بسم اللــــه الرحمـــــــــن الرحيم
إجابةٌ لمجموعةٍ من الأسئلة لشيخنا الفقيه أبي عبد الله محمد بن حزام حفظه اللّــــه ورعاه ونفع به الإســلام والمسلمين.
بقية اسئلة الأخ الدكتور فيصل الوادعي وفقه الله.
الســـــــــؤال الأول :-
متى يؤخذ بقول الصحابي إذا لم يوجد له مخالف، ففي بعض المسائل يأخذ أهل العلم بقول الصحابي وفي بعضها يأخذون بغيره، وفي فتح العّٙلام أيضاً أخذتم بقول الصحابي في مسائل وفي غيره تركتم الأخذ بقول بعض الصحابة ؟
الإجـــــــــابة :-
ذكرنا في مجلسٍ سابق أن قول الصحابي يستأنس به ولا نعتبره حجة كما تكون الحجة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقول الصحابي يؤخذ به ويستأنس به إلا أن تجد الآية أو الحديث لاتدل على ذلك القول، فيكون اجتهاد _ الصحابي ولي من أولياء الله يحصل له الإجتهاد والخطأ،""اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ"" الأعراف،
والحجة بإجماع الصحابة _ إذا أجمع الصحابة وأجمع العلماء على مسألة صار بها الحجة، قال النبي صلى الله عليه وسلم " لاتجتمع أمتي على ظلالة " فالحجة بالإجماع، والسبب أن بعض أهل العلم قد يأخذون بقول الصحابي في بعض المسائل ولايأخذون به بمسائل أخرى لاختلاف نظرتهم في الأدلة الشرعية مع قول ذلك الصحابي، فربما رأو في بعض المسائل أن قول الصحابي قد عورض بقول صحابي آخر أو قد عورض بأدلة أخرى _ قد اشترط الإمام أحمد في الاحتجاج بقول الصحابي أن لايكون قد خالف نصاً من النصوص وأن لايخالفه صحابي آخر، وفي مثل هذه المسألة إذا لم تجد أي مخالفة ولاتجد صحابياً قد خالف فلاشك أن قول الصحابي مقدم على غيره، ومع ذلك تجد أيضاً الفقهاء قد يخالفون هذه القاعدة بسبب ماحصل من اختلاف فهم للأدلة الشرعية : فمثلاً: علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثبت عنه بالإسناد الصحيح أنه أفتى بجواز الزواج بالربيبة إذا لم تترب في حِجره _ يعني إذا طلق أمها ثم أراد أن يتزوج بالربيبة إذا لم تترب في حجره ولا نعلم من خالفه من الصحابة في هذه المسألة _ ومع ذلك جمهور العلماء خالفوه في هذه المسألة ولم يأخذوا بقول الصحابي فيها _ فقالوا الله عزوجل "
وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ"" سورة النساء: من الآية٢٣
قوله فإن لم تكونوا دخلتم بهن قالوا اعتبر الله شرطاً واحداً فأعاده في الآية _ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ النساء: من الآية٢٣ ،
ذكر قيدين : الحجر والدخول _ ثم قال فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم _ أي أن الشرط المعتبر هو الدخول، فإذا دخل بالأم حرم على البنت سواء تربت في حجره أو لم تترب فيه، جمهور الفقهاء على خلاف قول علي رضي الله عنه في هذه المسألة مع أنه قد يقول قائل علي رضي الله عنه أخذ بظاهر الآية لأنه قال _ اللاتي في حجوركم _ فإذا لم تكن في حجره فهي له حلال ،وجمهور أهل العلم حملوه على أنه قيد أغلبي، وكذلك تجد بعض أهل العلم خالف في مسألة صوم التطوع من النهار _ إذا عزم على التطوع من النهار قد ثبت عن جماعة من الصحابة أنهم عزموا على الصوم نهاراً واستدل أيضاً الجمهور بحديث عائشة رضي الله عنها " هل عندكم طعام: قالت لا : قال فإني إذاً صائم " أخرجه مسلم، وفي هذه المسألة خالف أيضاً من الظاهرية وبعض أهل العلم المتأخرين : فقالوا لابد أن يصوم من الليل وخالفوا الفتوى الواردة عن الصحابة، على كلٍ لاشك أن أقوال الصحابة مقدمة على غيرهم ولكن لانراها حجة، فربما تركنا الأخذ بقول الصحابي أو بفتوى الصحابي في مسائل نجد فيها من الأدلة ما يكون القول الآخر فيه أظهر والله أعلم، وفي بعض المسائل مايوجد فيها أي مخالفة لغيرها فيؤخذ بقول الصحابي .
