سم اللــــه الرحمـــــــــن الرحيم
إجابةٌ لمجموعةٍ من الأسئلة لشيخنا الفقيه أبي عبد الله محمد بن حزام حفظه اللّــــه ورعاه ونفع به الإســلام والمسلمين.
أسئلة يوم الجمعة الموافق
١٦ شعبان لـ عام ١٤٣٨هـ .
الســــــــــؤال الأول :-
يقول السائل: ما معنى قول ابن القيم رحمه الله في مسألة بيع الدين بالدين أن من أنواعه بيع واجبٍ بواجب وبيع ساقطٍ بساقط وساقطٍ بواجب وواجبٍ بساقط ؟
الإجـــــــــابة :-
هذه المسألة تكلم عليها ابن القيم عند حديث نهى عن بيع الكالئ بالكالئ ونقلنا كلامه عند هذا الحديث من فتح العلام الجزء الثالث {صـ ٤٨٧}، ابن القيم رحمه الله أراد أن يبين أن الشرع لم يرد عنه النهي عن بيع الدين بالدين إنما الذي ورد النهي عن بيع الكالئ بالكالئ، مع أن الحديث فيه ضعف، وفرق بين بيع الكالئ بالكالئ وبين بيع الدين بالدين : فبيع الكالئ بالكالئ- أي المؤخر بالمؤخر - هذا لايجوز عند أهل العلم بالإجماع _ بيع مؤخر بمؤخر، وأما ماتناقله بعض الفقهاء أنه يُنهى عن بيع الدين بالدين فيبين رحمه الله أنه لم يأت نص عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ ( نهى عن بيع الدين بالدين ) إنما الذي ورد النهي عن بيع الكالئ بالكالئ : قال رحمه الله بيع الدين بالدين ليس فيه نصٍ عام ولا إجماع وإنما ورد النهي عن بيع الكالئ بالكالئ_ والكالئ هو المؤخر الذي لم يقبض، كما لو أسلم شيئاً في شيءٍ في الذمة وكلاهما مؤخر فهذا لايجوز بالاتفاق وهو بيع كالئ بكالئ.انتهى
فمثلاً أقول وفر لي عشرة أقداح من البر أو عشرة أوسق من البر إلى بعد خمسة أشهر على أن أعطيك الثمن مائة درهم بعد شهر - هذا مؤخر بمؤخر لايجوز بالإجماع هذه الصورة - بيع السلم يشترك فيه تقديم رأس المال في مجلس العقد فليسلم في كيلٍ معلوم ووزن معلوم إلى أجلٍ معلوم فيقدم المال في مجلس العقد ويؤخر الموصوف بالذمة إلى أجل معلوم، وأما مؤخر بمؤخر فلايجوز _ هذه الصورة هي التي وافق عليها ابن القيم أنها لا تجوز : بيع كالئ بكالئ _ مؤخر بمؤخر _ وافق ابن القيم أن هذه الصورة لاتجوز ونقل الإجماع على ذلك، فقال إنما ورد النهي عن بيع الكالئ بالكالئ-والكالئ هو المؤخر الذي لم يقبض كما لو أسلم شيئاً في شيء بالذمة وكلاهما مؤخر فهذا لايجوز بالاتفاق وهو بيع كالئ بكالئ.
قال رحمه الله: وأما بيع الدين بالدين فينقسم إلى بيع واجبٍ بواجب كما ذكرنا .
إذاً قسمه أقسام: القسم الأول بيع واجب بواجب كما ذكرنا أي واجب عليك بالذمة _مؤخر : أي بمعنى مؤخر بمؤخر سماه واجبا لأنه التزام في الذمة وهو نفس الصورة التي ذكرها في بيع السلم- أن يسلمه في شيء في الذمة على مالٍ مؤخر أيضاً - هذا الذي ذكر أنه لايجوز بالاتفاق
وأما بيع الدين بالدين فينقسم إلى بيع واجبٍ بواجب كما ذكرنا وهو ممتنع : أي لايجوز شرعاً كما تقدم، وينقسم إلى بيع ساقطٍ بساقط_
قلت: يعني عندك في ذمتك لي عشرة دراهم اقترضت مني عشرة دراهم وأنا اقترضت منك شاة ثم اتفق معك الذي في ذمتك تسقطه بمقابل الذي في ذمتي _ الشاة مقابل العشرة الدراهم _ هذه الصورة جائزة مافيها أي غرر ولا فيها أي إشكال _ المال الذي في ذمتك تسقطه مكان المال الذي في ذمتي _ هذا يسمى ساقط بساقط ، حتى في مسألة الربويات : في ذمتك لي دينار وفي ذمتي لك عشرة دراهم ولم نتفق من قبل على صرفها إنما التقينا في يوم من الأيام فقلت لك هات الدينار الذي عندك تقول العشرة الدراهم نجعلها مقابلها تقاصينا بذلك واسقطت مافي ذمتي وأسقط مافي ذمتك : جائز أيضاً الساقط بالساقط صورة المقاصة جائز- ورجح شيخ الإسلام وابن القيم جوازها . : إذاً هذا بيع دين بدين وهي صورة جائزة ليس فيها مخالفة شرعية .
