بسم اللــــه الرحمـــــــــن الرحيم
إجابةٌ لمجموعةٍ من الأسئلة لشيخنا الفقيه أبي عبد الله محمد بن حزام حفظه اللّــــه ورعاه ونفع به الإســلام والمسلمين.
أسئلة مقدمة من الدكتور فيصل الوادعي وفقه الله. ( الجزء الثاني )
الســـــــــؤال الأول :-
هل المؤمن العاصي يُجيب عن الأسئلة التي في القبر؟
الإجـــــــــابة :-
وكأنه يعني بالسؤال المؤمن صاحب الكبيرة الذي قضى الله وقدر أن يعذب بكبيرته في نار جهنم : فمثل هذا يُشكل _ هل هو ممن يجيب على السؤال أولايجيب ؟ لأن الأحاديث التي وردت في فتنة القبر ميزت لنا حالين _ حال رجلٍ يثبته الله فيصير منعماً في قبره _ يثبته الله فيقول ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، وظاهر الأحاديث أنه ينعم في قبره وتفتح له نافذة إلى الجنة ويأتيه من روحها ونعيمها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره إلى آخر الحديث... ، وحال الرجل الثاني الذي ذكر في الأحاديث الذي لايثبت : يقول هاه هاه لا أدري حال المنافق _ سمعت الناس يقولون شيئاً _ حال الكافر والمنافق والفاجر، وظاهر الحديث أنه في حق الكفار الذين استوجبوا نار جهنم _ فإنه يقول هاه هاه لا أدري وذكر في الحديث قال : فينادي منادٍ أن كذب عبدي فافرشوا له من النار وألبسوه من النار _ سياق الحديث يشعر بأنه من أصحاب الكفر الأكبر _ النفاق الأكبر، والإشكال في حق أصحاب الكبائر الذين قد قضى الله عليهم أن يعذبوا بقدر ذنوبهم في نار جهنم _ هل يلحق بالصنف الأول وهو المثبت أو يلحق بالصنف الثاني وهو الذي لايثبت !!! والسكوت في هذه المسألة أسلم فيُقال الله أعلم بحاله: ولو كنا نميل إلى أحد القولين لقلنا هو إلى عدم التثبيت أقرب _ لقول الله عز وجل"" يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ " سورة إبراهيم _ الآية(٢٧), قوله يضل الله الظالمين يشمل الظلم الأكبر والأصغر، ولأنه إذا قلنا أنه يجيب ثم بعد ذلك يعذب فهذا فيه مافيه ؟ كيف يثبت بالمسألة ثم يعذب _ فنقول الوقوف عن هذه المسألة أسلم ويوكل علمها إلى الله يُقال الله أعلم بحاله ولو كان الشخص مائلاً إلى ترجيح أحد القولين لقلنا إنه ممن لايثبت ولكنه ليس كالصنف الأول الذين يستحقون نار جهنم أبداً خالداً مخلداً إنما يستحق أن يعذب بكبيرته حتى يتداركه الله برحمته، كذلك في مسائل أخرى يوكل علمها إلى الله _ مثلاً مايتعلق بمن يؤتى كتابه بيمينه ومن يؤتى بشماله _ ذكر الله عز وجل أن من يؤتى كتابه بيمينه فهو في نعيم ""فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (٢٠)،سورة الحاقة ، وصاحب الشمال ذكره الله عز وجل أنه من الأشقياء "" وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (٢٦) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (٢٧) ،،،، الخ الآيات وحال صاحب الكبائر الذي قضى الله أن يعذب بذنوبه في نار جهنم ثم يخرج منها هل هو ممن يأخذ كتابه بيمينه أم بشماله _ فنقول الله أعلم يوكل علمها إلى الله، والله المستعان، ومسائل أخرى مشابهة لذلك يذكر فيها حال أهل السعادة وأهل الشقاوة، فمن قضى الله عليه أن يعذب من أهل الكبائر فيوكل علمهم إلى الله .
الســـــــــؤال الثاني :-
ماهو الراجح في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم " أن تلد الأمة ربتها" ؟
الإجـــــــــابة :-
أحسن ما ذكر في ذلك أنه تكثر السراري في آخر الزمان لكثرة مايحصل من الحروب فيصير السيد له الإماء فيتخذ الأمة فتلد له فإذا ولدت لسيدها صار ولدها سيداً لها .
