بسم اللــــه الرحمـــــــــن الرحيم
إجابةٌ لمجموعةٍ من الأسئلة لشيخنا الفقيه أبي عبد الله محمد بن حزام حفظه اللّــــه ورعاه ونفع به الإســلام والمسلمين.
أسئلة مقدمة من الدكتور فيصل الوادعي وفقه الله. ( الجزء الثالث )
الثلاثاء ١٩ ربيع الآخر.
الســـــــــؤال الأول :-
قوله صلى الله عليه وسلم وبقيت شفاعتي: في حديث أبي سعيد الخدري في البخاري : قال الله تعالى " شفع النبيون وشفع الملائكة وشفع المؤمنون وبقيت شفاعتي، وعلى ماذا تحمل هذه الرواية فإن الله عز وجل نسب إلى نفسه أنه يشفع، وفيها إشكال هذه الرواية؟
الإجـــــــــابة :-
قوله في الحديث بقيت شفاعتي منسوبة إلى الله عز وجل، هذه الرواية تفرد بها سعيد بن أبي هلال وهو صدوق له أوهام، وقد خالفه عدد من الثقات فرووا الحديث عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد بلفظ " شفع النبيون وشفع الملائكة وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين: قال فيقبض قبضة من النار ولم يذكروا بقيت شفاعتي ،_ فهذه الرواية شذ بها سعيد بن أبي هلال، وسائر الثقات عن زيد بن أسلم يروون الحديث بلفظ "شفع النبيون وشفع الملائكة وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين: فيقبض قبضة من النار فيخرج قوماً لم يعملوا خيراً قط إلى آخر الحديث.
الســـــــــؤال الثاني :-
ماحال حديث "حياتي خير لكم تُحدثون ويٙحدث لكم ووفاتي خيرٌ لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شرٍ استغفرت الله لكم"، وهل تعرض أعمال الأمة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته ؟
الإجـــــــــابة :-
الحديث أيضاً ضعيف _ لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخرجه بهذا اللفظ الحارث بن أبي أسامة في مسنده من طريق جسر بن فرقد عن بكر بن عبد الله المزني مرسلاً وجسر بن فرقد ترجمته في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: قال يحيى بن معين لاشيء، وقال أبو حاتم ليس بالقوي كان رجلاً صالحاً _ يعني فيه ضعف، وفيه علة الإرسال ليس متصلاً، وجاءت هذه الزيادة أيضاً في حديث ابن مسعود في الصحيح" إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام" جاءت زيادة عند البزار _ وحياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم وتعرض علي أعمالكم إلى آخر الحديث - نفس ماذكر في الحديث، وهذه الزيادة شذ بها عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّٙاد _ شذ بهذه الزيادة التي هي _ حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم وتعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله وما رأيت من شر استغفرت الله لكم: فالحديث رواه الحفاظ من أصحاب سفيان الثوري بلفظ " إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام" وليس فيه الزيادة، وممن رواه كذلك وكيع بن الجراح وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان وآخرون، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد له أوهام _ وهذه الزيادة من أوهامه .
ومايتعلق بعرض أعمال الأمة على النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت فيها حديث، وإنما ورد أنه تبلغه الصلاة عليه والسلام " وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم" " إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام" فما معنا إلا الصلاة والسلام مما جاء فيه الأدلة، والأحاديث الواردة بأن الأعمال تعرض على النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت منها شيء.
الســـــــــؤال الثالث :-
هل كان الحجر الأسود موجوداً قبل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهل كل الأنبياء حجوا ؟
الإجـــــــــابة :-
جاء حديث قد يصلح للتحسين من حديث ابن عباس وجاء عن غيره أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الحجر الأسود من الجنة وكان أبيض من الثلج - قال سودته خطايا بني آدم " في بعض الألفاظ " ولولا ما مسته من أيدي الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا شفاه الله أو إلا عوفي " الشيخ الألباني رحمه الله على تحسين الحديث، وهو يحتمل التحسين إلا أن بعض رواته ممن وصف بأن له أهواما فيخشى من أوهامه والله أعلم.