قال وينقسم إلى بيع ساقطٍ بساقط وساقطٍ بواجب - أي يُسقط شيئا من ذمتك بمقابل شيء مؤخر في ذمتي مثاله في السلم مثلاً - عندي لك عشرة دراهم التقيت بي فقلت العشرة الدراهم الذي في ذمتك نجعلها سلماً أعقد معك الآن سلم الدراهم التي في ذمتك اكتب لي الآن سلم أجعلها لك تملكها مقابل توفير عشرة أقداح من الزبيب إلى أجلٍ معلوم _ المال الذي عنده أسقطته بواجب - أي مقابل شيء مؤخر وهذه الصورة كثير من أهل العلم منعها والواقع أنه ليس في منعها حجة قوية لأنه معاوضة شرعية ليس فيها غرر ولاجهالة ولا تأخير، فالمال الذي في ذمتك عندك لي مائة درهم - خمسين درهم دين قلت المال الذي في ذمتك الآن أعقد معك فيه بيع سلم - أسقطه من ذمتك مقابل أن توفر لي كذا وكذا من الزبيب من البر من الشعير من التمر إلى أجلٍ معلوم - فهذه الصورة أجازها شيخ الإسلام وابن القيم ومنع منها الجمهور وادعي في منعها الأجماع - بيع ساقطٍ بواجب، وواجب بساقط عكس الصورة نفسها - الرجلان المتعاملان أحدهما بصورته الإسقاط والآخر في حقه الوجوب والعكس _ فالصورة الأولى أحدهما أسقط حقه والآخر التزم في الذمة فهي صورة واحدة ساقط بواجب وواجب بساقط هي صورة واحدة أحد الطرفين تعتبر في حقه ساقط بواجب والطرف الآخر يعتبر في حقه واجب بساقط .
نعيد قراءة كلامه رحمه الله:
قال رحمه الله وأما بيع الدين بالدين فينقسم إلى بيع واجبٍ بواجب كما ذكرنا وهو ممتنع - هذه التي هي مؤخر بمؤخر وسمي واجباً بواجب لأنه ملتزم به في الذمة - وينقسم إلى بيع ساقطٍ بساقط - تسقط مافي ذمتك وأسقط مافي ذمتي - وساقط بواجب : أسقط مافي ذمتك على أن تلتزم لي بشيءٍ مؤخر : وواجبٍ بساقط وهذا فيه نزاع : أي الصورتان _ قلت أي ابن القيم الساقط بالساقط في صورة مقاصة أي هذا مقابل هذا - والساقط بالواجب كما لوباعه ديناً له في ذمته بدين آخر من غير جنسه - وهذا تقييد طيب من غير جنسه أي يجعله سلماً في شيء آخر أما أن يزيده من جنسه فيدخل في الربا - فسقط الدين المبيع ووجب عوضه وهو بيع الدين ممن هو في ذمته، وأما بيع الواجب بالساقط فكما لو أسلم إليه في كر حنطة بعشرة دراهم في ذمته فقد وجب له عليه دين وسقط له عنه دين غيره وقد حكي الإجماع على امتناع هذا ولا إجماع فيه قاله شيخنا - أي شيخ الإسلام واختار جوازه وهو الصواب إذ لا محظور فيه وليس بيعك كالئ بكالئ فيتناوله النهي بلفظه ولافي معناه فيتناوله بعموم المعنى، , الخ آخر كلامه وهو الذي طلب توضيحه في السؤال .