الســـــــــؤال الثالث :-
من هو النبي الذي جاء ذكره في حديث ابن مسعود كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه حتى أدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لايعلمون " هل يقصد النبي صلى الله عليه وسلم نفسه ؟
الإجـــــــــابة :-
ظاهر الحديث أنه نبي آخر لأنه يحكي عن غيره عليه الصلاة والسلام، فقوله يحكي_ أي هذا حكاية عن نبيٍ آخر _ وهذا من باب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر حال الأنبياء ويأمره ربه عز وجل بالاقتداء بهديهم "" أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ "" سورة الأنعام_ الآية: (٩٠)، ويسلي نفسه عليه الصلاة والسلام بما حصل للأنبياء قبله، وقد أوذي نبينا صلى الله عليه وسلم بأكثر مما أوذي كثير من الأنبياء قبله .
الســـــــــؤال الرابع :-
هل في القرآن كلمات أعجمية ؟
الإجـــــــــابة :-
الله عز وجل يقول في القرآن "" الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢) سورة يوسف ، وقال الله عز وجل ""
حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) سورة الزخرف ، وقال الله سبحانه و تعالى "" نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (١٩٥) سورة الشعراء ، القرآن كله عربي ، وأما أن يوجد كلمات قد استعملها العجم فلاينافي أنها عربية أيضا وإن كان العجم قد تكلموا بها فهي كلمات عربية _ سواء كانت عربية قبل ذلك أو صارت عربية بعد ذلك، الأمر كما ذكره بعضهم قد تكون عربية من قبل واستعملها العرب والعجم، إلا أن كثيرا ما يذكره أصحاب كتب اللغة إن أصلها فارسي ثم عرب _ أصلها حبشي ثم عرب، وهذا لا حجة فيه قد تكون عربية من أول شأنها كما ذكرت _ فالله عز وجل وصف القرآن بأنه عربي، ووجود أسماء باللغة الأعجمية لا يخرجه عن كونه عربيا، فإن الأسماء تذكر بألفاظها في أي لغة .
الســـــــــؤال الخامس :-
هل تطاير الصحف يكون قبل الحساب أم بعده ؟
الإجـــــــــابة :-
يظهر من سياق الأدلة التي فيها ذكر من يأخذ كتابه بيمينه ومن يأخذ كتابه بشماله أنه بعد الحساب لأنه بعد ذلك يذهب فرحاً مسروراً فما سيُسر ثم بعد ذلك يقال احضر وزنك ثم يحاسب مرة أخرى _ يظهر من سياق الأحاديث والآيات أن تطاير الصحف عقب الحساب _ يحاسب ثم يأخذ كتابه بيمينه "".وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا (١٣)اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (١٤) سورة الإسراء، وقوله تعالى "" فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (٢٠) .... إلى آخر الآيات, سورة الحاقة، وفي أحاديث التقريع يقال عملت كذا وكذا في يوم كذا وكذا _ فإن كان قد أعطي الكتاب فقد رآى أعماله، فيظهر من سياق الأدلة أن تطاير الصحف يكون عقب الحساب_ يحاسب ثم يعطى كتابه _ يرى بنفسه " كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا" ، وأيضاً الذي يأخذ الكتاب بشماله أو من وراء ظهره علم حاله فيقول"" وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (٢٦) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (٢٧) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَه(٢٩) ثم يقوم الله عز وجل "" * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ *،، إذاً أمر به بعد ذلك إلى النار _ نسأل الله العافية .
الســـــــــؤال السادس :-
ما معنى قول الله عز وجل "" فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ"سورة الممتحنة الآية (١٠)مع عدم إمكان اطلاع الشخص على حقيقة الإيمان ؟
الإجـــــــــابة :-
أي بما ظهر من حالهن _ بما أظهرن، وقد ذكر أهل العلم أن العلم هنا بمعنى الظن _ أي غلب على ظنكم إيمانهن بما أظهرن من الشهادتين وبما أظهرن أيضاً من الإسلام فيعامل بما ظهر، فالمقصود بالعلم هنا غلبة الظن وبالإيمان _ أي بما ظهر منهن لسنا مكلفين بما في القلوب، والنبي صلى الله عليه وسلم عامل المنافقين بما ظهر وأوكل سرائرهم إلى الله .
الســـــــــؤال السابع :-
هل ثبت أن من الجن أحداً منهم اسمه زوبعة ؟
الإجـــــــــابة :-
جاء في حديث ابن مسعود عند الحاكم واسناده حسن أنهم لما استمعوا القرآن كانوا تسعة نفر لقوله تعالى "" وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ"" سورة الأحقاف _ الآية: (٢٩), قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم كانوا تسعة نفر أحدهم زوبعة، إذاً ثبت بهذا الحديث وإسناده حسن أن أحد التسعة كان اسمه زوبعة، جاء في بعض الروايات والمصادر سبعة وفي بعض المصادر تسعة .
والحمـــــد للّه رب الـعالـمين