أما هل حج الأنبياء جميعاً أولا؟ فما عندنا دليل صريح إلا أن هذا مشهور بين أهل العلم بأن الأنبياء حجوا _ قال النبي صلى الله عليه وسلم في موسى عليه السلام كما في صحيح مسلم " كأني أنظر إلى موسى عليه السلام هابطاً من هذه الثنية له جوارٌ بالتلبية إلى الله عز وجل، وقال كأني أرى يونس بن متّٙى في هذه الثنية ثنية هرشى معه خطم ناقته وهو يلبي " ولذلك جزم بعض أهل العلم قالوا كل الأنبياء بعد إبراهيم عليه السلام حجوا : جزم بعضهم بذلك، والخلاصة أن الذي يغلب عليه الظن أن جميع الأنبياء بعد إبراهيم عليه السلام حجوا _ وأما قبل إبراهيم عليه السلام لم يبن البيت بعدُ، وليس عندنا تنصيص بالأدلة الصحيحة ما يجعلنا نثبت ذلك، ولكن نص كثير من أهل العلم على ذلك _ يقولون من جاء بعد إبراهيم من الأنبياء فقد حجوا لأن الله عز وجل أمر إبراهيم أن يؤذن في الناس "
" وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧)_ سورة الحج .
الســـــــــؤال الرابع :-
حديث هل تجتمع الأمة على خطأ : هل يثبت بهذا اللفظ _ على خطأ ؟
الإجـــــــــابة :-
الذي وجدناه في ألفاظ الحديث هو لاتجتمع أمتي على ضلالة، والخطأ يعتبر مما يُباين الحق ويخالف الحق فالمعنى يقتضيه فكما لا تجتمع الأمة على ضلالة كذلك لاتجتمع على خطأ _ فالخطأ هو مما يخالف الحق، لا تجتمع الأمة على خلاف الحق.
الســـــــــؤال الخامس :-
ماحال حديث إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ أو المسيء فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها وإلا كتبت واحدة ؟
الإجـــــــــابة :-
كذلك هذا الحديث يحتمل التحسين _ أخرجه الطبراني عن أبي أمامة وهو من طريق عاصم بن رجاء بن حيوة عن عروة بن رويم عن القاسم صاحب أبي أمامة عن أبي أمامة : كلاهما مما وصف أن له بعض الأوهام _ إلا أنهما ممن يحسن لهما _ فهو كذلك حديث يحتمل التحسين، والله أعلم، ويُخشى أيضاً أن يحصل وهم من هؤلاء الرجال إلا أن الأئمة مارأيناهم نصوا على أنهم وهموا فيه _ فالأصل هو التحسين له، والله أعلم، وقد حسنه الإمام الألباني رحمه الله في الصحيحة .
الســـــــــؤال السادس :-
ماحال حديث إن أهل الجنة على نسخة آدم وصورة يوسف وقلب أيوب، وإذا صح فما الجمع بينه وبين حديث إن أهل الجنة على صورة أبيهم آدم ؟
الإجـــــــــابة :-
الحديث لم يثبت , أخرجه الطبراني رحمه الله وله ثلاث طرق وكلها ضعيفة واهية : أخرجه من حديث عبد الله بن عُكيم وعبد الله بن عكيم الراجح فيه أنه تابعي وفي الإسناد إليه عبيدة بن معتب الضبي وهو متروك، وأخرجه الطبراني عن المقدام بن معدي كرب بإسنادين آخرين _ إسناد فيه يزيد بن سنان الرهاوي ضعيف وقد تركه بعض الحفاظ، وطريق أخرى فيها إسحاق بن إبراهيم بن زبريق وهو متهم بالكذب .
