0121هل تقبل توبة من سرق حقوق الناس ، وكيف يعيدها عليهم إن كان قد سرق من أناس ثم هو الآن لا يعرف أين هم ، وإن كان فقيراً هل يجوز أن يُعطى من الزكاة ؟
الإجـــــــابة :-
أما ما يتعلق بالتوبة فنعم تقبل التوبة من كل ذنب حتى من الشرك بالله قال الله تعالى : (قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) .
وقال تعالى بعد أن ذكر الشرك والزنا والقتل (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيما).
وقال تعالى بعد أن ذكر النصارى الذين يقولون إن الله ثالث ثلاثة ويقولون إن المسيح ابن الله (أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفورٌ رحيم).
وقال تعالى: "قل للذين كفروا إن ينتهوا يُغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين"
والأدلة في الباب كثيرة في قبول التوبة من كل ذنب
ولكن التوبة من الحقوق تحتاج مع ندمك واستغفارك إلى إرجاع الحقوق إلى أهلها. فالتوبة لها شروط: وهي الندم، والعزم على عدم العود إلى الذنب، والإقلاع عن الذنب.
وفي حقوق الناس يحتاج إلى شيء زائد على ذلك، وهو إعادة الحقوق إلى أهلها، فإن كان غصب أو سرق أو ظلم وأخذ الحقوق فلا تصح توبته إلا بإعادة الحقوق إلى أهلها لحديث أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح البخاري قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻣﻈﻠﻤﺔ ﻷﺧﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﺮﺿﻪ ﺃﻭ ﺷﻲء، ﻓﻠﻴﺘﺤﻠﻠﻪ ﻣﻨﻪ اﻟﻴﻮﻡ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻭﻻ ﺩﺭﻫﻢ، ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻋﻤﻞ ﺻﺎﻟﺢ ﺃﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﻈﻠﻤﺘﻪ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻪ ﺣﺴﻨﺎﺕ ﺃﺧﺬ ﻣﻦ ﺳﻴﺌﺎﺕ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻓﺤﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ".
وأما قوله إذا كان لا يعلم مكان الشخص فكيف يُعيد حقه إليه .
فالجواب: يجب عليه أن يجتهد في البحث عن مكانه والسؤال عنه حتى يعجز عن ذلك، وكثير من الناس يتساهل في هذا الأمر فسرعان ما يقول نتصدق بها على نيته وهذا خطأ.
يجب عليه أولاً أن يجتهد في السؤال عنه والبحث عن مكانه لاسيما إذا عرف اسمه فهذا ييسر البحث عليه، كذلك إذا عرف بلده فهذا أيضاً ييسر عليه ثم بعد العجز عن ذلك، لا بأس أن يتصدق بها على نيته، فإن جاء صاحب المال يوما من الدهر وطالب بماله أعطاه ماله والأجر له، ثبت عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه الفتوى بهذا المعنى فيما يتعلق باللقطة .
ولو كان بعد البحث عليه وجده قد مات يُعطيها ورثته ويستسمح منهم.
وبعض الناس يستحيي أن يعيدها لأنه سيكشف أمره أنه قد سرق وما يريد أن يفضح نفسه، وهذا له مقصود شرعي، وهو الستر على النفس ففي مثل هذا يستطيع أن يضعها في رسالة أو في وعاء أو في ظرف، ويكتب معها ورقة يخبره بالحال أنه سرقها منه أو اختلسها منه أو ظلمه دون أن يُسمي نفسه ويطلب منه السماح فيصل الحق إلى صاحبه دون أن يعلم من الذي سرقه ولعل الله أن يعفو عنه طالما قد أعاد الحق له، لعل الله أن يعفو عنه.
وأما عن قول السائل: هل يجوز أن يُـعان إذا كان فقيرا من الزكاة.
فالجواب: نعم يجوز أن يعان حتى يؤدي الذي عليه فهو من الفقراء والمساكين والغارمين، وفقنا الله وإياكم.