الســــــــــــؤال الثاني :-
يقول السائل: ماحكم تقديم بعض المال لصاحب مكتبةٍ أو متجرٍ من أجل توفير سلعة أو كتاب وليس في ملكه إلى أجلٍ غير مسمى، فإن كان البيع باطلاٌ فما العمل بعد وقوعه ؟
الإجـــــــــابة :-
إذا قدم بعض المال فلا ينوي به البيع إنما إذا أحب أن يجعله من باب الثقة أنه سيتشري أو نحو ذلك فلا بأس - أما أن يجعله من باب الشراء والرجل نفسه مايملك السلعة فلا يجوز بيع الشيء قبل قبضه ولابيع شيء لم يُملك، وإذا جعل من باب بيع السلم فلابد من التقيد بشروط السلم وهو تقديم المال كاملاً في مجلس العقد وتحديد أجل معلوم ووصف السلعة وصفاً معلوماً وإلا فيترك ولا يجعله بيعا وشراء وإنما يجعل مثلاً هذا المال من باب أنه يثق أنك ستشتري ولا يلزمك بالشراء، وتركه هو الذي ينبغي فقد يدخل في بيع الشيء قبل قبضه - وبيع مالايملك وبيع مالم يدخل في ضمانه. قد تدخل في صور محرمة فتترك .
الســــــــــــؤال الثالث :-
يقول السائل: أبوه فقير وأنهكه العمل ويريد أن يساعده في العمل وهو يطلب العلم فأيهما أفضل أن يساعد والده أم يطلب العلم فهو في حيرة من أمره ؟
الإجـــــــــابة :-
إن كان أبوك كما ذكرت في السؤال أنهكه العمل فمعناه أنه يحتاجك إلى المعونة فيجب عليك أن تعينه، وسييسر الله أمرك وأنت صادق في طلب العلم ولعل الله ييسر لك من طلاب العلم من يدرسك في بلادك أو تقتني الملفات الصوتيه لأهل العلم التي فيها الدروس النافعة وتسمعها في بلدك، فيجب عليك والحال أن والدك قد أنهكه العمل يجب عليك أن تعينه .
الســــــــــؤال الرابع :-
يقول السائل: ماحال حديث { استحيوا من الله حق الحياء قالوا إنا نستحيي يارسول الله ثم بين لهم معنى الاستحياء من الله حق الحياء } ؟
الإجـــــــــابة :-
الحديث عن ابن مسعود عند الترمذي وفي إسناده ضعف، بعض أهل العلم على تحسينه ولكن الإسناد لم يسلم من الضعف والله أعلم ، وكذلك جاء مصنف ابن أبي شيبة حديث ابن مسعود ( استحيوا من الله حق الحياء قالوا قلنا يارسول الله إنا لنستحيي يارسول الله قال ليس ذلك ولكن من استحيا حق الحياء فليحفظ الرأس وما حوى وليحفظ البطن وما وعى وليذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء ) من طريق محمد بن إسحاق عن الصباح بن محمد الأحمسي وعنعن محمد بن إسحاق والصباح بن محمد بن أبي حازم البجلي الأحمسي قال الحافظ ضعيف، إذاً علة الحديث الصباح بن محمد الأحمسي ضعيف، الذهبي يقول هو موقوف وهذا الرجل أخطأ في رفعه _ علة الحديث الظاهرة الصباح بن محمد الأحمسي .
الســــــــــؤال الخامس :-
يقول السائل: بعض الناس يستدل بحديث لأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة الغداة إلى أن تطلع الشمس خير أو أحب إلي من أن اعتق أربعة ،، الى آخر الحديث، يستدلون به على جواز قراءة الأذكار الجماعية وماهو الرد عليهم ؟
الإجـــــــــابة :-
الحديث رواه أبو داود عن أنس رضي الله عنه وهو حديث صحيح، ولكن ليس في الحديث أنهم يذكرون الله بصوتٍ جماعيٍ - ليس في هذا الحديث ذلك إنما قعدوا يذكرون الله وأنت قعدت تذكر الله معهم حتى طلعت الشمس _ هذا ليس فيه التعرض لأن يكون الصوت جماعياً بصوت واحد ولم يفهم هذا أحد من أهل العلم.
والحمـــــد للّه رب الـعالـمين