الســـــــــؤال السابع :-
ما صحة هذا الكلام حيث قال بعض المتأخرين _ إذا أخذت كتب المتقدمين دون النظر في قواعد المتأخرين من أهل السنة _ ويقصد بالمتأخرين كشيخ الإسلام وابن القيم وابن قدامة وغيرهم الذين ضبطوا الاعتقاد قال : فإنه سيكون ثم خلل كبير في فهم منهج أهل السنة_ مثال ذلك " ماورد في بعض كتب أهل السنة من الكلام على أبي حنيفة رحمه الله ورفع درجته ثم يذكر في ضمن كلامه أن شيخ الإسلام قد دافع عنه في كتابه المشهور ( رفع الملام عن الأئمة الأعلام ) - أي أنك لو إذا أخذت بكتب المتقدمين حكمت على أبي حنيفة بالضلال مع أن شيخ الإسلام يدافع عنه ؟
الإجـــــــــابة :-
هذا الكلام غير صحيح على عمومه ويجعلها قاعدة من القواعد _ ( إذا أخذت كتب المتقدمين دون النظر في قواعد المتأخرين سيكون ثم خلل كبير في فهم منهج أهل السنة ) هذا الكلام خطأ بل لو لم نأخذ إلا القرآن والسنة لكان فيهما الفلاح العظيم، فكيف وقد بينها أكثر أهل العلم في المصنفات القديمة والحديثة، وهل استفاد شيخ الإسلام وابن القيم وغيرهما إلا من هذه الكتب للمتقدمين _ فنعم لا شك يستفاد من كتب المتأخرين ونفهم فيها كثيراً من الأمور التي تشكل علينا _ ولكن إطلاق هذا الكلام خطأ يجب ترك هذا الكلام وجعله كالقاعدة_إذا أخذت كتب المتقدمين دون النظر في قواعد المتأخرين سيكون ثم خلل كبير في فهم منهج أهل السنة _ هذا خطأ _ فكيف دان الصحابة لله عز وجل بالعقيدة الصحيحة والتابعون من بعدهم وتابعوهم ومن بعدهم حتى شيخ الإسلام ابن تيمية وما اكتفوا بكتاب الله وسنة رسوله مع أيضا الكتب التي صنفت وهي مصنفة على السنة _ على أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آثار الصحابة رضوان الله عليهم ""{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١)}. سورة العنكبوت, " { فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } سورة البقرة_ الآية:١٣٧, ولا شك كما تقدم أنه يستفاد من كتب شيخ الإسلام وابن القيم وغيرهم وفهمنا من كلامهم أشياء كثيرة، ولكن أن تجعل قاعدة ليس بصحيح، فالإشكال قد يكون عند شخصٍ دون آخر، وأما المثال الذي ذكره من الكلام في أبي حنيفة فلا يزال من أئمة السنة من يتكلم فيه بحق بما جاء عنه من الأقوال الباطلة في العقيدة وكذلك سوء حفظه في الحديث، والله المستعان .
والحمـــــد للّه رب الـعالـمين
بسم اللــــه الرحمـــــــــن الرحيم
إجابةٌ لمجموعةٍ من الأسئلة لشيخنا الفقيه أبي عبد الله محمد بن حزام حفظه اللّــــه ورعاه ونفع به الإســلام والمسلمين.
أسئلة مقدمة من الأخ الدكتور فيصل الوادعي وفقه الله. ( المجموعة الرابعة )
الســـــــــؤال الأول :-
هل المُبٙارك من أسماء الله ؟
الإجـــــــــابة :-
لا - المبارك ليس من أسماء الله لأنه أسم مفعول : أي يقع عليه البركة "" وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا"" سورة مريم الآية: ٣١, فالمبارك ليس من أسماء الله.
وإن أراد السائل المبارك بكسر الراء فهو صفة لله ويخبر به عنه، ولا أستحضر عليه دليلا في عده من الأسماء الحسنى.
الســـــــــؤال الثاني :-
هل وردت أدلة صحيحة في حال آسية امرأة فرعون بعد إسلامها أن فرعون عذبها أو قتلها ؟
الإجـــــــــابة :-
ثبت عند أبي يعلى عن أبي هريرة موقوفا عليه أن فرعون عذبها في الشمس فكانت الملائكة تظلها بأجنحتها فدعت رب ابن لي. عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله، فأراها الله بيتها في الجنة.
وأخرجه الحاكم عن سلمان موقوفا عليه أيضا بنحوه. وكلاهما صحيح موقوف، ولهما حكم الرفع .
الســـــــــؤال الثالث :-
بيت جديد أهله مسافرون لفترة طويلة ويخشون أن