وَنُؤْمِنُ بِكَ، وَنَخْضَعُ لَكَ، وَنَخْلَعَ مَنْ يَكْفُرُكَ ", بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه, وصححه العلامة الألباني في الإرواء برقم: «428», فلا بأس بالزيادة على ذلك, ولكن ينكر الإطالة, الإطالة في القنوت منكرة, فإذا كان صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه القنوت في الوتر, وأكثر ما يمكن الاعتماد عليه, هو حديث الحسن بن علي رضي الله عنه على من حسنه, ولا ينكر على من أحذ به, فهو يتحمل التحسين, فكيف الزيادة على ذلك حتى يمل الناس, وربما أطال في القنوت أكثر من صلاته, فهذا من الأمور المنكرة, التي لم يفعلها السلف رضوان الله عليهم, وكذلك مما ينكر ترتيل الدعاء, كترتيل القرآن أيضًا أمر منكر, لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم, فيترك ذلك, ومن باب أولى التلحين, التلحين هو التمطيط حتى يصير كهيئة الأغاني, هذا منكر أعظم, وكذلك ما يتعلق بتكلف البكاء أيضًا مذموم, سواء بالدعاء أو بتلاوة القرآن, فإن وافق رقة وبكاء بدون تكلف, فأمر طيب, فالبكاء من خشية الله عز وجل مما يحبه الله عز وجل.