أسئلة مقدمة من الأخ الدكتور فيصل الوادعي وفقه الله. 6

إجابةٌ لمجموعةٍ من الأسئلة لشيخنا الفقيه أبي عبد الله محمد بن حزام حفظه اللّــــه ورعاه ونفع به الإســلام والمسلمين.

 

 

أسئلة مقدمة من الأخ الدكتور فيصل الوادعي وفقه الله. ( المجموعة الخامسة )

 

 الســـــــــؤال الأول :-

 

هل يُؤذٙن للصلاة الفائتة حتى لو صلاها في مسجدٍ قد أُذن فيه وأُقيم ؟ 

 

 الإجـــــــــابة :-

 

جاء عن أنس رضي الله عنه أنه أتى على مسجدٍ قد صُلي فيه فأمر فأُذن ثم أُقيم ثم صلى، وإسناده صحيح، ويظهر في سياق الحديث أنه كان على سير وكأنه كان في سفر، فمن كان في سفر فالأقرب أنه يؤذن ويقيم ولايترك ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم لمالك بن حويرث وصاحبه فإذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما وليأمكما أكبركما، وأما إن كان في مسجد الحي تأخر لانشغالٍ فلا يؤذن مرة أخرى فلم يعهد أنه كان من تأخر أذن في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وقد جاء ذلك الرجل بعد أن انتهى النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان _ قال من يتصدق على هذا فيصلي معه : فقام رجل من القوم فصلى معه ولم يأمره بالأذان، فيُكتفى بأذان المسجد من كان حاضراً ومن كان على سيرٍ _ مسافر ونزل فلابأس أن يؤذن فيه وأن يقيم .

 

 الســـــــــؤال الثاني :-

 

هل وصلُ الشعر بغير الشعر جائز للمرأة ؟ 

 

 الإجـــــــــابة :-

 

لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة _ جاء عن جمع من الصحابة بألفاظ متقاربة _ جاء عن أسماء وعن ابن عمر وعن ابن مسعود وهي أحاديث متفق عليها، سواء وصلها بشعرٍ أو بما يشابه الشعر فيدخل في الحديث، وأما إن كان مجرد أن يربط أو يوضع عليه قابضات فلايدخل , وأما أن يُرى كأنه شعر متصل حتى ولو لم يكن شعراً فهو داخل في الوصل _ إذا كان من يرى يراه كأنه شعر فهو داخل في الوصل .

 

 الســـــــــؤال الثالث :-

 

قال الحافظ ابن حجر في الفتح فيما يتعلق بصيام عاشوراء إن الأمهات أمرن أن لايُرضعن الأطفال في يوم عاشوراء، هل عليه دليل ؟ 

 

 الإجـــــــــابة :-

 

ما أعلم في هذا دليلاً أنهن أمرن بذلك أمراً وإنما كن يصنعنه من قبل أنفسهن في الأطفال الذين قد جاوزا الرضاعة _ كانوا يجعلون لهم اللعبة من العهن ينشغلون بها حتى يأتي وقت الإفطار _ فكان الأطفال يُصومون وأما الرضع فما نعلم هذا

 

 الســـــــــؤال الرابع :-

 

قوله صلى الله عليه وسلم من باع عبداً له مال فماله للذي باع إلا أن يشترط المبتاع _ واستدل به على أن العبد يملك ماله إذا ملّٙكه سيده،  فلماذا حكم النبي صلى الله عليه وسلم بماله لسيده الذي باعه مع أنه يملك ماله ؟ 

 

 الإجـــــــــابة :-

 

لأن مِلكٙه ضعيف _ مايملك إلا بإقرار السيد فإذا أراد السيد أن ينزعه فله ذلك، وليس معنى ذلك أنه إذا ملّٙكه السيد فليس له أن يرجع فيه _ فإن العبد بنفسه إنما هو مال لسيده، وإنما المقصود بأنه يملك ماله أي صار بماله نافذ التصرف _ وليس معناه أن السيد صار ممنوعاً من المال الذي بيد العبد بل هو يملك العبد وما يملكه العبد، وهو ملك ضعيف يسترده السيد متى شاء إنما هو من باب الإقرار ولهذا إذا باعه السيد فله أن يأخذ المال إذا أحب .

 

 الســـــــــؤال الخامس :-

 

حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن 

 جده" فإن منعوها فإنا آخذوها وشطر ماله " ذكر جماعة من أهل العلم أنه منسوخ ؟  ماهو الناسخ له، وهل عمل الصحابة ينسخ ؟ 

 

 الإجـــــــــابة :-

 

 الذي ينسخ هو حكم شرعي، وإنما يستدل بأعمال الصحابة على أنه قد نُسخ _ وإذا رأيت الصحابة قد أجمعوا على عملٍ بخلاف حديث فهذا يدل على أنه قد وجد ناسخ من الأدلة الشرعية أو من العمومات أو ما أشبه ذلك، وهذا الحديث في حق من منع الزكاة قال صلى الله عليه وسلم فإنا آخذوها وشطر ماله _ أكثر أهل العلم على عدم العمل به وأنه لا يؤخذ شطر ماله وإنما يعزر، وبعضهم حمل الحديث على أنه من باب التعزيز المالي _ يعمله القاضي إذا رآى المصلحة في ذلك، والأقرب أنه لا يُعمل به مطلقاً لأن الصحابة لم يعملوا به فأبو بكر حارب المرتدين ولم يأخذ شطر أموالهم والذين منعوا الزكاة لم يأخذ شطر أموالهم، فماهو الناسخ يُحمل على أن الصحابة فهموه من فعله صلى الله عليه وسلم أو أنهم فهموا أن هذا على سبيل الزجر والتعزير - إنما يعمل إذا رآى الإمام مصلحة لذلك، والله أعلم .