الســـــــــؤال الثاني :-
ماحكم الإقامة في مكبر الصوت ؟
الإجـــــــــابة :-
إقامة الصلاة في مكبر الصوت مشروع، فإن رفع الصوت حتى في الإقامة مشروع ولكن ليس الرفع فيه كالرفع في الأذان فإن الأذان كان بلال رضي الله عنه يرتقي على سطح بيت ويؤذن كما ثبت في سنن أبي داود عن امرأة من الأنصار , وأما الإقامة فكان بلال ينتظر ويترقب خروج النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه ولاشك أنه مهما رفع صوته في الإقامة فلايبلغ الرفع بالأذان، ويدل على رفع الصوت حديث ابن عمر عند النسائي أنه قال : كنا إذا سمعنا الإقامة توضأنا ثم خرجنا _ يعني أنهم كانوا يسمعون الإقامة إلى البيوت وإلى خارج المسجد فمعنى أنه كان يرفع صوته أيضاً بالإقامة _ وعلى هذا فلابأس بالإقامة في مكبر الصوت لأنه حتى وإن أقام بالمكبر فإنه لايرفع صوته بسبب أنه يحدر الصوت فلايحصل ارتفاع الصوت كما يحدث في الأذان .
الســـــــــؤال الثالث :-
هل المرأة تقطع صلاة المرأة إذا مرت من أمامها في الصلاة ؟
الإجـــــــــابة :-
الجمهور من أهل العلم يرون عدم بطلان الصلاة بالكلية سواءٌ في حق الرجل أو المرأة وإنما ذهب الإمام أحمد رحمه الله على أن المرأة إذا مرت أمام الرجل تفسد عليه صلاته وهو الصحيح في المسألة لحديث أبي ذر " تقطع صلاة الرجل إذا مربين يديه المرأة والكلب الأسود والحمار " وأما ما يتعلق بمرور المرأة أمام المرأة فلم نجد كلاماً للأئمة المتقدمين ولكن بالنظر إلى الدليل الوارد الحديث المذكور " تقطع صلاة الرجل " نص على كلمة الرجل : والأصل هو الصحة ولا نحكم ببطلان الصلاة إلا بدليل واضح، فيخشى أن يكون العلة في مرور المرأة أمام الرجل أنها مرت أمام رجل : وليس مجرد مرور المرأة هو الذي قطع، وعلى هذا فلا نتجرأ على الحكم ببطلان صلاة المرأة إذا مرت المرأة من أمامها _ لانقطع بذلك ولكن الذي يُقطع به إذا مرت المرأة من أمام الرجل، ومن أخذ بالعموم لاننكر عليه _ أن الثلاثة الأمور كما أنها تفسد صلاة الرجل تفسد صلاة المرأة _ لاينكر عليه، ولكن يخشى أن يكون تفردت المرأة بمرورها أما الرجل بعلة متعلقة بأنها أمرأة ورجل ولا تنتقل العلة إلى نفس مرور المرأة أمام المرأة، والله أعلم، وبعضهم يرى أن القطع نقصان أجر فقط _ الجمهور حملوه على أنه نقص الأجر فقط .
الســـــــــؤال الرابع :-
ماهو الدليل على أن المسبوق إذا ذهبت سترته يتحرك إلى سترة بعد تسليم الإمام ؟
الإجـــــــــابة :-
هو من باب تحصيل شيءٍ مستحب في الصلاة فإذا تيسر بدون تكلف فلابأس، قال النبي صلى الله عليه وسلم " من صلى إلى سترة فليدنوا منها لايقطع الشيطان عليه صلاته " أخرجه أبو داودوغيره عن سهل بن أبي حثمة، وعلى هذا إذا لم يكن له سترة وارتفعت سترته ويوجد سترة قريبة فلابأس أن يسعى إليها، وليس لازماً يستحب له إن كان عن قرب أن يتحرك إليها، وإذا كانت بعيدة فلايتكلف فبعض الناس ربما يتحرك حركات كثيرة ويتكلف الذهاب إلى السترة وهذا العمل ليس من السنة إذا كان يحتاج إلى حركات كثيرة وأما الحركات القليلة فقد تحرك النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الحاجات كحركته لما حمل أمامة بنت زينب ولما علم الناس على المنبر _ جعل يتحرك بعض الحركات فلابأس .
والحمـــــد للّه رب الـعالـمين