 

 الســـــــــؤال السادس :-

 

هل يُصلى على النبي صلى الله عليه وسلم عند سماع قول الله عزوجل "

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا""  (٥٦) (الأحزاب)، في صلاة الفرض وصلاة النافلة وخارج الصلاة ؟ 

 

 الإجـــــــــابة :-

 

أما في صلاة الفرض فلم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعوا أو يسبح في صلاة الفرائض إنما نقل في صلاة الليل وإذا فعل في صلاة الليل فلابأس كأن يقرأ الإمام هذه الآية فيصلي الإنسان على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فلابأس، وفي خارج الصلاة أيضاً لابأس أن يصلى عليه لقوله صلى الله عليه وسلم البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأما قراءة هذه الآية عقب الأذان فهي من البدع والمحدثات أو كذلك يبقى يُذكر بها في كل وقت أو يتخذ أوقاتاً للتذكير بها عقب الصلوات أو نحو ذلك فهذا من المحدثات، وأما عقب الأذان فقد جاء الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم " فقولوا مثلما يقول المؤذن ثم صلوا علي فإن من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة " وأما في غير وقت الأذان فلا يتخذ لها وقتاً معيناً فلو وافق أنه سمعها فصلى على النبي صلى الله عليه وسلم فلا بأس بدون اتخاذ أوقاتاً معينة أو تخصيص أوقات لذلك .

 

 الســـــــــؤال السابع :-

 

هل يعتبر الخروج من مكة إلى منى سفراً تقصر فيه الصلاة، وإذا كان القصر في الحج بمنى لأجل السفر فكيف بأثر ابن عباس أنه سئل أقصر الصلاة  إلى منى فقال لا قال فإلى عرفة قال لا ولكن إلى جدة والطائف وعسفان والأثر صحيح أخرجه عبد الرزاق في المصنف ؟ 

 

 الإجـــــــــابة :-

 

أما إلى منى فمنى قريبة وإلى عرفات المسافة أكبر تحتاج إلى مسيرة نصف يوم، وقد اختلف العلماء في تحديد مسافة السفر اختلافاً كثيراً والأقرب أن مسيرة اليوم تعتبر سفراً لقوله صلى الله عليه وسلم "لايحل لامرأة أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم " ونصف السفر قد يكون سفراًً في بعض الأحوال وقد لايكون سفراً باختلاف الحال _ فإن كان يحتاج إلى تزود فنعم قد يُعد سفراً وقد يكون بعرف الناس أيضاً يعتبر سفراً يحتاج إلى الزاد في بعض هذه المسافة ، فهذه المسافة مسيرة نصف يوم قد تكون سفراً يحتاج إلى أن  يتزود لها لاسيما إذا  أقام في ذلك المكان اليوم واليومين والثلاث فليعده سفراً _ قد يكون في أعراف الناس يعتبر سفراً، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله " إن هذه المسافة قد تكون سفراً في بعض الأحوال كما حصل لأهل مكة في عرفة _ عده من الأسفار " و قد يقطع بعض الناس مثل هذه المسافة ولايعده سفر'  كأن يكون عنده مزرعة في مسيرة نصف يوم مثلاً يذهب ويتفاقدها ويرجع بيومه لايحتاج فيها إلى زاد ولا يعده سفراً، إذاً فالأمر راجع إلى العرف وإلى حال الناس، أما مابين مكة إلى منى فلايعتبر سفراً فإن المسافة قريبة .

 

 الســـــــــؤال الثامن :-

 

من طلق زوجته وهي حائض هل الأمر بمراجعتها للوجوب، وإذا كان لايريد بقاءها فطلقها هل تحتسب الطلقة ؟ 

 

 الإجـــــــــابة :-

 

أما الأمر بمراجعتها فهو للوجوب ولاشك فإن النبي صلى الله عليه وسلم غضب على عبد الله بن عمر لما طلق امرأته وهي حائض وأغلظ عليه وزجره وأمره بالمراجعة، وأما إذا طلقها ثانية بعد أن يراجعها نعم تحتسب عليه الأولى والثانية، وإن كان أعقب الطلقة الأولى بالطلقة الثانية دون مراجعة ففيه خلاف بين أهل العلم والأصح أنها تعد واحدة لأنه لم يفصل بينهما برجعة شرعية _ هذا هو الأصح والذي رجحه شيخ الاسلام وابن القيم وعزوه إلى بعض المالكية والحنابلة، والله أعلم .

 

 

       والحمـــــد للّه رب الـعالـمين